ورقة عمل.. ممكنات العمل في مواجهة التطهير العرقي في النقب

اعداد: عماد توفيق عفانة
مدير مركز الدراسات
تاريخياً كان أهل النقب الفلسطيني جزء لا يتجزأ من وجود حي يمتد عبر جنوب فلسطين إلى سيناء والبادية الأردنية، وبادية الشام بطرق متعددة ومركبة.
شكل استمرار وجود أهل النقب تهديد لمشاريع التوسع والبقاء الصهيوني، وتعارض معها، فوجود أهل النقب ككيان حي ومتمرد بطبيعته على القيود الاستعمارية خصوصاً لجهة صلاته الأصيلة بامتداده الفلسطيني والعربي، يشكل تهديد، عمد العدو إلى تصميم مشاريع استيطانية وسياسات تهجير لجهة تصفير الوجود الفلسطيني في النقب، والذي يأتي ضمن السياق الاستعماري الصهيوني.
تستعرض ورقة العمل (النقب في مواجهة التطهير العرقي… تغطية الجريمة وتهميش النضال) واقعَ الأخطار والتحديات التي تقع على أهل النقب، والثغرات في المواقف والسياسات تجاههم من مختلف الأطراف التي يفترض أن تكون معنية بحقوقهم ودعمهم كجزء من ضحايا المشروع الاستعماري التهجيري بأبعاده المختلفة.
والتي توزعت في محاور عدة هي:
سياسات المشروع الاستعماري ضد أهل النقب، وصمود أهالي النقب وتنظيم ذاتهم في الدفاع عن وجودهم، وانقطاع الحالة السياسية الفلسطينية عن نضال أهل النقب لعقود، وممكنات العمل في مواجهة السياسات الاستعمارية الصهيونية المستهدفة للوجود الفلسطيني التاريخي في هذا الحيز الجغرافي الواسع.
وخلصت الورقة الى ان أهالي النقب نجحوا في كسر الحصار والعزلة المفروضة على معاناتهم ونضالهم في وجه سياسات التطهير العرقي الصهيونية ضدهم، وذلك من خلال تنظيمهم الذاتي المتزايد، والذي عبر عن إرادة المواجهة لديهم.
فخلال أكثر من 75 عاما من بداية التهجير الكبير لمعظم سكان النقب، ارتكبت المنظومة الاستعمارية الصهيونية شتى أنواع الجرائم بحقهم، وسنّت قوانين وأصدرت قرارات ومارست سياسات تهدف إلى إنهاء وجودهم على أراضيهم، فيما واجهوا عوامل العزل والتعتيم والتهميش والانقطاع الفلسطيني عنهم، والإهمال الدولي عن النظر لقضيتهم، مستخدمين مواردهم الذاتية الشحيحة في تنظيم الذات، وبناء الصلات بالمناصرين لقضيتهم، وحشد الاهتمام بهذه القضية وتطوير أدوات الصمود والتصدي للجرائم الصهيونية الاستعمارية.
لكن الواقع اليوم رغم التطورات الهامة في الاستجابة الفلسطينية للنضال في النقب، يظهر أن الفجوات لا زالت كبيرة بين الموقف التضامني السائد تجاه هذا النضال، والذي تطور خلال السنوات الأخيرة، وبين استعادة الالتحام الاجتماعي والسياسي والنضالي مع أهالي النقب، وهذا جزء من خلل كبير في البنية والممارسة السياسية الفلسطينية برمتها.
فلا زالت السياسة الفلسطينية، والممارسات المؤيدة لحقوق الفلسطينيين والمناهضة لجرائم الحرب والتهجير والتطهير العرقي الاستعمارية الصهيونية، لم تنجح في تطوير برامج عمل فاعلة تسهم في دعم صمود ونضال أهالي النقب.
تعاني المنظومة الفلسطينية الرسمية بأذرعها ووجوهها المختلفة من عجز عن بناء موقف شامل من المشروع الاستعماري الصهيوني، ومما أحدثه مشروع التسوية من تعزيز لعوامل الهيمنة الاستعمارية على سياسات هذه المنظمة الرسمية، كما على المشهد في فلسطين، والذي سمح بتوسع المنظومة الاستعمارية الصهيونية في ممارساتها ضد الفلسطينيين عموما ومن بينهم أهالي النقب. ومع ذلك فقد أكدت التجارب الهامة للنضال الشعبي الجمعي الفلسطيني، نجاحها في تحقيق إسناد مهم لفلسطيني النقب في العديد من المحطات التي حظي فيها نضالهم بالتفاف وطني فلسطيني داعم له، في ضوء تزايد الوعي بهذا النضال وبطبيعة مخططات التطهير خصوصا العرقي المسلطة ضد أهالي النقب، ودورها كجزء مركزي من استراتيجيات ورؤى المشروع الاستعماري الغازي لأرض فلسطين، والعامل على تقويض وإنهاء الوجود الفلسطيني على هذه الأرض.
ممكنات العمل في مواجهة التطهير العرقي في النقب:
1- تشكل سياسات التطهير العرقي في النقب، نموذجا لسياسات المنظومة الاستعمارية وهو ما يوجب النظر لها كعنوان محوري في قراءة أبعاد هذه السياسات وبناء الموقف الفلسطيني والإنساني من مجمل المشروع الاستعماري في فلسطين
2- إن تجاوز التهميش الذي عاناه أهالي النقب في الحيز السياسي الفلسطيني والمناصر للفلسطينيين، يتطلب تحولا نوعيا في مجمل المقاربة السياسية والحقوقية لهذه القضية، والانتقال لممارسات فاعلة ونشطة باتجاه دعم نضال أهالي النقب وصمودهم، يسعى لتجاوز وكسر قيود سياسات العزل الاستعماري لهم.
3- وجوب سد الثغرات الكبيرة في العمل البحثي والمنتوج الإعلامي الفلسطيني والمناصر للفلسطينيين تجاه نضال أهالي النقب، وذلك على قاعدة ربط هذا النضال بجذوره التاريخية في مواجهة مشروع التهجير الصهيوني لعموم الفلسطينيين، وسياسات التطهير العرقي والعزل والقمع المستمرة.
4- ان العمل على التمثيل الوطني لأهالي النقب في البنى الفلسطينية، لا يجب أن يبقى مرهونا لاستجابة البنى الرسمية الفلسطينية، بل إن هناك مهمات واجبة على الحراكات والبنى السياسية والمجتمعية والمؤسسات المختلفة تتعلق ببناء صلات حقيقية بنضال أهالي النقب وعلاقته بالحقوق الفلسطينية ككل.
بجانب ما سبق هناك مجموعة من الإجراءات تكتسب الصفة الطارئة في ظل تصاعد هجمة التطهير العرقي في النقب:
1- إطلاق برنامج وطني عام لدعم أهالي النقب، تقوده لجان شعبية على امتداد مساحة الانتشار الفلسطيني.
2- وضع قضية التطهير العرقي والتهجير في النقب في صلب مهمات الجسم الدبلوماسي الفلسطيني الرسمي، وأدوات الدبلوماسية العامة والشعبية النشطة في حشد المناصرة للفلسطينيين.
3- تحديد الجهات ذات المسؤولية المباشرة ضمن المنظومة الاستعمارية عن سياسات التهجير والتطهير العرقي والعزل في النقب، وملاحقتهم دوليا في الجانب القانوني، وبالأدوات المتاحة لدى الشبكات المناصرة لحقوق الفلسطينيين.
4- وضع قضية المهجرين الفلسطينيين في النقب، كجزء من التعريف الفلسطيني للاجئين والمهجرين الفلسطينيين، والعمل على تبني هذا التعريف على مستوى عالمي.
منقول بتصرف عن ورقة عمل: النقب في مواجهة التطهير العرقي: تغطية الجريمة وتهميش النضال