معاناة النساء في غزة: قصص صمود في وجه الحرب و التدمير

غزة- زياد عوض:ـ الحرب على قطاع غزة تركت آثارًا عميقة على حياة الغزيين، ولكن معاناة النساء كانت الأكثر مرارة. فقدت النساء حياتهن البسيطة، عائلاتهن، وأجزاء من أجسادهن، بالإضافة إلى مشاريعهن الصغيرة التي كانت تمثل مصدر رزقهن. في هذا التقرير، نستعرض بعض القصص التي تسلط الضوء على معاناة النساء في ظل هذا الواقع القاسي، وتُظهر كيف استطعن الصمود في وجه التدمير والموت.
دعاء حسن : فقدان الأمل والتحدي للبقاء على قيد الحيا
دعاء حسن، البالغة من العمر 37 عامًا، متزوجة وأم لخمسة أبناء، منهم ثلاثة فقط على قيد الحياة اليوم. نزحت مع عائلتها من حي الزيتون إلى مدينة النصيرات بعد أن دمر منزلها بالكامل بسبب القصف الجوي. لجأت إلى مدرسة في المنطقة، ولكن الحياة لم تكن أكثر سهولة هناك.

على الرغم من الظروف القاسية، قررت دعاء وزوجها بدء مشروع صغير لتوفير لقمة العيش لأسرتهما من خلال بيع الخبز للناس في المخيم. ولكن في يوم 24 أكتوبر، تعرضت مدرستها للقصف من قبل الطائرات الحربية، ما أسفر عن تدمير الطابق بالكامل، واستشهاد 17 شخصًا، من بينهم ابناها.
تروي دعاء لحظات الكارثة قائلة: “كنت واقفة أعد الخبز، وفجأة شعرت بهزة قوية، ثم فقدت الوعي. عندما استعدت وعيي، وجدت نفسي مدمرة، يدي كانت مفقودة جزئيًا، وظهري مصابًا، كما أصبت بحروق شديدة.” وبعد 11 يومًا من العمليات الجراحية، تم تركيب بلاستيك في يدها، ولكن الجراحة لم تنجح، وأشار الأطباء إلى ضرورة بتر يدها لتخفيف الألم.
دعاء تواصل سرد معاناتها: “كنت أعيش أيامًا صعبة، لا أستطيع النوم أو التنفس بشكل طبيعي. شعرت بضيق في صدري وألم في قلبي. حتى بعد العلاج النفسي، كانت حالتي تزداد سوءًا. لكن الصدمة الأكبر كانت في فقدان زوجي، الذي استشهد في العمل بعد استهدافه بصاروخ من الطائرات.”
أسماء: فقدان العائلة وتحمل ال مسؤولية

أما فاطمة ، فقد فقدت زوجها وعائلتها في حادثة قصف مروعة، وهي الآن وحيدة، تتحمل مسؤوليات جديدة في حياتها. تقول أسماء: “فقدت زوجي في صدمة كبيرة، لكنني بدأت أتجاوزها بوجود أهلي، وبوجود إخوتي الشباب. ولكن فقدان أهلي كان صدمة هائلة، حتى الآن لم أتمكن من استيعابها. أحيانًا أشعر وكأنني أعيش في حلم، وكأن هذا لم يحدث بعد.”

فاطمة ، التي أصبحت الآن مسؤولة عن أسرتها، تحاول الصمود والاعتناء بإخوتها وأطفالها. “أعيش في حالة من التشتت، لا أستطيع التوقف عن التفكير في الذين فقدتهم، لكنني أضطر للتركيز على حياتي الآن. الحياة صعبة جدًا، ولكني أحاول أن أكون قوية من أجل عائلتي.”

التحدي المستمر والآمال المت جديدة

القصص التي ترويها النساء في غزة تتشابك بين الألم والصبر، وبين الحزن على ما فقدنه والأمل في غدٍ أفضل. ففي ظل الحرب والموت، تبقى هذه النساء رموزًا للصمود والقوة. ورغم أن الحرب قد دمرت بيوتهن وحياتهن، فإنهن يواصلن الكفاح من أجل البقاء، لا يتركن الفرص تمر دون أن يواجههن تحدي جديد.
النساء في غزة، اللواتي فقدن الكثير، لا يزالن يثبتن أنهن قادرات على الوقوف في وجه الصعاب، وأنهن يحملن في لوبهن صبرًا لا ينضب، وأملًا يتجدد مع كل يوم جديد.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
Social Media Auto Publish Powered By : XYZScripts.com