مؤانسه المسن فى وحدته ضروره حتميه

______

بقلم
د.سيد حسن السيد
الخبير الدولي للاتيكيت
واداب السلوك الاسلامي
_______

اذا كانت الدنيا دار فناء والاخره خير وابقي وكانت الذكريات الطيبه والسيره العطره للاحباب لاتنسي وان عز اللقاء بهم او رحلوا عن دنيانا
واذا كان بعد رحيل اعز الاحباب تختفي الوجوه المشرقة التي كنا دائما نراها مبتسمه في وجوهنا وتصمت الأصوات التي كانت لاتفارق مسامعنا لتطمئن علينا وتؤنس وحدتنا وعلى الرغم من توقف رسائلهم التي كانت تحمل الينا ارق عبارات التشجيع والاطراء والمديح وتعبر عن أسمى مشاعر الوفاء والاخلاص الا ان ذكراهم الطيبه ستبقى كالناقوس الذى يدق في اذان النسيان و سيرتهم العطره ستحول دموع الحزن على فراقهم الي مداد لاقلام تدون مواقفهم الانسانيه التى تعبر عن احاسيسهم الصادقه النبيله المرهفه الرقيقه التي يعجز اللسان عن وصفها كلما ازداد الشوق و الحنين اليهم وتلك هى مشاعر واحاسيس كل مسن رحل عنه شريك حياته بعد عشره طيبه دامت لسنوات طويله تخللتها علاقه زوجيه أصلها السكينه والطمأنينه ورابطتها الموده والمحبه وغايتها الرفق والرحمه

حقا ان لكل أجل كتاب ولامرد لقضاء الله ولا اعتراض على مشيئته لكن الفراق صعب وشعورالمسن بالوحدة لماساه تحتاج إلى مزيد من المؤازرة والموالاه والمؤانسه من الأبناء والارحام لا بالمواساه الكلاميه التى تتم على سبيل جبر الخواطر من قبل المعارف و الاصدقاء
ان مايزيد من حده ماساه هذا المسن هم ابناؤه المنشغلون دائما بحياتهم الخاصه أو المسافرون للعمل بالخارج الذين يكتفون بعمل مكالمات تليفونية لدقائق قليله للاطمئنان عليه ومن الأبناء من هم عاقين و قدانتزعت من قلوبهم الرحمه فلا يسألون اما الأحفاد الذين
فى سن الشباب فنادرا ما يسألون على أجدادهم المسنين الافى الأعياد على سبيل المجامله ومن خلال رسائل الواتس اب أو الماسنجر وكم من مسنين ومسنات لهم اخوه وأخوات فى نفس المدينه ولكنهم لايزورنهم ولايتواجدون معهم الا فى حاله تقديم واجب العزاء ثم ينصرفون كالغرباء وتلك هى الماساه الحقيقيه للمسن الذى فقد شريك حياته ولم يجد من يؤنس وحدته ويخلصه من عزلته ويحنو عليه ويخفف من لوعته ويخرجه من حاله الشعور بالملل والاحباط والاحساس بالحزن على غياب شريك الحياه الذى كان يأنس بوجوده ويشاطره احزانه ويتألم لالمه ويفرح لفرحه ويتفانى فى خدمته من أجل اسعاده
ولقد أكد علماء الاجتماع أن كبار السن الذين يفقدون شركاء حياتهم أكثرعرضه للاصابه بضعف الإدراك لذلك فهم فى حاجه إلى المزيد من الدعم والمتابعه كما أن علماء النفس قد صرحوا بأن هؤلاء المسنون غالبا
مايصابون بحالات من الاكتئاب
حينما يشعرون بانه لم يعد أحد
بحاجه اليهم وانهم أصبحوا عبئا
على الجميع لذلك يجب توثيق
العلاقه بينهم وبين الأبناء وتوطيد
صله الرحم بينهم وبين الارحام
حيث ثبت أن معاناه المسن من
الوحده وشعوره بالعزله يعتبر بدايه
خطيرة لحدوث الكثير من المشاكل
التى يواجهها هذا المسن
قال الله جل شأنه:” وقضى ربك الا تعبدوا الا اياه وبالوالدين إحسانا اما يبلغن عندك الكبر أحدهما أو كلاهما فلا تقل لهما أف ولاتنهرهما وقل لهما قولا كريما واخفض لهما جناح الذل من الرحمه وقل رب ارحمهما كما ربياني صغيرا”

ليت الأبناء يتفهمون جيدا ما قاله الله سبحانه وتعالى وما أراد منهم أن يفعلوه مع والديهم وما هو المقصود
بقوله تعالى:” اما يبلغن عندك الكبر
أحدهما اوكلاهما”
أن رب العزه فى هذه الايه قصد بكلمه ( الكبر) حينما يصبح الوالدين من المسنين

وبقوله ( احدهما) بقاء أحد الوالدين المسنين وحيدا بعد ان فقد شريك حياته

اما بقوله (عندك) فذلك يدل على ضروره ملازمه الوالد المسن وعدم تركه أو التخلى عنه

اين هو الإحسان ؟ الذى يلقاه الوالد
المسن أو الوالده المسنه من الابناء بعد ان فقد شريك حياته وأصبح فى مسيس الحاجه لمزيد من العطف والشفقه والرحمه عند التعامل معه

واين هى الرحمه ؟ بعد انتزعت من
من قلوب الابناء الجاحدين الذين قد الهتهم الدنيا ونسوا مسئوليتهم تجاه
والديهم بحجه انشغالهم الدائم بحياتهم الخاصه وليتذكر هؤلاء
الأبناء قول رسول الله : ( صلى
الله عليه وسلم):
” ارحموا من فى الارض يرحمكم
من فى السماء “

واذا كان الله جل شأنه قال فى كتابه
العزيز :” واولوا الارحام بعضهم
أولى ببعض فى كتاب الله أن الله
بكل شيئ عليم” وكان الارحام هم الابناء والاحفاد والاخوه والاخوات وأبنائهم فأن صله الرحم هى أفضل القربات والطاعات الى الله عز وجل
أين هم هؤلاء الارحام ؟ من المسن الذى فقد شريك حياته وصار وحيدا ويحتاج لمن يزوره ويطمئن عليه ويؤنس وحدته ويقضى مصالحه ويتولى خدمته فى ظل المتغيرات العصريه التى حولت التواصل معه الى تباعد اجتماعى وليتذكر هؤلاء الارحام قول الله تعالى :
” فهل عسيتم أن توليتم ان تفسدوا فى الارض وتقطعوا ارحامكم أولئك لعنهم الله فأصمهم وأعمى أبصارهم ”
ولعنه الله تعنى الطرد من رحمته

ان من أهم الواجبات التى يمكن أن يؤديها الارحام هى(الخدمه والزياره والسلام)
ليت أبناء وبنات المسنون يتعظون
وينفذون ماامرهم الله به كما يجب
أن يكون معلوما لهؤلاء الأبناء و أزواجهم أن المسن الذى له أولاد ولم يكن لديه من يرعاه يلزم ان يعيش معهم ليتولوا خدمته ويرعون مصالحه ويقضون حوائجه ردا لجميله عما قدم فى مسيره حياته من أجلهم بدلا من تركه وحيدا أو إيداعه فى دور مسنين لتتولى رعايته
ولعل الارحام كالاخوه والأخوات وابناؤهم يتذكرون المسنون سواء كانوا اعمام واخوال أو عمات وخالات ولو بالسؤال ليطمئنون عليهم ويداومون على التواصل معهم حتى
يشعرون بأن صله الرحم لم تنقطع
قال رسول الله ( صلوات الله عليه)
” لا يدخل الجنه قاطع الرحم”
حقا ان مؤانسه المسن فى وحدته
ضروره حتميه

د.سيد حسن السيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
Social Media Auto Publish Powered By : XYZScripts.com