لقلم يبوح عن ما في الصدور إلى السطور.. أ.د/ جمال أبو نحل

سبحان من علم الإنسان بالقلم علم الإنسان ما لم يعلم؛ فالقراءة، والكتابة المًفيدة الهادفة البناءة من أهم أسباب تقدم الأمم، والشعوب، وأعظم قراءة فائدة هي قراءة، وفهم، وتدبر ما في كتاب الله عز وجل المنزل من فوق سبع سماوات، مع العمل بما جاء فيه؛ فكلما زاد الإنسان في الاطلاع، والقراءة، والكتابة في كافة الجوانب الإيجابية ما يجعلهُ يتوسع في الفِكِّر ، والتفَكُر، ويزداد أُلقًا، وعلمًا، وروعة، وعطاءً، وتقدم، وتطور، وتتفتح، وتتسع مداركهُ. وينشرح صدره، وتتعدد مشاربه الثقافية، والأدبية اليافعة النافعة، وتجعل له نورًا بين الناس؛ كما إن تدوين بوح الروح، وجمال الكلام، بما يصدر من الهام في جميل الأقوال المختلفة التي تصدر عن المعلمين، والفلاسفة، والحكماء والعلماء، والفُقهاء، وغيرهم الكثير، فما يصدر عنهم من كتابات في كل المجالات هام جداً؛ ويجب أن يتم تدوّينه وحفظه حتى يستفيد منه القُراء؛ فتدوين الكتابة بالقلم يعتبر العملية الرئيسية في حفظ المعارف، والعلوم، والأفكار المختلفة فالعلم تراكمي، والكتابة هي الوسيلة التي تساعد على استدامة التراكمات العلمية، من جيل إلى جيل، ومن شخص إلى شخص آخر على الرغم من الاختلاف في وسائل الكتابة من جيل إلى جيل آخر؛ ولذلك فإن للقراءة دور مهم في تطور الأمم، والشعوب، وكذلك التدوين، والتعليم بما يكتب القلم يُعد رسالة عظيمة، وسامية، وخاصةً إن كان القلم يخط حُروُفِ كلماتهِ بيد كاتبٍ صادق، تقي، نقي، فّتيِ، يكتب، ويغرف بما يعرف، ولا يغرف، ويكتب بما لا يعرف؛ فالقلم الطاهر صاحبهُ يحمل رسالة سامية خالدة عالية، مثل رسالة رُسل الرحمة، والهداية، والعطاء؛ فالقارئ البصير أمير، والكاتب المنير مُستنير كجنة؛ وصاحب القلم الُحر يحمل رسالة سامية صافي واضح جميل كمرآة القلب وترجمان العقل، وبريد القلب يخبر بالخبر، وينظر بلا نظر؛؛ ويعطي بلا انتظار شُكرٍ أو أَجِر؛ والكتابة ماء يجري على نهر القلم. ويتدفق على لسان الكاتب قادماً من سحب اللغة، ومُزنها الدفاقة، ومن جميل ما قيل عن القلم: “لا يَضّيِرني أن ليس على رأسي تاج ما دام في يدي قلم”؛ ويقول ابن‌ عبّاس‌ رضي الله عنهما: “خَيْرُ مَا قُيِّدَ بِهِ العِلْمُ الكِتَابُ”؛ “وقيدوا العلم بالكتابة “، والقلم أَحَدُ اللِّسَانَيْنِ، وقال‌ ابن‌ المُقَفّع‌: “اللِّسَانُ مَقْصُورٌ علي الحَاضِرِ، وَالقَلَمُ علي الشَّاهِدِ، وَالغَابِرِ”. وعُقُول‌ الرِّجَالِ تَحْتَ أَسِنَّةِ أَقْلاَمِهِمْ، و كِّتَابُ المَرْءِ عُنْوانُ عَقْلِهِ وَلِسَانُ فَضْلِهِ؛ والاَقْلاَمُ مَطَايَا الَفِطَنِ، والقَلَمُ صَانِعُ الكَلاَم؛ ولَمْ أَرَ بَاكِياً أَحْسَنَ تَبَسُّماً مِنَ القَلَمِ؛ والقلم النظيف كشجرة النخل ثمرتُها الألفاظ الطيبة الصالحة؛؛ ووظيفة القلم هي السَطْر كما قال تعالى بسورة القلم: “ن، والقلم وما يسطرون “، والسطر ليس المقصود بهِ الخط الطولي، وإنما الكتابة بالحروف، والقلم وسيلة التعليم؛ والقلم سفير المنطقِ، والعقل، ورسوله الأنبل، ولسانه الأجمل، وترجمانه الأفضل، وعقول الناس مدونة في أطراف أقلامهم، وكل انسان كاتب، إذا صدق مع القلم؛؛ ولكن الكارثة تحلُ حينما يمسك بالقلم جاهل، أو فاسد، ويمسك بالبندقية مجرم كالاحتلال الصهيوني الغاصب!، وبالإمارة خائن!؛ وقتها يتحول الوطن إلى غابة لا تصلح لحياة البشر!؛ وهناك قلُم يُحرر، وقلمُ يُقرر، وقُلم كالمصباح المنير. وكالفجر الصادق، والكاتب يعشق القلم عشقاً سرمدياً، وتعلقاً وجدانياً؛ ومن المعلوم أنّ أول ما خلق الله عز وجل هو “القلم”، وفي ذلك قول رسول الله صل الله عليه وسلم:( إنّ أول ما خلق الله القلم، فقال له: اكتب، قال: رب وماذا أكتب؟، قال: اكتب مقادير كل شيء حتى تقوم الساعة)؛ وعن ابن عباس قال: أول ما خلق الله القلم قال : اكتب، قال: وما أكتب؟ قال: اكتب القدر، فجرى بما يكون من ذلك اليوم إلى يوم قيام الساعة، ثم خلق “النون”، ورفع بخار الماء، فّفُتّقَت منه السماء، وبسطت الأرض على ظهر النون، فاضطرب النون فمادت الأرض، فأثبتت بالجبال، فإنها لتفخر على الأرض”؛ وممّا يدلّ علي شرف القلم‌ أنّ الله‌ عز وجل أقسم‌ ببعض‌ أدواته‌، وهو القلم‌، كما أقسم‌ به‌ في‌ قوله‌ سبحانه وتعالي: (ن‌، وَالْقَلَمِ وَمَا يَسْطُرُونَ) وعدّده‌ الله‌ من‌ نعمه‌ في‌ قول الله‌ عز وجل: في سورة القلم «اقرأ باسم ربك الذى خلق، خلق الإنسان من علق، اقرأ وربك الأكرم الذى علم بالقلم، علم الإنسان مالم يعلم»؛ فوصف‌ نفسه‌ بأنّه‌ عَلَّمَ بِالقلم‌؛ ويقول تعالي: ( وَلَوْ أنَّما في الأرْضِ مِنْ شَجَرَةٍ أقْلامٌ) بمعني لو بريت الأشجار كلها أقلامًا، والبحر مدادًا، فكتب بتلك الأقلام منه (ما نَفِدَتْ كَلِماتُ اللهِ)؛ وتفسير الآية: لو كان شجر البرّ أقلاما، ومع البحر سبعة أبحر ما كان لتنفد عجائب ربي وحكمته، وخلقه، وعلمه، وذُكر أن هذه الآية نـزلت على رسول الله صلْ الله عليه وسلم بسبب مجادلة اليهود – للنبي!؛؛؛ فلاَ شيء أَفْضَلُ مِنَ القَلَمِ؛ لأنهُ مُدَّةَ عُمْرِ الإنسان لاَ يُمْكِنُ أَنْ يُدْرِكَ فِيهَا بِفِكْرِهِ مَا يُدْرِكُ بِقَلَمِهِ، والقَلَمُ، وَالسَّيْفُ حَاكِمَانِ فِي‌ غالبية الاَشْيَاء، وَلَوْلاهُمَا مَا صلحتُ الدُّنْيَا، وعماد القوة في الدنيا السيف، والقلم, ولكن ليس علي الاطلاق!؛ لأن السيف إلى حين, وأما القلم ففي كل وقتٍ وحين, وإلي يومِ الدين، كما أن السيف مع الأيام مكروه، ومغلوب, وأما القلم مع الأيام غالب، ومحبوب، ولضربهِ من كاتب ببنان، أمضى، وأقطع من دقيق الُحسامِ؛ ولقد جمع كتاب الله عز وجل ثلاث مسميات لسورٍ في القرآن الكريم لو تلاقت واجتمعت مع بعضها تُّكوِن قوة عظيمة، يصعب كسرها وهي في القرآن الكريم: في سورة الحديد، وسورة الشورى، وسورة نون، والقلم”؛ ويقول الطبيب الثائر تشي جيفارا عن القلم حينما يكون بيدِ كاتبٍ خائن أو مأجور: ” لا شيء أسوء من خيانة القلم.. فالرصاص الغادر قد يقتل فردًا أو أفراداً،، بينما القلم الخائن قد يقتل أمماً””!!؛؛ ونحن نعيش اليوم في زمانٍ صعب ‏انتهى فيه عصر العدل، وقل الأدب، وقل من يقرأ، ومن يسُطر بالقلم، وغاب عن الناس احترام صاحب الفكر والأدب. وغالبًا يحارب من يصدح بكلمة الحق، وختامًا فإن القلم الشريف النظيف يُحارب عند غالبية العرب، والعجم. وأصبحنا في عصر تمجيد، وتخليد القانيات، ونجوم لاعبي كُرة القدم؛ فيأخذ اللاعب في سنة واحدة ما لا يأخذه كل كُّتاب، وقُراء الأرض الذين يُسطرون أجمل الكُتب، والعلم، والأدب بصرير القلم!!؛؛ فالقراءة الهادفة المفيدة هي متعة و رياضة العقل، والفكر، والكتابة بالقلم بوح للروح، وبلسم للجروح؛ ولن يجف حبر الأَقْلامُ السيالة بالخير ، ولن تغيب شمس القُراء؛ ولا جمال خط القلم؛ وصدق القائل” أَعَزُّ مَكانٍ في الدُنى سَرجُ سابِحٍ وَخَيرُ جَليسٍ في الزَمانِ كِتابُ.
الأديب الباحث والكاتب الصحفي والمفكر العربي والاسلامي المحلل السياسي
الأستاذ الدكتور/ جمال عبد الناصر محمد عبد الله أبو نحل
عضو مؤسس في اتحاد الكتاب، والأدباء، والمدربين العرب
الأستاذ، والمحاضر الجامعي غير المفرغ بجامعات غزة
واتس: 0096893585227
عضو الاتحاد الدولي للصحافة الالكترونية وعضو نقابة الصحفيين
11:02 ص
W
القلم يبوح عن ما في الصدور إلى السطور.dot
DOT•40 كيلوبايت

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
Social Media Auto Publish Powered By : XYZScripts.com