وطن عربي يزداد ضعفا وشرذمة وأنظمة تسلطية عميلة تقوده إلى الهاوية.. د/ كاظم ناصر

الدمار الذي حدث للعراق وسوريا وليبيا واليمن، وإضعاف حزب الله وجبهة المقاومة، وتدمير غزة، والهيمنة الصهيونية على ما يزيد عن 80% من مساحة الضفة الغربية، واحتلال أجزاء أخرى من سوريا ولبنان خلال الأشهر الأربعة الماضية، وفشل الأنظمة العربية في دعم غزة ووقف المجازر التي ترتكبها دولة الاحتلال بحق الشعب الفلسطيني وخنوعها للإرادة الأمريكية والصهيونية، يؤكد أن  هذه الأنظمة التي يحكم كل منها ديكتاتور فاسد عميل بيده كل السلطات ويتخذ جميع القرارات، هي أنظمة تسلطية فاسدة، فاشلة، لا تستطيع حماية أوطانها وشعوبها، وإن هذا الدمار غير المسبوق يشير بوضوح لمستقبل مظلم كارثي ينتظر شعوبنا العربية المستسلمة المنهزمة، التي أذلها وأفقرها الاستبداد والطغيان والحرمان من أبسط حقوقها، وجعلها تلهث وراء لقمة العيش، وملأ حياتها خوفا ورعبا من أجهزة المخابرات التي زرعها الطغاة في كل جنبات الوطن، وربطوا بها كل تحركات المواطن، وحولوا حياته إلى  كوابيس مستمرة لا يصحو من كابوس حتى ينام على كابوس آخر أكثر رعبا وخطورة.
 في ظل هذه الأوضاع المأساوية، وهذا العجز العربي المشين أصبحت دولة الاحتلال هي القوة التي تتحكم بأمن المنطقة؛ ولهذا فإنها لا تقتل الفلسطينيين فقط وتخطط لتهجيرهم دون خوف من أي ردة فعل عربية، بل إنها تعتدي على من تشاء، وتقتل من تشاء، وتحتل المناطق التي تشاء، وتدعم وتغذي النعرات الطائفية لتمزيق أكثر من قطر عربي، وتهدد الوطن العربي، بينما الحكام العرب صامتون، منهزمون، مستسلمون، يستجدون واشنطن وحلفاء إسرائيل للضغط عليها لقبول وقف لإطلاق النار في غزة!
حالة وطننا العربي هذه تعزز شعورنا بالتشاؤم والفزع من المستقبل؛ فبعد إضعاف الدول العربية والمقاومة التي كانت قواتها تخيف دولة الاحتلال، ووجود عشرات القواعد الأمريكية في معظم الأقطار العربية، وتغول دولة الاحتلال، ازداد وطننا العربي ضعفا وشرذمة، وفقد مصداقيته وهيبته، وتكالب عليه الأعداء، وأصبح أمنه واستقراره وازدهاره ضربا من ضروب الخيال مادامت تحكمه هكذا أنظمة، ويقرر مصيره هكذا حكام.
إفشال المخططات الصهيونية التوسعية والهيمنة الأمريكية على مقدرات أمتنا وتحرير فلسطين، يتطلب تحرير الشعوب العربية من قيود الخوف والاستبداد والفقر والجهل والتيه الحضاري التي أوجدتها الأنظمة العربية؛ ولهذا يجب على المثقفين الملتزمين بالدفاع عن قضايا أمتهم، ورجال الدين الشرفاء، وقادة الأحزاب السياسية والمؤسسات الدينية والاجتماعية أن يتقدموا الصفوف، وأن يعملوا معا لإيقاظ الشعوب العربية ومساعدتها في التخلص من هذه الأنظمة العميلة، واستبدالها بأنظمة تعبر عن إرادتها وطموحاتها وتطلعاتها المشروعة، وتمكّنها من المشاركة في التصدي لأعداء الأمة وفي مقدمتهم دولة الاحتلال والولايات المتحدة الأمريكية.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
Social Media Auto Publish Powered By : XYZScripts.com