الموت بإسم الحقيقة.. عائد زقوت

حينما تكون العجرفة بكافة أشكالها السياسية والاجتماعية والثقافية، والاعتقاد الواحدي للحقيقة، هي المحرك لعجلة الحركة المجتمعية والسياسية، فإنها تنعكس بالضرورة على الحالة النفسية للإنسان وتؤثر على حالته المفاهيمية والفكريّة، وتُبدد حالة الوعي العام للصراع مع الاحتلال، وتستبدلها بالصراع ليس فقط على من يملك السلطة أو على امتلاك الحقيقة إنما أضحى صراعًا من أجل البقاء.
أمام هذا المشهد القاتم الذي يعصف بالقضية الفلسطينية شعبًا وأرضًا تقف الفصائل الفلسطينية وخاصة اليسارية والاسلاموية كالتلميذ الضعيف في مدرسة كسولة مضمحلة تعلق فشلها بإلقاء اللوم على البيئة المدرسية وصعوبة المنهاج، وتختبىء خلف ستار مفاهيم الشراكة والإصلاح والوحدة الوطنية لضمان بقائها.
الحالة الفلسطينية الحالية لا بد لها من أن تشهد تغييرًا ثوريًا للحركة الوطنية، دون المساس بالمركز القانوني لمنظمة التحرير الفلسطينية كممثل شرعي ووحيد للشعب الفلسطيني، والعضوية الأممية للدولة الفلسطينية من بوابة إيقاف دائرة الدم والموت والخراب، وتوفير حماية أممية للشعب الفلسطيني، والعودة للشعب لاختيار ممثليه لمؤسساته الوطنية عبر صندوق الانتخابات تحت إشراف ورقابة أممية ودولية، فبناء الكِيانات السياسية والدول لا يُبنى إلا على الإرادة الشعبية، لا على المرجعيات المؤدلجة.
الاستمرار في الانجراف نحو الهاوية تحت مظلة التمسك بالعجرفة السياسية، والاعتقاد الأحادي بامتلاك الحقيقة وترويجها كمرتكزات وطنية ودينية إنما هي مفاهيم فاسدة ومُفسدة لا تنشىء إلا استبدادًا بقطع النظر عن لباسه عسكريًا أو مدنيًا بكافة مسمياته اسلامويّة كانت أو يساريّة أو قوميّة، ويقضي على السياق السياسي والثقافي الوطني.