تاريخ ونشأة الغرف التجارية الصناعية الزراعية في فلسطين

د. ماهر تيسير الطباع
مدير عام غرفة تجارة وصناعة وزراعة محافظة غزة
 
جاء إنشاء الغرف في مختلف بلدان العالم لتكون الإطار التنظيمي لقطاع الأعمال الذي يمثله ويرعى مصالحه ويدعمه، ليساهم بفاعلية في تنفيذ برامج التنمية وتحقيق التطور والنمو الاقتصادي والاجتماعي المستدام.
وقد عرفت الغرف التجارية بمسميات مختلفة منذ زمن قديم يرجع إلى ما قبل الميلاد و مع نمو ممارسة المجتمعات للأنشطة الاقتصادية عبر الأزمان التاريخية المختلفة وصولا للقرون الوسطى لتكون أساسا لظهور الغرف التجارية بشكل منظم عن طريق مبادرات من أصحاب الأعمال وكانت البداية من قارة أوربا ، حيث أنشئت أول غرفة تجارية عام 1599م في مدينة مرسيليا التي كانت ومازالت من أهم موانئ فرنسا ، ثم توالى إنشاء الغرف في معظم الدول الصناعية في أوربا ، وامتدت بعد ذلك إلى قارات العالم خاصة في الدول التي اتجهت إلى تنمية اقتصادياتها بخطوات سريعة مثل الولايات المتحدة الأمريكية وكندا واليابان واستراليا.
وكان الهدف الرئيسي من الغرف تشكيل مؤسسات تجمع التجار والصناع لتمثيل مصالحهم أمام الحكومات، ولتنظيم المهن التجارية والصناعية. إن نموذج “الغرفة التجارية الصناعية” هو النموذج السائد في غالبية دول العالم كما في المملكة العربية السعودية وباقي دول الخليج العربي والدول الأوروبية والصين على سبيل المثال.
أما في فلسطين فيعود تشكيل الغرف التجارية الصناعية إلى بداية القرن التاسع عشر، وذلك حسب ما تم نشرة في دليل التجارة والصناعة والحرف والمهن العربية في فلسطين وشرقي الأردن والذي صدر تحت رعاية الغرفة التجارية الصناعية العربية في القدس، وتأسست الغرفة التجارية الصناعية الزراعية في القدس عام 1909حيث تم تأسيس غرفة الناصرة سنة 1912، غرفة تجارة نابلس سنة 1918، الغرفة التجارية والزراعية في عكا سنة 1919، غرفة تجارة حيفا وقضاها سنة 1920، الغرفة التجارية الوطنية يافا سنة 1922، غرفة التجارة في غزة سنة 1925، ثم مؤخراً تم تغيير اسم غرفة القدس إلى الغرفة التجارية الصناعية العربية في القدس سنة 1936.
وبعد ذلك تلاها تأسيس الغرفة التجارية الصناعية الزراعية في الضفة الغربية في عقود الأربعينيات والخمسينيات والستينات من القرن الماضي.
وتأسس اتحاد الغرف التجارية الصناعية والزراعية الفلسطينية عام 1989 في مدينة القدس بمبادرة من كافة الغرف الفلسطينية القائمة في ذلك التاريخ في الضفة الغربية وقطاع غزة، وبحضور ودعم من منظمة التحرير الفلسطينية خلال اجتماع للاتحاد العام للغرف العربية في الإمارات العربية المتحدة، ويشكل الاتحاد المظلة الرئيسية لـ 18 غرفة (13 غرفة في الضفة الغربية، 5 غرف في محافظات غزة)، وتتميز الغرف بانتشارها الجغرافي في كافة محافظات الوطن مما يمكنها من تقديم خدماتها لكافة القطاعات الاقتصادية من التجار والصناع والزراع بسهولة ودون أي معاناة.
وتعد الغرف التجارية الصناعية الزراعية هي الممثل الشرعي للقطاع الخاص وكافة المنشآت الاقتصادية وتضم في عضويتها ما يزيد عن 70 ألف عضوا في كافة محافظات فلسطين يمثلون كافة الأنشطة والشرائح الاقتصادية من التجارة والصناعة والزراعة والخدمات والتعهدات والحرف وتكنولوجيا المعلومات.
وتتمتع الغرف التجارية الصناعية الزراعية بالدمج بين القطاعات الاقتصادية المختلفة وعلى راسها القطاع التجاري، القطاع الصناعي والقطاع الزراعي، ويُعد هذا أساسًا متينًا لنمو الاقتصاد الوطني واستقراره في أي دولة، فالعلاقة بينهما تكاملية، حيث تعتمد كل منهما على الأخرى لتحقيق التنمية المستدامة. وهذا ما يميز الدمج وتطبيق نموذج الغرف التجارية الصناعية بدلاً من الفصل الذي يؤدي إلى التنافس وتغليب مصلحة قطاع على الآخر.
وترتبط التجارة والصناعة بعلاقة طردية، حيث أن الصناعة تقوم بإنتاج السلع والبضائع والتجارة تقوم بتوزيع وتسويق هذه السلع محليًا ودوليًا، أي أنه بدون صناعة، لا توجد منتجات تُباع، وبدون تجارة، لا تصل المنتجات إلى المستهلك.
وكما هو مفهوم فإن الصناعة تنتج، والتجارة توزع، ومن دون استمرارهما معًا يحدث خلل في السوق، وتتراجع فرص النمو، وتقل كفاءة الاقتصاد.
لذلك، من المهم أن تعمل الدول على تعزيز هذا التكامل عبر السياسات، والتشريعات، والدعم اللوجستي، والبنية التحتية.
 ولعبت الغرف التجارية الصناعية دورا مهما في الحياة الاقتصادية، وقد تطور هذا الدور من حيث الحجم والنوع مع التطورات الاقتصادية التي حدثت في دول العالم ونمو قطاعات الأعمال التي تمثلها هذه الغرف وتزايد أهميتها في هيكل الاقتصاد الفلسطيني ومن ثم جاء التوسع في دورها من مجرد الدفاع عن مصالح قطاعات الأعمال إلى الإسهام في دعمها وتطويرها ومعاونتها بسبل متعددة لتحقيق أهدافها وتوسعة علاقاتها.
ويجب العمل على تعزيز هذا الدور بشكل أفضل من اجل الوصول الى المساهمة الفاعلة في تعزيز مكانة القطاع الخاص الفلسطيني وبالتالي تعزيز ونمو الاقتصاد الفلسطيني.
وتجدر الإشارة الى أن أخر عملية انتخابية للغرف التجارية الصناعية الزراعية قد جرت على مستوى جميع محافظات الوطن دون أي استثناء وبصورة متزامنة ومتوافقة حيث بدأت بموجب القرار الوزاري الصادر عن وزير الاقتصاد الوطني رقم (498) لسنة 2022، وذلك استنادا الى القرار بقانون رقم (9) لسنة 2011 الخاص بالغرف التجارية، والقرار الصادر عن مجلس الوزراء رقم (2) لسنة 2013 بشأن نظام الغرف التجارية الصناعية الزراعية.
 
أهداف الغرف التجارية الصناعية:
  1. تمثيل القطاع الخاص أمام الجهات الحكومية والدولية والدفاع عن مصالحه.
  2. تنمية وتطوير البنية الاقتصادية.
  3. تنمية العلاقات الدولية والعربية وفتح آفاق جديدة بين رجال الأعمال من مختلف دول العالم وفلسطين.
  4. تقديم الاقتراحات والتوجيهات في كل ما يهم المسائل التجارية والصناعية والزراعية مما يساهم في ازدهارها.
  5. تعزيز العلاقات بين الغرفة التجارية الفلسطينية والغرف التجارية في الدول العربية والأجنبية.
  6. توفير البيانات والمعلومات عن التجارة والصناعة في منطقة تمثيل الغرفة لخدمة متخذي القرار والباحثين والمستثمرين.
  7. تحسين البيئة الاستثمارية من خلال تأثيرها في قضايا معينة لها علاقة بأعضاء الهيئة العامة مثل الضرائب والبطالة والقوانين الاقتصادية المختلفة، إضافة إلى حل النزاعات التجارية التي تحدث بين الأعضاء من خلال الوساطة والتحكيم.
  8. التعبير عن وجهة نظر أعضاء الهيئة العامة في التوجهات الاقتصادية والتشريعات والقوانين والإجراءات النظامية التي تمس مصالحهم.
  الخدمات التي تقدمها الغرف التجارية الصناعية:
  1. تنظيم المحاضرات والندوات وورش العمل والمؤتمرات لأعضاء الهيئة العامة حول المواضيع الاقتصادية المطروحة على الساحة.  
  2. تقديم حزمة من البرامج التدريبية الهادفة الى تدريب اعضاء الهيئة العامة والعاملين لديهم وتأهيلهم لممارسة اعمالهم بأفضل الطرق ووفق أحدث الطرق والأساليب الادارية والمهنية والفنية الحديثة.
  3. إصدار شهادات المنشأ للمنتجات الفلسطينية الصناعية والزراعية. وشهادات إعادة التصدير للبضائع الأجنبية.
  4. إصدار شهادة توصية لمساعدة التجار ورجال الأعمال في الحصول على التأشيرات اللازمة لدخول الدول الأجنبية والعربية.
  5. إصدار شهادة إثبات المهنة في جواز السفر للتجار ورجال الاعمال.
  6. تنظيم الوفود والبعثـات التجـارية للمشـاركة في المعـارض الدولية والعربية.
  7. استقبال الوفود الأجنبية من رجال الأعمال وعمل لقاءات مشتركة مع رجال أعمال محليين وذلك لتبادل الخبرات وفتح أسواق جديدة.
  8. إجراء الدراسات والتقارير والأبحاث حيث تقوم معظم الغرف بإجراء عدد من الدراسات الاقتصادية وإصدار تقارير وأبحاث تهتم بجوانب معينة من الحياة الاقتصادية والصناعية التي تهم اعضاء الغرف والباحثين والجهات الرسمية.
  9. اصدار المطبوعات حيث تقوم معظم الغرف بإصدار عدد من المطبوعات التي تهتم بالجانب الاقتصادي مثل اصدار المجلات والأدلة التجارية كدليل المعارض الدولية وغيرها اضافة الى الاجندة السنوية وعدد من النشرات التعريفية.
  10. المساهمة الفاعلة في ترويج المنتجات الوطنية من خلال تنظيم المعارض المحلية للصناعات الوطنية.
  11. توفير المعلومات عن الأسواق والمنتجات والشركات العربية والعالمية.
 
إن الغرف التجارية الصناعية الزراعية تعمل باستمرار على تحقيق أهدافها بما يخدم أعضاء الهيئة العامة، وتقديم خدمات أفضل لتحقيق النهوض بالغرفة التجارية الصناعية واستمرار دورها الريادي لقيادة القطاع الخاص الفلسطيني.
 
 

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
Social Media Auto Publish Powered By : XYZScripts.com