من أهان ذو الشيبه يهان إذا شاب

______

بقلم
د.سيد حسن السيد
الخبير الدولي للإتيكيت
وآداب السلوك الإسلامي
________

اذا كانت الحياه قصيره والدنيا في زوال وجميع البشر في ارتحال وقطار العمر يمضي والأعمار تنتهي دون سابق إنذار أو مقدمات ودوام الحال من المحال وكانت سنوات العطاء الطويله لكبارالسن قد افقدت الكثير منهم الحيوية والنشاط بل وأصابت بعضهم بالأمراض المزمنة التي يشتد معها الضعف قال تعالي:” الله الذي خلقكم من ضعف ثم جعل من بعد ضعف قوه ثم جعل من بعض قوه ضعفا وشيبه يخلق ما يشاء وهو العليم القدير”
وحيث ان مرحله الشيخوخة التي يمر بها كل انسان ان طال عمره هي المرحله التي ترتد فيها قواه
وتتراجع خلالها قدراته متجهه نحو الضعف والوهن قال تعالي:
“ومن نعمره ننكسه في الخلق”
فأن كبار السن في تلك المرحله العمريه وهم فئه عزيزه وحبيبه الي قلوبنا ومنهم الآباء والأمهات والأجداد والجدات والأقارب والارحام والأصدقاء وزملاء العمل
القدامي والجيران وغيرهم من المسنين الذين يتم التعامل معهم أو حتي الذين يتم مقابلتهم بمحض الصدفه و هؤلاء نجد منهم يعاني من الانعزال بعد فقدانه لشريك حياته ولا يجد من يؤنس وحدته ومنهم من هو مريض وقعيد ويحتاج لمن يرعاه
ويقضي حوائجه ومنهم من رحل عنه
اعز أصدقاؤه ويبحث عمن يواسيه ويصبره – هؤلاء غالبا مايصابون بالحساسية النفسيه ويحتاجون الي المزيد من الرعايه والعنايه والاهتمام
من المقربين أو المحيطين بهم أو المتعاملين معهم حتي يشعرون بأن مكانتهم ومنزلتهم مازالت كبيره وعلو شأنهم مستمر وحقهم من التوقير والتبجيل والاحترام لازال موجود ولم يضيع وعطائهم يستحق التكريم
ولتجنب ما يصدر من سلوكيات خاطئه قد تصدر من البعض عند معامله كبار السن ولتلافي العديد من المشكلات التي يواجهونها أثناء ممارستهم لحياتهم الطبيعيه ولمنع تعرضهم للاصابه بالحساسية النفسيه فأن هناك اداب سلوكيه انسانيه متحضره نابعه من تعاليم الأديان يجب الالتزام باتباعها اثناء التعامل مع كبار السن أينما وجدوا لاشباع اهم حاجاتهم النفسيه والاجتماعية وذلك وفقا لمايلي:-

– عند استخدام كبار السن لاحدي وسائل المواصلات العامه يجب تخصيص أماكن لهم بالمقاعد الأماميه كما كان متبعا قديما مع تفعيل الرقابه علي ذلك من جانب المسئولين المختصين بوزاره النقل
ومن اداب اللياقه من ناحيه الجانب الانساني يجب علي الركاب منح المسنين الاولويه للجلوس بالمقاعد القريبه من النوافذ مع ضروره معاونتهم عند الركوب و النزول أولا دون مزاحمتهم مراعاه لظروفهم الصحيه وضعفهم

– عند تعامل كبار السن مع
الجهات الخدمية لقضاء مصالحهم الشخصيه فمن اداب السلوك الوظيفي
كبند من بنود مدونات السلوك التي يلزم وضعها ضمن بنود قانون الخدمه
المدنيه يجب علي الموظفين المتعاملين معهم حسن استقبال كبار السن وتيسير الإجراءات لهم والإسراع في إنجاز الخدمات الخاصه بهم ولا داعي لوقوفهم بالصف
والانتظار لمدد طويله أو تعطيلهم واضطرارهم لبذل المزيد من الجهد الذي يعرضهم لمواجهة متاعب
جسديه ونفسيه كما يجب مراعاه تخصيص أماكن انتظار مريحه ومقاعد مناسبه لهم في جميع المصالح والهيئات مع ضروره مراعاه ذلك مشددا في المستشفيات والعيادات الطبيه العامه والخاصه التي يتردد عليها المسنون و علي الأطباء الالتزام بمواعيدالحضور كما يجب إعطاء الاولويه في الكشف لأصحاب الحالات المرضية الحرجه منهم للحد من معاناتهم من طول فتره الانتظار منعا من تدهور حالاتهم الصحيه.وعلي المسئولين المختصين
بوزاره الصحه وضع التعليمات المنظمه لتلك الأمور و متابعه تنفيذ ذلك مع ضروره محاسبه المخالفين

– في حاله اضطرار كبار السن السير في الطريق بمفردهم فمن اداب السلوك الإنساني النابع من تعاليم الاديان الوارد ذكرها بجميع الكتب السماوية كقيم اخلاقيه قيام الماره بمعاونتهم ومساعدتهم في عبور الطريق وركوبهم وسائل المواصلات وعلي سائقي تكسيات الاجره عدم التردد في توصيلهم مع جلوسهم في الجانب الأيمن من السياره لسهوله
النزول وعند رؤيه احد المسنين أثناء سيره بالطريق يعاني من الإعياء ويستغيث بالمارين يجب عدم تركه
بل اسعافه بنقله الي اقرب مستشفي مع محاوله الاستدلال علي ذويه وإبلاغم فمن مكارم الأخلاق
أعانه الملهوف وتلبيه نداء
المستغيث وتفريج الكرب.

– من آداب اللياقه مراعاة لحق الجار خاصه في الأماكن السكنية فعند الاحتفال بالمناسبات السعيدة لا يجب استخدام مكبرات الصوت التي تحدث ضجيجا مدويا الذي يصل الي حد الإزعاج المقلق للراحه وذلك رحمه بكبار السن فهم أحوج الي توفير جو الهدوء لهم هذا وقد ثبت طبيا أن مكبرات الصوت المحدثه للضجيج تتسبب في رفع ضغط الدم وزياده النبض وارتفاع نسبه( الكورتيزول) في الدم مما يتسبب في حدوث هشاشة العظام
قال رسول الله ( صلوات الله عليه ):” مازال جبريل يوصيني بالجار حتي ظننت انه سيورثه ”
ان مراعاه تلك التصرفات مع كبار السن لمن مكارم الأخلاق والخصال
الحميده والسلوك المتحضر
حيث ان معيار تحضر الشعوب يقاس بمدي ارتقاء سلوك مواطنيها كما أن اهتمام المحيطين بالمسن والعنايه به ورعايته ينعكس أثره الإيجابي علي نفسيته لان ذلك يوحي باحترامه ويعتبر ترجمه واضحه لتوقيره وتقديره وعدم الاستهانة به وتكريمه.

قال رسول الله ( عليه الصلاه والسلام) :” ليس منا من لايوقر كبيرنا ويرحم صغيرنا”
وقال رسول الله ( صلي الله عليه وسلم) :” ليس من امتي من لايجل
كبيرنا ويرحم صغيرنا ويعرف لعالمنا
حقه”
وقال امير الشعراء احمد شوقي:
قم للمعلم ووفه التبجيلا
كاد المعلم أن يكون رسولا

اين نحن الان من توقير وتبجيل
الكبير ومعرفه حق العالم؟

ما أحوجنا الي التمسك بتعاليم الدين
بعد ان تغيرت المبادئ والمفاهيم واختلت الموازين واختلفت الأذواق واختلط الحابل بالنابل والخبيث بالنفيس واللئيم بالكريم وتبدلت الأحوال في زمن المتغيرات العصريه الذي طغت فيه الماديات مع تراجع القيم الاصيله الساميه التي
كانت موجوده في زمن الماضي
الجميل زمن الاعتراف ورد الجميل وصنع المعروف وتوقير وتبجيل واحترام الكبير

لقد أصبح الشاب الصغير يجلس مادا رجليه أو واضعا ارجله فوق بعضها امام الكبير بلا احترام وقد ارتفعت نبرات صوته بمشادات كلاميه في حوارات جداليه دون اتباع اداب اللياقه أثناء التحدث مع الكبير
سواء كان كبير في السن أو العلم او الوظيفه أو المكانه الاجتماعيه وبعد ان أصبحت ايضا الفتاه الشابه تتعامل بنديه مع السيده الكبيره بالفاظ خاليه من الذوق والادب والاحتشام وللاسف الشديد نجد أن
الكثير من الشباب والفتيات يفعلون ذلك تأثرا بالفكر الغربي وهم يتشدقون بتريد عباره (نحن نمارس حريه التعبيرعن الرأي وفقا لمبادئ حقوق الانسان ) أي حقوق انسان هذه التي تتنافي مع تعاليم الدين والقيم الاخلاقيه الاصيله

قال رسول الله ( صلي الله عليه وسلم) :” أن العلماء ورثه الانبياء”
ومن حق العالم التوقير والتكريم وليس الاساءه و نكران الجميل مثلمايحدث من بعض الجهلاء الذين يتطاولون علي العلماء اوينتقصون
من قدر أولي الذكر وفقا لما نراه ونشاهده علي صفحاتهم من خلال شبكات تواصلهم الاجتماعي المتسيب وعالمهم الافتراضي المضلل.

ومن حق المعلم أيضا أن يتم توقيره واحترامه كما كان قديما وكيف يتم تبجيله الان ؟ بعد أن أصبح التعليم عن بعد وبعد أن اختفت حاليا كلمه التربيه من قاموس التعليم

وليحذر كل من يحاول أن يستهين
بكبير السن أو يمس كرامته أو يهينه
وليتذكرقول رسول الله (صلي الله عليه وسلم): “من أهان ذو شيبه لم يمت حتي يبعث الله عليه من يهين شيبته اذا شاب “