توصيات القمة العربية الطارئة … هل ستنفذ أم ستبقى حبرًا على ورق كسابقاتها؟.. د/ كاظم ناصر

وافق القادة العرب في قمتهم الطارئة التي عقدت في القاهرة يوم الثلاثاء 4/3/ 2025 على الخطة المصرية وصدر بيان القمة الختامي الذي أكدوا فيه موافقة الدول العربية على رفض تهجير الفلسطينيين، وإعادة إعمار غزة بوجود أهلها فيها، وتحقيق وحدة الضفة وغزة، وتشكيل لجنة من الخبراء والتكنوقراط المستقلين تحت مظلة السلطة الوطنية الفلسطينية لمدة ستة أشهر لإدارة القطاع والإشراف على إعادة الإعمار، وعلى أهمية حل الدولتين وضرورة مراعاة حق الشعب الفلسطيني في تطلعاته المشروعة بإقامة دولته المستقلة، وأشادوا بتضحياته وصموده في أرضه، وطالبوا مجلس الأمن الدولي بإصدار قرار بنشر قوات حفظ سلام دولية في قطاع غزة والضفة الغربية.
وفي المقابل، وفي تحد واضح للعرب وقمتهم أوقفت إسرائيل دخول المساعدات لغزة قبل انعقاد القمة بيومين، ورفضت الخطة المصرية التي وافق عليها القادة العرب في بيان قمتهم الختامي، وأعلنت الولايات المتحدة الأمريكية أيضا أن الخطة المصرية غير واقعية ورفضتها تماشيا مع الموقف الإسرائيلي.
ولهذا لا يكفي طرح القرارات التي وردت في بيان القمة الختامي، بل المطلوب هو الاتفاق على آلية لتنفيذها والتصدي لدولة الاحتلال التي تحاول التنصل مع الاتفاق على وقف إطلاق النار الذي وقعته مع حركة حماس، ولا تخفي تصميمها على استئناف حربها الإجرامية ضد الفلسطينيين في غزة والضفة، وعلى تنفيذ استراتيجيتها التوسعية حيث إنها مصرة على استمرار احتلالها للأراضي الفلسطينية، وعلى احتلال أجزاء من سوريا ولبنان، وبدأت فعلا في إنشاء مناطق عازلة غير محدودة على أربع جبهات في غزة والضفة وسوريا ولبنان، أضف الى ذلك ان خطة ترامب لتهجير الفلسطينيين التي تدعمها دولة الاحتلال بقوة تشكل تهديدا مباشرا لاستقرار وأمن مصر وتهديدا وجوديا للأردن.
 قرارات القمم السابقة التي لم ينفذ منها شيئا تثير المزيد من مخاوف وقلق الشعوب العربية بأن قرارات هذه القمة لن تختلف عن سابقاتها وستظل حبرا على ورق، وأن عدم الاتفاق على تنفيذها ستكون له تداعيات خطيرة ليس فقط على مستقبل الشعب الفلسطيني وقضيته وعلى أمن ومستقبل الوطن العربي، بل إنه يشجع دولة الاحتلال على الاستمرار في تغولها وتوسعها وحروبها ضد أمتنا واستهتارها بالقرارات العربية وبالعرب حكاما وشعوبا!
لا شك ان من أهم أدوات إفشال المخطط الصهيوني الأمريكي للتهجير هو استمرار صمود الفلسطينيين وبقائهم في أرضهم ومقاومتهم للاحتلال ودعم الدول العربية لهم على جميع الأصعدة؛ ولهذا فإن النجاح أو الفشل في تنفيذ قرارات هذه القمة ستكون له تداعيات خطيرة ومصيرية على القضية الفلسطينية وعلى أمن ومستقبل الوطن العربي؛ فالفشل في ترجمة القرارات إلى آليات وخطط عمل قابلة للتنفيذ سيضعف الفلسطينيين ومقاومتهم للاحتلال، وسيعزز الانقسامات العربية، ويمكن دولة الاحتلال من تصفية القضية الفلسطينية واحتلال المزيد من الأراضي العربية. وعلى النقيض من ذلك فإن اتفاق الدول العربية على خطة العمل المطروحة ونجاحها في تحويلها إلى واقع سيدعم الموقف الفلسطيني، ويعزز التعاون البيني العربي ورغبة العرب في حل سلمي للصراع، وقد يؤدي لإقامة دولة فلسطينية. فهل سينجح العرب في تحقيق ذلك؟
الشعوب العربية الرافضة لحالة الخذلان والانهزام التي يعاني منها الوطن العربي لا تثق بقادة الأمة وقراراتهم؛ ولهذا فإنها تميل إلى الاعتقاد بأن الدول العربية ستفشل في تنفيذ قرارات هذه القمة كما فشلت في تنفيذ سابقاتها، وان مستقبل هذه الأمة لا يبشر بخير ما دام يحكمها قادة لا يجرؤون على مقاومة الاحتلال، ويكتمون أنفاس المواطنين ويحرمونهم من المشاركة الفعلية في حماية أوطانهم، ويذعنون للإملاءات الأمريكية والصهيونية، ولا يهمهم سوى حماية أنظمتهم وبقائهم في الحكم!

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
Social Media Auto Publish Powered By : XYZScripts.com