نبض الحياة.. الجنائية وتهديد “إسرائيل”.. عمر حلمي الغول

أخيرًا أعلنت المدعية العامة للمحكمة الجنائية الدولية البدء بالتحقيق في جرائم الحرب الإسرائيلية وفق أولوياتها وخطورتها يوم الأربعاء الموافق 3/3/2021، الأمر الذي أثار زوبعة مجنونة وطائشة من ردود الأفعال في أوساط النخب السياسية الصهيونية الحاكمة وغير الحاكمة تهديدا ووعيدا وتحريضا على المحكمة والقضاة وخاصة على فاتو بنسودا، وادعت وزورت وافترت عليهم، واقل النعوت الدنيئة الاتهام بكذبة العصر “اللا سامية” التي باتت مفضوحة ومكشوفة، ولم يعد احد يصدقها، ليس لإن السمة العامة ليهود الحركة الصهيونية يعود للقبيلة الثالثة عشر، أي للخزر، والوحيدون من اليهود الساميون، هم اليهود العرب فقط، ولكن لأنهم زوروا الحقائق والتاريخ والدين اليهودي وتعاليمه، ولان روايتهم المفبركة انفضحت، وتعرت، حتى ورقة التوت لم تعد تغطي عوراتهم، وكشفت الوجه القبيح والبشع لمشروعهم الصهيوني الاستعماري الإجرامي. ولكونهم قبل وبعد تأسيس مشروع الدولة الكولونيالية، وهم يمارسون المجازر والمذابح والمحارق ضد أبناء الشعب العربي الفلسطيني، وضد القادة الأمميين، كما تم باغتيال الكونت برنادوت وغيره. كما أن إدعاء “إسرائيل”، بأنها “الدولة الديمقراطية في الشرق،” هو إدعاء باطل لا يمت للحقيقة باية صلة لا من قريب او بعيد، بل هي دولة عنصرية مارقة وخارجة على القانون والمعاهدات والأعراف الدولية.

ولم يبق سوى قوى الغرب الرأسمالي الحاكمة وخاصة في الولايات المتحدة ومن يدور في فلكهم  تروج البضاعة الصهيونية الفاسدة والقميئة، وتتبنى روايتهم، وتدعم خياراتهم، لأنها خياراتها الاستعمارية الصليبية. ولأن “إسرائيل” ومرجعياتها الصهيونية هي من إنتاج الغرب المتوحش، ولا تخرج عن كونها اداة استعمالية مأجورة، تباع وتشترى بابخس الأثمان لقاء جرائم حربها ضد العرب عموما، والفلسطينيون خصوصا، وهذا ما ذكره بيغن قبل رحيله، عندما قال بالفم الملآن، ان ما تقدمه أميركا لإسرائيل، لا يتجاوز نفقات حاملة طائرات من أسطولها البحري. وبالتالي التكامل الصهيو اميركي في كيل الاتهامات الباطلة والمارقة والتهديد بفرض عقوبات على مركبات المحكمة، إنما يعكس إفلاسا سياسيا وأخلاقيا وقانونيا، وبلطجة غير مسبوقة على العدالة الدولية، التي بدأت تشق طريقها في محاكاة قضية العدالة الدولية النسبية للشعب العربي الفلسطيني.

غير ان الأخطر مما تقدم، هو تهديد مكتب الفاسد نتنياهو، وباقي أركان الجوقة الصهيونية الاستعمارية للقيادة الفلسطينية وخاصة للرئيس محمود عباس بفرض العقوبات، وبشكل غير مباشر تهديد بارتكاب جرائم القتل، وغيرها من التهديدات بوقف بعض المشاريع، التي تنوي حكومة بيبي المنحلة التعاون بشأنها، او بالتراجع عن فكرة التفاوض، اعتقادا منها بإمكانية ترهيب وثني قيادة منظمة التحرير عن حماية مصالح شعبها ومؤسساته، أو أنها س”ترتعد فرائصها” من تهديدات قوى وأحزاب الصهيونية ومعهم وخلفهم أميركا. للمرة الألف دونت هنا، أن دولة المشروع الصهيوني، وحكوماتها المتعاقبة لم تميز بين الغث والسمين، بين حركة التحرر الوطني، وبين العملاء والمأجورين أمثال سعد حداد، وانطوان لحد، وغيرهم من الزمر الإنعزالية، أو حكام بعض الدول الغارقين في مستنقع التبعية. ولهذا افترضت أن المرونة السياسية، التي تتعامل بها القيادة الفلسطينية مؤشر على إمكانية تخليها عن برنامج الإجماع الوطني، او تنحرف عن بوصلة كفاحها التحرري. ليس هذا فحسب، إنما ذهبت لأبعد من ذلك، وقدرت أن تعاطي بعض القيادات بايجابية مع خيار التفاوض، وكأنه شكل من أشكال الاستسلام، وإدارة الظهر للأهداف والمصالح الوطنية العليا.

مع ان المفاوضات منذ الربع الأول في العام 2014 توقفت، ولم تتحرك خطوة واحدة، ولم تلتزم دولة الاستعمار الإسرائيلية بأي من الاتفاقات المبرمة، وأدارت وجهها صوب خيار الاستيطان الاستعماري والضم والتهويد والمصادرة وهدم البيوت، والاستيلاء بالتزوير والاحتيال على عشرات العقارات في القدس وغيرها، وبالتالي تهديد “إسرائيل” مردود عليها، ولن تتمكن من الضغط على القيادة الفلسطينية، حاملة راية الوطنية الفلسطينية، ولن تثنيها عن مواصلة النضال السياسي والدبلوماسي والشعبي والقانوني والثقافي في كافة المحافل والمنابر العربية والإقليمية والدولية حتى تحقق أهدافها في بناء الدولة المستقلة وذات السيادة الكاملة وعاصمتها القدس الشرقية على حدود الرابع من حزيران / يونيو 1967، وضمان العودة للاجئين الفلسطينيين لأراضيهم وبيوتهم، التي طردوا منها في عام النكبة 1948، والمساواة الكاملة لأبناء الشعب في مناطق ال48.

إذا فليصرخ وينبح قادة دولة المشروع الصهيوني كما شاؤوا، قرار الولاية القضائية للمحكمة الجنائية الدولية على أراضي دولة فلسطين المحتلة عام 1967، اتخذ، وبدأت عجلة المحاكمة في الدوران مع صدور بنسودا قرارها بفتح التحقيق في جرائم الحرب، ولن تتراجع القيادة الفلسطينية عن محاكمة كل مجرمي الحرب الصهاينة. وقادم الأيام كفيل بإعطاء الجواب على ذلك.

oalghoul@gmail.com

a.a.alrhman@gmail.com

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
Social Media Auto Publish Powered By : XYZScripts.com