الثقافه سر التحضر والتقدم والثراء

_______
بقلم
د.سيد حسن السيد
الخبير الدولى للاتيكيت
واداب السلوك الاسلامى

_____

اذا كان المعنى اللغوى لكلمه (الفقر) فى القاموس هو (النقص) اما كلمه (الثقافه) بمفهومها الشامل فهى مجموعه المعارف التى يتم اكتسابها لتنميه الفكر الانسانى و زياده القدره على استيعاب ما يحدث فى الحياه من متغيرات بطريقه ايجابيه حيث ان الثقافه تلعب دورا هاما فى تشكيل الوجدان والضمير الذاتى وتحقيق الانتماء والشعور بالأمن النفسى علما بانه ليس كل انسان متعلم مثقفا فكم من اشخاص متعلمين وحاصلين على أعلى الشهادات العلميه ولكنهم يعانون من فقر الثقافه لانهم لم يحاولوا تنميه ثقافتهم باكتساب المزيد من المعارف التى تحمل تجارب وخبرات السابقين والتى يمكن ان تساعدهم فى اتخاذ القرارات السليمه وابداء الاراء السديده وتزيد من درجه وعيهم وادراكهم لحقائق الأمور وفهمهم الصحيح لما يحدث فى الحياه من متغيرات ومستجدات ومستحدثات وتقنيات واختراعات واكتشافات علميه وتطورات تكنولوجيه فضلا عن معرفتهم لما يدور حول العالم من أزمات اقتصاديه وسياسات نقديه ومواجهات سياسيه وعسكريه وايضا معرفه الامراض المتفشيه والتغيرات المناخيه والاتفاقيات والصفقات والبروتوكولات التعاونيه الدوليه المنعقده .
ومن هنا تظهر اهميه الثقافه
كوسيله لاكتساب المعرفه

كم من أشخاص لا يقدرون مكانه العلماء البارزين ولايعرفون حقهم فى التكريم بسبب نقص معرفتهم بماقدموه من منجزات لخدمه البشريه وذلك لايتأتى الا عن طريق
القراءه والاطلاع والبحث لاكتساب المعرفه من خلال الثقافه

وكم من شخصيات مبدعه حققت نجاحات كثيره وانجازات كبيره
ولم يتم الاستفادة من تجاربها
بسبب عدم معرفه ما حققته تلك الشخصيات من إبداعات

أن تنميه الثقافه لضرورة حتميه
للحاق بركب الحضاره ولخلق
جيل من المبدعين والمبتكرين
قادر على العطاء ومواجهة ايه مشكلات معقده مع محاوله إيجاد الحلول الجذريه الايجابيه لهاوالقابله للتنفيذ نتيجه الاستفادة من تجارب
الآخرين.

أن لقصورالثقافه اهميه قصوى فى
تنميه الوعى الثقافى فى كافه المجالات الفنيه والادبيه ليتنا نعيد تفعيل دورها كما كانت قديما
كما أن للمكتبات العامه دورا فعالا
فى نشر الثقافه وبعد اختفاء شعار القراءه للجميع فى ظل التطور الالكتروني لعلنا نعظم دور تلك المكتبات العامه من خلال الاهتمام بتزويدها بالكتب والمؤلفات والمراجع المسموعه على أن يتم ذلك تحت رعايه واشراف المسئولين بوزاره الثقافه مع ضروره الاهتمام باقامه الندوات و المنتديات الثقافيه والتى كانت قديما تنعقد بحضور كبار الكتاب والأدباء والمفكرين والمؤلفين ورجال الدين المستنيرين والعلماء المتخصصين والإعلاميين والفنانين المبدعين والنخبة المثقفين لمناقشه أهم قضايا الرأى العام التى تهم جميع المواطنين من أجل تصحيح الأفكار المتشددة والمفاهيم المغلوطه وذلك من خلال ترسيخ المبادئ والقيم والمبادئ الاخلاقيه والعادات والتقاليد
الشرقيه الاصيله مع مواجهه جميع التحديات بالتصدى للفكر الرجعى المرفوض و الفكر الغربى المتحرر من ايه قيود ذلك الفكر المتستر وراء شعارات حقوق انسان زائفه تلك الشعارات التى تفد إلينا من الغرب و مازال يرددها المتأثرين بها اما لأنها تتفق مع اهوائهم الشخصيه أو لأنهم ممن يعانون من فقر الثقافه بسبب عدم الوعى وضيق الأفق اولفهمهم الخاطئ لصحيح الدين أو نتيجه لاكتسابهم بعض العادات السيئه التى افرزتها المتغيرات العصريه وأثرت سلبا على تنشئتهم الاجتماعيه
منذ الصغر وتلك هى المأساه الكبرى

أن السلوك الإنساني يختلف باختلأف الزمان والمكان ويتأثر بعده عوامل منها العامل الثقافى المتمثل فى القيم الدينيه والمبادئ الاخلاقيه والعادات والتقاليد والإعلام وكذلك
شبكات التواصل الاجتماعى التى
باتت تبث السم فى العسل لعدم تنميه
الفكر الإبداعى و روح الابتكار لدى السواد الأعظم من مستخدمى النت حتى يظل صانعى التكنولوجيا هم الرواد ومستخدميها دائما هم التابعين من أجل كسب المليارات

ليت شبابنا يدركون ذلك جيدا ولاداعى لاستخدام النت لدرجه الادمان بهدف التسليه او لمجرد ضياع الوقت وهدره دون الاستفادة منه واستغلاله فى تنميه ثقافاتهم واكتسابهم للمعرفه حتى يصبحون مبدعين ومبتكرين ويمكنهم اللحاق بركب الحضاره ويصيروا هم ايضا رواد فى مجال التكنولوجيا وليسوا تابعين أن أرادوا أن يحققوا احلامهم ولاسيما أن قطار العمر يمضى مسرعا
ومن امثله الشباب الذين لم تتجاوز اعمارهم الاربعين واصبحوا
ملياردرات نتيجه عملهم فى مجال
التقنيات التكنولوجيه هم:
(ايفان شبيجل الأمريكى – جون كوليسون الايرلندى- ديمترى بوخمان الروسى) كما أن هناك العديد من الشباب المبدعين بمختلف الجنسيات
الاخرى استطاعوا أن يستثمروا قدراتهم على الابتكار فى صناعه المال ولم تتجاوز اعمارهم سن الثلاثين.

اذا كان الخواء العاطفى داخل
الاسره يهدد بانهيار الكيان الاسرى فأن الخواء الثقافى داخل المجتمعات أشد ضراوه لانه يعوق دفع عجله التنميه ويؤدي إلى
التخلف ويقضى على ماتم تحقيقه
من مكتسبات بسبب التشكيك الهدام والاحباطات المدمره التى قد تصدر ممن يعانون من الفقر الثقافى نتيجه عدم وعيهم وادراكهم وفهمهم الصحيح لمجريات الأمور ولاسيما اذا كانت تتم وفقا لترتيب الأولويات وبتخطيط سليم معد على اساس علمى مدروس من قبل المختصين الاكفاء والخبراء المتخصصين من اجل تحقيق التقدم والرخاء لتلك المجتمعات

اذا كانت المتغيرات العصريه
وما صاحبها من تطورات ومستجدات وتقنيات حديثه قد أثرت تأثيرا بالغ الخطوره علي أسلوب حياتنا ومعاملاتنا وعلاقاتنا الاجتماعيه بعد ان زحفت الماديات بقوه هائله
واصبحت ضروره ملحه لسد
الاحتياجات الاساسيه المطلوبه ولاسيما بعد الارتفاع الجنوني في الأسعار مع انخفاض مستوي المعيشه في ظل تزايد عدد السكان المضطرد فأن هناك بعض أشخاص وليسوا من ميسوري الحال لايزالون ينفقون أموالهم في متطلبات مستحدثة دون مراعاه ترشيد احتياجهم اليها أو الامتناع عن استهلاكها نتيجه فقر ثقافه ترشيد الاستهلاك و الإنفاق

ومن الأمور الآخري المرتبطة بفقر الثقافه تلك المتعلقه بتغير السلوك والعلاقات الانسانيه بسبب ما طرأ من متغيرات عصريه هو التحول السريع بممارسه العادات السلبيه التي أدت إلي اختلال الموازين واختفاء القيم والمبادئ وتفشي ظاهره الانفلات السلوكي نتيجه عدم التحلي بمكارم الاخلاق بسبب فقدان الثقافه الدينيه لذلك فإن الفقر المادى خير من الفقر الثقافى حيث أن الفقر المادي
لايعيب صاحبه حتي ولو كان الشخص معدم فمن الناس من تعرض للعوز والاحتياج فصبر وقنع ورضي ولم يشعر باليأس والاحباط
لأنه حمد الله وشكره فبارك الله له فيمارزقه من مال وان كان قليل وهناك من ألاشخاص من ذاق مراره الفقر والحرمان منذ طفولته ولكنه سعي وشقي واجتهد واتقن عمله بإخلاص من أجل كسب المال الحلال ليسد به احتياجاته ثم ادخر منه مايمكنه من مواجهة ازماته الماديه في المستقبل حتي صار هذا الشخص من ميسوري الحال ومن هؤلاء من أصبح من الاثرياء

حقا ان المال متاع الدنيا ووسيله لتحقيق الغايات والآمال والأحلام ومن مقومات السعاده الدنيويه
والتقدم الحضاري والعيش
في رفاهيه ومن الحكمه الالهيه ان الله قدر اجال البشر وارزاقهم قبل أن يخلقهم ولكنه سبحانه وتعالي قد منحهم العقل حتي يستخدمونه في
حسن التدبير والتصرف والتأمل فيما وهبهم الله من نعم كثيره حتي يزداد إيمانهم بقدره الله وعظمته وفضله عليهم وحتي يعلمون أن الرزق ليس في المال وحده لان هناك نعم كثيره لا يمكن أن تقدر قيمتها بالمال كالصحه وصلاح الزوجه والأبناء وراحه البال والشعور بالأمن والأمان النفسي وغيرها من النعم التي
لا نشعر بها الا حينما نفتقدها
والمال يعتبر من تلك النعم لكن لايجب تبرير الحاجه اليه لسد الاحتياجات للعيش حياه كريمه بأن يتم اللجوء الي كسب المال بطريقه غير مشروعه كالرشوه أو الاختلاس أو النصب والاحتيال أو احتكار السلع أن كان الشخص تاجرا أو اذا كان ذو منصب اوسلطه ويستغل نفوذه من اجل التربح

اذا كان الله قد فضل الأغنياء
عن الفقراء ماكان أول مايدخلون الجنه هم الفقراء ولكان جميع الأنبياء والرسل والصالحين من الاغنياء
وما كان الله تعالي قد ذكر في كتابه العزيز أن المال زينه لان الزينه زائله ومتعلقه بالمظهر لا بالجوهر وما كان الله جل شأنه قد ذكر بالايات الكريمه بأن المال فتنه وعدو للانسان لأن
العليم القدير يعلم بان من الناس من لديه شهوه حب المال وينشغل باكتسابه ويهتم بجمعه بنهم ومن الناس من يبالغ في انفاق المال ببذخ واسراف وتبذير لذا يقصر في طاعه الله ولايؤدي العبادات ولايمتثل لما أمر به الله ومانهي عنه وهؤلاء جميعا قد نسوا أن ثواب الاخره خير من نعيم الدنيا الزائل وان ما جمعوه من مال سيتركوه وسوف لايدوم اما الباقيات الصالحات أي الأعمال الصالحه فهى التى ستدوم .

ما أحوج الكثيرين في ظل المتغيرات المصريه ألي جلد الذات بدلا من البكاء علي اللبن المسكوب وعليهم أن يتصرفون بحكمه في جميع مايواجهونه من مشكلات بترشيد ماينفقونه من أموال سواء علي سلع كماليه يمكن الاستغناء عنها اوترشيد استهلاكهم للسلع الغذائيه والكهرباء والوقود و استخدامهم للنت وكروت شحن الموبيلات التي أصبحت في متناول الأطفال الصغار قبل الشباب والكبار
ليتنا نعود أبنائنا علي ترشيد
ماينفقونه من مصروف علي تناول الوجبات الجاهزه (التاك اواي )التي أصبحوا يفضلونها عن ما يتم اعداده
من اطعمه منزليه ليتنا نحد
من الاستجابة لطلباتهم المبالغ
فيها التي يصرون علي تحقيقها بسبب تقليدهم الاعمى لاصدقائهم
دون مراعاتهم لظروف أسرهم
الماديه.
مااحوج ألابناء في هذا العصر الي تعلم ثقافه الصبر عند تحقيق الرغبات وذلك يقع علي عاتق الآباء والأمهات من خلال استخدامهم لحوار عدم الاستعداد أثناء التواصل مع ابناؤهم منذ مرحله الطفوله مع ضروره ترسيخ المبادئ والقيم الأخلاقية في نفوسهم كنوع من الحصانة الايمانيه لوقايتهم من الاصابه بالافات الاجتماعيه الوافده من الغرب التي أصبحت متفشيه الان في المجتمعات العربيه واتسع مجال انتشارها كالامراض المعديه التي يجب علاجها

اذا كان الله عز وجل فى كتابه العزيز قال:
” وأما بنعمه ربك فحدث”
فأن ذلك يعنى الشكر والحمد لله
على مامنحنا من نعم وعلينا ان
نستمتع بتلك النعم دون غلو اواسراف وتبذير وبلا تكبر
أو تعالى على الاخرين

كم من أشخاص انعم الله عليهم
وأصبحوا اغنياء وأصحاب ملايين
فحمدوا وشكروا ربهم وعاشوا عيشه
البسطاء المتواضعين مع عدم التباهى بمالديهم من ارصده فى البنوك وعقارات وشركات
وعلى النقيض نرى أن هناك اثرياء مترفين ولكن ليس لديهم ثقه فى انفسهم لأنهم يستقوون بثرائهم لذلك نجدهم يبالغون فى التباهى بما لديهم من فيلات وقصور وسيارات فاخره وطائرات خاصه وينفقون أموالهم ببذخ وتبذير مع تعمد الإعلان عن ذلك بكبر واستعلاء دون مراعاه احاسيس الفقراء ومحدودى الدخل الغير قادرين مما يثير مشاعر الاستفزاز نحوهم والحقد عليهم والسخرية منهم ومثل هؤلاء
الأغنياء يطلق عليهم عبيد المال
ولقد نوه عن ذلك علي سبيل التحذير رسول الله( صلى الله عليه وسلم) حينما قال:” بئس عبد الدينار والدرهم”

كم من دول فقيره استطاعت من خلال الثقافه أن تتحول من دول مستهلكه الي منتجه حينما زرعت لتأكل وصنعت لكي تلبس وتسد احتياجاتها من جميع الصناعات لتحقيق الاكتفاء الذاتى وتصدير الفائض ثم قامت بترشيد استهلاكها كي تقتصد وتدخرحتي صارت من كبرى الدول الغنيه المتقدمه
حقا ان الفقر المادى خير وافضل من فقر الثقافه الذي لا يؤدي الي الإنتاج ولايدفع عجله التنميه ولايساعد علي ترشيد الانفاق والاستهلاك

واذا كان التعليم ينير العقول ويبدد
ظلام الجهل ويمكن البعض من الحصول على أعلى الشهادات والدرجات العلميه فى مختلف المجالات ليكونوا علماء اكاديميين
متخصصين.

فأن الثقافه تضئ الكون كله وتفتح آفاقا واسعه امام الجميع بلا حدود حتى يصبحون مبدعين ومبتكرين
فى كافه المجالات دون التهافت
على حمل الألقاب والتنافس على
شغل المناصب فكم من ادباء وعلماء ومخترعين مبدعين لم يكملوا مراحل تعليمهم الدراسيه ولكنهم كانوا مثقفين وقد ازهلوا العالم بأسره بما حققوه من إبداعات امثال الكاتب والأديب الكبير (عباس محمود العقاد)
والملياردير ( بيل جيتس) مؤسس شركه مايكروسوفت و( وليم شكسبير) رائد الأدب الانجليزى
و(جريجور مندل) مؤسس علم الوراثة و( توماس اديسون)
مخترع المصباح الكهربائي .
وغيرهم الكثيرين الذين افنوا
حياتهم فى خدمه البشريه

وفي ظل جمهوريتنا الجديده وما
تحقق فيها من انجازات عظيمه
بفضل توجيهات قيادتنا الرشيدة
وقراراتها الحكيمه واستكمالا
لمنظومه البناء والتعمير والاستثمار
والتصنيع والتصدير
فإننا الان فى امس الحاجه لدفع
عجله التنميه المستدامه بايادى وسواعد أبناؤها المخلصين المثقفين المبدعين حتى تظل مصرنا الحبيبه
ارض النعم ومجد الحضاره بين الامم
واذا كانت مصر قديما بنضال شعبها الباسل قد واجهت غزو التتار الغاشم وقاومت كل احتلال غادر فإنها ايضا
بقوه وعزيمه إرادتها السياسيه ووعى وإدراك علماؤها ومفكريها ومثقفيها لقادره على قهر اى غزو فكرى وافد سواء كان فكر متطرف ساخط أو هدام حاقد ويعوق مسيره تقدمها أو يهدد أمنها القومى

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
Social Media Auto Publish Powered By : XYZScripts.com