أنت ذكر في الميراث. فكن الرّجل في المواقف.. معمر حبار

قال الله تعالى: “يُوصِيكُمُ اُ۬للَّهُ فِےٓ أَوْلَٰدِكُمْۖ لِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ اِ۬لُانثَيَيْنِۖ فَإِن كُنَّ نِسَآءٗ فَوْقَ اَ۪ثْنَتَيْنِ فَلَهُنَّ ثُلُثَا مَا تَرَكَۖ وَإِن كَانَتْ وَٰحِدَةٞ فَلَهَا اَ۬لنِّصْفُۖ وَلِأَبَوَيْهِ لِكُلِّ وَٰحِدٖ مِّنْهُمَا اَ۬لسُّدُسُ مِمَّا تَرَكَ إِن كَانَ لَهُۥ وَلَدٞۖ فَإِن لَّمْ يَكُن لَّهُۥ وَلَدٞ وَوَرِثَهُۥٓ أَبَوَٰهُ فَلِأُمِّهِ اِ۬لثُّلُثُۖ فَإِن كَانَ لَهُۥٓ إِخْوَةٞ فَلِأُمِّهِ اِ۬لسُّدُسُۖ مِنۢ بَعْدِ وَصِيَّةٖ يُوصِے بِهَآ أَوْ دَيْنٍۖ اٰبَآؤُكُمْ وَأَبْنَآؤُكُمْ لَا تَدْرُونَ أَيُّهُمُۥٓ أَقْرَبُ لَكُمْ نَفْعاٗۖ فَرِيضَةٗ مِّنَ اَ۬للَّهِۖ إِنَّ اَ۬للَّهَ كَانَ عَلِيماً حَكِيماٗۖ”، سورة النّساء،11.

مقدّمة المتدبّر:

لا يتطرّق صاحب الأسطر إلى موانع الميراث. لأنّه ليس من مقاصد المقال. ومن أراد الزّيادة فليرجع إلى كتب الفقه. ففيها الصّحيح، والدّقيق، والمثير، والجديد، والفاعل، والنّافع، والعادل.

التّطرّق للرّجل من حيث أنّه ذكر. لا يفهم منه أبدا تجاهل دور المرأة من حيث كونها أنثى. فإنّ لها في الميراث ما للرّجل. وحسب كلّ حالة تعلو، وتنخفض. وتقلّ وتزيد.

ذٙكٙر وليس رجل:

تضمّ الآية الكريمة: الميراث، والمعنيين بالميراث، وطريقة توزيع الميراث. وخاطب الله تعالى المعنيين بالميراث من حيث الرّجال، بـ: ” لِلذَّكَرِ”. فأنت في الميراث: ذٙكٙر وليس رجل. وبغضّ النّظر عن الكميّة، والقرابة، والسّنّ. ويمكن تفصيل ذلك:

الولد الذَّكَرِ وليس الرّجل:

“ٓأَوْلَٰدِكُمْۖ”: لو كان الرجل في عقده الخامس، والسّادس، والثّامن، والتّاسع. فهو في الميراث ولد. أي ذكر وليس رجل. ولا شيخ، ولا عجوز. ولا يذكر بمنصبه، ومكانته ولو كان السّلطان.

الأب الذَّكَرِ وليس الرجل:

“وَلِأَبَوَيْهِ”: في هذه الحالة فهو “أب”. أي ذكر وليس رجل. ولو كان أصغرهم جميعا. مقارنة بالشيوخ، والعجزة الذين يفوقونه سنّا.

الأخ الذٙكٙر وليس الرّجل:

“إِخْوَةٞ”: المعني -هنا- هو “الأخ”. ودون النّظر إلى سنّه. ولو كان أصغرهم جميعا. ولو كان فارق العمر كبيرا. ولا في نسبة الأم. ولو كان ابن جارية. وابن عدوّة محتلّة، أو عدو محتلّ. وينظر إليه على أنّه “الأخ” الذكر. ومهما كانت الحالات المذكورة. أو غير المذكورة.

اٰبَآؤُكُمْ وَأَبْنَآؤُكُمْ:

يقسّم الميراث على الأب لأنّه الذكر. ويقسّم على الابن لأنّه الذكر. وبغضّ النظر عن الحالات المختلفة.

مَا تَرَكَۖ- مِمَّا تَرَكَ:

هذا الميراث ليس لك. فهو “مَا تَرَكَۖ”، و”مِمَّا تَرَكَ”. فإمّا تٔرك لك، أو ما تركته لغيرك. ويقسّم حسب عدد المعنيين، والحالات الخاصّة بالذين تشاركهم الميراث. أو حسب المعنيين، والحالات الخاصّة بالذين تركت لهم الميراث.

المرء بين ما تٔرك له، وما تركه لغيره. فهو يأكل مجهود غيره. ويترك مجهوده لغيره.

أيّها الذَّكَرِ: تعامل مع الميراث برجولة:  

حقيقة المرء في الميراث أنّه ذكر. وينال نصيبه على أنّه الذكر. ويترك ماله لغيره من الذكور، والإناث. لكن، المطلوب أن يكون الرّجل في احترام الصّغير، وتوقير الكبير، وإعطاء الضّعيف حقّه -خاصّة النّساء-، والرّفق بالمحتاج، والتّنازل -إن أمكن- عن القليل لمساعدة من ليس له نصيب رسمي من العائلة. وغضّ الطرف عن بعض الإساءات -غير القاسمة للظهر- من طرف بعض المعنيين بالميراث.

لا قوامة في الميراث:

بني الميراث على الذكر، والأنثى. وليس على القوامة. لأنّ الصّغير قد يأخذ أكثر من الكبير. والأنثى قد تأخذ أكثر من الذكر. والذكر في حالات لا يأخذ أيّ شيء. والأنثى في حالات قد تأخذ كلّ شيء.

والله تعالى قال: ”  اِ۬لرِّجَالُ قَوَّٰمُونَ عَلَي اَ۬لنِّسَآءِ بِمَا فَضَّلَ اَ۬للَّهُ بَعْضَهُمْ عَلَيٰ بَعْضٖ وَبِمَآ أَنفَقُواْ مِنَ اَمْوَٰلِهِمْۖ فَالصَّٰلِحَٰتُ قَٰنِتَٰتٌ حَٰفِظَٰتٞ لِّلْغَيْبِ بِمَا حَفِظَ اَ۬للَّهُۖ وَالتِے تَخَافُونَ نُشُوزَهُنَّ فَعِظُوهُنَّ وَاهْجُرُوهُنَّ فِے اِ۬لْمَضَاجِعِ وَاضْرِبُوهُنَّۖ فَإِنَ اَطَعْنَكُمْ فَلَا تَبْغُواْ عَلَيْهِنَّ سَبِيلاًۖ اِنَّ اَ۬للَّهَ كَانَ عَلِيّاٗ كَبِيراٗۖ”، سورة النّساء،34.

فالقوامة بالنّفقة وليس بما يناله المرء من ميراث. لأنّ المعني في توزيع الميراث هو ذكر. ينال بقدر مكانته في الهرم الميراثي إذا صحّ تعبيري. لكن بعدما ينال نصيبه فهو مطالب أن ينفقه على من تحت جناحيه طبقا للقوامة التي منحت له.

فالقوامة هي إنفاق، وإقبال. وهنا تكمن الرّجولة. ويعتمد توزيع الميراث على التزام كلّ معني مكانته حتّى ينال نصيبه. باعتباره الذّكر. وبغضّ النّظر عن كونه الكبير، أو الصّغير، أو المقرّب، أو المنبوذ، أو السّلطان، أو الخادم.

من عجائب القوامة:

من عجائب ما وقفت عنده وأذكره لأوّل مرّة، أنّ القوامة جاءت بعد الانتهاء من ذكر توزيع، وكيفية توزيع الميراث. وكأنّ القوامة تكون بعد الحصول على النّصيب. والتّصرف فيه بما يناصب القوامة، ويعزّزها. أمّا قبله فيكون المعني ذكرا. لا يحقّ له أن يمارس قوامته. وينال نصيبه كغيره من الذكور، والإناث. وبما هو محدّد له سلفا.

الإثنين 16 صفر 1447هـ، الموافق لـ 11 أوت 2025

الشرفة – الشلف – الجزائر

الشلف – الجزائر

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
Social Media Auto Publish Powered By : XYZScripts.com