عصا سيّدنا موسى والظّاهرة القرآنية.. معمر حبار

مقدّمة القارئ:
التّطرق لمعجزة العصا -كمثال-. تستدعي التّطرّق أيضا لكلّ المعجزات. ودون استثناء. لأنّها تشترك في كونها مستقلّة عن الرّسول، أو النّبي الذي أمره الله تعالى بذلك.
لا يمكن بحال، ومهما كانت الأحوال أن يدّعي أيّ شخص. أو يدّعي أنّه يتحكّم في المعجزات. فإنّ ذلك من الكذب، والزور على الله تعالى، ورسله، وأنبيائه، ومعجزاته.
تعمّد صاحب الأسطر ربط معجزة العصا بمعجزة القرآن الكريم. من حيث كونهما ظاهرة مستقلّة عن سيّدنا رسول الله صلى الله عليه وسلّم. وسيّدنا موسى عليه السّلام.
وَأَلْقِ مَا فِے يَمِينِكَ :
قال الله تعالى: “وَأَلْقِ مَا فِے يَمِينِكَ تَلَقَّفْ مَا صَنَعُوٓاْۖ إِنَّمَا صَنَعُواْ كَيْدُ سَٰحِرٖۖ وَلَا يُفْلِحُ اُ۬لسَّاحِرُ حَيْثُ أَت۪يٰۖ”، سورة طه، 68.
أقول: يفهم من هذا، أنّ سيّدنا موسى عليه السّلام يملك العصا. لكنّه لا يستعملها أبدا، ومطلقا كمعجزة إلاّ بأمر من الله تعالى. لأنّ المعجزة بأمر الله تعالى. يحرّكها متى يشاء، ومع من يشاء، وضدّ من يشاء. وليست بيد رسول، ولا نبي، ولا غيره. ومهما بلغت قرابته من سيّدنا رسول الله صلى الله عليه وسلّم. وتقواه، وصلاحه، وعبادته.
اِ۪ضْرِب بِّعَصَاكَ اَ۬لْبَحْرَ:
قال الله تعالى: “فَأَوْحَيْنَآ إِلَيٰ مُوس۪يٰٓ أَنِ اِ۪ضْرِب بِّعَصَاكَ اَ۬لْبَحْرَ فَانفَلَقَ فَكَانَ كُلُّ فِرْقٖ كَالطَّوْدِ اِ۬لْعَظِيمِۖ”، سورة الشعراء،63.
أقول: يملك سيّدنا موسى عليه السّلام العصا. التي رآها من قبل تتحوّل إلى ثعبان وتأكل عصي، وحبال السّحرة. وحين حوصر من طرف فرعون، والبحر أمامه. لم يستطع أن يستعمل العصا إلاّ بأمر من الله تعالى، ووحي منه.
قف من فضلك عند استعمال الله تعالى لقواه: “اِ۪ضْرِب بِّعَصَاكَ”. أي نفس العصا التي كنت تحملها. وليست عصا نزلت من السّماء. لأنّها معجزة بأمر الله تعالى. الذي شاء في هذه اللّحظة أن يضرب بها البحر فـ: “َانفَلَقَ فَكَانَ كُلُّ فِرْقٖ كَالطَّوْدِ اِ۬لْعَظِيمِۖ”.
وهناك ملاحظة أخرى، وهي: يا أيّها النّبي أنت مأمور بضرب عصاك البحر. والله تعالى يتولى التّفاصيل الجزئية التي هي من شأن الله تعالى. لأنّه القادر على تقسيم البحر -أو غيره- بالكيفية التي يريد، أو يرفعه كما رفع الجبل، وحالات أخرى يعلمها، ونظلّ نجهلها. مايدلّ أنّ عصا سيّدنا موسى عليه السّلام. منفصلة عن النبوّة، ولا يتحكّم فيها.
اَ۪ضْرِب بِّعَصَاكَ اَ۬لْحَجَرَ:
قال الله تعالى: “إِذِ اِ۪سْتَسْق۪يٰ مُوس۪يٰ لِقَوْمِهِۦ فَقُلْنَا اَ۪ضْرِب بِّعَصَاكَ اَ۬لْحَجَرَ فَانفَجَرَتْ مِنْهُ اُ۪ثْنَتَا عَشْرَةَ عَيْناٗۖ قَدْ عَلِمَ كُلُّ أُنَاسٖ مَّشْرَبَهُمْۖ كُلُواْ وَاشْرَبُواْ مِن رِّزْقِ اِ۬للَّهِۖ وَلَا تَعْثَوْاْ فِے اِ۬لَارْضِ مُفْسِدِينَۖ”، سورة البقرة، 60.
أقول: العصا في هذه الحالة وسيلة من وسائل الاستسقاء. والتي لا يملك سيّدنا موسى عليه السّلام. التّحكم فيها. إلاّ بعد أن جاءه وحي الله تعالى: “فَقُلْنَا اَ۪ضْرِب بِّعَصَاكَ اَ۬لْحَجَرَ فَانفَجَرَتْ مِنْهُ اُ۪ثْنَتَا عَشْرَةَ”. فهو لم يمسّ الحجر -نعم الحجر- إلاّ بإذن من الله تعالى. وسيّدنا موسى عليه السّلام لا يتحكّم في العيون، ولا عددها. لأنّخ شأن الله تعالى وحده. وقد ذكرنا ذلك في تقسيم البحر، وكيفية تقسيمه من طرف الله تعالى.
مايدلّ أنّ معجزة العصا -وكلّ المعجزات- من شأن الله تعالى لا يتحكّم فيها موسى عليه السّلام، ولا غيره.
الظاهرة القرآنية وظاهرة العصا:
القارئ لكتاب “الظاهرة القرآنية[1]” للأستاذ مالك بن نبي رحمة الله عليه. يرى أنّه تميّز بكونه ذكر أنّ الظاهرة القرآنية مستقلّة تماما عن سيّدنا رسول الله صلى الله عليه وسلّم. ما يعني أن القرآن الكريم من الله تعالى. وليس من سيّدنا رسول الله صلى الله عليه وسلّم. ومن هنا كان القرآن الكريم معجزة. لأنّ سيّدنا رسول الله صلى الله عليه وسلّم. لا يتحكّم في المعجزات. ولا يستطيع أن يتحكّم في القرآن الكريم.
وشرحنا ذلك بالتّفصيل عبر خمسة مقالات. منها المشار إليه في المرجع[2]. والمنشورالأوّل[3]. والمنشور الثّاني[4].
الثّلاثاء 2 ربيع الأوّل 1447هـ، الموافق لـ 26 أوت 2025
الشرفة – الشلف – الجزائر
[1] ” الظاهرة القرآنية “، لمالك بن نبي، ترجمة عبد الصبور شاهين، دار الفكر، 1981، 287 صفحة.
[2] مقالنا بعنوان: مالك بن نبي .. انفصال الظاهرة القرآنية1- معمر حبار
الأحد 13 شعبان 1437، الموافق لـ 22 ماي 2016
[3] منشورنا:
#الظاهرة_القرآنية_مستقلّة_تماما_عن_سيّدنا_رسول_الله_صلى_الله_عليه_وسلّم
الثلاثاء 20 ذو الحجة 1443هـ، الموافق لـ: 19 جويلية 2022
[4] #أخطاء_في_حقّ_مالك_بن_نبي 15
29 أكتوبر 2022
ملاحظة: الصورة تشبيهية أرشيفية
—