عند نهر الاردن: تدشين كنيسة معمودية المسيح – المغطس
المغطس – نهر الاردن – أبو انطون سنيورة – شهدت الكنيسة الكاثوليكية حدثًا تاريخيًا بتدشين كنيسة معمودية السيد المسيح على ضفاف نهر الأردن في المغطس – الأردن. ترأّس القداس الحبري نيافة الكاردينال بييترو بارولين، أمين سر دولة حاضرة الفاتيكان، ممثلاً عن قداسة البابا فرنسيس، وبمشاركة غبطة الكاردينال بييرباتيستا بيتسابالا، بطريرك القدس للاتين، والمطران جوفاني بييترو دال توزو، السفير البابوي لدى الكرسي الرسولي في الأردن، والمطران وليم شوملي، النائب البطريركي العام، والمطران المنتخب إياد طوال، النائب البطريركي في الأردن، وعدد من الأساقفة ورؤساء الكنائس الكاثوليكية في الأرض المقدسة والإكليروس والرهبان والراهبات، وممثلاً عن صاحب الجلالة، الملك عبدالله الثاني بن الحسين، حفظه الله ورعاه، حضر صاحب السمو الملكي الأمير غازي بن محمد، مستشار جلالة الملك للشؤون الثقافية والدينية، وفارس القبر المقدس، السيد نديم المعشر وعائلته الكريمة ومختلف الأجهزة الأمنية والمدنية والمؤمنين من مختلف رعايا الأردن والحجاج والزوار الكرام.
احتفال اليوبيل الفضي ومشاركة مميزة
تزامن هذا الحدث مع اليوبيل الفضي للحج إلى موقع المعمودية، وشهد مشاركة واسعة من المؤمنين المحليين والحجاج، إلى جانب الحركات الرسولية المختلفة وفرق الكشافة. أحيى القداس طلاب الإكليريكية في بيت جالا وجوقة قلب يسوع الأقدس من تلاع العلي، وسط تنظيم مميز أسهمت فيه الأجهزة المدنية والأمنية.
المؤتمر الصحفي
قبيل القداس، ألقى غبطة الكاردينال بيتسابالا كلمة في المؤتمر الصحفي السنوي، أكد فيها على أهمية تدشين كنيسة المعمودية كمعلم ديني عالمي ووجهة حج مقدسة. ودعا إلى الصلاة من أجل السلام في المنطقة والعالم. كما أشادت معالي وزيرة السياحة والآثار، السيدة لينا عناب، بإنجاز هذا المشروع الذي استغرق 15 عامًا، مؤكدة أهمية الموقع الذي باركه ثلاثة بابوات في فترات زمنية مختلفة.
الافتتاح الرسمي للكنيسة
بدأ الموكب الاحتفالي بعزف فرق الكشافة، وتوجه الموكب نحو باب الكنيسة الجديدة. ألقى غبطة الكاردينال بيتسابالا كلمة شكر مشيراً إلى الجهود الحقيقية التي بذلها جلالة الملك عبدالله الثاني، حفظه الله ورعاه، في تطوير موقع المغطس، كما وثمّن حضور سمو الأمير غازي بن محمد، شاكراً إياه على دعمه المستمر ومتابعته للشؤون الدينية المختلفة. وأثنى غبطته على التبرع السخي الذي قدمه السيد نديم المعشر لبناء الكنيسة وعلى دور الحكومة المجرية في دعم المشروع واتمامه.
وأشار الكاردينال إلى أن الكنيسة هي مكان للعبادة والتأمل، ومصدر للإيمان والسلام، داعيًا المؤمنين إلى الحج إلى هذا الموقع المقدس. كما عبر عن امتنانه لرهبانية الكلمة المتجسد التي ستتولى تقديم الخدمات الروحية في الكنيسة. كما أعرب عن ترحيبه بالحضور من مختلف أنحاء الأردن قائلاً: “نشكر لكم حضوركم اليوم لتؤكدوا أن الكنيسة تُبنى بالحجارة، ولكنها تُبنى أيضًا بالحجارة الحية، وهم المؤمنون وأبناء الآباء والأجداد الذين عاشوا هنا منذ العصور القديمة.” مشيرًا إلى أن هذه الكنيسة هي هدية من الكنيسة المحلية إلى جميع الأصدقاء الأعزاء في كل مكان، الذين جاؤوا لينالوا بركة مياه نهر الأردن ويؤدوا الحج إلى هذه الكنيسة.
تلا ذلك كلمة من سعادة السيد نديم المعشر، فارس القبر المقدس، الذي أشار إلى أهمية هذا المكان المقدس الذي قدسه المسيح بمعموديته على يد يوحنا المعمدان، وبداية رسالته التبشيرية. قال: “بكل فخر وفرح في عيد معمودية السيد المسيح، نُشيِّد هذه الكنيسة، ذكراً خالداً لمصرع ولدي أيمن ولراحة نفوس جميع الذين غادرونا إلى الحياة الأبدية، طالبين الرحمة وثبات الإيمان لكل من حج وسيحج إلى هذه الكنيسة” وأضاف: “آمل أن يكون هذا المكان ملتقى الحضارات في المملكة الهاشمية الأردنية المحبة للعطاء، والعدل والإخاء، والإنسانية والسلام”.
ثم قام السيد نديم المعشر بتسليم مفتاح الكنيسة إلى غبطة الكاردينال بييرباتيستا، الذي شرع الباب على مصرعيه لجميع المؤمنين، بقلوب مفعمة بالفرح والشكر.
رتبة تكريس المذبح والكنيسة
خلال القداس، قام نيافة الكاردينال بارولين بمباركة جرن الماء من نهر الأردن، ورشه على الحاضرين والجدران. وفي عظته، أعرب عن سروره لتواجده بين مؤمني الأرض المقدسة وفي هذه المناسبة المهمة. وأكد على أهمية الموقع كرمز للتلاقي بين سرّ الله والإنسان، مستذكرًا معمودية السيد المسيح. ودعا إلى الصلاة من أجل السلام، مشيرًا إلى رسالة قداسة البابا إلى مسيحيي الشرق الأوسط، التي تدعوهم ليكونوا بذور أمل ونور.
“نحن مدعوون لتقديم الشكر لله، ليس فقط على هبة هذه الكنيسة المكرسة له، بل على حقيقة أن الله صار إنسانًا وعاش بيننا، وتحديدًا في هذه الأرض المقدسة. من هنا، يعبر المؤمنون إلى القدس، في هذا الموقع الذي شهد عماد السيد المسيح على يد يوحنا المعمدان، حيث يلتقي الله بالإنسان، حتى وإن كان الإنسان بعيدًا عنه. في العماد، أصبحنا أبناء الله، وعبورنا عبر نهر الأردن يرمز إلى مرورنا نحو الحياة الأبدية من خلال المعمودية، ها نحن اليوم نكرّس هذه الكنيسة، التي ستصبح رسميًا مكانًا للعبادة، ومعها نقدّم لله قلوبنا وحياتنا ليعمل من خلالنا في نشر سلامه”. – من عظة نيافة الكاردينال بارولين
بعد العظة تليت “طلبة القديسين” إشارة إلى اتحاد الكنيسة السماوية مع الكنيسة الأرضية المجاهدة، وتبع ذلك وضع ذخائر القديس البابا يوحنا بولس الثاني وذخائر شهداء دمشق وغيرهم في الهيكل والإغلاق عليهم، علامة على أن دم الشهداء والقديسين هي نواة الكنيسة ومجدها.
شملت مراسم التكريس مسح المذبح الجديد وجدران الكنيسة بزيت الميرون المقدس، كعلامة على تكريسها لله، ومن ثم وضع البخور على الهيكل، مشيرة إلى رفع صلوات القديسين واتحادهم معنا، ومن ثم قامت راهبات الكلمة المتجسد بتغطية المذبح وتزيينه بالشموع استعداداً لإقامة الذبيحة الإلهية على الهيكل لأول مرة. بعد المناولة تم نقل القربان الأقدس إلى بيت القربان الجديد.
في الختام، أعرب المطران المنتخب إياد طوال، في كلمة ألقاها، عن شكره العميق لكل من ساهم في تنظيم وانجاح هذا الحدث الضخم وعلى مشاركة المؤمنين من قريب وبعيد في هذا الاحتفال البهيج. وأخيراً قام غبطة الكاردينال بتكريم السيد نديم المعشر وزوجته، إضافة إلى سفير دولة المجر، بمنحهم صليب القبر المقدس تقديراً لدورهم البارز ومساهمتهم الكبيرة في بناء هذه الكنيسة.