ركبتُ الصَّعب..!.. نصٌ بقلم : د. عبد الرحيم جاموس

ركبتُ الصَّعب…
لا لأنّ الطريقَ كان سهلًا،
بل لأنّ الأرضَ نادتني باسمِها،
وشدّتْ على قلبيَ الحُلمْ،
منذُ فتحتُ عيني على هذا الوطنِ …
المُثقَلِ بالأسوارِ والانتظارْ،
وأنا أُقاومُ خيبَةَ الوقتِ،
وأمدّ على شوكِه راحتي…
كي لا يسقطَ النجمُ عن سمائنا،
ولا تذبلَ السنابلُ في صدورنا….!
*
ركبتُ الصَّعب…
وما لانَ ظهري،
ولا مالتْ جبهتي ..
عن القبلةِ الأولى،
ولا بدّلتُ قسمًا ولا راية،
سِرتُ…
وفي صدري وصايا الأنبياء،
وفي يدي مفاتيحُ القُرى،
وفي دمي …
دفقُ الجداتِ والآباءْ…
*
ما خِفتُ ريحًا تعصفُ بي،
ولا هِبتُ دربًا يضيقُ عليَّ المدى،
تعلّمتُ من جرحِنا …
أن أُضمِّدَ الضوءَ بالكلمات،
ومن حصارِنا أن أزرعَ أملًا،
ولو على حافّةِ الصمتِ والرمادْ….
*
سرتُ على طريقِ …
الصبرِ والثبات،
طريقِ من رفعوا …
رؤوسهم في العاصفة،
وصاروا مناراتٍ في ليلِنا الطويل،
يقولون لي:
“اثبتْ…
فطريقُ الحريةِ لا يُفتحُ ….
إلا بأقدامٍ تؤمنُ أنها لن تضلّ …!”
*
رفعتُ رأسي…
ورأيتُ في عيونِ إخوتي الوعدَ،
وفي صمتِ الأمهاتِ عهدًا لا يموتْ،
وفي قُدسِنا نبضًا …
ما زال يطرقُ أبوابَ السماء…
صلاةً…
وشوقًا…
ويقينًا بأن العودةَ حقٌّ لا يموتْ….
*
سنظلُّ…
نحملُ الرايةَ …
التي غزلتْها دموعُنا،
وتفتحتْ عليها …
زهورُنا العنيدة،
ونصعدُ هذا الدربَ الصعب،
بقلوبٍ من صخرٍ،
وخطى لا تَميلْ،
حتى يُزهِرَ المدى،
وتنادي المآذنُ …
باسمِنا من جديد،
ويُقال على الملأ:
“هنا شعبٌ رَكِبَ الصعب…
وما انكسرْ …!”
*
هذا هو طريقُنا…
لا نزيفَ فيه إلا من حلمٍ يشتدُّ…
إذا ضاق الأفقْ،
ولا نارَ فيه …
إلا من عشقٍ للوطن،
ولا رايةَ فيه تُرفَع،
إلا من صبرٍ…
وثباتٍ…
حتى نبلغَ المنى،
وتعودَ لنا أرضُنا،
حرّةً، بهيّةً،
كما نُحبّ…
وكما نَستحقّ….!

د. عبدالرحيم جاموس

الرياض 3/8/2025 م

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
Social Media Auto Publish Powered By : XYZScripts.com