هيَ سِكَّتُنا الوَحيدَةُ …!.. نصٌ بقلم د. عبد الرحيم جاموس

في البدءِ…
كانتِ الخَيْمَةُ فِكْرَةً، ..
والرَّايَةُ قُبْلَةً على جَبِينِ الحَجَرِ،..
والدَّرْبُ، ..
دَرْبٌ لا يَعْرِفُ الْتِواءَ الْخُطى…
ومُنْذُ وُلِدَتِ الْحِكايَةُ…
لَمْ يَكُنْ لَنا سِكَّةٌ سِوَاهَا…
*
على خاصِرَةِ التَّعَبِ…
تَمَدَّدَتْ سِكَكٌ مِنْ صَبْرٍ قَدِيمٍ،..
حَمَلَتْ أَقْدَامًا هَرِمَتْ مِنَ الانْتِظَارِ،..
وَسَوَاعِدَ حَفَرَتْ ..
أَسْمَاءَهَا عَلَى حِجَارَةِ الطَّرِيقِ…
*
كَانُوا كَثِيرِينَ، ..
مَارِقِينَ كَالسُّحُبِ الْجَرِيحَةِ،..
بَعْضُهُمْ ظَنَّ أَنَّ الْغَيْمَ يُحَاكُ مِنْ ظِلَالِهِ،..
وَبَعْضُهُمْ حَسِبَ أَنَّ الرِّيحَ تُصْغِي لِنِدَاءَاتِهِ…
*
غَادَرُوا…
بِأَحْلَامٍ أَعْلَى مِنْ سَقْفِ السَّمَاءِ،…
أَوْ بِأَثْقَالِ قُلُوبٍ مُتْعَبَةٍ مِنَ الْحَنِينِ،..
غَادَرُوا، ..
لَكِنْ حِينَ اشْتَدَّ الْمَطَرُ،…
لَمْ يَجِدُوا غَيْرَ خَيْمَتِهَا الْعَتِيقَةِ،…
تَنْفُضُ عنهُمُ الْبَرْدَ…
*
مُنَظَّمَةُ التَّحْرِيرِ…
اسْمٌ مَحْفُورٌ ..
فِي عِظَامِ هَذَا الْوُجُودِ،…
جِسْرٌ مِنْ شَظَايَا وَنَدَى،..
دَمْعَةٌ تَكْبُرُ عَلَى مَآذِنِ الْوَقْتِ،..
وَصَخْرَةٌ ..
يَسْتَرِيحُ عَلَيْهَا الْمُنْهَكُونَ ..
مِنْ ضَيَاعِهِمْ…
*
اخْتَلَفْنَا، ..
تَشَاجَرْنَا ..
كَمَا يَتَخَاصَمُ الْعِطَاشُ ..
عَلَى جُرْعَةِ ظِلٍّ،..
لَكِنَّنَا،..
حِينَ تَشْرُقُ الْحَقِيقَةُ كَالسَّيْفِ،..
نَرْكَعُ تَحْتَ خَيْمَتِهَا،..
وَنَعُدُّ نُجُومَهَا بِعَيْنٍ وَاحِدَةٍ…
*
هِيَ السِّكَّةُ الْأَخِيرَةُ،..
تَئِنُّ تَحْتَ وَقْعِ خَيْبَاتِنَا،..
وَتُضِيءُ لِأَجْلِنَا،..
حَتَّى وَنَحْنُ نَخْذُلُهَا أَحْيَانًا…!
*
لَا مَكَانَ عَلَى ظَهْرِهَا..
لِمَنْ دَسَّ خَنْجَرًا تَحْتَ الْقَمِيصِ،..
وَلَا لِمُرْتَجِفٍ ..
قَايَضَ دَمَهُ بِبُرُودَةِ الْمُقَايِضِ…
*
هِيَ الْوَعْدُ، ..
هِيَ الْبِدْءُ،..
هِيَ آخِرُ الشُّهُودِ..
عَلَى قِصَّةِ الْخَلَاصِ….
*
لَكِنْ…
وَهَذِهِ الـ “لَكِنْ”…
تُزْرَعُ بِدَمْعَةِ الْأُوفِيَاءِ، ..
وَتُقْطَفُ بِيَدٍ ..
لَمْ تَغْدِرْ بِهَا الرِّيحُ…
وتَبقى هي ..
مُمَثِلتُنا الوَّحيدةُ …!
د. عبد الرحيم جاموس
الرياض
في 28/4/2025 م
Pcommety@hotmail.com