الحرب المفتوحة بين إيران وإسرائيل: تريث أمريكي وغياب الاستراتيجية الإسرائيلية

اعداد وتقرير المحامي علي ابوحبله/ رئيس تحرير صحيفة صوت العروبه
نحاول بهذا التقرير أن نسلط على مفاصل الصراع وتداعياته على إيران وإسرائيل ودول الإقليم والمصالح الجيوسياسي الايراني والمصالح الاستراتيجية الأمريكية والغربية ودول الإقليم

مقدمة

تشهد المنطقة أحد أخطر فصول التصعيد بين إيران وإسرائيل، وسط ضربات متبادلة غير مسبوقة، وصمت أمريكي تكتيكي، ومحاولات أوروبية خجولة للتهدئة. ومع غياب استراتيجية واضحة لدى إسرائيل لإنهاء المواجهة، ومعاناة الداخل الإسرائيلي من خسائر بشرية واقتصادية، يبقى مستقبل الصراع مفتوحاً على سيناريوهات متقلبة ذات تداعيات عميقة على الإقليم بأسره.

أولًا: لماذا تتريث الولايات المتحدة للتدخل العسكري المباشر؟

رغم أن واشنطن أكدت دعمها لـ”حق إسرائيل في الدفاع عن نفسها”، فإنها امتنعت حتى الآن عن الدخول المباشر في المعركة، لعدة أسباب:

1. الخشية من توسّع الحرب إقليمياً: أي ضربة أمريكية مباشرة لإيران قد تستدعي رداً إيرانياً على القواعد الأمريكية المنتشرة في الخليج والعراق وسوريا.
2. إرث الحروب الفاشلة: الداخل الأمريكي لا يحتمل مغامرات عسكرية جديدة، خاصة بعد فشل مشاريع التغيير في العراق وأفغانستان.

3. الرغبة بترك المساحة للحلول الدبلوماسية الأوروبية: واشنطن تراقب تحركات الترويكا الأوروبية وتحافظ على قناة اتصال غير علنية عبر المبعوث ويتكوف.

ثانيًا: الميدان يشتعل والمعادلات تتغير

خلال الأسبوع الأخير:

إيران أطلقت أكثر من 400 صاروخ وطائرة مسيّرة باتجاه عمق إسرائيل.
أكثر من 200 إصابة سُجلت في مستشفى سوروكا في بئر السبع وحده، والعديد من القتلى والدمار في البنية التحتية الإسرائيلية.
إسرائيل ردت بقصف منشآت إيرانية داخل أراك ومواقع في أصفهان، دون قدرة على إيقاف الهجمات الإيرانية بالكامل.

❗️المفارقة: لأول مرة منذ نشوء الصراع، ينجح الجانب الإيراني في نقل المعركة إلى الداخل الإسرائيلي بهذا الحجم، ما يهدد منظومة الردع الإسرائيلية.

ثالثًا: هل تمتلك إسرائيل استراتيجية لإنهاء الحرب؟

الواقع يشير إلى عدم وجود تصور واضح لدى القيادة الإسرائيلية حول كيفية إنهاء هذه الحرب، للأسباب التالية:

1. طبيعة الردع تغيرت: إسرائيل تعتمد على ضربات نوعية، لكن طهران أصبحت أكثر جرأة في الرد.

2. استنزاف داخلي متسارع: الهجمات الإيرانية بدأت تُنهك الجبهة الداخلية، مع قلق شعبي متزايد وتهديد بحرب استنزاف طويلة.

3. رفض وقف إطلاق النار من دون نتائج ملموسة: إسرائيل تريد إنهاء البرنامج النووي الإيراني أو إضعافه على الأقل، بينما طهران ترفض المساومة وهي تحت القصف
رابعًا: هل الخسائر الإسرائيلية تُحرّك الموقف الأمريكي والأوروبي؟

نعم، هناك إشارات واضحة على أن تصاعد الخسائر داخل إسرائيل يؤثر على مواقف الحلفاء، خصوصاً:

الكونغرس الأمريكي بدأ يُمارس ضغوطاً على الإدارة لتحديد موقف أكثر حسمًا، خاصة مع ارتفاع الخسائر بين المدنيين الإسرائيليين.
أوروبا ترى في استمرار الحرب تهديدًا لاستقرار الشرق الأوسط، وزيادة في أسعار النفط، وضغوطًا على ملف الهجرة.
الاجتماعات الأوروبية مع إيران في جنيف تأتي في هذا السياق، رغم أن نتائجها ما تزال محدودة.

خامسًا: إلى أين تتجه الأمور؟ (سيناريوهات محتملة)

السيناريو الوصف النتيجة المحتملة

استمرار التصعيد دون تدخل أمريكي مباشر، وتبادل ضربات محدود حرب استنزاف طويلة
دخول أمريكي محدود عبر دعم استخباراتي أو ضربات دقيقة تصعيد أكبر يشمل حزب الله وربما سوريا
تدخل دبلوماسي قوي عبر الترويكا الأوروبية مع دعم أمريكي خلفي وقف مؤقت لإطلاق النار
انفجار إقليمي شامل تدخل حزب الله، وردود في اليمن والعراق اشتعال الجبهة الشمالية وانهيار إقليمي

وحقيقة القول إن إسرائيل اليوم في مأزق استراتيجي؛ لا تملك خطة واضحة لإنهاء الحرب، في حين أن إيران أثبتت قدرتها على إيصال الرسائل عبر القوة، لا عبر المفاوضات فقط. التريث الأمريكي ليس حياداً، بل محاولة لتجنّب الانزلاق في مستنقع يصعب الخروج منه. لكن، إذا استمرت الخسائر الإسرائيلية بالتصاعد، فإن احتمالات التدخل الأمريكي أو تبدّل المواقف الدولية ستتزايد.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
Social Media Auto Publish Powered By : XYZScripts.com