العدوان مستمر والضمير غائب والعالم يكيل بمكيالين.. أبو شريف رباح

بالأمس رأينا العالم بأسره يستنفر عندما قامت دبابات الاحتلال بقصف كنيسة دير اللاتين في غزة، نعم العالم كلّه أدان واستنكر من دول كبرى الى رؤساء ووزراء ومنظمات دولية ومراجع دينية حتى الرئيس الأميركي دونالد ترامب تواصل مع نتنياهو هاتفياً معبّراً عن استنكاره لقصف الكنيسة.
ونحن كفلسطينيين نُدين ونستنكر بشدة هذا العدوان على الكنيسة كما أدنّا سابقاً القصف على مستشفى المعمداني في قلب غزة، فالمقدسات عندنا لها حرمتها ودور العبادة لها قدسيتها سواء كانت كنيسة أو مسجد.
لكن ووسط هذا الإجماع العالمي على إدانة استهداف الكنيسة نطرح سؤالاً موجعًا وصارخًا: أين أنتم من المجازر والجرائم اليومية في غزة؟ أين أنتم من قصف وتدمير معظم مساجد غزة؟ أين أنتم من الإبادة الجماعية التي يتعرض لها شعبنا الفلسطيني منذ أكثر من 651 يوماً؟ أين أنتم من تدمير مخيمات اللاجئين وتهجير سكانها في الضفة الغربية؟ أين أنتم من هجمات المستوطنين المدعومين من جيش الاحتلال على القرى والمزارع الفلسطينية؟ أين أنتم من الأطفال الجوعى الذين حرموا حتى من شربة حليب؟ أين أنتم من النساء والشيوخ الذين يتساقطون وهم يبحثون عن رغيف خبز أو جرعة ماء؟ أين أنتم من 200 ألف إنسان بين شهيد وجريح ومفقود وأسير في غزة؟!
ضمائركم ميتة لا تستيقظ إلا إذا مُسّت مصالحكم أو مواقع نفوذكم أو الطوائف المفضلة لديكم، يا من تدّعون الدفاع عن حقوق الإنسان والديمقراطية هل أصبح الإنسان الفلسطيني خارج دائرة إنسانيتكم فأين العدالة؟ وأين الضمير؟! (مع كامل احترامنا لإخواننا المسيحيين، شركائنا في الوطن والمعاناة)، نؤكد أن ما يحدث اليوم يتجاوز حدود الصمت ويتطلب وقفة ضمير عالمية لا تختار ضحاياها على أساس الدين والعرق والمصلحة.
قبل أن نحمّل الاحتلال مسؤولية استمرار الإبادة الجماعية والمجاعة الإنسانية في غزة، فإننا نحمّل المسؤولية الأولى والأخيرة للإدارة الأميركية، لأنها الجهة الوحيدة القادرة على لجم الاحتلال الإسرائيلي وإجباره على وقف حربه الهمجية ضد شعبنا الفلسطيني، فلا المجتمع الدولي، ولا الأمم المتحدة ومجلس الأمن، ولا الدول العربية والإسلامية، قادرة على وقف الحرب، أو إنهاء الحصار، أو فتح المعابر، أو إدخال المساعدات، فهؤلاء جميعًا عجزوا عن حماية المدنيين الفلسطينيين منذ عام 1948 ولم يتمكنوا من تنفيذ مئات القرارات الدولية لصالح شعبنا التي ما تزال حبيسة الأدراج في الأمم المتحدة ومجلس الأمن.