نبض الحياة.. رسائل الخطاب الهامة.. عمر حلمي الغول

في كل عام منذ توليه رئاسة الشعب الفلسطيني عام 2005، وهو يحرص على القاء خطابا عن حال الشعب العربي الفلسطيني، ومكابداته وتعقيد ظروف حياته الناجمة عن جرائم الحرب والانتهاكات لدولة الاستعمار الإسرائيلية. لا سيما وانه يعتبر المنبر الاممي الأول محطة هامة لمخاطبة دول العالم وممثليها في الجمعية العامة، ويسعى بشكل دؤوب على انتزاع منجزات إيجابية لصالح ترسيخ السردية الوطنية في مواجهة الرواية الإسرائيلية المزورة والكاذبة.
وهذا العام اسوة بالأعوام الماضية القى خطابا لمدة 40 دقيقة، وجال فيه على نقاط الصراع المتعددة، وإن كان لهذا العام أهمية خاصة؛ حيث شهد تحولا خطيرا في مجرى الصراع الفلسطيني الإسرائيلي، وخاصة مع ارتكاب دولة إسرائيل النازية الابادة الجماعية غير المسبوقة في تاريخ الصراع العربي الصهيوني وعلى المستوى العالمي في التاريخ المعاصر. لذا يمكن وصفه بالخطاب الشامل، لأنه لم يبق شاردة أو واردة، الا وسلط الضوء عليها. وبدأ وختم الرئيس محمود عباس خطابه بجمل قصيرة، أكد فيها على المؤكد في مسيرة الكفاح الوطنية التحررية، والتي عكست الإرادة والتصميم على البقاء في ارض الوطن، والدفاع عنها حتى بلوغ هدف التحرير، بدأ بالقول “لن نرحل، لن نرحل، لن نرحل.”، و”فلسطين وطننا،”، وأضاف “وهي أرض آبائنا واجدادنا.” و”ستبقى لنا”، “وإن كان لاحد ان يرحل، فهم الغاصبون المحتلون ” وختم مؤكدا بإصرار المناضل “فلسطين سوف تتحرر، وشعبنا سيواصل حياته في أرض آبائه واجداده. كما فعل لأكثر من ستة ألاف سنة، وسيواصل كفاحه المشروع من أجل الاستقلال، والاحتلال حتما الى زوال.”
وقبل ان يعرض رؤيته لليوم التالي لحرب الأرض المحروقة، عرض مأساة ومعاناة وكارثية الوضع الناشئ عن الإبادة الجماعية في قطاع غزة والوطن الفلسطيني عموما، وأشار الى عمليات القتل والابادة وبالأمراض والمجاعة والاوبئة وبالقنابل والصواريخ الأكثر تطورا وفتكا بالإنسان، أسلحة الدمار الشامل الأميركية، التي حملها ( واشنطن) المسؤولية الكاملة عن عدم وقف الإبادة الجماعية، وتعطيلها اتخاذ قرار في مجلس الامن ل3 مرات، وحتى عندما تم الاتفاق على قرار في مجلس الامن، مازالت ذات الإدارة تماطل وتسوف بذرائع وحجج واهية لإطالة أمد الحرب المجنونة. وأكد ان القدس، كانت ومازالت وستبقى عاصمة دولة فلسطين، وحوضها المقدس وخاصة المسجد الأقصى وما حوله، للشعب العربي الفلسطيني وتحديدا لاتباع الديانة الإسلامية في فلسطين والعالم، بما في ذلك حائط البراق.
وسلط الضوء على فجور وهمجية أيتمار بن غفير، وزير ما يسمى بالأمن القومي، الذي دعا الى بناء كنيس في المسجد الأقصى، ورفع العلم الإسرائيلي، بهدف اشعال فتيل حرب دينية، وطالب العالم بملاحقة القيادات الإسرائيلية المتورطة في الإبادة الجماعية، ورد على ادعاء بنيامين نتنياهو، بانه لم يقتل المدنيين الفلسطينيين، وتساءل عباس، من الذي قتل الأطفال والنساء والشيوخ، وما يزيد عن 40ألف شهيد، ونحو 100 ألف جريح، غير المفقودين؟ ومن الذي دمر مئات الالاف من الوحدات السكنية والمدارس والجامعات والمعابد من كنائس ومساجد، واخرج الغالبية من المستشفيات والمراكز الصحية عن الخدمة؟ وطالب المجتمع الدولي بفرض العقوبات على إسرائيل المارقة والخارجة على القانون، ودعا العالم للارتقاء لمستوى المسؤولية الأخلاقية والقانونية والإنسانية لإجبار إسرائيل على وقف حربها فورا وبشكل دائم،
وأكد محمود عباس على أهمية الرأي الاستشاري لمحكمة العدل الدولية، الذي أعتبره نقطة تحول تاريخية وهامة في مسار القضاء الاممي، وطالب المجتمع الدولي لتنفيذ الرأي الاستشاري للمحكمة الأممية خلال عام من اعتماد الجمعية العامة له بأغلبية تزيد على الثلثين من الأعضاء، وثمن دور الشعوب والدول الداعمة لكفاح الشعب الفلسطيني في مواجهة الإبادة الجماعية، كما ترحم على روح الشهيدة الأممية عائشة نور، واكد ان الشعب الفلسطيني سيكرم المناضلة أميركية الجنسية وتركية الأصل. وطالب بتجميد عضوية دولة إسرائيل في الأمم المتحدة، التي لم تستوف شروط العضوية، كونها لم تلتزم بتنفيذ القرارين الامميين 181 و194، وأكد ان دولة فلسطين ستقدم مشروع قرار لتجميد عضويتها في الأمم المتحدة.
وقدم رؤيته لليوم التالي للحرب الإسرائيلية الهمجية من 12 نقطة، وتتجلى في: الوقف الشامل والدائم والفوري لإطلاق النار في قطاع غزة والضفة بما فيها القدس العاصمة الفلسطينية؛ ادخال المساعدات الإنسانية بصورة عاجلة وبكميات كافية وبدون شروط، وايصالها لمناطق القطاع كافة؛ الانسحاب الإسرائيلي الكامل من قطاع غزة، ورفض انشاء مناطق عازلة، أو اقتطاع أي جزء من القطاع، ووقف إجراءات التهجير القسري داخل او خارج القطاع، وعودة النازحين لمدنهم ومخيماتهم، وتوفير السكن الملائم لهم؛ حماية الاونروا والمنظمات الإنسانية من التعسف والانتهاكات الإسرائيلية، وتأمين الدعم السياسي والمادي له؛ توفير الحماية الدولية للفلسطينيين عموما على أرض دولتهم المحتلة؛ تولي دولة فلسطين مسؤولياتها في القطاع لتمارس ولايتها الكاملة عليه، بما في ذلك المعابر الحدودية، وعلى رأسها معبر رفح الدولي؛ بسط سلطة دولة فلسطين والحكومة الفلسطينية ومنظمة التحري، الممثل الشرعي والوحيد للشعب الفلسطيني على جميع الأراضي الفلسطينية في قطاع غزة والضفة الغربية والقدس الشرقية، تمهيدا لإجراء الانتخابات العامة، وتشكيل حكومة فلسطينية وفقا لنتائج الانتخابات؛ الاستمرار في حشد اكبر دعم دولي من أجل رفع مكانة دولة فلسطين لدولة كاملة العضوية في الأمم المتحدة في اسرع وقت؛ التنفيذ الكامل لقرار الجمعية العامة المتعلق بالفتوى القضائية لمحكمة العدل الدولية، بما يؤدي لإنهاء الاحتلال الإسرائيلي خلال اثني عشر شهرا؛ عقد مؤتمر دولي للسلام تحت اشراف الأمم المتحدة خلال عام لتنفيذ حل الدولتين، وتكريس استقلال دولة فلسطين على حدود الرابع من حزيران / يونيو 1967 وعاصمتها القدس الشرقية، وعودة اللاجئين الفلسطينيين لديارهم، على أساس القانون الدولي وقرارات الشرعية الدولية، ومبادرة السلام العربية؛ اعتماد قوات حفظ سلام دولية بقرار من مجلس الامن بين دولة فلسطين وإسرائيل، لضمان أمن الدولتين.
وترك الباب مفتوحا للجمعية العامة بتبني رؤيته او تعديلها. ولعل هذه الرؤية الشاملة والمحددة تشكل بالإضافة لما حمله الخطاب من رسائل هامة في اثناء العرض لمأساة ونكبة الشعب العربي الفلسطيني، لعل العالم وهيئاته الدولية ترتقي لتحمل مسؤولياتها الأممية تجاه مصالح وحقوق الشعب الفلسطيني.
oalghoul@gmail.com
a.a.alrhman@gmail.com

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
Social Media Auto Publish Powered By : XYZScripts.com