الحرب الإسرائيلية الأمريكية على إيران .. نصر أم هزيمة؟.. د/ كاظم ناصر

تناقضت وجهات النظر المتعلقة بنتائج العدوان الإسرائيلي الأمريكي على المنشآت النووية الإيرانية، ولا يزال الجدل مستمرا حول نجاحه؛ وأعلن الرئيس الأمريكي دونالد ترمب أن ” الضربة أسفرت عن محو كامل للمنشآت النووية “، وقال نتننياهو إن ” إسرائيل حققت انتصارا تاريخيا على إيران”، وزعم رئيس أركان الجيش الإسرائيلي إيال زامير أن دولة الاحتلال ” أعادت مشروع إيران النووي أعواما إلى الوراء، والأمر ذاته ينطبق على برنامجها الصاروخي.” والمرشد الأعلى الإيراني السيد علي خامنئي أعلن انتصار بلاده في المواجهة وقال إن ” إيران حققت انتصارا على الكيان الصهيوني الزائف ووجهت صفعة قاسية للولايات المتحدة الأمريكية.” أي ان كل من إيران والولايات المتحدة وإسرائيل أعلن عن انتصاره في هذه الحرب. فمن هو المنتصر الحقيقي فيها؟
إسرائيل والولايات المتحدة تمكنتا من ضرب المفاعلات النووية الإيرانية الرئيسية الثلاث في فوردو، ونطنز، وأصفهان، ومراكز إنتاج ومنصات إطلاق الصواريخ، وبعض المراكز والمؤسسات الهامة ومحطات انتاج الطاقة والحقت بها أضرارا متفاوتة، وقتلتا 935 إيراني بينهم عدد من قادة القوات المسلحة والعلماء.
وفي المقابل نجحت إيران في ضرب مدن دولة الاحتلال بمئات الصواريخ لأول مرة منذ إنشائها، وأحدثت تدميرا كبيرا في الأهداف التي أصابتها، وأرعبت الصهاينة وأرغمتهم على الاختباء في الملاجئ لعدة أيام، وأدت إلى مقتل 30 إسرائيليا وإصابة ما يزيد عن 1000 بجراح، وشلت الحركة التجارية وكلفت الاقتصاد الإسرائيلي مليارات الدولارات. وإذا قارنا ما حققته إيران ضد إسرائيل في هذه الحرب مع الحروب التي خاضتها الأنظمة العربية ضدها، يتبين لنا بوضوح أن أداء إيران فيها كان أفضل بكثير من أداء الدول العربية مجتمعة في حروبها مع الصهاينة منذ عام 1948، وأنها أثبتت ان دولة الاحتلال لا يمكنها مواصلة احتلالها لفلسطين والمحافظة على بقائها بدون الدعم الأمريكي اللامحدود، وبدون مشاركة القواعد العسكرية والأمريكية في الدول العربية وخيانات وتآمر وخذلان وانبطاح الحكام العرب.
وعلى الرغم من إن كل طرف من الأطراف الثلاثة الولايات المتحدة وإسرائيل من جانب، وإيران من جانب آخر روج لسردية تناقض سردية الطرف الآخر، وكل ادعى الانتصار، إلا أن جميع الحقائق المتعلقة بنتائج هذه الحرب لم تكشف بعد لسبب جوهري وهو ان لا أحد يعرف حتى الآن مدى التدمير الذي أصاب التقنية النووية الإيرانية الموجودة على عمق تسعين مترا لأن المفاعلات النووية التي تم ضربها ما زالت موجودة تحت الردم، وعملية رفعه ستستغرق وقتا لمعرفة الدمار الذي أصابها.
ولهذا يمكن القول ان إسرائيل والولايات المتحدة لم تحققا نصرا واضحا كما تزعمان لأنهما لم تقدما أي دليل قاطع على تدمير تلك المنشآت. فقد أثار تقرير للاستخبارات الأمريكية تم تسريبه ونقلته محطة ” سي إن إن ” شكوكا حول ادعاء ترمب بأن الغارات الجوية الأمريكية دمرت بالكامل المنشآت النووية الإيرانية الرئيسية، واستنتج التقرير بدلا من ذلك أن الهجوم الأمريكي أعاد فقط البرنامج النووي الإيراني إلى الوراء عدة أشهر، أضف إلى ذلك أن العديد من المراقبين والخبراء يجمعون على ان إيران نقلت أجهزة الطرد المركزي واليورانيوم المخصب إلى مناطق أخرى.