الاحتلال يعترف.. المقاومة ما زالت تملك عشرات آلاف الأنفاق وتطهيرها كـ “تفريغ البحر بملعقةٍ

القدس المحتلة- البيادر السياسي:ـ على الرغم من عدم تكافؤ القوى بين المقاومة الفلسطينيّة في قطاع غزّة، مقارنةً بالجيش الإسرائيليّ، الذي يتمتّع بدعمٍ عربيٍّ ودوليٍّ وعالميٍّ بقيادة الولايات المُتحدّة الأمريكيّة، قال قادة عسكريون في جيش الاحتلال، إنّ فكرة القضاء على حركة حماس، مسألة قد تستغرق سنوات، بسبب التحديات الكبيرة التي تواجهها القوات التي تعمل على الأرض.
ونقلت إذاعة جيش الاحتلال عن قادة عسكريين قولهم إنّ الجيش يعتمد حاليًا على استهداف المسلحين عن بعد، باستخدام الطيران والمدفعية، دون التوغل البري أو الاشتباك المباشر وذلك حفاظًا على أرواح الجنود وتقليل حجم الخسائر البشرية.
وأوضحت المصادر أنّ العمليات العسكرية في هذه المرحلة تتسم بالبطء، في مقابل تقليص وتيرة التقدم الميداني، لتفادي الوقوع في كمائن أو التعرض لعبوات ناسفة ومفاجآت قاتلة، كتلك التي أودت بحياة عدد كبير من الجنود خلال المراحل السابقة من العدوان على غزة.
على صلةٍ بما سلف، شدد المحلل العسكريّ الإسرائيليّ في صحيفة (معاريف) العبريّة، آفي أشكنازي، على أنّ القتال في غزّة يمثل تحديًا معقدًا للغاية لجيش الاحتلال، لافتًا إلى أنّ هناك عشرات آلاف الأنفاق في القطاع، وأنّ تطهيرها يشبه “تفريغ البحر بملعقة”.
وأشار أشكنازي في مقال نشره عبر الصحيفة ذاتها، إلى أنّ “الهدف من العملية العسكرية الإسرائيلية يتمثل حاليًا فقط في ممارسة الضغط على حركة حماس لإعادة 59 من الرهائن”.
ولفت المراسل العسكريّ، الذي أوضح أنّه اعتمد على مصادر أمنيّةٍ واسعة الاطلاع، إلى أنّ “تفكيك حماس ليس مطروحًا الآن، خلافًا لما يردده وزير المالية بتسلئيل سموتريتش”، واصفًا الفكرة بأنّها “غير واقعية في الوقت الراهن”.
وأوضح أنّ حماس “خلافًا للتقديرات الأولى، لا تزال تحتفظ بقوّةٍ قتاليّةٍ كبيرةٍ، تتكون من عدد غير قليل من المقاتلين، بعضهم منظم في سرايا وكتائب”، مضيفًا أنّ الحركة “نجحت في المناورة السابقة برفح وغيرها من المناطق في تهريب مئات، وربما أكثر من المقاتلين، إلى منطقة المواصي عبر الأنفاق أو تحت غطاء المدنيين الفارين”.
وأضاف أشكنازي، أنّ “مساحات واسعة من غزة مُفخخة، ما يُلزم الجيش بتدمير مئات وربما آلاف المباني”، مشيرًا في الوقت عينه إلى أنّ “رفح تحولت إلى مدينة مسطّحة، بأحياءٍ مدمرةٍ وركامٍ سيستغرق إزالته وإعادة إعمار المنطقة عشرات السنين، إذا أمكن ذلك أصلاً”.
بالإضافة إلى ذلك، قال إنّه “في الوقت نفسه، يعمل الجيش على تطهير الأنفاق، لكن الأمر يبدو كما لو أنك تفرغ البحر بملعقة”، موضحًا أنّ جيش الاحتلال الإسرائيليّ “يحتاج إلى التفكير خارج الصندوق، خصوصًا في كيفية تدمير مساحات كاملة تحت الأرض بسرعة، وبأقل قدر من الموارد، والأهم، دون تعريض الرهائن للخطر”.
ولفت إلى أنّ “وتيرة القتال الحالية معقدة جدًا، لأنّ الجيش الكبير والمنظم يُطلب منه التعامل مع تنظيمٍ يعمل بعقيدة حرب العصابات”، وشدد على أنّ جيش الاحتلال “لا يستطيع العمل في كلّ مكان خشية المساس بالرهائن، وهو ما تستغله حماس بشكلٍ كاملٍ، إذ تهاجم القوات من الخلف وتنسحب، ويتكرر هذا الأمر عدة مرات يوميًا”.
وأضاف أنّ “المقاتلين في حالة يقظة وانتباه، لكن السؤال هو: إلى متى يمكن إبقاؤهم في هذه الحالة؟”، مردفًا أنّ “الخيارات المطروحة أمام القيادة السياسية لتوجيه الجيش نحو المزيد من الضغط تشمل: زيادة الكثافة النارية، أوْ إدخال مزيد من القوات، أو تنفيذ عملية عسكرية واسعة وسريعة”.
وأشار إلى أنّ الخيار الثالث “يقتضي تجنيد مئات آلاف جنود الاحتياط، وإرسال خمس إلى ست فرق للمناورة في غزة في وقتٍ واحدٍ”، محذرًا في الوقت نفسه من أنّ “هذا الخيار ينطوي على مخاطر كبيرة تتعلق بسلامة الرهائن، خاصّةً في ظلّ حربٍ عالية الكثافة”.
ولفت المحلل العسكري أيضًا إلى أنّ “عملية كهذه يجب أنْ تكون قصيرة، لبضعة أيام فقط، لكنها ستعيد إلى الواجهة المعضلة المزدوجة التي تواجه المستوى السياسي: مدة استمرار الحرب، والسيطرة على 2.5 مليون من سكان غزة”.
وأكّد: “اعترفت المؤسسة الأمنية بشكلٍ كاملٍ وواضحٍ أنّ 25 بالمائة فقط من الأنفاق التي حفرتها وبنتها حماس في غزة قد كُشف عنها ودُمّرت بواسطة الجيش الإسرائيليّ”.
وخلُص إلى القول إنّه “ربّما يكون عدد الأنفاق التي تملكها حماس أكبر من ذلك بكثير. وحتى الآن، ما زالت حماس هي الجهة الحاكمة في قطاع غزة، إنّها الجهة التي تحدد الأجندة المدنية، ولا تزال تملك أجهزة شرطة ونظام إنفاذ القانون في غزة، إنها توزع الخبز والماء”، طبقًا لأقواله، التي اعتمدت على محافل أمنيّةٍ وازنةٍ في الكيان.