غزة بين الإبادة والتنازل الشجاع.. مصطفى إبراهيم

تقف غزة اليوم على أعتاب كارثة جديدة، الجيش الإسرائيلي يتهيأ لدخول المدينة، فيما على الطاولة اتفاق جزئي سبق أن رفضته حماس ثم قبلت به، بينما يقترب نتنياهو من رفضه بعدما كان هو نفسه قد اقترحه في الماضي. قبول الاتفاق لن يوقف الحرب تماماً، لكنه قد يفتح ثغرة للتغيير ويمهد لوقف حرب الابادة.
في هذه اللحظة الحرجة، يبدو أن الجميع شركاء في التضحية بأهل القطاع وأرواحه المحطمة.
الغالبية الساحقة من سكان غزة تطالب بوقف الحرب بأي ثمن، حتى لو تطلب الأمر تنازلاً من حركة حماس حفاظاً على ما تبقى من الحياة في القطاع. موافقة الحركة على المقترح المصري أثارت أملاً محدوداً، لكن إسرائيل ما زالت تماطل في الرد، وسط مؤشرات على أن نتنياهو سيتراجع ويرفع شروطه المعلنة مسبقاً.
الجدل الفلسطيني حول هذه الخيارات لا يدور داخل غزة بقدر ما يدور خارجها، ففي حين يتمسك الخارج بخطاب “الصمود”، يعيش أهل القطاع القتل اليومي، تدمير البيوت، والنزوح القسري نحو المجهول. ومع استمرار الإبادة، يزداد الضغط الشعبي على حماس لتقديم مزيد من التنازلات، إذ لم تعد تمتلك أدوات ضغط حقيقية، في ظل اختلال موازين القوى، وفقدان السند العربي والدولي، وانكشاف خطاب المناشدات الذي لم يعد يغيّر شيئاً أمام آلة القتل.
إن التنازل في مثل هذا الظرف لا يعني الهزيمة، بل قد يكون شجاعة حقيقية في الحفاظ على ما تبقى من حياة الناس ووجودهم فوق أرضهم. فالتنازل هنا فعل بقاء، أما العناد فهو وصفة للفناء.