من الجائر مالي أم الجزائر ؟؟؟

تطوان : مصطفى منيغ
دولتان إفريقيتان ملتصقتان (جغرافيا) بعضهما ببعض على امتداد ألف كيلومتر مربع ، لكنهما الآن على غير وفاق عكس ما يحتم تواجدهما على حسن الجوار واقتسام العديد من المزايا والأعراف والتقاليد وبالتالي الانتساب للقارة السمراء ، الجزائر قلقة من التواجد العسكري الروسي فوق الأرض المالية الممثل في الفيلق الإفريقي التابع لوزارة الدفاع الروسية ، مما تعتبره خطرا على أمنها القومي ، ومالي تتهم الجزائر صراحة بالتدخُّل في شؤونها الخاصة ، وأكثر من ذلك دعمها عناصر انفصالية ، تسعى للاستيلاء على الحكم ، أو إقامة كيان منزوع حيزه من الدولة المالية الموحدة التراب الوطني . التوافق المفروض أن يكون سمة الدولتين للعيس في سلام ، تحوَّل لصراع متصاعد ينوِّه بانفجار حتمي بينهما ، إن لم تُعالج قضاياهما الخلافية ، بحوار مفتوح هدفه البحث عن نقطة التقاء لا سبباً للفراق المشوب بما لا يُحمَد عقباه ، للجزائر في ذات الموضوع تجربة طويلة المدى مع المملكة المغربية ، يخص تبنيها جماعة صحراوية تعمل على زعزعة الاستقرار المغربي ، فالنيل من وحدته الترابية ، ولولا صبر المملكة المغربية ومحاولة تهدئة الهيجان الجزائري لاندلعت ما يجعل منطقة المغرب العربي ، مهددة بحرائق حرب شرسة ، الخاسر الأكبر فيها إفريقيا أولا وأخيراً ، كما الجزائر مرشحة لاعتناق توتر جديد بينها وتونس ، سببه صحراء تدَّعي تونس ملكيتها ، لولا فرنسا التي ضمتها للجزائر ، أثناء احتلالها البغيض لجل دول المغرب العربي ، لذا تعد فرنسا أم المصائب التي تؤدى حاليا ماً تؤديه تلك الدول من صراعات أكثرها بالخطيرة .
… جمهورية مالي تحدها شمالا الجزائر، ومن الشرق النيجر ، وساحل العاج وبرقينا فأسو من ناحية الجنوب ، وموريتانيا والسنغال من الغرب ، مساحتها الإجمالية 1.240.192 كيلومتر مربع ، تقطنها 22 مليون نسمة نصفهم يعيشون تحت ضغط الفقر ، تعد مدينة باماكو العاصمة الإدارية لها ، مواردها الطبيعة تقتصر على الملح واليورانيوم والذهب .
الحكم في مالي تقابله معارضة تتضح معالمها مع سلسة من الإجراءات المُتخذة من طرف رئيس المجلس العسكري الجنرال أسيمي غويتا المتربع على كرسي النفوذ العام عبر البلاد بعد انقلاب 2021 ، حيث أعطى لنفسه حق قيادة مالي دون منازع لمدة خمس سنوات متجددة تلقائيا دون اعتماد أي انتخاب ، شمال مالي صحراء زادها تهميش السلطات وإبعادها من أي استثمار عمومي ببناء مشاريع تساعد الأهالي على إيجاد فرص للعيش السليم ، زادها ذلك ما جعلها بؤرة لوجود منظمات مسلحة تخوض أحيانا هجمات على السلطات الرسمية المركزية مسببة لها عدم الشعور باستقرار دائم ، وأهم هذه المنظمات جماعة أزواد الداعية للانفصال عن دولة مالي حفاظا على هوية الطوارق ومرجعياتهم الثقافية ، إن لم تمكنهم نفس الدولة ، من حكم ذاتي يحققون من ورائه التوصل بحقهم المشروع من الثروة الوطنية ، وإلحاق الشمال بالجنوب في كل تطور تنموي قد يحصل مستقبلا ، إن ساد التعقل و التدبير المُحكم الحكيم لشؤون البلاد العامة ، دون إدخال أية عناصر أجنبية التي لن تضيف إلا العويص من المشاكل على المتراكمة ، الجاعلة من مالي متخبطة بسبب طموحات نظام عسكري يرى فيها الشعب المالي خطرا قد يفرز فتنا لا نهاية لها إلا بإرجاع الدولة كدولة إلي وراء الوراء .
مصطفى منيغ
سفير السلام العالمي
مدير مكتب المغرب لمنظمة الضمير العالمي لحقوق الإنسان في
سيدني – أستراليا
212770222634