القضية الفلسطينية هي قضية كافة الاحرار المؤمنين بقيم الحرية والعدالة 

هنالك أعداء للمسيحية في سائر ارجاء العالم وهم يحاربونها بوسائل متعددة معهودة وغير معهودة ولكنني اعتقد بأن الظاهرة الأخطر على المسيحية والاعداء اللدودون للمسيحية في هذا العصر هم أولئك الذين يطلقون على انفسهم ” بالمسيحيين الصهاينة ” وهنا وجب التنويه بأنهم هم من يطلقون على انفسهم هذه التسمية وهي تسمية غريبة غير موجودة في قاموسنا الكنسي ، فلا يوجد عندنا في القاموس المسيحي ما يسمى ” بالمسيحية الصهيونية ” ، فإما ان تكون مسيحيا واما ان تكون صهيونيا ، أما المزج ما بين المسيحية والصهيونية فهو خطر كبير محدق بالمسيحية لا سيما ان هؤلاء يتبنون تفسيرات سياسية مغلوطة للعهد القديم تنسجم واهواءهم وسياساتهم واجنداتهم .
فهؤلاء عندما يأتون الى فلسطين الأرض المقدسة لا يزورون كنيسة القيامة ولا يزورون كنيسة المهد ولا يعترفون بهذه الأماكن المقدسة بل يذهبون الى المستوطنات في الجولان وفي الضفة الغربية وفي القدس لكي يكونوا الى جانب سارقي الأرض وناهبي حقوق الشعب الفلسطيني ، فعن اية مسيحية يتحدثون وهم لا علاقة لهم بالمسيحية لا من قريب ولا من بعيد .
ان هؤلاء يعيشون حياة ضلال وتيه وانحراف للبوصلة ونحن بدورنا نصلي من اجلهم لكي يعودوا الى رشدهم ولكي يكتشفوا بأن المسيحية القويمة الحقة هي ليست في المكان الذي يتواجدون فيه ، فالمسيحي الحقيقي لا يكون مع السارق ولا يكون مع القاتل ولا يكون مع المجرم لانه حينئذ يكون شريكا في الجرائم المرتكبة.
المسيحي الحقيقي يكون الى جانب ضحايا الحروب وضحايا الجرائم وضحايا امتهان حرية وكرامة الانسان وفي المقدمة منهم شعبنا الفلسطيني .
ان تدعي انك مسيحي وتبرر الحرب على غزة هذا يعني انك لست مسيحيا على الاطلاق لا بل انت عدو للمسيحية ، واعتقد بأن الأعداء الذين ينتحلون الصفة المسيحية زورا وبهتانا هم اشد خطورة من أي جهة أخرى .
هؤلاء موجودون في أمريكا لا بل هم الذين يحكمون أمريكا اليوم ، ومن يتابع تصريحات السفير الأمريكي في تل ابيب يشعر بنوع من القرف والتقزز امام تصريحات عنصرية فيها مزيج من الكراهية وتبرير العنف والقتل الممارس بحق شعبنا وهذا السفير يدعي انه مسيحي وقد زار الطيبة مؤخرا لكي يتضامن مع المسيحيين الذين يعتدى على أراضيهم وارزاقهم ومقابرهم وكنائسهم ، وقد تناسى بان من يعتدي على الطيبة هو ذاته الذي يعتدي في كل الضفة وهو الذي يستهدف أهلنا في غزة ، وهم هؤلاء الذين يدافع عنهم ، فهو يدافع عن الاحتلال وفي نفس الوقت يذهب الى قرية لكي يتضامن مع سكانها الذين تعرضوا لاعتداءات من قبل مستوطني الاحتلال فأي تناقض هذا واي سياسة هذه لا يمكن فهمها بأي شكل من الاشكال .
ما اود ان أقوله بأننا كمسيحيين وكخدام للكنيسة ليس مطلوبا منا ان ندين احد بل ما هو مطلوب منا هو ان نصلي من اجل الضالين الضائعين التائهين ومنهم هؤلاء الذين يدعون الانتماء للمسيحية زورا وبهتانا ، نصلي من اجلهم ومن اجل عودتهم الى المسيحية الحقة والى الإنسانية الحقة لكي يكونوا الى جانب شعبنا المظلوم وليس الى جانب الظالمين وعلى حساب المظلومين .
نتمنى ان ينير الرب الاله قلوبهم وعقولهم ولربما هذا يحتاج الى معجزة لكي يكونوا مسيحيين حقيقيين فعلة خير وخدام لقيم المحبة والاخوة والسلام في عالمنا .
وفي الوقت الذي فيه نرفض ما تقوم به هذه الجماعات المشبوهة فإننا نحيي الكنائس المسيحية في العالم في أمريكا وفي أوروبا وفي غيرها من الأماكن والتي اتخذت مواقف واضحة تجاه حرب الإبادة ونادت وما زالت تنادي بوقف هذه الحرب الهمجية ، فهؤلاء هم المسيحيون الحقيقيون الذين يقولون للظالم يجب ان تتوقف عن ظلمك وعن اعتداءاتك على حرية وكرامة الانسان .
ومن يقفون الى جانب الظالم انما هم شركاء في ظلمه وامتهانه للحرية والكرامة الإنسانية .
فلسطين ستبقى قضية الاحرار في عالمنا ومن كل الأديان والاعراق وستبقى ايضا قضية المسيحيين الحقيقيين المدافعين عنها وعن شعبنا المظلوم وستبقى قضية كل انسان متحل بالقيم الإنسانية والأخلاقية النبيلة .

المطران عطا الله حنا 
رئيس أساقفة سبسطية للروم الأرثوذكس 

القدس 23/8/2025

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
Social Media Auto Publish Powered By : XYZScripts.com