بــشــر  الصــــــــــــابرين.. أ.د/ جمال أبو نحل

لا عِلم إلا بِرحَمَه؛ كان الله جل جلالهُ، ولا شيء معهُ، وكان عرشهُ على الماء قبل أن يخلق العرش، والماء، ثم خلق القلم قبل أن يخلق السماوات، والأرض بخمسمائة عام، وخلق القلم، وأمر القلم أن يكتب ما كان، وما سيكون لو كان كيف كان يكونُ، وما هو كائن، فكتب القلم كُل شيء في اللوح المحفوظ ، فكان ذلك قدرًا؛ ثم جاء القضاء لينفد القدر؛ فكان قدر  الله عز  وجل بعد ذلك بِخلق الكون من الماء بعدما خلق الماء، وخلق السماوات السبع، والأرضين السبع، وكانت ملتصقان ببعضهما “رتقًا” ففصلهما، وما بين كل سماءٍ، وسَماء مسيرة خمسمائة عام، وخلق الملائكة الكرام؛ ثم خلق أدم، ومنهُ حواء، ثم خلق ذًريتهُ؛ بعد خلق الإنسان تبدأ رحلة الحياة الدنيا الشاقة قال تعالى: “لَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنْسانَ فِي كَبَدٍ”، ومعنى الكبد : الشدة، والتعب والمشقة، من المكابدة للشيء، بمعنى تحمل المشاق، والمتاعب في فعله، وأصله من كبد الرجل- بزنة طرب – فهو أكبد، إذا أصيبت كبده بالمرض”.

إن حياة الإنسان من البداية إلى النهاية أمرهُا غريب، وعجيب!. فحينما يولد الطفل، لا يملك من أمره شيء، ولا يستطيع إطعام نفسه، ولا يملكُ من أمره شيئًا، ثم يبدأ يحبُو، ويكبر، وعمُره يزداد، وكذلك ينقُص!؛ وهكذا حال كل المؤمن في اختبار، وابتلاء في كل يومٍ  يمُرُ عليه قال تعالى: ”  ولنبلونكم بشيء من الخوف، والجوع ونقص من الأموال والأنفس والثمرات وبشر الصابرين”؛ فالطفل بعد أقل من عام على ولادتهِ يُصاب بالحُمى، والسخُونة حينما تبدأ  أسنانهُ بالظهور  في فمه، فيحتاج للعلاج، وأخذ الحقن، وكذلك يتم تطعيمهُ بِحُقن التطعيم المؤلمة، فيصرخُ من الألم؛ وكذلك بعد أسبوع أو أكثر  من  ولادته يحتاج  “للطهُور ، الختان”، واستئصال القلفة، وهي عملية مؤلمة جدًا. وبعض الناس يُولد يتيمًا منذ نعومة أظفاره، وقد فقد أحد والديه، أمه، أو أباه، أو كلاهما، قبل مولدهِ؛ ولكنهُ صبر وبشر الصابرين من الأرامل التي فقدن أزواجهُن وصبرن، ومن النساء من طُلقت فصبرت، ومنهن لم يكن لها نصيب أن تتزوج، ولكنها فصبرت على ذلك، وبشر الصابرين؛ ومن الناس من استشهد أحد أفراد أسرته أو كُلهم فصبر واحتسب، وبشر الصابرين لمن عاش مكلومًا مظلومًا، مسكينًا، وتعرض للظلم، والسجن، والجوع، والمرض، وكل أشكال العناء، لكنه صبر، واحتسب ذلك لوجه الله عز جل؛ وبشر الصابرين المرابطين في سبيل الله على الثغُور. ومن صبر على فقد أحبابهِ الذين ماتوا  ودفنوا في القبور، وبشر الصابرين، والصابرات، من المؤمنين، والمؤمنات الماجدات الفضليات ممن فقدوا السند الزوج المُعيل، ومن فقد بعض الأولاد، وصار القلب من بعدهم عليل والليلُ طويل، والهمُ كبير، ولا ظلِ ظليلٍ، وألمُ يطولُ، ويَطُول، في ظل اتساع للباطلِ البطَال، ولكنهم صبروا، وبشر الصابرين المؤمنين الذين يعانون من غلبة الَدَيَّنْ، وقهر الرجال، وظلم الأعداء، وتغافل، وظلم بعض الأقرباء، وبشر الصابرين ممن فقدوا بيوتهم ومنازلهم، وأموالهم، وبعض أولادهم، وأحبابهم ممن قضوا نحبهُم شهداء، وناموا ليلهم نازحين ضاوين من غير عشاء، ولا ضياء، ولا ماءٍ، ولا انترنت، ولا  كهرباء، ولا أمنٍ، ولا أمان، في خيامٍ مُظلمةٍ سوداء، ولكنهم بقوا كُرماء، رحُماء فيما بينهم رغم ما أصابهم من لئواء، ولم يبقى أمامهم إلا بصيص من النور، والأمل برغم الألم!. ويستنيرون بنور  القمر المُشِّع  في علياء السماء بفضلٍ، وكرمٍ من رب الأرض، والسماء، وبشر الصابرين بأن لهم جناتٍ، ونهر في مقعد صدقٍ عند مليك مقتدر؛ ممن يلتحفون السماء، ويفترشون الأرض، ممن ضاقت عليهم الأرضُ بما رحُبت، وبشر  الصابرين الذين لا أنيس لهم، ولا جليس معهم في بلاد المهجر، والغربة، وعاشوا غرباء، ومنهم من ماتوا غرباء شهداء خارج أرض الوطن، وكان معهم مفتاح الدار، ولكنهم ماتوا ولم يعودوا للدار، ولم تتكحل عيونهم قبل موتهم برؤية الضيعة، والديار ، وبشر الصابرين الذين ما، وهنوا، وما استكانوا لما أصابهم في سبيل الله رغم الألم، والصعاب، والغربة، والاغتراب، وفقدان الأهل، والخلان، والأصحابِ، والأحباب، والافتراق، والاحتراق في دنيا الألم، والتعب، والكبد، وبشر الصابرين؛ وحينما سُأل الإمام أحمد بن حنبل رضي الله عنه : ” تعبنا في الدنيا متى الراحة يا إمام ؟”؛ قال: حينما تضع أول قدم لك في الجنة”؛ فمن كان يتيمًا فلقد كان سيد الثقلين صلى الله عليه وسلم يتيمًا، وتعرض للضرب، والقتل، والإساءة، والجوع، وحتى يوعك مثل الرجلين منا  في سكرات الموت”؛ وفي ذلك دليل قويم لنا على أن نصبر،  والصبر  أوسع الأبواب لدخول الجنة؛ جاء في الحديث الصحيح    عن الزبير بن عدي قال: أَتَيْنَا أنسَ بنَ مَالِكٍ رضي الله عنه فَشَكَوْنَا إليه ما نَلْقَى من الحَجَّاجِ، فقال: «اصْبِرُوا، فإنه لا يأتي زمانٌ إلا والذي بعده شَرٌّ منه حَتَّى تَلْقَوا رَبَّكُم» سمعتُه من نَبِيِّكُم صلى الله عليه وسلم .  قوله -تعالى-: (إِنَّمَا يُوَفَّى الصَّابِرُونَ أَجْرَهُم بِغَيْرِ حِسَابٍ)؛ وجاء عن النبي صلى الله عليه وسلم أنهُ قال: “يُؤْتَى بأَنْعَمِ أهْلِ الدُّنْيا مِن أهْلِ النَّارِ يَومَ القِيامَةِ، فيُصْبَغُ في النَّارِ صَبْغَةً، ثُمَّ يُقالُ: يا ابْنَ آدَمَ، هلْ رَأَيْتَ خَيْرًا قَطُّ؟ هلْ مَرَّ بكَ نَعِيمٌ قَطُّ؟ فيَقولُ: لا واللَّهِ يا رَبِّ، ويُؤْتَى بأَشَدِّ النَّاسِ بُؤْسًا في الدُّنْيا مِن أهْلِ الجَنَّةِ، فيُصْبَغُ صَبْغَةً في الجَنَّةِ، فيُقالُ له: يا ابْنَ آدَمَ، هلْ رَأَيْتَ بُؤْسًا قَطُّ؟ هلْ مَرَّ بكَ شِدَّةٌ قَطُّ؟ فيَقولُ: لا واللَّهِ يا رَبِّ، ما مَرَّ بي بُؤْسٌ قَطُّ، ولا رَأَيْتُ شِدَّةً قَطُّ”؛ فما أَهْونَ الدُّنيا بِجِوارِ الآخِرَةِ! فَلا يُقاسُ فانٍ بِبَاقٍ، ولا يُقارَنُ نَعيمُ الآخرةِ وعَذابُها بنَعيمِ الدُّنيا وشَدائدِها؛ فلا وَجْهَ للمُقارنةِ بيْن دارِ العملِ ودارِ الجزاءِ، فالدنيا تمُرُ وتضرُ، وتغُرْ، وبشر الصابرين الذين صبروا على البلوى لتكون لها في الآخرة الحَلوى.

الباحث، والكاتب الصحفي، والمفكر العربي الإسلامي، والمحلل السياسي

الأديب الأستاذ الدكتور/ جمال عبد الناصر/ محمد عبد الله أبو نحل

عضو نقابة اتحاد كُتاب وأدباء مصر، رئيس المركز القومي لعلماء فلسـطين

الأستاذ، والمحاضر الجامعي غير المتفرغ/ غزة ــ فلسطين

رئيس الاتحاد العام للمثقفين، والأدباء العرب بفلسطين

واتس/ 93585227

dr.jamalnahel@gmail.com

دكتور/ جمال عبد الناصر محمد عبد الله أبو نحل

   0568919333-059771126-0598919333

————————————————————-

فيس بوك :https://www.facebook.com/jamal0017

فيس بوك احتياطي : https://www.facebook.com/jamal.nahel.3

مدونة فيس : https://www.facebook.com/DR.JAMA12345/

————————————————————

 تويتر : @DrNahel سكاي بي : dr.jamalnahe

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
Social Media Auto Publish Powered By : XYZScripts.com