المطران حنا: يجب العمل على كسر الحصار ووقف معاناة أهلنا في غزة

من كنيسة القيامة والتي تعتبر المكان الاقدس في المسيحية وهي القبلة الأولى والوحيدة لدى المسيحيين في مشارق الأرض ومغاربها نبعث بنداءنا العاجل هذا الى كافة الرئاسات المسيحية في العالم وخاصة قداسة بابا الفاتيكان وأصحاب القداسة والغبطة البطاركة والمطارنة رؤساء الكنائس المسيحية في العالم .
فلسطين التي تنزف دما تستغيثكم والأرض المقدسة المباركة في المسيحية تتوقع تدخلكم ومبادرة سريعة منكم لوقف هذه المأساة والكارثة التي يتعرض لها أهلنا في قطاع غزة كما وفي فلسطين كلها .
عندما تدافعون عن أهلنا في غزة وعندما تدافعون عن فلسطين الجريحة انما تدافعون عن قيم ايمانكم وتدافعون عن المسيحية في مهدها وفي البقعة المباركة التي منها انطلقت رسالتها الى مشارق الأرض ومغاربها .
المسيحية تعلمنا ان نكون الى جانب كل انسان مظلوم ومتألم فاذا ما كان اخوك جريحا ومأسورا ومظلوما ومتألمنا ومريضا من واجبك ان تكون الى جانبه وان تؤازره في محنته وفي آلامه ومعاناته .
نشكركم على مواقفكم النبيلة وبياناتكم الواضحة والمنادية بوقف حرب الإبادة ولكن شعبنا اليوم يحتاج منكم الى ان تنتقلوا الى مرحلة أخرى من مراحل التضامن والتعاطف مع الشعب الفلسطيني المظلوم.
المواقف التضامنية المنادية بوقف الحرب هي ضرورية ومطلوبة ولكن اليوم نحن امام حالة فريدة من نوعها حيث اكثر من مليوني انسان في قطاع غزة هم معرضون للموت جوعا وشريحة الأطفال بنوع خاص تعيش أوضاعا مأساوية وكارثية ، فلا طعام ولا ماء صالح للشرب ولا دواء .
في غزة الكبار والصغار يعانون من الجوع وقد حكم عليهم بالموت اما قتلا او جوعا وتنكيلا ، فتحركوا قبل فوات الأوان .
فمأساة غزة لا نريدها ان تستمر وان تتواصل ولا نريد ان تتحول مشاهد الموت والتجويع الى مشاهد روتينية .
ان ما يحدث في غزة اليوم ليست مشاهد روتينية يجب ان نعتاد عليها بل انها مشاهد مروعة ان دلت على شيء فهي تدل على القساوة والوحشية التي نشهدها في عالمنا.
الخطوة العملية المطلوبة من قداسة البابا ومن كل رؤساء الكنائس المسيحية بأن تقوموا بخطوة هادفة لكسر الحصار .
مطلوب منكم ان تأتوا الى غزة ومعكم المواد الغذائية والطبية المطلوبة فلا يجوز ان يترك اهل غزة فريسة لالة الموت والدمار الوحشية .
يجب ان تتحرك قافلة كسر الحصار يتقدمها قداسة البابا وكافة البطاركة ورؤساء الكنائس المسيحية في العالم وان يكون لسان حال الكنائس بأننا لا نقبل بأن يموت احد من الجوع ولا نقبل بأن تبقى هذه الحالة في غزة والالام والاحزان والدموع منتشرة في كل زاوية من زوايا القطاع .
انتقلوا من مرحلة البيانات المنادية بوقف الحرب والتي هي في غاية الأهمية الى مرحلة العمل على كسر الحصار وكسر الة الموت والدمار والخراب التي تقودها إسرائيل ومن معها من الطغاة الظالمين في هذا العالم .
دماء الفلسطينيين ليست رخيصة ومشاهد الموت والأطفال الذين يتضورون جوعا يجب ان تحرك الاحرار في عالمنا ومن كل الأديان والخلفيات الثقافية والعرقية من اجل ان يعملوا على وقف هذه المظالم .
فإذا ما كان في هذا العالم قتلة ومجرمون لا تهمهم حياة الانسان وحريته وكرامته.
يجب على الكنائس ان تقوم بدورها النبوي في التعبير الصادق عن قيم الانجيل والمناداة برفع الظلم عن المظلومين .
هناك اية في كتابنا المقدس تقول : (“لأَنِّي جُعْتُ فَأَطْعَمْتُمُونِي. عَطِشْتُ فَسَقَيْتُمُونِي. كُنْتُ غَرِيبًا فَآوَيْتُمُونِي. عُرْيَانًا فَكَسَوْتُمُونِي. مَرِيضًا فَزُرْتُمُونِي. مَحْبُوسًا فَأَتَيْتُمْ إِلَيَّ.” (متى 25: 35-36.
هذا هو وقت تطبيق هذه الاية وكما تعلمون بأن ايات الانجيل ليست نصوصا كتابية فحسب بل يجب ان تكون سلوكا وفكرا وعملا يقوم به كل انسان مؤمن .
أقول لرؤساء الكنائس في العالم كونوا نموذجا في تطبيق هذه الاية في غزة التي تعيش هذا الكم الهائل من الالام والاحزان والمعاناة .
فليكسر الحصار ولتتوقف المجاعة ولتتوقف حرب الإبادة ، ان وحدة المؤمنين في عالمنا ووحدة الاحرار في مشارق الأرض ومغاربها هي اقوى بكثير من آلة الموت والتنكيل والتجويع التي يقودها أناس تخلوا عن انسانيتهم وعن قيمهم.
اناشدكم واطالبكم من كنيسة القيامة بأن اطلقوا هذه المبادرة سريعا وكونوا املا لمن ينتظرون ويتوقعون الموت في كل ساعة وفي كل دقيقة .
فليكسر الحصار الذي هو ليس قدر يجب ان نستسلم له .
فلسطين بانتظاركم وشعبها بانتظار مبادرتكم فلا تتركوا الجائع جائعا ولا تتركوا المريض مريضا ولا تتركوا المحاصر محاصرا فكونوا مع شعبنا عونا وقوة وتعزية في هذه الأوقات الأليمة والحزينة .
ان ارض الميلاد والتجسد والفداء وارض الاوجاع والدماء والاحزان هي بانتظاركم من اجل انتشال انساننا الفلسطيني من اتون الموت والدمار والخراب .

استهداف الإعلاميين يهدف لحجب الحقائق والوقائع

ان استهداف الإعلاميين في القطاع انما هو عمل إرهابي بامتياز يندرج في اطار مخطط هادف لطمس الحقائق والوقائع فهم يريدون تدمير كل شيء واستهداف كل شيء في القطاع بعيدا عن الاعلام ، لكي لا يرى ويسمع العالم الجرائم المروعة المرتكبة بحق الإنسانية في القطاع .
نعزي الاسر المكلومة بفقد ابناءها من الإعلاميين وغيرهم ، ونتسائل مع المتسائلين الى متى سوف تسترم هذه الجرائم في القطاع والى متى سوف يستمر هذا النزيف حيث ان كل شيء مستباح وتسعى السلطات الاحتلالية الغاشمة لبسط هيمنتها واحتلال القطاع وارتكاب الجرائم المروعة فيه وهي تريد ان تسوق للعالم بأن هذا يأتي دفاعا عن النفس كما انها تسعى لحجب الحقائق والصور الحقيقية التي تنقل الى العالم من خلال استهداف الصحفيين.
لن تتمكن إسرائيل من حجب الحقائق وباتت الحقائق معروفة للكثيرين في هذا العالم والعالم بأسره يرى حقيقة ما يحدث في قطاع غزة من جرائم مروعة بحق الإنسانية.
ولكن لا يكفي ان تعرف ماذا يحدث في القطاع فالخطوة التالية يجب ان تكون العمل على وقف حرب الإبادة ووقف هذه الجرائم المروعة بحق الإنسانية .
الجميع يعرفون ماذا يحدث في قطاع غزة ولكن هذا لا يكفي بل هنالك إجراءات ومبادرات يجب ان تتخذ من الجهات الأممية ومن دعاة حقوق الانسان في هذا العالم من اجل وقف هذه الحرب ووقف هذا النزيف الذي أدى حتى هذه الساعة الى ارتقاء عشرات الالاف من الشهداء ناهيك عن الدمار والخراب الذي حل بقطاع غزة خلال عامين تقريبا من حرب مروعة دموية واجرامية .
اعان الله أهلنا في غزة امام هذا الكم الهائل من الجرائم .
مع تمنياتنا ومطالبتنا بأن تتوقف الحرب قريبا وسريعا .

المطران عطا الله حنا
رئيس أساقفة سبسطية للروم الأرثوذكس

القدس 11/8/2025

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
Social Media Auto Publish Powered By : XYZScripts.com