التدليل المفرط للأبناء مفسده عواقبها وخيمه

_______
بقلم
د.سيد حسن السيد
الخبير الدولي للإتيكيت
وآداب السلوك الإسلامي
_______
اذا كان من أهم الحاجات
النفسية التي يجب على الوالدين اشباعها للأبناء منذ ولادتهم وبدءا من سن الرضاعة هي الحب والتقبل والعطف والحنان حتى يزداد تعلقهم بوالديهم ليسهل غرس المبادئ والقيم الأخلاقية فى نفوسهم من الصغر خلال فتره تكوين ضميرهم الأخلاقي
في مرحله الطفولة والى أن يصلوا
الى سن البلوغ حتى يصيروا اسوياء
ومتمتعين بصحه نفسيه جيده لذا
فمن الأمور الهامه التي يجب على
الوالدين مراعاتها ضرورة الاعتياد
على تقبيل الأطفال واحتضانهم
واللعب والتحاور معهم ومجالستهم
وعدم الابتعاد عنهم ومعاملتهم بلطف
ولين دون غلظه أو قسوة مع محاوله
تهيئه جو الهدوء والراحة النفسية لهم
داخل المنزل كي يشعرون بالدفء
العاطفى الاسرى حيث أن حدوث
الخلافات والمشاحنات الزوجية امام
الأطفال يشعرهم بالخواء العاطفى
تجاه الوالدين وغالبا ما يتسبب في إصابتهم بالاضطرابات النفسية والاحساس بالقلق وذلك له آثار سلبيه تنعكس على شخصيتهم و التى قد تظهر فى سلوكياتهم عند الكبر
ومن هنا تتضح اهميه اشباع حاجه
الأبناء للحب والحنان دون إفراط
وبلا تفريط الا ان الإفراط فى الحب
يعتبر نوع من التدليل المطلوب فى
حاله أصابه الطفل بالمرض أو إحساسه بالضعف أو شعوره بالخوف
أو الرهبه أو اذا كان معوقا اما فى
غير هذه الحالات فأن التدليل المفرط
للطفل تكون عواقبه وخيمه حقا ان الاعتدال والوسطيةخير من الإفراط والتفريط او الاسراف والتقتير حتى فى المشاعر لان الشيئ الذى يزيد عن حده سرعان ماينقلب إلى ضده
واذا كان الله جل شأنه قد وضع فى الاباء غريزه الابوه وفى الأمهات غريزه الامومه من أجل اشباع حاجه الأبناء للحب والحنان والأمن والأمان والرعايه والعنايه والاهتمام
من خلال مشاعر الحب التى يكنها الاباء والامهات للابناء الا ان تلك المشاعر لايجب ان تصل الى حد التدليل المفرط للطفل كالاهتمام الزائد به من حيث العاطفه والرعايه والمبالغة فى مدحه عن الحد المألوف مع عدم محاسبته على اخطاؤه أو سلوكياته السيئه التى تصدر منه بصفه متكرره وهذا التدليل يطلق عليه الدلع ( السخيف)
وقد أكدت الدراسات النفسيه أن
التدليل المفرط للطفل يمكن أن يحوله إلى انسان انانى و محب لذاته
ولديه رغبه بالغه فى السيطره على
كل من حوله فضلا عن ممارسته للعنف معهم كما يولد لديه الشعور
بالقلق نتيجه عدم ثقته بنفسه لاحساسه بالوحدة والعزلة بسبب
كره المحيطين به التعامل معه لتجنبهم ما يصدر منه من تصرفات
خاطئه كذلك نجده دائما مندفعا
ومتعجلا للامور دون صبر نتيجه
عدم شعوره بالمسئولية عند مواجهته
لايه مشكلات
هذا وقد أثبتت الدراسات الاجتماعيه
أن تدليل الأبناء لا يقتصر على الطبقات الغنيه فحسب فقد يكون
الابن من اسره فقيره ولكنه مدللا
لأنه الابن الوحيد وقد تبين أن المدلل
غالبا ما يكون متعصبا لرأيه لدرجه
تحوله إلى شخصيه مستبده وديكتاتوريه وذلك أيضا له مردود
سلبى ينعكس أثره بعد ذلك على حياته الزوجيه مما يجعلها مهدده
بالفشل
ومن الآثار الاجتماعيه السلبيه للتدليل المفرط ضعف شخصيه
المدلل وعدم تحمله للمسئوليه
وافتقاده للالتزام وعدم احترامه
للمواعيد وعدم أتباعه لآداب الحديث مع الكبار لدرجه التطاول وعلو الصوت عليهم والتعامل معهم بنديه وتعالى فضلا عن عدم تقبل اى نصح أو إرشاد منهم كما أنه لا يستطيع تحمل اى صعوبات يواجهها فى الحياه لأنه لم يتعلم الصبر وقد تعود على أن كل ما يطلبه يجده ومايرغب فيه يتم تحقيقه له ونتيجة لاكتساب المدلل صفه العناد والعصبيه فإنه يصعب ارضاؤه كما أن تلك الصفات تجعله فى حاله عدم توازن فى علاقاته مع الغير واذا حاول أحد مصادقته فانه لايحافظ على هذه الصداقه ومن الآثار البالغه الخطورة أن الطفل المدلل يحاول أن يفعل أشياء أكبر من سنه مما يعرضه لمخاطر جسيمة تنعكس عليه نفسيا وجسديا وقد تؤدى إلى إفساد طريقه تفكيره ونظرا لشعور الطفل المدلل بأنه أفضل من قرناؤه فإنه قد يعتدى عليهم سواء بالاهانه أو الضرب
ومن الآثار السلبيه الآخري للتدليل
المفرط للأبناء تحول شخصيه الشاب
أو الفتاه إلى شخصيه اعتماديه
وما أسوأ ما نراه أونشاهده الان
بعد أن اهتزت القيم والمبادئ الأخلاقية نتيجه غزو الفكر المضلل
بمفاهيمه المغلوطة الوافد الينا من الغرب فى ظل مايحدث من متغيرات فى عالمنا المعاصرحينما نجد ان بعض الشباب المدلل والفتيات المدللات قد تبلدت احاسيسهم وتجمدت مشاعرهم نحو والديهم حتى أصبح الابن المدلل الامر الناهى من أجل تلبيه طلباته والاب هو الملبى المطيع دون مراعاه ظروفه أن كان متعسرا ماديا أو كانت طلبات هذا الابن مبالغ فيها وتفوق حد طاقه الاب أو كان الاب مشغولا دائما فى عمله لاضطراره الالتحاق بعمل أخر من أجل توفير الحياه الكريمه لابنائه
كم من شاب مدلل يتضرر اذا تم
تكليفه بقضاء ايه مصالح تتعلق
بأسرته وبمقدوره أن يؤديها نيابه
عن أبيه أو امه لانشغالهما ولكنه يرفض ذلك بتقديم ايه أعذار واهيه
ليتنصل من المسئوليه.
اما الابنه المدلله فقد أصبحت الملكه المتوجه والام هى الوصيفه المكلفة بخدمتها دون مراعاه أن كانت هذه الام مجهده او أصابها الإعياء أو كان لديها مسئوليات اخرى كثيره مجبره على تحملها كزوجه وأم وربه منزل فضلا عن قيامها بتأديه عملها الوظيفى وكأنها طاحونه لا تتوقف عن الدوران
وكم من فتاه مدلله تتأفف حينما تطلب منها الام مساعدتها فى الأعمال
المنزليه لأنها تعودت الا تشغل نفسها
بأداء تلك الأعمال لذلك فانها تدعى الانشغال بأمور اخرى أهم أو أنها تتمارض وتدخل حجرتها لتنام
ولاتستيقظ الا وقت تقديم الطعام
اى تدليل هذا؟
واين بر الوالدين ؟
حينما يتحول جزاء الإحسان اليهما والشكر والامتنان والاعتراف بفضلهما إلى جحود ونكران
ولماذا تحولت طاعه الأبناء لوالديهم الى تمرد وعصيان ؟
اذا كان التدليل المفرط للأبناء
مفسده عواقبها وخيمه فان الوالدين وبلا شك هما المتسببين فى حدوث
هذا التدليل اما لعدم درايتهما بأساليب التربيه المجديه للابناء أو نتيجه لرغبه الوالدين فى تعويض ماقدحرموا منه عند الصغر من حب
وحنان وذلك من خلال التدليل المفرط للابناء
اذا كان الآن بعض الاباء والأمهات
الميسورى الحال أصبحوا ينفقون
المال على أبنائهم ببذخ واسراف
رغبه فى ارضائهم من أجل كسب
محبتهم فمن الأمثال الشعبيه
القديمه التى كانت تتسم بالبلاغه
والحكمة ويرددها الأجداد:
( حبنى وخد ريال .. قالوا المحبه
مش بالحيال )