رد موظفي القطاع العام على مقال السيد سمير حليله بعنوان” الاصلاح المطلوب منا … دائمًا الزيادة في العلاوات: جوهر أزمة الرواتب”❗️
📜مقال تفنيدي لبسام زكارنة يوضح بالأرقام والحقائق أن الموظف الفلسطيني ليس سبب الأزمة بل أحد أكبر المتضررين منها.
المقال يوضح:
- حقيقة ما يُسمى “العلاوات”
- كيف تآكلت الرواتب فعلياً منذ سنوات
- دور الاحتلال والعوامل السياسية والمالية في الأزمة
- واقع الموظف اليومي وحقوقه المهدورة
- دعوة لإصلاح عادل يبدأ من الأعلى لا من جيب الموظف
التفاصيل في المقال…👇
👤كتب: بسام زكارنة
عضو المجلس الثوري ورئيس نقابة العاملين في الوظيفه العمومية
💬 نُقدّر للسيد سمير حليله اهتمامه بالشأن المالي الفلسطيني ومحاولته قراءة جذور الأزمة التي تمر بها السلطة الوطنية الفلسطينية.
لكننا نرى أن مقاله مع الاحترام لم يكن موجّهاً لتحليل واقعي موضوعي بقدر ما بدا كأنه رسالة لمن يبحث عن “قيادات المرحلة القادمة” لا لمن يعيشون في قلب الأزمة ويدفعون ثمنها يوماً بيوم.
نحن موظفي القطاع العام نجد أنفسنا مضطرين لتوضيح مجموعة من الحقائق الجوهرية التي غابت عن المقال وتسببت – للأسف – في تحميل الموظف العام مسؤولية أزمة معقدة ومتعددة الأبعاد: سياسية، اقتصادية، واحتلالية رغم ان الموظف يحمل الجزء الأثقل من هذه الأزمة و يقدم الخدمة و أطفاله جياع او بلا قوت مناسب همه منع انهيار السلطة مقدمة الدولة و وقفا مع شعبه ضد حرب الابادة .
🔴 أولاً : عن “العلاوات”.. لم تذكرها في مقالك و نسأل ما هي العلاوات التي يتحدث عنها؟
الحديث عن “علاوات تُمنح بلا مبرر” غير دقيق بل غير موجودة اطلاقاً هناك نقص في العلاوات .
العلاوات التي يتقاضاها موظفو الخدمة المدنية والأمنية تُصرف وفق قوانين رسمية مثل قانون الخدمة المدنية وقانون قوى الأمن وتشمل:
- علاوات مهنية (كالطبيب، المعلم، المهندس، القاضي…)
- علاوات بدل مخاطرة وطبيعة عمل و بعض الوظائف لم تحصل عليها حتى الان و نناضل من اجلها وفق القانون المُقر وليس طلب جديد.
- علاوات تنقلات ومواصلات
.علاوة اجتماعية ( تخيلوا علاوة زوجة 40 شيكل ، علاوة مولود 20 شيكل )
فهل من العدالة مساواة طبيب يُجري جراحات طارئة في غرفة عمليات و معلم يحمل عبء دراسي فوق طاقته بموظف مكتبي اداري خلف طاولة؟
وهل يعلم السيد حليله أن تكاليف المواصلات تضاعفت مرات بفعل الحواجز؟
حيث أن موظفًا كان يتنقل بـ5 شواقل يومياً يدفع اليوم 20–30 شيكلاً يومياً بسبب انعدام المسارات السلسة و هل علاوة زوجة 40 شيكل منصفة او علاوة مولود 20 شيكل منصفة !!! لكن هذا ما نص عليه القانون و ليست منة من احد .
🔴 ثانيًا: الرواتب لم ترتفع… بل تتآكل منذ 2014
منذ عام 2014 لم تُصرف علاوة غلاء المعيشة رغم أن القانون ينص على ربط الأجور بمؤشر غلاء الأسعار وحتى ما صرف قبل 2014 لم يصرف كاملا .
والنتيجة: تآكل القيمة الحقيقية للرواتب بنسبة تصل إلى 40%.
بل أكثر من ذلك:
- لم تُدفع الرواتب كاملة منذ أكثر من 44 شهرًا
- تراكمت مستحقات الموظفين لما يزيد عن 12 شهرًا من الراتب الكامل ولم تلتزم الحكومة بدفع فوائد التأخير و هكذا خسر الموظف ما نسبته 11% من قيمة المتأخرات بل و اكثر من ذلك اضطرّ لقرض من البنك و دفع 11% عليها بمعنى ان هناك خسارة للموظف 22% من قيمة مستحقاته .
- ما يُصرف فعليًا لا يتجاوز 54% من الاستحقاق الكلي للموظف و لا زال صامداً يخدم شعبه .
ومع ذلك لم يُسجَّل أي تعافٍ مالي في الموازنة… اذن ما هو السبب الحقيقي للعجز ؟
ببساطة الاحتلال … و وقف الدعم الأوربي و العربي و ليس علاوة الموظف المسحوق .
🔴 ثالثا ً: أين الاحتلال من مقالك ؟
من الغريب أن يُحمَّل الموظف المسؤولية دون ذكر دور الاحتلال كما هي الحقيقة رغم أنه الطرف الأكثر تأثيراً في الأزمة المالية من خلال:
- التحكم الكامل بأموال المقاصة (وهي تشكل 70–75% من الإيرادات)
- اقتحام واستهداف البنية التحتية للوزارات والمقار
- منع العمال والتجار من الوصول إلى أراضي 48
- احتكار الموارد الطبيعية في المناطق المصنفة C
- خصومات تعسفية تزيد عن 850 مليون شيكل سنوياً
هل يُعقل أن نناقش أزمة الرواتب بمعزل عن هذه المعطيات البنيوية؟ حتى مظاهر الفساد من العار ذكرها كسبب رئيسي لانها ليست كذلك و داخليا واجبنا محاربتها دون السماح بإستخدامها شماعة لمعاقبة السلطة وكأن هناك مصادر كافية و يختلسها كبار الدولة نعم موجود فاسدين و يختلسوا لكن ليست هي سبب عجز السلطة عن الوفاء بالتزامتها.
🔴 رابعا : هل تعلمون واقع الوزارات؟
نحن لا نطلب امتيازات بل الحدّ الأدنى من بيئة العمل حيث الواقع في الميدان يُظهر:
- نقص حاد في الكوادر: في الصحة، والتعليم، والداخلية، والمالية
- إحالة للتقاعد دون تعيين بدائل
- اصبح الطبيب يعمل بدوام مضاعف ومعلم يُكلف بـ30–35 حصة أسبوعياً علما ان العبء للمعلم 21 حصة و هكذا في وزارات اخرى .
- مستشفيات متبرع بها معطّلة لعدم وجود طواقم
- اكتظاظ صفوف داخل المدارس إلى حد تجاوز 50 طالباً في بعضها
فهل المطلوب استنزاف الموظف اكثر ثم لومه على “ارتفاع فاتورة الرواتب و راتبه الكامل لا يوفر حياة كريمة ، بعض المعلمين يعمل سائق تكسي ليطعم أطفاله.
🔴 خامساً : من يتحدث عن “الإنفاق الزائد”؟
موظفو القطاع العام اليوم بدلًا من أن يكونوا أساس الدولة باتوا ضحايا ضغط معيشي متفاقم:
- لا يحصلون على تأمين صحي فعّال رغم الاقتطاع الشهري يعني نقص أسرة و نقص أدوية بل انعدامها غالباً.
- يُهدد أبناؤهم بالفصل من الجامعات بسبب الأقساط المتراكمة و يقدموا للمحاكم بسبب الشيكات الراجعة و يدفعوا مخالفات بسبب عدم القدرة على تجديد رخصهم!!!.
- يُفصلون من السكن لعجزهم عن دفع الإيجار
- يُقطع عنهم الماء والكهرباء بسبب تراكم الفواتير
- يعيشون على قروض بنكية بفوائد عالية، بدون أي حماية تشريعية
فهل طالب أحد بخفض الفوائد البنكية؟ أو مراجعة تسعيرة الاتصالات والكهرباء؟ أو وقف جبايات مكررة على نفس الراتب المبتور؟
و تقول الموظف ظالم !!! اي لغة هذه … الموظف فدائي لشعبه الان .
🔴 سادساً : ماذا عن الحقوق غير المدفوعة؟
بدلًا من الحديث عن “زيادات” لماذا لا نُذكّر بالحقوق التي لم تُصرف أصلاً ومنها:
- علاوة غلاء المعيشة (متوقفة منذ 2014) وقبلها مجتزأة.
- علاوة ندرة لتخصصات حرجة (أطباء تخدير، مختبرات، وقانونيين و من يعملوا بدباغة الذهب و سائقي المعدات الثقيلة وووو الخ …)
- علاوة مخاطرة لأصحاب المهن الميدانية في الأمن والصحة لم تدفع للجميع .
- ترقيات مؤجلة مرّ على استحقاقها ضعف المدة القانونية او اكثر للعسكرين و المدنين .
- رواتب العسكريين أصلا لا تزال تُصرف بنسبة 50% منذ عام 2003 خصمت بقرار الشهيد ابو عمار !! و اسال إذا لا تعلم !.
أين هذه كله من “الزيادة في العلاوات” المزعومة؟!
ماذا لو طلب الموظفون حقوقهم المنصوص عليها في القانون !!…
كان الاولى ان تذكر ذلك و تقول شكراا للموظفين الصابرين الصامدين .!
🔴 سابعا : نريد إصلاحاً حقيقيا… لا وصفات فوقية
نحن لسنا ضد الإصلاح بل نطالب به…
لكن نرفض أن يبدأ الإصلاح من الحلقة الأضعف: جيب الموظف.
إذا كان السيد حليله يدعو لتشكيل “مفوضية إصلاح”. فنقول:
- لا بد من مشاركة ممثلين عن الموظفين والنقابات
- نطالب بكشف تكلفة هذه المفوضية على الخزينة
- نسأل بوضوح: هل سيقبل أحد من الخبراء “الإصلاحيين” بأقل من 20,000 شيكل راتباً شهرياً ؟
و يعلم الدكتور حليلة ان هولاء و حتى هو رواتبهم بين عشرة الاف دولار و عشرين الف !!
يعني اعلى من راتب الرئيس و رئيس الوزراء باضعاف!!!
ونُذكّر أن بعض المستشارين اليوم في القطاع الخاص يتقاضون ما يزيد عن 25 ضعف راتب موظف من الدرجة العليا في السلطة.
فهل هؤلاء هم من يُقنعنا بـ”شد الحزام”؟!
🟥 أخيراً : الموظف ليس الأزمة… بل ضحيتها
الموظف الفلسطيني هو من أبقى الدولة قائمة في أصعب ظروف:
- في ظل الانقسام
- وتحت الحصار
- وأمام تغييب العدالة الاجتماعية
وإذا كان هناك من يجب أن تبدأ به “الإصلاحات” فليكن من:
- امتيازات المسؤولين
- موازنات الهيئات المستقلة
- مراجعة موازنات الأمن والمكاتب الخارجية
- فتح ملفات الاقتراض من صندوق التقاعد (أكثر من 4 مليار دولار!)
. طرد الفاسدين.
. تعيين خبراء في استقطاب المساعدات .
. تعيين الرجل المناسب في المكان المناسب و وقف الترقيات دون قانون .
الموظف ليس الأزمة… بل العمود الفقري للدولة
والإصلاح الحقيقي لا يبدأ من راتبه بل من بنية السلطة نفسها.
وندعو السيد حليله وكل من تعنيه العدالة الاجتماعية إلى حوار حقيقي وشفاف.
ليس فقط على الورق… بل في الشارع حيث يعيش الموظف كل يوم أزمة حقيقية تتجاوز كل الأرقام.

أبرز ما ذكره سمير حليله في مقاله: الاصلاح المطلوب منا … دائما
الزيادة في العلاوات: جوهر أزمة الرواتب
رغم ارتفاع عدد موظفي السلطة الوطنية تدريجيًا، إلا أن السبب الأهم وراء تضخم فاتورة الرواتب لم يكن عدد الموظفين فقط، بل الزيادة الكبيرة والمستمرة في العلاوات والبدلات المضافة إلى الراتب الأساسي. حيث تشير البيانات إلى أن الزيادة السنوية في فاتورة الرواتب ناتجة بنسبة 3٪ عن زيادة عدد الموظفين، في حين أن 2٪ أخرى ناتجة عن الزيادات في العلاوات والامتيازات، ما يعني أن العلاوات تمثل ما لا يقل عن 40٪ من نمو الفاتورة السنوي.
الأخطر أن هذه العلاوات تُمنح بشكل شبه تلقائي لجميع الموظفين، دون معايير أداء أو إنتاجية واضحة، ودون ارتباط بالدور الوظيفي الفعلي، مما أفقدها مبررها الوظيفي أو الاقتصادي. هذه السياسة أدت إلى خلق تفاوتات كبيرة في الرواتب، وزيادة غير مبررة في النفقات، دون أن تنعكس على تحسين جودة الخدمات العامة، أو رفع كفاءة الجهاز الحكومي. على العكس، تراجع أداء فلسطين في مؤشرات الحوكمة العالمية من 43/100 عام 2010 إلى 29/100 في 2020، بينما بقيت الرواتب ترتفع بشكل غير منضبط.
لذلك، فإن معالجة هذا الخلل تتطلب إصلاحًا جذريًا في نظام العلاوات، من خلال ضبطها وتشريعها وفق معايير أداء موضوعية، ووقف صرفها التلقائي، وإعادة النظر في التشريعات التي تسمح بها، لا سيما قوانين الخدمة المدنية والأمن والدبلوماسية الصادرة قبل عشرين عامًا.
الاصلاح المطلوب منا … دائما الكاتب: سمير حليله

استعرضت الحكومة الفلسطينية ومعهد ماس وغيره من المؤسسات العامة وعدد كبير من الخبراء وممثلي القطاع الخاص ،الأزمة الاقتصادية العامة التي يعاني منها الاقتصاد الفلسطيني بشكل عام ، وأزمة المقاصة المستفحلة وتأثيرها المباشر على جمهور موظفي الخدمة المدنية وقوى الأمن الفلسطيني ، وخاصة في الضفة الغربية .
وفي المراجعة النهائية لأسباب هذه الأزمات تتصدر الحكومة الاسرائيلية والاحتلال المسؤولية الأساسية ،باعتبار ان ما يجري هو محاولة لخنق الاقتصاد الفلسطيني بشكل شامل بهدف اضعافه والدفع للتهجير ، ومحاولة لتفكيك السلطة الوطنية وافقادها شرعيتها امام جمهورها.
وبدون استعراض المقترحات التي قدمها العديد من الخبراء والمؤسسات لتجاوز هذه المحنة ، أشعر اننا امام مسؤولية أوسع بكثير من معالجة مشكلة راتب هذا الشهر او ذاك بالرغم من اهميتها لصمود الناس واستمرار تقديم الخدمات الحكومية .
ان تكرار تعرض فلسطين عبر السنوات لمثل هذه الضغوط وبأشكال مختلفة يدفعنا للبحث عن حلول متوسطة المدى وذات طابع بنيوي اكثر ، ليس بديلا عن المباشر ولكن اضافة له.
وقد استند هذا الملخص الى تقرير البنك الدولي الصادر في حزيران من هذا العام حول مراجعة الانفاق العام للسلطة الفلسطيني، حيث ربما نستطيع معا ان نرسم ملامح خطة اصلاحية متوسطة المدى بعد التعرف على الحقائق المهمة المتعلقة بالخدمة المدنية وخدمة قوى الأمن لدى السلطة الوطنية الفلسطينية.
المعطيات الاساسية تراجعت المساعدات الدولية لميزانية السلطة بشكل كبير في العقد الاخير من حوالي ٢ مليار دولار سنويا الى ما يقارب ال ٤٠٠ مليون دولار ( من ٢٧٪ من الناتج المحلي عام ٢٠٠٨ الى ٢٪ منه عام ٢٠٢٣) . واستطاعت السلطة عبر حكوماتها المتتابعة ان ترفع وتحسن ايراداتها بشكل كبير ولكن دون ان تستطيع تغطية العجز السنوي المتراكم . ولذلك لجأت للاقتراض من مصادر محلية كالبنوك(2,88 بليون دولار في نهاية ٢٠٢٤)، وهيئة التقاعد (٣ بليون دولار) وموظفي السلطة (١،٤٧ بليون دولار)، والقطاع الخاص (١،٥ بليون دولار) بما أوصل الدين العام في نهاية العام الماضي ليصبح ١١،٨ بليون دولار اي ٨٥،٧٪ من الناتج المحلي الاجمالي..
وقامت السلطة بجمع ايراداتها قبل الحرب بنسبة ٣٪ من غزه و ٩٧٪ من الضفة الغربية، بينما كان ٢٩٪ من انفاقها على غزه منذ عام ٢٠٠٧.
وبشكل مبدئي ، فان نسبة تحصيل الايرادات من اجمالي الناتج المحلي في فلسطين هو ضمن المستوى الاقليمي والدولي ، ويتراوح حول ٢٦٪ من الناتج المحلي الاجمالي ، بينما الايرادات الضريبية لوحدها تتراوح حول ٢٠،٣٪ ، وهي من أعلى نسب المنطقة.
وكان معدل رواتب موظفي السلطة يتراوح حول ١٤٪ من الناتج المحلي بينما تتراوح معدلات دول المنطقة حول ١١٪ .وعند فحص اسباب ارتفاع فاتورة الرواتب وجد ان معدلات الارتفاع سنويا هي ٣،٪ في الرواتب الأساسية ( بسبب ازدياد عدد الموظفين)، و ٢٪ في العلاوات والاضافات.وقد زاد عدد الموظفين على ملاك الخدمة المدنية وقوى الامن ووصل مع نهاية ٢٠٢٤ الى ١٥٥،٦١٤ موظفا من أصل ١٥٣،٥٧٤ موظفا ، بينما زادت قيمة الرواتب السنوية من ٦،٤ مليار شيكل عام ٢٠١١ الى ٨،٤ مليار عام ٢٠٢١.
وقد زادت حصة الضفة الغربية من ٥٧٪ من الموظفين عام ٢٠١١ الى ٧٢٪ عام ٢٠٢١ ووصلت في النهاية في العام ٢٠٢٤ الى ١١٦،٤٥٨ موظفا في الضفة ٧٥،٤٪ و ٣٩،١٥٦ موظفا في غزه٢٤،٦٪.
الا ان النقطة الأهم بقيت ان الزيادة الأهم في تكلفة الرواتب لم تكن هي زيادة عدد الموظفين ، بل الزيادة الهائلة المستمرة في العلاوات والاضافات على الراتب ، حيث معظم الموظفين العموميين يقبضون كل انواع العلاوات وهي غير مرتبطة بأداء مهني او دور وظيفي . وبالطبع لم تنعكس زيادة الرواتب على الاداء الحكومي حيث تراجع اداء فلسطين المقارن من المرتبة ٤٣/١٠٠ عام ٢٠١٠ الى ٢٩/١٠٠ عام ٢٠٢٠ في حين كان متوسط المنطقة ٤٢/١٠٠ .
اما الايرادات المحليه فقد زادت من ٤،٣٪ من الناتج المحلي عام ٢٠١٥ الى ٦٪ عام ٢٠٢٢ بينما معدل المنطقة هو ٥،١٪، بالرغم من ان معدل ضريبة دخل على الشركات في فلسطين ( ١٥٪) وهو اقل من المعدل العالمي (٢٢،٦٪) .
اما النفقات العامة ، فقد ارتفعت بين ٢٠١٥-٢٠٢٢ لتصل الى ٣٠،٤٪ من الناتج المحلي الاجمالي ، وهو اعلى من الاردن ومصر والمغرب ومتوسط المنطقة . وبالرغم من ان السلطة تعتبر ان نفقاتها هي اساس النمو ومواجهة الاجراءات الاسرائيلية ، الا ان هذه النفقات لم تستطع خلق نمو مستدام او خلق فرص عمل جديده. ، حيث نصف النفقات تذهب للرواتب بينما تراوحت الاستثمارات حول ٢٪ وهو اقل بكثير من اغلب دول العالم. ومع ان نفقات التعليم والصحة كانت حول المتوسط العالمي ، الا ان نفقات الامن والحماية الاجتماعيه كانت أعلى بكثير.
ومن بند الرواتب ، برز ان نفقات الرواتب في قطاع الأمن كانت ٣٧٪ وفي التعليم ٣٣٪ وفي الصحة ١١٪. الا ان دراسة معمقه في هذه القطاعات الثلاث أبرزت ملاحظات اساسية ومنها : القطاع الصحي ؛ ثلث ميزانيته لتغطية التحويلات لمستشفيات خارج النظام الصحي ، وعدد الموظفين غير كاف مقارنة بالمنطقة ما عدا غزه ، اضافة لملاحظات اضافية . اما التعليم فما زال هناك نقص في رواتب المعلمين وهناك ضعف في النظام ما قبل المدرسي بينما معدل الانفاق مساو للمعدلات الدولية .
ان من الواضح ان اساس الزيادة المضطردة في فاتورة الرواتب هي قانون الخدمة المدنية ٢٠٠٥ وقانون خدمة الأمن ٢٠٠٧ والقانون الدبلوماسي ٢٠٠٧، وان اية عملية اصلاح حقيقية يجب ان تتناول هذه القوانين بالمراجعة والفحص مع مرور عشرين عاما على صدورها وتطبيقها . والجدير بالذكر ان عدد الموظفين الدائمين من موظفي الخدمة المدنية يصل الى ٨٩٪ فقط، والباقين عمال مياومة ومكافآت وعمال شهريين وعمال طوارئ.
من المتوقع وصول فاتورة الرواتب في العام القادم الى ٨،٨ مليار شيكل وعدد الموظفين الى حدود ١٥٦٠٠٠ موظف. والمطلوب تخفيض الفاتورة الى رقم يتراوح حول ٧ مليار شيكل وعدد موظفين يتراوح حول ١٤٨٠٠٠ موظف. وهذا يتحقق ليس بالتقاعد المبكر لوحده ، مع انه مفيد بعض الشئ ، ولكن باجراءات صارمة لضبط العلاوات والزيادات السنوية ، وتجميد مؤقت في زيادات الرواتب ، اضافة لمجموعة اخرى من الخطوات الابداعية التي يمكن ان تقترحها الوزارات المختلفة . ان الجهود المطلوب بذلها داخل عدد من الوزارات الرئيسية وكذلك المراجعة المعمقه للقوانين المتعلقه بالوظيفة العمومية والتأمين الصحي وأنظمة التقاعد وغيرها يمكن ان تقود لتخفيض حقيقي وضبط كبير للانفاق العام .
ويبقى السؤال هل هذا هو الحل للأزمة المالية الحالية ..؟ بالطبع لأ ، ولكنها خطوات اصلاحية متوسطة المدى تمنع وقوعنا في هاوية سحيقة اذا استمرت الحكومة في تسيير اعمالها بالدفع الذاتي.
ان المطلوب فورا هو تشكيل مفوضية للاصلاح الحكومي تتحمل مسؤولية هذه المهمة الصعبة ، وتشارك فيها وتدعمها الرئاسة الفلسطينية وحركة فتح ومنظمة التحرير لأهميتها . ويتم دعمها بشكل كامل ، لان هذه الخطوات الاصلاحية قد تستطيع المساهمة في انقاذ المركب الغارق .
ان تقرير البنك الدولي المذكور غني بالمعلومات وبالمقترحات ، وليس فيه وصفة جاهزه بالرغم من وجود خطة عمل قطاعية وعامة . لكنه ملئ بالمؤشرات والاهداف التي تستطيع اي ادارة حكومية ان تبدأ عنده . وهذا يحملنا نحن مسؤولية كبيره لقيادة هذه العملية الاصلاحية بدل ان نكتفي بالمناشده والمطالبة من المجتمع الدولي . فهل من مجيب !؟!.
___________________________________
** سمير عثمان محمود حليلة (وُلد في 11 مايو 1957 في أريحا ) اقتصادي، ورجل أعمال وسياسي فلسطيني. كان أمينًا عامًا لحكومة أحمد قريع الثالثة، ووكيلًا مساعدًا لوزارة الاقتصاد والتجارة، إضافة إلى كونه رئيسًا لمجلس إدارة معهد الأبحاث الاقتصادية، ومجلس إدارة مركز التجارة الفلسطيني، وشركة باديكو، وعضوًا في مجالس شركات فلسطينية عدة.