الكاردينال ساندري: لتعد مدينة حلب مكانًا للضيافة والحياة، وليس للهروب

القدس – ابو انطون سنيورة – المركز الكاثوليكي للدراسات والاعلام – واصل عميد مجمع الكنائس الشرقية الكاردينال ساندري زيارته إلى سورية. وعشية الاحتفال بعيد جميع القديسين، ترأس نيافته القداس الإلهي في رعيّة اللاتين في مدينة حلب، بمشاركة السفير الفاتيكاني بدمشق، وكاهن الرعيّة الأب إبراهيم الصباغ الفرنسيسكاني، ولفيف من الأساقفة والكهنة والرهبان والراهبات والمؤمنين.
ونقل المسؤول الفاتيكاني تحيّة قداسة البابا فرنسيس، مشيرًا إلى أنّه “لم يتوقف للحظة عن أن يكون قريبًا من الجماعة المسيحية في البلاد”. وقال: “بفضل مبادرات الحبر الأعظم، غطّت أعمدة ساحة القديس بطرس بلدكم بالصلاة والحماية المستمرّة، في 7 أيلول 2031، في السنة الأولى لحبريّته، لتجنّب وابل القنابل والدّمار، كما حدث للأسف في بلدان أخرى في الماضي، مثل العراق أو ليبيا، اللذين تركا في حالة اضطراب أو فوضى مستمرّة جزئيًا حتى اليوم. نحن لا نتكلم عن انتصار سياسي أو عسكري، لأنّه ليس موضوع الجماعة المسيحيّة، ولكن نتكلّم عن قوّة الصلاة والحوار. ولا نحتفل من أجل هذا الجانب أو ذاك، ولكن لأنّنا أدركنا أنّه يمكنهم، ويجب عليهم، إتّباع طرق أخرى للوصول إلى السلام”.
أضاف: “رُسمت صلاة العالم في ذلك المساء، قبل ثماني سنوات، والتي بدأت من روما، مسارًا، والذي تمّ تجاهله عدّة مرّات فيما بعد. يمكن أن تتحقّق في حياة الشعوب كما في الحياة الشخصيّة لكلّ واحد منا الديناميّة نفسها، عندما نرى الخير بقلبنا وعقلنا ونوافق عليه، ونستقبل النعمة في داخلنا، ولكن تجعلنا خياراتنا العمليّة بعد ذلك، نقع مرّة أخرى في بؤس الخطيئة، التي تبعدنا عن الله وهن إخوتنا. على كلّ واحد منا، إذًا، ومن أجل أن نُحّب سورية بالتحديد أيضًا، أن نبدأ من جديد، من قلوبنا ومن مسيرتنا في اتّباع الرب يسوع. أولاً، أن نكتشف أننا دُعينا من قبله، أساقفة، وكهنة، ورهبان، وعائلات وعلمانيّون. كلّ لديه طريقته العمليّة في الإجابة على صوته، صوته هو، وليس على صوت الآخرين الذين يدّعون القداسة والوحي”.
تابع: “إنّ مدينة حلب على وجه الخصوص، والتي تحوي في داخلها 11 جماعة مسيحية، من كنائس وطقوس مختلفة، مدّعوة لأن تشهد على الخلاص بيسوع، معًا قدر المُستطاع. لذلك أتوجّه إلى الأساقفة الكاثوليك الستّة، وإلى كهنتهم، وإلى الرهبان: كثّفوا المسيرة التي بدأت سويًا مع السينودس المحلي في العام الماضي، مع استماع متبادل ومتواصل لجميع مكونات جماعاتكم، وابحثوا عن بعض الخطوط المشتركة؛ أفكر بشكل خاص في حياة الشباب الرّعويّة والمدرسيّة، وفي مرافقة العائلات، وفي الأنشطة الخيريّة. أي شركة قديسين يمكننا أن نحتفل، إذا عاد كلّ واحد إلى مرجعيته الذاتيّة؟ وبالعودة إلى صحة الرؤيا، يوجد في وسط مدينتكم الحمل الذبوح، وهو النور الحقيقي الذي ينير الليالي ويدفىء النهار، ولا تحلّ محلّه أي نبوءة بشريّة أو شخصيّة ما”.
وخلص نيافته إلى القول: “لنصلي معًا، ونوكل أنفسنا إلى شفاعة والدة الإله، مريم الكليّة القداسة، وجميع القديسين في السماء، ولتتّحد أصواتنا مع أصواتهم في ترنيمة التسبيح. لتعُد مدينتكم الحبيبة، والتي استقبلت قبل قرن من الزمن، اللاجئين الأرمن والأقليات الأخرى، الذين هربوا من الاضطهاد والموت المحقّق، مكانًا للضيافة والحياة، وليس للهروب، وخاصة للشبّاب. وليعُد اسم حلب إلى أن يكون مهمًا، ليس بسبب الركام الذي لا يزال يملأ شوارعكم وأحيائكم، وليس من أجل آلاف الأبناء والبنات الذين ذهبوا إلى كلّ مكان في العالم، ولكن الوجه المشرق لجماعة مسيحيّة، والتي في إعلان الإنجيل وفي الخبز المكسور من أجل الفقراء، تجعل ترنيمة التسبيح تدوي، مصحوبة بقيثارة الملائكة والقديسين في السماء، وفي سيمفونيّة واحدة تعبّر عن جمال الله”.
الكاردينال ساندري: البابا سيقدّم 170 ألف دولار لدعم الكنيسة السورية في أعمال الخيرية
أعلن عميد مجمع الكنائس الشرقية الكاردينال ليوناردو ساندري، الذي يقوم حاليًا بزيارة سوريا، بأنّ البابا فرنسيس سيتبرّع بمبلغ إجمالي قدره 170 ألف دولار للكنيسة السوريّة، وذلك للمساعدة في دعم أعمالها الخيريّة الموجهة للأشخاص الأكثر احتياجًا في البلاد.
وفي كلمة ألقاها أمام مجلس الأساقفة السوريين في العاصمة دمشق، وحضرها أيضًا سفير الكرسي الرسولي الكاردينال ماريو زيناري، قال عميد مجمع الكنائس الشرقيّة في الفاتيكان بأنّ الأموال ستوزع من قبل الدائرة الفاتيكانيّة لجميع الكنائس السورية السبعة عشر، فيما سيقوم الأساقفة بالإشراف على إنفاق هذه المبالغ حسب الاحتياجات الأكثر حاجة في الأبرشيات.
كما أعلن بأنّ المجمع سيعقد مؤتمرًا خاصًا في آذار 2022 يجمع الأساقفة والكهنة والرهبان والراهبات والعلمانيين والجمعيات الخيريّة المحليّة، إلى جانب ممثلين عن الدوائر الفاتيكانيّة والمنظمات المعنيّة بمساعدة الكنائس الشرقيّة (هيئة رواكو). ولفت إلى أن المؤتمر سيحدّد كافة المشاريع والمبادرات الخيرية في سوريا، ويحدّد الأولويات بما يعزّز “شراكة الأعمال الخيريّة” في البلاد.
البطريرك يوحنا العاشر مستقبلاً الكاردينال ساندري: أطيب التحيات والمحبة إلى البابا
استقبل بطريرك أنطاكية للروم الأرثوذكس يوحنا العاشر، الخميس، عميد مجمع الكنائس الشرقية في الفاتيكان الكاردينال ليوناردو ساندري في الدار البطريركية في دمشق يرافقه السفير البابوي في سورية الكاردينال ماريو زيناري والمونسنيور فلافيو باتشي. وقد أتى اللقاء ضمن برنامج زيارة الكاردينال إلى سورية. دار الحديث في عدة مواضيع أبرزها الأوضاع العامة في منطقة الشرق الأوسط، وخصوصًا في سورية ولبنان، وأوضاع المسيحيين بشكل خاص، كما والعلاقة بين الكنيستين الأرثوذكسية والكاثوليكية. وقد حمّل البطريرك يوحنا العاشر الكاردينال ساندري أطيب التحيات والمحبة لقداسة البابا فرنسيس متمنيًا له دوام الصحة.
اليوم الثاني لزيارة عميد مجمع الكنائس الشرقية الكاردينال ليوناردو ساندري إلى سورية
في صباح الأربعاء 27 تشرين الأول، توجّه عميد مجمع الكنائس الشرقية الكاردينال ساندري والسفير البابوي في سوريا الكاردينال زناري إلى كاتدرائية الأبرشية المارونية بدمشق، حيث استقبلهم المطران سمير نصّار الذي قادهم إلى الكنيسة لتكريم جزء من ذخائر “شهداء دمشق”.
ثم انتقل الوفد إلى القاعة المجاورة حيث رفع مع بطريرك الروم الملكيين الكاثوليك يوسف العبسي والمطران نصّار صلاة قصيرة ووجه كلمة تحية. بعدها التقى الكاردينال ساندري بالكهنة الحاضرين المنتمين إلى جميع الأبرشيات الكاثوليكية في دمشق وجنوب سوريا، ولاسيما كهنة أبرشيّة بصرا وحوران للروم الملكيين. وللمناسبة ألقى عميد مجمع الكنائس الشرقية كلمة وجيزة ثم استمع إلى شهادات ممثّلين عن كلِّ أبرشيّة.
ومن بين المواضيع التي تمَّ التطرّق إليها النزيف الخطير للمؤمنين وخاصة الشباب الذين غادروا البلاد أو يحلمون بالقيام بذلك، مع ضرورة دعم المشاريع الصغيرة للبقاء بقربهم، كما تفعل بعض الجماعات الإنجيلية التي قدمت من الخارج، والتي ليس من السهل دائمًا فهم عملها أو يتمُّ تفسيره كشكل من أشكال الاقتناص في الأوساط الأرثوذكسية وحتى الكاثوليكية. كذلك، في الإطار الكاثوليكي، من الضروري أن يوضع قيد التنفيذ مسار التنسيق في
الأعمال الخيرية من أجل تجنب أن تتمَّ مساعدة شخص ما عدة مرات من جهات مختلفة فيما يبقى بعض الفقراء على الهامش.
وأعرب الكثير من الكهنة عن شكرهم للمجمع الشرقي على الدعم الاستثنائي الذي قدّمه خلال السنوات الأخيرة لجميع الكهنة والمكرّسين العاملين في سوريا. في سياق الإرهاق الذي تعيشه سوريا، حظيت الكنيسة بفرصة كبيرة للبقاء بالقرب من الشعب المُتألِّم، مثل العديد من الجمعيات: كذلك شكّلت بعض حالات الفساد أو الافتقار للشفافية مخاطرة للتعتيم على الخير الذي تم القيام به ويتم القيام به، ولذلك من الضروري دائمًا أن يسهر الجميع. كذلك يمكن أن تتحسن العلاقة بين الأساقفة والكهنة، لكي لا تكون مجرّد نقل للإرشادات التي يجب اتباعها، بل أن تنمو في ثقة متبادلة حقيقية.
في نهاية اللقاء، انتقل الكاردينال ساندري إلى مقر كاريتاس سوريا وإلى مكتب جمعية القديس منصور دي بول، حيث بالإضافة إلى حوالي 30 عاملاً كان في الاستقبال أيضًا رئيس كاريتاس سوريا المطران عبدو عربش رئيس أساقفة حمص للروم الملكيين، والمدير التنفيذي. من خلال عرض موجز، تم تسليط الضوء على المراكز المختلفة التي تنشط وتعمل فيها كاريتاس، وبعضها أيضًا في المناطق الخطرة في الشمال الشرقي، مع أكثر من 300 عامل و150 متطوعًا في جميع أنحاء البلاد. وقد تنوعت المداخلات في مناطق مختلفة من البلاد من دمشق إلى الجنوب وإلى حلب، وساحل طرطوس، وحمص، ومنطقة الحسكة.
أما المحطة التالية فكانت زيارة الرعية الكلدانية في دمشق، ومن هناك تجول الوفد الفاتيكاني في بعض مناطق وسط دمشق وصولاً إلى كاتدرائية البطريركية الأرمنية، حيث كان في الاستقبال وفد من المؤمنين مع الإكسرخس أرناؤوطيان، الذي شرح بإيجاز ملامح الجماعة التي أوكلت إلى عنايته الراعوية ورافق الكاردينال ساندري إلى الكنيسة، حيث تُليت صلاة وأُنشدت تراتيل من التقليد الليتورجي الأرمني.
بعد الظهر، استمر الحج بين الوقائع المختلفة التي تظهر وجه الكنيسة في دمشق: أولاً مستوصف القديس بولس ومطعم الفقراء حيث التقى الراهبات الشويريات اللاتي يدرنه والمتطوعون الذين يحضرون وجبات الطعام للفقراء. إنَّ هذا المستوصف هو أحد المبادرات الحديثة التي تم إدخالها مؤخرًا في دائرة “المستشفيات المفتوحة” التي نفذتها AVSI مع السفير البابوي في سوريا الكاردينال زيناري.
أما المحطّة الثانية فكانت ميتم القديس بولس الذي تديره الكنيسة الملكية حيث التقى الكاردينال ليوناردو ساندري بالبطريرك يوسف عبسي ومدير المؤسسة، التي تستقبل العديد من الأيتام أو من أبناء العائلات التي تواجه صعوبات، والتي تستقبل أيضًا بعض الطلاب الجامعيين الذين يقدمون مساعدتهم للصغار الذين يكبرون. وفي نهاية الزيارة، توجّه عميد مجمع الكنائس الشرقية والوفد الفاتيكاني لصلاة قصيرة في مزار كنيسة الروم الملكيين المجاورة للمبنى والذي يذكّر بــ”هروب” القديس بولس من دمشق إذ تم إنزاله من الجدران في سلة، كما يروي كتاب أعمال الرسل.
عظة الكاردينال ساندري في كاتدرائيّة الروم الملكيين الكاثوليك في دمشق
في إطار زيارته إلى سوريا ترأس عميد مجمع الكنائس الشرقية الكاردينال ليوناردو ساندري، يوم الثلاثاء 26 تشرين الأول 2021، القداس الإلهي في كاتدرائيّة الروم الملكيين الكاثوليك في دمشق عاونه البطريرك يوسف العبسي بطريرك أنطاكية وسائر المشرق للروم الملكيين الكاثوليك والكاردينال ماريو زناري السفير البابوي في سوريا مع لفيف من الأساقفة والكهنة.
وللمناسبة ألقى عميد مجمع الكنائس الشرقية عظة قال فيها: أنا حاضر هنا معكم بعاطفة وتأثّر في مساء اليوم الذي يشهدنا مجتمعين مع أساقفة سوريا، رعاتكم، المدعوين كما قال الكتاب المقدّس إلى رعاية قَطيعَ اللهِ الَّذي وُكِلَ إِلَيهم ويحرِسوه طَوْعًا لا كَرَهًا. على الرغم من التأخير لأيام قليلة مقارنة مع الكنيسة الجامعة ولكن بطريقة لا تقلُّ أهميّة يفتتح هذا الاحتفال رسميًّا السينودس الذي أراده البابا فرنسيس على مستوى أبرشيّتكم، نشعر بأننا على شركة معه وقد طلب مني أن أحمل لكم تحيّته ومحبته مبادلينه صلواتنا من أجل خدمته، هذه اللفتة الإضافية التي أظهر بها مدى اهتمامه بمصير هذا البلد وشعبه، مثلما أوضح في مناسبات مختلفة منذ بداية حبريّته.
أضاف: منذ حوالي ألفي عام، كان هناك رجل متحمِّسًا إلى الرغبة في جلب العنف والاضطهاد إلى هذه المدينة: جاء على صهوة حصانه وعيناه مملوءتان بالكراهية، الكراهية التي تغذيها حماسة دينية والتي وصلت إلى رؤية الأعداء في الذين كانوا قبل كل شيء إخوة في الإنسانية. لذلك عيناه كانتا مريضتين من قبل أن يعميهما نور اللقاء، والذي بدى عوضًا عن ذلك شفاء وارتداد. كان هذا الرجل يدعى شاول ولكنّه وصل إلى داخل هذه الأسوار وديعًا مستعدًّا لأن يولد من العلى. لقد استمعنا منذ قليل إلى كلماته التي وجّهها إلى التلميذ تيموتاوس والذي أصبح هو أيضًا معلِّمًا لإحدى الجماعات التي تأسست مع رسول الأمم. ذلك الرجل نفسه الذي أراد ان يحمل إلى دمشق السلاسل والقيود ضدّ تلاميذ المسيح، يجد نفسه الآن مقيَّدًا بالسلاسل بسبب إعلان الكلمة. انبعث في قلبه يقين أصبح ترنيمة تسبيح وهي أن كلمة الله ليست مقيَّدة! لذلك يمكن أن يكون هناك تعب الجندي والرياضي والمزارع، والخبرة مثل خبرة الرسول كفاعل شرٍّ مسجون، وهناك خطيئتنا وعدم وفائنا ولكنّه – أي الرب يسوع – بقي أمينًا لأنّه لا يستطيع أن يُنكر نفسه
تابع: إذا كنا هنا هذا المساء للاحتفال بأفخارستيا الرب يسوع، فذلك لأن كلَّ واحد منكم على الرغم من كلِّ شيء، حافظ على كنز الإيمان الثمين: بين القنابل والأنقاض والتسمُّم الكيميائي، بينما تجلس قوى الأمم على الطاولة لإجراء الحسابات، والناس يعانون ويصبحون أكثر جوعًا والإرهاب الاصولي الذي زرع العنف والدمار، خاصة في هذا البلد وفي العراق، مع تجار الموت الذين يزدادون ثراءً من بيع الأسلحة. أنت يا شعب الله في سوريا، حافظت على الإيمان وشاركت بقولك الـ “نعم” اليومية في أمانة الله للبشريّة، مُتتبِّعًا عن قرب خُطى من سار في طريق الصليب ليخلِّصنا. إن مرحلة السينودس التي أرادها البابا فرنسيس والتي نبدأها اليوم معًا تشمل حقًّا كل ابن وابنة في هذه الأبرشيّة، لأنّه معًا يمكننا أن نقوم بخبرة استدعاء الروح القدس لكي نتمكّن في عنصرة جديدة من أن نجد الطرق لكي نستنرَّ في إعلان أن يسوع هو المسيح القائم من بين الأموات والحيّ إلى الأبد. إن لحظات الإصغاء والمواجهة التي ستعيشونها ينبغي ألا تُفضي إلى تلك “المجادلات” التي انتقدها القديس بولس في القراءة الأولى.
أضاف: إنّ كلمة سينودس ليست جديدة عليكم، أنتم المؤمنين من الكنائس الشرقية الكاثوليكية: غالبًا ما تسمعونها على سبيل المثال عندما يتمُّ الإعلان أن السينودس انتخب أسقفًا على اللاذقية، حضرة الأب الأسقف جورج خوام. لذلك فإن طلب البابا الموجّه لكم هو خاص: أولاً أن تُصبح الصيغة المجمعيّة، أي تلك الأشياء التي يعيشها عادة البطريرك مع إخوته الأساقفة أسلوبًا على جميع مستويات حياة كنيستكم، لكي يتمَّ إنشاء جميع الهيئات المشاركة أولاً وتعرف أن تعمل كأماكن يظهر فيها الروح القدس الذي يعضد ويوجّه كنيسة المسيح ويعمل في الذين يشكّلونها. ومن ناحية أخرى التنبّه لكي لا تُعاش الاجتماعات والاقتراحات المقدّمة إلى الكهنة والأساقفة والبطريرك انطلاقًا من تيارات أو مصالح بشريّة، وتيارات وأحزاب موجودة أيضًا على مستويات الكنيسة المختلفة وإنما كلحظات يجتهد فيها كلُّ فرد في البحث عن وجه الله وإرادته في زمننا.
وخلص نيافته في عظته: قدّم لنا المقطع الذي سمعناه من إنجيل يوحنا هذا اليقين: إنَّ المؤيِّد الذي سيرسله إلينا يسوع من الآب، روح الحق، هو سيشهد، وهي شهادة أقوى من الكراهية والاضطهاد اللذين تعرّض لهما يسوع وكذلك من الكراهية التي نتعرّض لها نحن لأننا تلاميذه. لذلك نحن مدعوون لكي نكتشف مجدّدًا دعوتنا كأبناء وتلاميذ للمعلِّم الحقيقي الوحيد، ونجدّد امتناننا للرب يسوع على الأمثلة العديدة اللامعة من الأساقفة والكهنة والرهبان والراهبات والعائلات وأعضاء شعب الله الذين على الرغم من المعاناة الهائلة لهذه السنوات العشر من الحرب، أمضوا كلَّ يوم من أيام حياتهم في محاولة مداواة الجراح وتعزيز الرجاء في قلوب الذين كانوا وما زالوا يرونها مُمزَّقة. لنطلب إذًا شفاعة والدة الإله الكليّة القداسة، القديسة مريم والرسول بولس والقديس يوحنا الدمشقي وجميع قدّيسي وقديسات الله في سوريا الحبيبة في الأمس واليوم لكي يسهروا على هذا البلد وينالوا عطيّة السلام وإعادة الإعمار المنشودة في القلوب أولاً وفي المباني.



