نبض الحياة.. مجددا لا كبيرة للجنة الاسناد.. عمر حلمي الغول

منذ طرحت الإدارة الأميركية ودولة إسرائيل فكرة الإدارة المحلية لقطاع غزة استباقا لليوم التالي بعد وقف الإبادة الجماعية على الشعب العربي الفلسطيني، وروجت لها احدى الدول العربية الخليجية، كتبت أكثر من مرة عن الرفض المبدئي للفكرة والدور الخبيث لتشكيل اللجنة، ثم اعيد طرحها في الحوارات الثنائية في جولاتها السابقة بين حركتي فتح وحماس براعية الاشقاء المصريين، وأيضا دونت موقفي، وأكدت انها عبارة عن لغم يستهدف الشرعية الوطنية ممثلة بمنظمة التحرير، الممثل الشرعي والوحيد والدولة والحكومة الفلسطينية، أصحاب الولاية على أراضي دولة فلسطين المحتلة. لأن حركة حماس ارادتها إدارة موازية للحكومة، ولا تخضع لسيطرتها، وتستهدف تكريس وجودها على الأرض والمحافظة على خيار الانقلاب على الشرعية.
وفي السياق ذاته، أصدرت حركة حماس يوم الجمعة 3 كانون ثاني / يناير الحالي بيانا حول ما يسمى لجنة الاسناد المجتمعي (اللجنة الإدارية)، جاء فيه تزويرا للحقائق الماثلة للعيان الفلسطينية والعربية “وإننا منذ البداية سعينا وبكل جد وإخلاص لترتيب البيت الفلسطيني، وترسيخ وحدته، وإعادة الاعتبار للنظام السياسي الفلسطيني،” ولمزيد من الافتراء على الواقع ادعت في بيانها ” ومن أجل ذلك قدمنا كل المرونة للوصول الى اتفاقات وتوافقات وطنية سواء اتفاقات القاهرة المتتالية، أو في الجزائر وحتى في روسيا والصين، وسعينا بشكل حثيث لتطبيقها.”
وهنا تبرز العديد من الأسئلة الموضوعية، إذا من الذي عطل المصالحة منذ عام 2009 واتفاقات القاهرة؟ ومن الذي رفض التوقيع على اول مبادرة مصرية في 2009، ووقع عليها خالد مشعل في أيار / مايو 2011 بعد نشوة سيطرة الاخوان المسلمين على المشهد المصري والعربي في تونس وليبيا وسوريا واليمن في ظل الخريف العربي؟ ولماذا لم تترجم بعد ذلك، رغم التوقيع عليها؟ من الذي رفض الالتزام باتفاقية 2017 المصرية، رغم التوقيع عليها ايضا؟ وأين هي المرونة السياسية التي قدمتها حركة حماس؟ ومن الذي أدار الظهر للإعلانات والبيانات بدءا من اعلان الدوحة 2012 وإعلان الشاطئ 2014، وبيانات موسكو وبكين وقبلها الجزائر؟ وما هي معايير سعي الحركة الانقلابية لترتيب البيت الفلسطيني؟ وما هي الخطوات التي اتخذتها الحركة صاحبة الاجندة التفتيتية والانقسامية لإعادة الاعتبار للنظام السياسي الفلسطيني؟ وما الأسس التي قدمتها لترسيخ النظام السياسي؟ ولماذا استمر ويستمر الانقلاب حتى يوم الدنيا هذا، رغم دخول الإبادة الشهر ال16 على الشعب الفلسطيني عموما وفي قطاع غزة خصوصا؟ كل الأسئلة وغيرها مطروحة على قيادة حركة حماس السياسية وعلى من والاها، ويدور في فلكها ويتساوق مع خيارها الفئوي التخريبي.
وعود على بدء لموضوع لجنة الاسناد المجتمعي الانفصالية، تدعي حركة حماس في بيانها المنقلب على الحقائق، انها تجاوبت مع الجهود التي يبذلها الشقاء في جمهورية مصر العربية، وسعت لتشكيل حكومة توافق وطني أو تكنوقراط، وما هي الأسس التي طرحتها الحركة لتشكيل حكومة التوافق، أو حكومة التكنوقراط؟ ومن مرجعية هذه الحكومة؟ ولماذا لم يتم تشكيلها؟ هل قبلت حماس بالتزام الحكومة بمحددات منظمة التحرير العربية والدولية، أم رفضتها، وأصرت على الرفض لأي التزام انسجاما مع موقفها المعطل لكل الاتفاقات السابقة؟
وماذا يعني بالنسبة لها تشكيل لجنة الاسناد المجتمعي لإدارة شؤون قطاع غزة بشكل مؤقت، وان تكون مرجعيتها السياسية المرسوم الرئاسي الفلسطيني، والتأكيد على ان قطاع غزة هو جزء اصيل من الجغرافيا السياسية الفلسطينية؟ وهل المرسوم الرئاسي يكفي كأساس للالتزام بالشرعية الوطنية؟ الم تكشف الورقة التي وزعها موسى أبو مرزوق، عضو المكتب السياسي لحركة حماس في اعقاب الجولة الأخيرة من الحوارات الثنائية، التي لم يوقع عليها وفد حركة فتح، عن خلفيات الحركة الانفصالية، والتي ارادت ان تكون اللجنة إدارة موازية للحكومة الفلسطينية، وشاءت استخدام المرسوم الرئاسي لسحب البساط من تحت اقدام الرئيس أبو مازن والمنظمة والدولة والحكومة، وهم أصحاب الولاية الأساسية على كل جزء من الوطن الفلسطيني بما في ذلك قطاع غزة.

لأن النقاط ال7 في تفاصيلها المتعددة اسقطت كليا وحدة النظام السياسي، وعودة الشرعية الوطنية للقطاع، وعمليا فصلت القطاع عن الضفة والعاصمة القدس؟ وهل تدبيج الكلمات الانشائية، التي لا تحمل دلالاتها السياسية والقانونية تكفي لبناء أسس وطنية جامعة، أم انها استخدمت للالتفاف على البيت الفلسطيني كله، وشرعيته ووحدته؟ ولماذا ترفض من حيث المبدأ ان تتولى الحكومة الفلسطينية ولايتها الشرعية على القطاع؟ لماذا تشكيل اللجنة الإدارية طالما هناك حكومة وفيها القطاعات كافة لإدارة شؤون القطاع المختلفة؟ الا يعني ذلك تساوقا مع الرؤية الإسرائيلية الأميركية، وبحثا عن دور خاص في اليوم التالي للحرب؟ وكيف يتوافق ذلك مع مبدأ ترتيب شؤون البيت الفلسطيني وتكريس النظام السياسي؟
بالنتيجة أؤكد، ان ما تروجه حركة حماس من اتفاق مع فصائل العمل الوطني، والاتفاق على تقديم أسماء من الشخصيات الوطنية لتشكيل لجنة الاسناد، هي مجرد أكاذيب، ومصر الشقيقة الكبرى، لن تقبل رعاية أي خطوة تعمق الانقسام الفلسطيني، ودون التوافق مع حركة فتح والقيادة الفلسطينية برئاسة الريس محمود عباس. كما ان القيادة المصرية لن تقبل باي لجنة على مقاس حركة حماس، ولن تسمح ببقاء الانقلاب الحمساوي يدير القطاع، لأنه هدد ويهدد الامن الوطني والقومي الفلسطيني والمصري والعربي عموما، وجلب الدمار والموت والخراب للمنطقة العربية كلها، وليس للشعب العربي الفلسطيني.
ترويج حماس لبضاعة لجنة الاسناد المجتمعي، ونشر العديد من الصيغ والمسميات لشكل ودور اللجنة، ترويج لبضاعة فاسدة وفاشلة، تستهدف منها الاتي، أولا استباق تولي إدارة ترامب مهامها الرئاسية بعد أيام قليلة؛ ثانيا تقديم التنازلات المجانية لصالح إسرائيل وأميركا في المفاوضات تهدف فقط الى المحافظة على موطئ قدم لها في إدارة قطاع غزة؛ ثالثا للالتفاف على المنظمة والدولة والحكومة الفلسطينية، لأنه لا يعنيها وحدة الجغرافيا الفلسطينية ولا النظام السياسي ولا ترسيخه. لأنها تعتبر هكذا توجه يسحب البساط من تحت اقدامها واقدام انقلابها الأخطر على مستقبل النضال الوطني والتمثيل السياسي الواحد والوحيد لمنظمة التحرير الفلسطينية.
oalghoul@gmail.com
a.a.alrhman@gmail.com

نبض الحياة.. نواب كنيست يدعون لمزيد من الإبادة.. عمر حلمي الغول
دولة النازية الصهيونية المنفلتة من عقال القوانين الإنسانية الدولية والدينية لم تنفك عن انتاج وإعادة انتاج الإبادة والموت والتطهير العرقي العنصري والدمار للشعب العربي الفلسطيني عموما وفي قطاع غزة خصوصا. انعكس ذلك في رسالة وقع عليها 8 نواب كنيست أعضاء في لجنة الخارجية والامن يوم الخميس 2 كانون ثاني/ يناير الحالي (2025) سلموها لوزير الإبادة، يسرائيل كاتس، طالبوا فيها جيش الموت والإرهاب المنظم الإسرائيلي ب”تدمير كافة مصادر الماء والغذاء والطاقة في قطاع غزة.” زاعمين بأن عمليات الإبادة التي نفذها الجيش طيلة ال457 يوما الماضية، والتي أودت بحياة نحو 46 الفا من الشهداء، وما يقارب ال109 الاف من الجرحى الفلسطينيين في القطاع، بالإضافة لما يزيد عن 10 الاف من المفقودين تحت الأنقاض، والتدمير غير المسبوق لمئات الالاف من الوحدات السكنية ومعالم الحياة كافة “لا تسمح بتحقيق أهداف الحرب التي وضعها المستوى السياسي.”
وفي انفلات وحشي من القيم الإنسانية والقانونية والأخلاقية، اعتبر أولئك النواب، ان جرائم الإبادة الجماعية في قطاع غزة وخاصة شماله، التي نفذها جيش الاجرام والوحشية لتهجير سكان محافظة الشمال الى جنوب القطاع “لا تنفذ بالشكل اللائق.” وكأن لسان حالهم يدعوا الى المزيد من سعار وحرب الأرض المحروقة لسحق الأطفال والنساء والشيوخ والابرياء، وحرمانهم من الغذاء والماء والكهرباء والوقود والمأوى في الخيام، التي لا تقيهم من البرد وحر الصيف وقنابل الإبادة الأكثر وحشية وفتكا بالانسان وقوة تدميرية، بما فيها القنابل النووية التكتيكية لإجبارهم على النزوح الى الجنوب.
وطالبوا وزير الحرب بإعادة نظر في خطط الحرب، ليس هذا فحسب، بل شددوا على توسيع وتعميق محاصرة السكان في الشمال لدفعهم للتهجير القسري الى الجنوب، وعلى الجيش ان يدمر مصادر الطاقة والغذاء والمياه في المحافظة، وقتل أي شخص يتنقل في المنطقة، ولا يخرج رافعا راية بيضاء. وأضافوا انه “يجب العمل بهذا الشكل ليس في شمال القطاع فقط، وانما في أي منطقة أخرى.”
والاسئلة التي تطرح نفسها على النواب القتلة، ومؤسسة الإبادة الإسرائيلية الأميركية العسكرية والأمنية ومن خلفها القيادات السياسية، صاحبة قرار وتنفيذ الإبادة الجماعية، ماذا تبقى في جعبة القيادات الموغلة في النازية؟ وهل هناك أعمال وحشية وجهنمية لم يرتكبونها في إبادة أبناء الشعب الفلسطيني في غزة والضفة؟ وهل تمكنوا من تحقيق “هدف النصر الكامل ” هدف نتنياهو واقرانه من مجرمي الحرب، رغم كل فظائع الموت المعلن بالقنابل والأسلحة الفتاكة، أسلحة الدمار الشامل، واسلحة التجويع من خلال تقنين دخول المساعدات الإنسانية للحد الاقصى والامراض والاوبئة والنزوح والحرمان من كل إمكانية للبقاء؟ ماذا بعد الإبادة الجماعية وحرب الأرض المحروقة، التي فاقت كل عناوين النازية التي شاهدها وسمع بها الانسان؟ وماذا عن المجتمع الدولي، والى متى سيبقى يراوح بين التنديد، وإصدار القرارات الأممية دون رصيد ولو متواضع للتطبيق ووقف الحرب اللا إنسانية؟ وماذا عن مواقف الاشقاء العرب؟ الا يسمعون، والا يقرأون تصريحات ومواقف قادة دولة الإبادة الجماعية الاسرائيليين؟ وأي سلام يمكن ان يكون مع هكذا دولة مارقة وخارجة على القانون، ترعاها وتقودها الولايات المتحدة الأميركية، وتمدها بكل أسلحة الدمار الشامل، وأخرها أمس السبت 4 كانون ثاني /يناير الحالي بإبرام صفقة ب8 مليارات دولار أميركي، وفق ما أبلغت إدارة بايدن الأكثر وحشية ونازية الكونغرس حتى تجاوزت المساعدات العسكرية الأميركية ال30 مليار دولار من بداية الإبادة في 8 تشرين اول /أكتوبر 2023؟
آن الأوان أن تنتهي المهزلة العالمية، وان ترتقي هيئة الأمم المتحدة بمجلس امنها وجمعيتها العامة من خلال تبني سياسات أكثر حزما وقوة ورصيدا في قراراتها ضد نازيو العصر الحديث، الذين يهددون السلم والامن الإقليمي والدولي، وان تصدر قراراتها استنادا للفصل السابع، وتشكيل قوة دولية تفرض على إسرائيل وقف حربها الهمجية على الشعب العربي الفلسطيني. وكذلك مطلوب من الاشقاء العرب ان يغادروا موقف المراوحة والانتظار وتفعيل أوراق القوة الموجودة بأيدهم ضد إسرائيل والولايات المتحدة، وهذا في مصلحتهم الوطنية والقومية، وليس في مصلحة الفلسطينيين فقط. وقبل الجميع على القوى الفلسطينية كافة ان تخرج من شرنقة الانقسام والانقلاب الأسود، وتذهب لتجسيد الوحدة الوطنية تحت راية منظمة التحري الفلسطينية، وان تكف حركة حماس عن سياسة اللف والدوران في متاهة الانقلاب وإدارة المفاوضات لوحدها، وان تتوقف كليا عن التحريض والتخوين والتكفير ودفع ادواتها المضللة في المخيمات وخاصة مخيم جنين، والجامعات وخاصة جامعة بير زيت للتوقف عن اثارة الفتن والاقتتال الداخلي.

لأن كل هذه الانتهاكات لا تخدم سوى العدو الإسرائيلي الأميركي، ولن تفيدهم بشيء، ولن تعزز موقعهم في المشهد السياسي، بل العكس صحيح. ولتستخلص قيادة الحركة الدروس والعبر، كما فعل أقرانهم في سوريا، بتوحيد كل الفصائل العسكرية في إطار الجيش الوطني الفلسطيني، أجهزة الامن الفلسطينية: أمن وطني وشرطة ووقائي ومخابرات وتحت راية النظرية الأمنية الوطنية لحماية الشعب والمشروع الوطني والقضية والنظام السياسي الواحد.
oalghoul@gmail.com
a.a.alrhman@gmail.com

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
Social Media Auto Publish Powered By : XYZScripts.com