السلام المستدام في الشرق الأوسط: نحو عيش مشترك وإنهاء الصراع الفلسطيني الإسرائيلي.. المحامي علي ابوحبله

: إشكالية الصراع وضرورة السلام**
ظل الشرق الأوسط لقرون مسرحاً للصراعات والنزاعات التي أنهكت شعوبه وأهدرت موارده، وكان الصراع الفلسطيني الإسرائيلي أحد أبرز هذه الصراعات وأكثرها تعقيداً. ومع تصاعد التطرف وانهيار الثقة بين الجانبين، أصبح تحقيق السلام ليس خياراً سياسياً فحسب، بل ضرورة إنسانية وأمنية. لكن كيف يمكن تحويل السلام من شعار إلى واقع؟ وما هي الأسس اللازمة لبناء تعايش فلسطيني إسرائيلي مستدام؟
**1. جذور الصراع وعوائق السلام**
قبل الحديث عن الحلول، لا بد من فهم الأسباب العميقة للصراع، والتي تتجاوز النزاع على الأرض لتشمل:
**المظالم التاريخية**: الرواية الفلسطينية تركز على النكبة والتشريد، بينما ترى إسرائيل في الصراع مسألة وجود وأمن.
**غياب العدالة**: استمرار الاحتلال، التوسع الاستيطاني، وعدم الاعتراف المتبادل.
**العوامل الخارجية**: دور القوى الإقليمية والدولية في تأجيج الصراع أو احتوائه.
**الأيديولوجيا والهوية**: تعميق خطاب الكراهية من خلال التعليم والإعلام.
هذه العوامل جعلت من الصراع قضية متعددة الأبعاد، تتطلب حلولاً شاملة لا تركز فقط على الجانب السياسي، بل أيضاً على البعدين المجتمعي والاقتصادي.
2،-. نحو حل شامل: مقاربات نظرية وتجارب دولية**
التجارب التاريخية تثبت أن السلام لا يتحقق بالقوة العسكرية، بل عبر: أ. التسوية السياسية العادلة**
**حل الدولتين**: رغم انتقاد البعض له لضعف جدواه على الأرض، إلا أنه يبقى الإطار الأكثر قبولاً دولياً، شرط أن تقوم الدولة الفلسطينية على حدود 1967 بعاصمتها القدس الشرقية، مع ضمان أمن إسرائيل.
حل الدولة الواحدة الديمقراطية**: طرحه بعض المفكرين كبديل، لكنه يواجه رفضاً إسرائيلياً خشية تغير الطابع الديموغرافي للدولة.
**ب. المصالحة المجتمعية**
– العدالة الانتقالية: كما في تجربة جنوب إفريقيا، حيث ساهمت “لجنة الحقيقة والمصالحة” في كشف الانتهاكات وبناء جسور الثقة.
– إصلاح التعليم والإعلام: تغيير المناهج التي تروج للكراهية، وتعزيز خطاب يعترف بالآخر.
**ج. التعاون الاقتصادي*
– مشاريع البنية التحتية المشتركة (مياه، طاقة، مواصلات).
– فتح الحدود لتحقيق تكامل اقتصادي، كما حدث في الاتحاد الأوروبي بعد حروب طاحنة.
- التحديات والفرص الراهنة**
رغم تعثر عملية السلام، تبقى هناك فرص يمكن استثمارها:
**التحديات**
– استمرار الاستيطان وتفكك الساحة الفلسطينية.
– صعود اليمين المتطرف في إسرائيل.
– تدخلات إقليمية تزيد من تعقيد الصراع.
**الفرص**
– تغير الرأي العام العالمي تجاه القضية الفلسطينية.
– نمو حركات سلام من الجانبين (مثل “السلام الآن” الإسرائيلية ونشطاء فلسطينيين يدعون إلى المقاومة السلمية).
– التطبيع العربي مع إسرائيل قد يُستخدم كجسر لدفع عملية السلام، لو رُبط بتحسين أوضاع الفلسطينيين والإقرار بحقوقهم المشروعة وحق تقرير المصير وإقامة الدولة الفلسطينية المستقلة وعاصمتها القدس
**4. الخاتمة: هل السلام ممكن؟
السلام بين الفلسطينيين والإسرائيليين ليس مستحيلاً، لكنه يحتاج إلى:
- **إرادة سياسية حقيقية** من قيادات الجانبين.
- **ضغط دولي فاعل** يفرض حلولاً عادلة.
- **مبادرات مجتمعية** تبني الثقة المفقودة.
كما قال نيلسون مانديلا: **”السلام ليس حلماً، بل واقعاً يمكن صنعه إذا تخلى الجميع عن مخاوفهم وآمنوا بإمكانية العيش معاً”. ربما يكون طريق السلام طويلاً، لكنه يبقى السبيل الوحيد لضمان مستقبل آمن للأجيال القادمة في فلسطين وإسرائيل.
يجب الإقرار بأن تحقيق السلام يتطلب أكثر من الخطط النظرية—بل يحتاج إلى تغيير جذري في العقليات والسياسات. فهل نستطيع تحويل هذا الحلم إلى واقع؟