“الشارع الفلسطيني ” بين انهيار اقتصادي وفقدان الثقة السياسية؟؟؟؟.. المحامي علي ابوحبله

تتصاعد حالة الغليان في الشارع الفلسطيني بشكل مقلق، مدفوعة بتدهور اقتصادي غير مسبوق، وفقدان شبه كامل لثقة المواطنين بالمؤسسات الرسمية التي تبدو اليوم وكأنها تعيش في حالة انفصال عن الواقع الاجتماعي والسياسي. في ظل هذا المشهد، تطرح أسئلة وجودية حول قدرة النظام السياسي الفلسطيني على الصمود أمام موجات الغضب الشعبي، ومدى استعداده لإجراء مراجعة شاملة قبل الوصول إلى نقطة الانفجار.

أولًا: الاقتصاد كمدخل للأزمة السياسية

لا يمكن فصل التدهور الاقتصادي الذي يعيشه الفلسطينيون عن البنية السياسية الهشة التي تعاني من أزمات شرعية وتمثيل مزمنة.

استمرار احتجاز إسرائيل لأموال المقاصة، وتراجع الدعم الدولي، كشف هشاشة الاقتصاد الفلسطيني القائم على المساعدات والجباية، مما جعل السلطة الفلسطينية عاجزة عن الإيفاء بالتزاماتها الأساسية تجاه الموظفين والمواطنين.

في المقابل، تغيب أي استراتيجية حكومية واضحة لإدارة الأزمة، ما عزز الانطباع الشعبي بأن الحكومة منفصلة عن واقع الناس، وتدير ظهرها لمعاناتهم اليوميةوتحملهم ما لا طاقة لهم على تحمله .

ثانيًا: مظاهر الاحتقان الاجتماعي وتآكل الثقة السياسية

توسع رقعة الاحتجاجات والإضرابات يعكس تحوّل السخط الشعبي من مطالب اقتصادية إلى تشكيك بالقدرة السياسية للنظام القائم على إدارة المرحلة.

على منصات التواصل الاجتماعي، بات الخطاب الغاضب أكثر راديكالية، متجاوزًا المطالب المعيشية إلى تساؤلات عن جدوى استمرار السلطة بشكلها الحالي، في ظل عجزها عن حماية الناس أو تحقيق الحد الأدنى من الأمن الاقتصادي والاجتماعي.

تتنامى الفجوة بين الشارع والنخب السياسية، وسط شعور عام بأن أولويات الطبقة السياسية لم تعد متصلة باحتياجات المجتمع.

ثالثًا: السيناريوهات السياسية والاجتماعية المحتملة

  1. احتواء الأزمة عبر مبادرات إصلاحية جريئة

يتطلب هذا السيناريو إقرار حزمة إجراءات إسعافية عاجلة، وإطلاق حوار وطني ومجتمعي يعيد صياغة العلاقة بين النظام السياسي والمجتمع الفلسطيني، لتجديد الثقة واحتواء موجات الغضب.

  1. تفاقم الأزمة وصولًا إلى انفجار اجتماعي

استمرار غياب الحلول سيقود إلى اضطرابات أوسع، قد تهدد السلم الأهلي، وتدفع نحو حالة من الفوضى الاجتماعية والسياسية، بما يعرض ما تبقى من الشرعية السياسية للاهتزاز العنيف.

  1. تدخلات خارجية مشروطة

قد تشهد المرحلة المقبلة ضغوطًا دولية أو إقليمية لدفع السلطة نحو إصلاحات سياسية واقتصادية عميقة مقابل تقديم دعم مالي، وهو سيناريو محفوف بمخاطر على القرار الوطني المستقل.

رابعًا: التوصيات السياسية والاجتماعية

على القيادة الفلسطينية إدراك أن الأزمة الاقتصادية الراهنة ليست معزولة عن أزمة شرعية سياسية، وأن أي حلول جزئية لن توقف الانهيار إذا لم تقرن بإجراءات سياسية شاملة.

إطلاق مبادرة وطنية للحوار المجتمعي تشارك فيها القوى السياسية والمدنية لبحث مخرج مشترك من الأزمة.

وضع خطة طوارئ اقتصادية تستهدف حماية الفئات الأشد تضررًا، وإعادة توجيه الموارد المتاحة لدعم صمود المجتمع بدلًا من النفقات الثانوية.

تبني خطاب سياسي جديد يقر بالأزمة ويعترف بمسؤولية المؤسسات عنها، بدلًا من حالة الإنكار أو التبرير.

 ما يحدث في الشارع الفلسطيني ليس مجرد أزمة معيشية عابرة، بل هو تعبير عن أزمة أعمق في العلاقة بين الدولة والمجتمع، وبين النظام السياسي وقاعدته الشعبية. ومع كل يوم تأخير في معالجة هذه الاختلالات، تزداد احتمالات الانفجار، بما قد يؤدي إلى زلزال اجتماعي وسياسي يعيد رسم معالم الساحة الفلسطينية بأدوات الغضب والفوضى، بدلًا من الحوار والإصلاح.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
Social Media Auto Publish Powered By : XYZScripts.com