تقدير موقف: مفاوضات القاهرة والدوحة بين احتمالات النجاح والفشل/إعداد اللواء محمود الناطور والدكتور يوسف يونس

الموقف الامريكي:

  • ركزت الادارة الامريكية جهودها لإبرام “الصفقة”، لكسب أصوات الراغبين في وقف الحرب من الحزب الديمقراطي، والحيلولة دون تدهور الاوضاع في المنطقة الى حرب اقليمية، وقدم وزير الخارجية الامريكي انتوني بلينكن عرض “الرزمة المتكاملة”، الذي تضمن:
  1. “تقليص” تواجد الجيش الإسرائيلي في محور فيلادلفيا، وليس “الانسحاب”، ولم يتضمن المقترح شرحا لطبيعة التواجد، وافاد أن اسرائيل ستقدم خرائط بهذا الخصوص.
  2. إعادة السلطة الفلسطينية لإدارة معبر رفح تحت رقابة إسرائيلية، “لم يحدد شكلها”.
  3. مراقبة إسرائيلية للنازحين العائدين إلى شمال القطاع على محور نتساريم، “لم يحدد شكلها”.
  4. إبعاد 150 من الأسرى الفلسطينيين المفرج عنهم إلى خارج البلاد.
  5. تحتفظ إسرائيل بحق الاعتراض على 65 أسيراً وعدم إطلاق سراحهم في المرحلة الأولى.
  6. عدم الانسحاب من القطاع حسب نص ورقة الثاني من يوليو.
  7. الإغاثة مشروطة بالموافقة على البنود أعلاه، ولم تحدد كميات مواد الإغاثة.
  8. وقف إطلاق النار الدائم، يناقش في المرحلة الثانية ضمن سقف محدد، وإن لم توافق حماس، يعود الجيش للحرب وتنفيذ عملياته العسكرية.
  9. مفاوضات إعادة إعمار قطاع غزة، ورفع الحصار متروكة لنتائج المفاوضات التي ستلي تنفيذ المرحلة الأولى.
  • من الواضح تبني الادارة الامريكية، جزءا كبيرا من شروط اسرائيل، التي تهدف الى مقايضة الهدنة بالاحتلال، واشتراط الموافقة الإسرائيلية على وقف إطلاق النار المؤقّت بالقبول الفلسطيني على إبقاء قوات الاحتلال في محور فيلادلفيا. وهذا الموقف اكدته تصريحات رئيس أركان الجيوش الأمريكية تشارلز براون، منتقدا انسحاب قوات الاحتلال من مناطق بعد دخولها، ما يسمح بعودة المسلحين الفلسطينيين، مشددا على ضرورة الدخول والسيطرة على المنطقة ثم تحقيق الاستقرار فيها، ما يكشف حقيقة الموقف الامريكي من معركة غزة.
  • التحول في الموقف الامريكي، اكد نجاح نتنياهو في ابتزاز الادارة الامريكية، التي اصبح كل تركيزها على الانتخابات، وهذا ما اكده أيضا حصول اسرائيل على شبكة دفاعية امريكية تمثلت في حشود عسكرية امريكية، والموافقة على صفقة أسلحة ضخمة بقيمة 20 مليار دولار، تشمل 50 طائرة “اف-15 آي أي”، وشحنات صواريخ الدفاعات الجوية، وصواريخ جو جو، وذخائر دبابات ومركبات تكتيكية وقذائف هاون، وصواريخ متوسطة المدى « AIM-120»،. وبعد ان عرقلت إدارة بايدن تسليم شحنات القنابل الموجهة الثقيلة من فئة “ام كي-82-83-84″، وافقت على تسليم 1800 قنبلة “ام كي82 “.
  • تشير التقديرات ان التحركات الأميركية تستهدف تمكين إسرائيل من مواصلة الحرب في غزة، ومنع اندلاع حرب إقليمية، لتحقيق اهداف استراتيجية مشتركة مع اسرائيل، تم التطرق اليها في تقارير سابقة، ترتبط بمستقبل الطاقة في الشرق الأوسط، والتصدي لمحاولات دول عربية كسر العلاقة التقليدية الاقتصادية مع الولايات المتحدة، لحساب العلاقات مع الصين وروسيا، ما يمثل “خطرا على مستقبل مكانة أمريكا في المنطقة ودورها العالمي، وهو ما يتطلب بقاء التوتر في الشرق الأوسط، ولذلك يتوقع ان تؤدي المقترحات الامريكية الى تعقيد الموقف في قطاع غزة، واستمرار الاحتلال الإسرائيلي، واستمرار حالة التوتر في المنطقة.

موقف اسرائيل:

  • يرتبط العامل الحاسم في المفاوضات بتوجهات نتنياهو وحساباتِ الوضع الداخلي ومستقبل ائتلافه، اضافة الى الضغط العسكري واستمرار الحرب، الذي يعتبر نتنياهو انها تقربه من تحقيق اهدافه. وتوفرت معلومات عن امكانية موافقته على “صفقة جزئية” تحقّق المكاسبَ ولا تلغي الأهداف، حيث سيسعى لعرقلة أي “اتفاق مستدام”، مراهناً على تأجيل حسم المفاوضات لما بعد الانتخابات الأميركية، انتظاراً للإدارة القادمة، ويعتبر انه كلما طال أمد الحرب كلما خسرت حماس أوراق تفاوضية، ما يساعد على الحصول على المزيد من التنازلات من الحركة، والحيلولة دون عودتها واعادة بناء قواتها السياسية والعسكرية.
  • ترى المؤسسة الامنية ان تقديرات نتنياهو “مقامرة”، قد تؤدي الى تلاشي فرص الصفقة ومقتل الأسرى، وتعتقد ان الموافقة على الصفقة، سيضمن إطلاق سراح الاسرى، وسيمنح إسرائيل هوامش اوسع للحركة في قطاع غزة، وستؤدي الى وقف التصعيد على الجبهة الشمالية، ما سيساعد الجيش الإسرائيلي على اعادة تأهيل أوضاعه، استعدادا للمرحلة المقبلة.
  • على الرغم من ذلك قام نتنياهو برفع مطالبه التفاوضية، وعرض شروط اضافية تتضمن: تواجد عسكري دائم على محور فيلادلفيا، ورقابة عسكرية على معبر رفح، وتواجد عسكري على محور “نتساريم”، وحق اسرائيل في التحفظ على اسماء 100 أسير تطالب حماس باطلاق سراحهم، وإبعاد عدد من الأسرى إلى الخارج، والحصول على اكبر عدد من الاسرى الأحياء في المرحلة الأولى. وأرسل وفد الى القاهرة لعرض تفاصيل الخرائط والمواقع المزمع اقامتها، على طول المحور، وإنشاء 8 أبراج مراقبة (اقترحت الولايات المتحدة تقليصها الى برجين)، وتركيب أجهزة استشعار وكاميرات، ورقابة عسكرية على معبر رفح، ورفضت مصر هذه المقترحات التي تمنح إسرائيل سيطرة عسكرية على حدودها مع غزة.
  • وتعارض اسرائيل ان تتولى السلطة الفلسطينية ادارة معبر رفح وفق اتفاق 2005، وترفض رفع العلم الفلسطيني، واقترح الامريكيون تشغيل مؤقت للمعبر خلال أسابيع الهدنة الستة، بإدارة موظفون فلسطينيون تعينهم السلطة، ولكن يستلموا رواتبهم من مؤسسة غير حكومية، يتم خلالها نقل الجرحى من المقاتلين الى الخارج، دون المرور على قوات الاحتلال، واقترحت تواجد إسرائيلي مؤقت وانسحاب تدريجي من محور فيلادلفيا، مع توفير ضمانات أميركية لخروج القوات الإسرائيلية في المرحلة الثانية من الصفقة، وعززت تلك المقترحات من التقديرات التي تشير الى ان الموقف الأميركي، يتماهى مع الاهداف الاسرائيلية، لترسيخ احتلال قطاع غزة، والسيطرة على معبر رفح ومحور فيلادلفيا.
  • وعلى الرغم من التفاؤل الذي ساد في ضوء المعلومات التي اشارت الى أن الوفود الفنية تقترب من انجاز الملاحق المتعلقة بالصفقة، الا ان تقديرات تشير الى ان مخاطر تقويض الاتفاق أكبر من تحقيقه، في ضوء موقف نتنياهو الساعي لعرقلة الصفقة واستمرار الحرب في غزة، لتحقيق اهدافه السياسية والاستراتيجية، وتدمير قدرات حركة حماس وسبل الحياة في قطاع غزة، والسيطرة على محوري فيلادلفيا ونيتساريم، باعتبارهما مواقع استراتيجية للأمن الإسرائيلي، وهذا ما تظهره الخرائط التي قدمها الوفد الإسرائيلي المفاوض، والتي تشير الى ان الاحتلال يستهدف “إعادة انتشار” قواته على المحور، وليس “انسحابا”.
  • ووفق تقديراتنا تستخدم اسرائيل محور فيلادلفيا، كورقة تفاوضية استراتيجية، لابعاد التركيز عن محور نتساريم الذي يشكل محورا استراتيجيا وهدفا من اهداف الحرب، تسعى اسرائيل للسيطرة عليه باعتباره جزءاً من قناة بن غوريون وخط التجارة الدولية الجديد الجاري انجازه، ويؤكد على ذلك ان جيش الاحتلال لم يبادر الى احتلال فيلادلفيا في بداية المعركة، على الرغم من ادعاءاته بوجود أنفاق تستخدم لتهريب الاسلحة. اضافة الى ان اصرار نتنياهو على البقاء في محور فيلادلفيا، على الرغم من معارضة المؤسسة الامنية، ما يؤكد ان نتنياهو يريد تحسين شروط الصفقة، من خلال التمسك بأوراق مساومة، سيتم التنازل عنها مقابل أمور أخرى، مثل محور نتساريم، او رفع عدد الاسرى الاحياء الذين سيتم اطلاق سراحهم، وحق الاعتراض على العدد الاكبر من الاسرى الذين تطالب حماس اطلاق سراحهم. وقد توافق اسرائيل على السماح بعبور عناصر حماس من الشمال الى الجنوب “بدون تفتيش”، عبر محور نتساريم، ما يعني انتقال الاف المواطنين الذين يرتبطون عائليا مع حركة حماس.

  • ووفق تقديراتنا سيواصل نتنياهو محاولة صرف الانتباه عن أهداف الاحتلال الاستراتيجية في قطاع غزة، واهمها السيطرة على شمال القطاع، وتهجير غالبية الكتلة السكانية الفلسطينية في المنطقة والتي تقدر بحوالي 300 ألف، والشروع في تنفيذ مخططات اليمين الذي يتطلع الى تنفيذ مشاريع استيطانية لاستغلال الامكانية الكامنة العقارية في هذه المنطقة (الخريطة المرفقة). ويؤكد على تلك التوجهات قيام اسرائيل بتعيين الجنرال إيلاد غورين منسقا جيش الاحتلال للشؤون المدنية في قطاع غزة، في خطوة تمهد الطريق لعودة الادارة المدنية الى القطاع، وبالتالي عودة الاحتلال، وسيبقى جنوب القطاع خاضعا لازمة معيشية حادة، تحت حصار اسرائيلي، بعد أن يفقد المجتمع الدولي الاهتمام بالازمة وينتقل الى ازمات اخرى.

موقف حركة حماس:

  • اعتبرت حماس ان المقترحات الأميركية تتماهى مع الموقف الإسرائيلي الذي يصر على استدامة الاحتلال في غزة، وتعتبر ان بقاء جيش الاحتلال على نتساريم وفيلادلفيا، رضوخاً لمطالب نتنياهو، الذي انتقل إلى المناورة بالمبادرات الأمريكية لكسب الوقت ومواصلة الحرب. وطلبت الحركة ضمانات مكتوبة لتنفيذ ما سيتم الاتفاق عليه، وتعهدت بأنه في حال تم التوصل لاتفاق ستحصر أعداد المحتجزين الإسرائيليين بشكل كامل وتقديم قائمة متكاملة للوسطاء، وطلبت هدنة مؤقتة لمدة 72 ساعة لهذا الغرض.
  • ولازال من غير الواضح إذا ما كانت حماس ستوافق على المقترحات الامريكية، خاصة في ضوء ما أشارت اليه مصادر امريكية عن ان المواقف التي عرضها ممثلو حماس خلال المحادثات، كانت بناءة أكثر من تصريحاتهم العلنية، ما يؤكد ان الحركة تتعرض لضغوط، وتواجه معضلة كبيرة، امام انحسار خياراتها، فالموافقة على المقترحات الامريكية سيجعل الكثير يوجهون لها الاتهام بالبحث عن “مصالحها”، وسيفقدها الكثير من المؤيدين في الشارع الفلسطيني والعربي. ومعارضة المقترحات سيعزز فرص الصراع مع المواطنين في القطاع.
  • ويبدو أن حركة حماس، ومن اجل الحفاظ على انفراد تمثيلها لقطاع غزة، ارتكبت اخطاء في اداراتها للمفاوضات، فقد كرست بقبولها قرار مجلس الأمن 2735، جوهر موقف اسرائيل، بتقسيم قطاع غزة إلى ثلاث أقسام، أمنية وجغرافية، في ظل غياب ضمانات حقيقية لوقف الحرب، وبلا مقابل سياسي ووطني. اضافة الى موافقتها على المشاركة بصورة غير مباشرة في المفاوضات، ما أثر على وحدة التمثيل الفلسطيني.
  • ويزيد من مشاكل حركة حماس انها لم تنجح في تمرير الكثير من الأهداف التكتيكية للمعركة، وأهمها تفعيل وحدة الساحات، واقحام حزب الله وإيران في الحرب الاقليمية، اللذان اتضح ان ليس لهما مصلحة في الحرب الإقليمية، نظرا لان لديهما ما يخسراه ويفضلون حرب الاستنزاف كما تجري الان في الحدود الشمالية، كما ذكرنا في تقرير سابق.
  • هذه الاخطاء، اضافة الى الموافقة على المقترحات المقدمة دائما تأتي تحت الضغط العسكري الاسرائيلي، عززت التقديرات الاستخبارية الاسرائيلية بضرورة استمرار الضغوط العسكرية وصولا الى صيغة تسمح بخروج عناصر حماس من الشمال الى الجنوب بدون تفتيش، مقابل تنازل حماس عن مطلب تفتيش النازحين من الجنوب الى الشمال، وهو الامر الذي يسمح لحركة حماس اخراج عناصرها وعائلاتهم من شمال قطاع غزة، والخطير ما يتم تسريبه عن مطالبة الحركة عدم اغتيال قياداتها، وهو المطلب – إن صح – سيفقد الحركة الكثير من شعبيتها، ويؤشر الى اقتراب الحركة من صفقة خروج عناصر وقيادات الحركة من القطاع.

الوضع الميداني:

  • على الرغم من اعلان قيادة الجيش انتهاء العمليات العسكرية الموسعة داخل قطاع غزة، الا ان قوات الاحتلال كثفت الضغط العسكري، بالتزامن مع استمرار المفاوضات، ما يشير الى ان الحديث عن خلافات بين الجانب السياسي والعسكري يندرج في إطار “الخداع الاستراتيجي”، ويستهدف اطالة امد الازمة واغراق كافة الاطراف في الحديث في تفاصيل بعيدة عن الواقع الميداني ومجريات العمليات العسكرية، التي جاءت على النحو التالي:
  • في وسط قطاع غزة تواصل الفرقة 252 من جيش الاحتلال عملياتها، واعطت اوامر اخلاء عديدة، ما ادى الى تهجير نحو 250 ألف شخص، ومحاصرة حوالي 1.9 مليون مواطن في المنطقة غرب شارع صلاح الدين، وتقدمت قوات الاحتلال من شرق دير البلح، وصولا الى مدخل المدينة، ما ادى الى اخلاء تلك المناطق باتجاه غرب المدينة.
  • وفي خانيونس تواصل الفرقة 98 بقيادة العميد غاي ليفي، والفرقة 252، ولواء المظليين بقيادة العقيد عامي بيتون، عملياتها في عبسان وخزاعة وبني سهيلا وصولا الى منطقة الشيخ ناصر، ومنطقة معن وقاع القرين وصولا الى محور ميراج، وكثفت عملياتها في منطقة القرارة شمال شرق المحافظة، حيث تجري عمليات نسف مربعات سكنية، بهدف توسيع المنطقة العازلة. وتواصل طائرات الاحتلال هجماتها على منطقة قيزان النجار جنوب المحافظة وصولا الى محور ميراج الغربي شمالي محافظة رفح.
  • ووسع لواء المظليين واللواء السابع في جيش الاحتلال عملياتهم شمال مدينة خانيونس، في منطقة حمد واصداء، وتقدمت الى الاطراف الجنوبية من دير البلح، على محور كسوفيم “المطاحن”، واعطت اوامر اخلاء لمستشفى شهداء الاقصى شمال المدينة، ومربعات سكنية مجاورة، في اشارة الى تضيق الحصار على المدينة من جميع الاتجاهات، تمهيدا لاقتحام المدينة، بعد دفع الكتلة السكانية للنزوح تدريجيا باتجاه الغرب.
  • وتواصل الفرقة 162 عملياتها في رفح؛ حيث يتم التركيز على منطقة عريبة ومصبح شمال رفح، بالتوازي مع تقدم قوات لواء ناحال، باتجاه تل السلطان والحي السعودي ومواصي رفح باتجاه مواصي خانيونس، وتقوم قوات سلاح الهندسة بتعبيد محور فيلادلفيا، في اشارة الى الالتزام بقرار المستوى السياسي بتعزيز السيطرة على المحور، رغم الحديث عن الخلافات.
  • وفي مدينة غزة تواصل مقاتلات جيش الاحتلال تنفيذ عمليات تستهدف مراكز القيادة والسيطرة، بالتزامن مع استمرار تنفيذ قوات الاحتلال هجماتها على أحياء الزيتون، ومنطقة الكلية الجامعية جنوب المدينة، وتل الهوا جنوب غرب المدينة، حيث يجرى تنفيذ عمليات تدمير واسعة للمباني السكنية، وتجريف الاراضي الواقعة شمال محور نتساريم الذي تجري عمليات توسعته من الجهتين الشمالية والجنوبية، حيث تقوم قوات الاحتلال باقامة سواتر ترابية في المنطقة الممتدة من المحور باتجاه منطقة وادي غزة، وتم إنشاء 4 مواقع عسكرية كبيرة على طول الممر، تتيح الإقامة لحوالي لواءين احتياطيين.

صور جديدة التقطت عبر الأقمار الصناعية في 20-8-2024 تظهر توسعة محور نتساريم

خطط جيش الاحتلال على محور فيلادلفيا

الضفة الغربية:

  • أعلنت قوات الاحتلال عن بدء عملية عسكرية موسعة في شمال الضفة الغربية، تستهدف مناطق جنين وطولكرم وطوباس، بحجة مواجهة النشاطات الايرانية المتزايدة في تلك المناطق ونجاحها في تعزيز نشاطات التنظيمات الفلسطينية وتطويرها، بصورة اصبحت تشكل تهديدا خطيرا على الامن الاسرائيلي. وهو الامر الذي يتنافى مع استمرار العمليات العسكرية لقوات الاحتلال منذ 3 سنوات تقريبا في الضفة الغربية بصورة عامة، وشمال الضفة بصورة خاصة. وقامت بتنفيذ حملة الاعتقالات يومية، واستغلت اسرائيل حرب غزة، وقامت بتصعيد حملاتها العسكرية، التي تتوافق مع “خطة الحسم” التي تبناها وزير المالية بتسلئيل سموتريتش، والتي تستهدف: إحداث فوضى في الضفة الغربية، ثم إسقاط السلطة الفلسطينية، ثم تصفية الحركة الوطنية الفلسطينية، ثم المرحلة الرابعة والاهم: ترحيل الفلسطينيين.
  • وجاءت تحركات جيش الاحتلال وتصريحات عددا من المسؤولين الاسرائيليين، لتؤكد على هدف التهجير، حيث طالب وزير الخارجية يسرائيل كاتس، اجلاء السكان الفلسطينيين من شمال الضفة، والتعامل مع التهديد في الضفة مثل التعامل مع البنية التحتية في غزة. وطالب الجيش سكان مخيم نور شمس إجلاء المخيم بصورة مؤقتة.
  • ومن الواضح ان نتنياهو سيسعى من خلال العملية الواسعة في شمال الضفة الغربية “المخيمات الصيفية” التأثير على سير المفاوضات المتعلقة بوقف الحرب في غزة، حيث يعتقد ان هذه العملية ستؤدي الى صعوبة موافقة حركة حماس على استمرار المفاوضات او تقديم تنازلات في هذا الاتجاه، لن تكون متناسبة مع ما يحدث في الضفة الغربية، وبهذه الطريقة ينجح نتنياهو في نقل الكرة الى ملعب حركة حماس، بعد الحصول على تنازلات في جولة المفاوضات الحالية، سيتم البناء عليها في جولة المفاوضات القادمة، بعد ان يكون قوات حقق تقدما وخطوة اخرى في اتجاه تحقيق اهداف الحرب الاستراتيجية.

 

الموقف :

  • بينما ركزت الادارة الامريكية جهودها لإبرام “الصفقة” في غزة، لاهداف انتخابية، الا انه يتوقع ان تؤدي المقترحات الامريكية الى تعقيد الموقف في قطاع غزة، حيث اتضح انها تهدف الى مقايضة الهدنة بالاحتلال، وتمكين إسرائيل من مواصلة الحرب في قطاع غزة، ومنع اندلاع حرب إقليمية، مع استمرار التوتر قائما في المنطقة، لتحقيق اهداف استراتيجية ترتبط بمستقبل الطاقة في الشرق الأوسط، والتصدي لمحاولات دول عربية كسر العلاقة التقليدية الاقتصادية مع الولايات المتحدة، لحساب العلاقات مع الصين وروسيا.
  • مخاطر تقويض الاتفاق باتت أكبر من فرص تحقيقه، في ضوء تماهي الادارة الامريكية مع المطالب الاسرائيلية، وموقف نتنياهو الذي يسعى لعرقلة الصفقة، لضمان استمرار بقائه في الحكم، واستمرار التوتر في المنطقة، باعتباره فرصة لاعادة تشكيل وترتيب وضع المنطقة، بما يتناسب مع اهدافه الاستراتيجية، ومواصلة تدمير قدرات حركة حماس، وتدمير سبل الحياة في قطاع غزة.
  • تستخدم اسرائيل محور فيلادلفيا، ورقة تفاوضية استراتيجية، لابعاد التركيز عن محور نتساريم الذي يشكل محورا استراتيجيا وهدفا من اهداف الحرب، تسعى اسرائيل للسيطرة عليه باعتباره منفذا لقناة بن غوريون وخط التجارة الدولية الجديد الجاري انجازه، وقد توافق اسرائيل على السماح باستخدام محور نتساريم لعبور عناصر حماس من الشمال الى الجنوب “بدون تفتيش”، وهو الامر الذي سيتبعه عبور الاف المواطنين من الشمال الى الجنوب والذين يرتبطون عائليا مع عناصر حركة حماس. وهو ما سيساعد نتنياهو على تحقيق احد الأهداف الاستراتيجية للحرب، واهمها السيطرة على شمال القطاع، وتهجير غالبية الكتلة السكانية الفلسطينية، وتنفيذ مخططات اليمين الاستيطاني الذي يتطلع الى تنفيذ مشاريع استيطانية.
  • سيسعى نتنياهو لعرقلة أي “اتفاق مستدام”، مراهناً على تأجيل حسم المفاوضات لما بعد الانتخابات الأميركية، انتظاراً للإدارة القادمة، ويعتبر ان الضغط العسكري يساعد على الحصول على المزيد من التنازلات من حركة حماس، وأقصى ما يمكن التوصل إليه هو هدنة مؤقتة، خاصة ان اقتراحات وقف اطلاق النار وصفقات التبادل تخلو من تعبير “وقف الحرب”، فيما يتم التركيز على شكل وطبيعة استمرار سيطرة الاحتلال على محوري فيلادلفيا ونتساريم، والمنطقة العازلة، وهذا ما تظهره الخرائط التي قدمها الوفد الإسرائيلي المفاوض، والتي تشير الى “إعادة انتشار” قوات الاحتلال على المحور، وليس “انسحابا”، ما يمهد الطريق لتمرير مخططات اسرائيل لرسم مستقبل اليوم التالي لقطاع غزة بعد الحرب، والذي يتمحور حول اقحام اطراف عربية ودولية في المشاركة في ادارة قطاع غزة، بعيدا عن الوحدة الجيوسياسية الفلسطينية، وبالتالي ضياع اي انجاز فلسطيني يمكن تحقيقه في الحرب الحالية، بعد كل هذه التضحيات.
  • تواجه حركة حماس معضلة انحسار خياراتها، فالموافقة على المقترحات الامريكية سيجعلها في مواجهة اتهامات بالبحث عن “مصالحها”، ما سيفقدها الكثير من المؤيدين، ومعارضة المقترحات ستعزز احتمالات الصراع مع المواطنين في قطاع غزة، ما سيزيد من مشاكل حماس التي لم تنجح في تمرير الكثير من الأهداف التكتيكية للمعركة، ما عزز التقديرات الاستخبارية ان استمرار الضغوط العسكرية قد تساعد على امكانية فرض صيغة تسمح بخروج عناصر حماس من الشمال الى الجنوب بدون تفتيش، ما يسمح باخراج عناصر حماس وعائلاتهم من شمال قطاع غزة، والخطير ما يتم تسريبه عن مطالبة الحركة بعدم اغتيال قيادات الحركة، وهو المطلب – إن صح – سيفقد الحركة الكثير من شعبيتها، ويؤشر الى اقتراب الحركة من صفقة الخروج من قطاع غزة والتي تم الحديث عنها عدة مرات.
  • بدء قوات الاحتلال عملية عسكرية موسعة في شمال الضفة الغربية، يتوافق مع “خطة الحسم” التي تبناها وزير المالية بتسلئيل سموتريتش، والتي تستهدف: إحداث فوضى في الضفة الغربية، ثم إسقاط السلطة الفلسطينية، ثم تصفية الحركة الوطنية الفلسطينية، ثم المرحلة الرابعة والاهم: ترحيل الفلسطينيين. ومن الواضح ان نتنياهو سيسعى الى التأثير على سير المفاوضات في غزة، حيث يعتقد ان هذه العملية ستؤدي الى صعوبة موافقة حركة حماس على تقديم تنازلات، لن تكون متناسبة مع ما يحدث في الضفة الغربية، وبهذه الطريقة ينجح نتنياهو في نقل الكرة الى ملعب حركة حماس، بعد الحصول على تنازلات في جولة المفاوضات الحالية، سيتم البناء عليها في جولة المفاوضات القادمة، بعد ان يكون حقق تقدما وخطوة اخرى في اتجاه تحقيق اهداف الحرب الاستراتيجية.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
Social Media Auto Publish Powered By : XYZScripts.com