تقرير يكشف حيثيات إعدام الاحتلال لمسن وزوجته بعد اتخاذهما دروعا بشرية بغزة
![](/wp-content/uploads/2025/02/IMG_8612-700x467-1.jpeg)
غزة- البيادر السياسي:ـ – قال المرصد الأورومتوسطي لحقوق الإنسان إن تحقيقاته الميدانية توصلت إلى هوية مسنين فلسطينيين استخدمتهما قوات جيش الاحتلال الإسرائيلي كدرعين بشريين قبل قتلهما بطريقة وحشية خلال اجتياح حي “الزيتون” جنوبي مدينة غزة في شهر مايو/أيار الماضي.
وبيّن الأورومتوسطي أن فريقيه الميداني والقانوني حققا في الجريمة، وتوصلا إلى أن الضحيتين هما “محمد فهمي أبو حسين” (70 عامًا)، وزوجته “مزيونة حسن فارس أبو حسين” (65 عامًا).
وأفاد المرصد الأورومتوسطي أنه تابع تحقيقًا نشره موقع “همكوم” العبري حول ربط ضابط إسرائيلي من لواء “هناحل” سلسلة متفجرات حول عنق مسن فلسطيني يبلغ من العمر 70 عامًا، وإجباره على الدخول إلى منازل في حي “الزيتون “لفحصها والتأكد من خلوها من المخاطر لمدة 8 ساعات. وبعد أن أتمَّ المهمة وأُخرج من المنطقة، أعدمته قوات الجيش الإسرائيلي رميًا بالرصاص مع زوجته، بحسب الموقع.
وتشير التحقيقات الميدانية التي أجراها المرصد الأورومتوسطي إلى أن حادثة مقتل الزوجين “أبو حسين” تتطابق بشكل كامل مع الحادثة التي نشرها موقع “همكوم”، حيث تتقاطع بينهما العديد من التفاصيل الجوهرية التي تؤكد أنهما نفس الحادث.
من أبرز هذه الأدلة، تطابق تاريخ وقوع الحادث في مايو 2024 مع ما ورد في التقارير الإعلامية، بالإضافة إلى تطابق مكان الحادث الذي وقع في حي “الزيتون” بمدينة غزة. كما أن أعمار الضحايا التقديرية الواردة في الأخبار تتوافق تمامًا مع ما توصلت إليه التحقيقات. علاوة على ذلك، كانت الضحيتان زوجين، وهو ما يتوافق مع تفاصيل الجريمة التي تم الكشف عنها مؤخرًا.
ومن أبرز الأدلة التي تدعم هذه الفرضية هو الربط بالمتفجرات، الذي تم تأكيده من خلال التحقيقات الميدانية، مما يعزز الاعتقاد بأن الحادثين يشيران إلى نفس الجريمة الوحشية التي تم فيها استخدام الضحيتين كدروع بشرية قبل قتلهما.
وبيّن الأورومتوسطي أن تحقيقاته الخاصة أظهرت تفاصيل أكثر وحشية من تلك التي ذكرها موقع “همكوم” العبري، مشيرًا إلى أنه من المحتمل أن الضحيتين استخدمتا كدروع بشرية، وأن إعدامهما لم يتم عبر إطلاق الرصاص ولكن عبر تفجير المتفجرات التي كانت ما تزال مربوطة بالزوجة على الأقل.
وأفاد المرصد الأورومتوسطي بأن جثمان الزوجة “مزيونة حسن فارس أبو حسين” تحول إلى أشلاء صغيرة، ولم يتبق منه أي شيء تقريبًا، حيث تم التعرف عليها بصعوبة من خلال حلَق بأذنها، فيما كان جثمان الزوج “محمد فهمي أبو حسين” مشوهًا بالكامل من الجانب الأيمن، إضافة إلى بتر رجله اليمنى، وهو ما يعزز فرضية أن عملية القتل تمت عبر تفجير المتفجرات وليس فقط بإطلاق النار.
وتحدث فريق الأورومتوسطي الميداني إلى نجل الضحيتين “أحمد محمد فهمي أبو حسين” (38) عامًا، الذي قال إن أجزاء من جثتي والديهما أجليتا من طريق “صلاح الدين” شرقي غزة بعد الحادثة.
وأضاف: “مع اجتياح قوات الاحتلال حي الزيتون، اضطررنا لمغادرة المنزل، فيما بقي والداي بسبب كبر سنهما وصعوبة حركتهما. كنا على تواصل دائم معهما حتى يوم 10 مايو 2024، عندما شعرنا بالخوف في صوتهما خلال المكالمة الأخيرة. أخبرني والدي أن قوات الاحتلال دخلت المنزل وأمرتهما بالنزوح باتجاه جنوب قطاع غزة. وبعد دقائق، عندما حاولت الاتصال مجددًا، كان الهاتف قد أُغلق. لم نتمكن من معرفة مصيرهما حتى انسحاب القوات، حيث وجدنا المنزل محروقًا بالكامل، وبعد البحث، عثرنا على أجزاء من جثمان والدي في المستشفى الأهلي، بينما كانت والدتي عبارة عن أشلاء في شارع “صلاح الدين”، حيث يبدو أنها أُعدمت بتفجير المتفجرات المربوطة بجسدها.”
وأضاف “أبو حسين”: “الجزء الأيمن من جسد والدي كان مختفٍ تمامًا، وبترت ساقه اليمنى، وكان يصعب التعرف عليه سوى من بعض ملامحه، على سبيل المثال، تعرفنا عليه من وشم كان في يده. أما جسد أمي فكان ممزقًا تمامًا، عثرنا فقط على بعض أجزاء من وجهها، وتعرفنا عليها من الفك، حيث كان لديها بعض الأسنان الملبّسة بالذهب”
وأضاف “أبو حسين”: “تفاجأنا لاحقًا بإعلان الجيش الإسرائيلي واعترافه باستخدام والدي كدرع بشري، ثم قتله بدم بارد مع والدتي. فقدنا الاتصال بهما لأيام، وكنا نأمل أن يكونا على قيد الحياة، لكن اكتشفنا لاحقًا أنهما قُتلا بطريقة وحشية لم نكن نتخيلها”.
وأشار نجل الضحيتين إلى أن والديه كانا يحملان حقيبة تحتوي على ذهب ونقود قبل قتلهما، إلا أن الحقيبة فقُدت بالكامل بعد قتلهما.
وأكد المرصد الأورومتوسطي أن هذه الجريمة لا تعدّ مجرد انتهاك للقانون الدولي الإنساني، بل تندرج ضمن النمط المنهجي للإبادة الجماعية التي نفذها جيش الاحتلال الإسرائيلي ضد الفلسطينيين في قطاع غزة منذ 7 أكتوبر/تشرين أول 2023، حيث جرى قتل المدنيين بطرق وحشية لمجرد أنهم فلسطينيون، ودون أي مبرر عسكري.
كما أن هذه الجريمة تمثل انتهاكًا جسيمًا للقانون الدولي، الذي يحظر بشكل قاطع استخدام المدنيين كدروع بشرية، ويصنف عمليات القتل العمد كجرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية تتطلب المحاسبة الفورية.
وقال المرصد الأورومتوسطي إن اعتراف الجيش الإسرائيلي بهذه الجريمة لا يترك مجالًا للإنكار أو التهرب من المسؤولية، بل يشكّل دليلًا مباشرًا على الانتهاكات الجسيمة المرتكبة في القطاع والتي تفرض على المجتمع الدولي التحرك العاجل لمساءلة مرتكبيها كجزء من التحقيق الأوسع في جريمة الإبادة الجماعية الجارية في غزة، وضمان عدم إفلاتهم من العقاب.
وطالب المرصد الأورومتوسطي لحقوق الإنسان المحكمة الجنائية الدولية باعتبار هذه الجريمة دليلًا إضافيًا على الإبادة الجماعية المستمرة في قطاع غزة، وإدراجها ضمن تحقيقاتها الجارية في الجرائم المرتكبة في الأراضي الفلسطينية المحتلة.
ودعا المجتمع الدولي إلى تحمل مسؤولياته في الكشف عن جميع جرائم الاحتلال ومحاسبة مرتكبيها، مع اتخاذ تدابير فورية لمنع استمرار الإبادة الجماعية وحماية السكان المدنيين في قطاع غزة.