نتياهو يعرف ما يريد لكن لا يعرف كيف يحققه ؟. مازن المدهون

على مدار ايام الحرب التي شارفت على عامها الثاني كان واضحا منذ البداية ان حكومة اليمين المتطرف بقيادة بنيامين نتياهو تعرف ما تريد تحقيقه من هذه الحرب والذي بلا شك تتجاوز اهدافها المعلنة فلا الاسرى ولا القضاء على حماس هو الهدف الحقيقي من وراء استمرار هذه الحرب ولا حتى الابادة بمفهومها الضيق فهو يعرف انه لا يمكنه القضاء على اثنين مليون فلسطيني في غزة دفعة واحده مهما بلغت حصيلة القتل اليومي . ولو تتبعنا مسار الحرب والخطط العسكرية والعمليات المختلفة التي نفذها الجيش الاسرائيلي في قطاع غزة منذ اندلاع حرب الابادة سنلاحظ ان هناك تخبط او عدم وضوح للاهداف . في البداية اعتقدنا ان الجيش سيتبع سياسة الارض المحروقة خصوصا بعد صدور اوامر الاخلاء في الثالث عشر من اكتوبر اي بعد اسبوع من اندلاع هذه الحرب فقد غلب الظن ان اسرائيل ستعمد الى السيطرة على شمال غزة ومن ثم تمشيطه وتطهيره وجعله منطقة امنة يتم حشر الناس اليها من خلال بوابات الكترونية وفحص امني ومن ثم الانتقال الى المنطقة الوسطى والمناطق الجنوبية تباعا وبهذا كانت ستعزل المدنين عن مقاتلين حماس وستتمكن من حشرهم لمواجهة شاملة تفرض عليهم فيها خيارين لا ثالث لهما اما القتال حتى الموت او الاستسلام . ولكن هذا لم يحدث فبعد شهرين من العمليات في شمال غزة والوصول الى مستشفى الشفاء وهو من صورته المكينة الاعلامية الاسرائيلة بمثابة عاصمة حماس وبسقوطه تكون سقطت العاصمة ، تفاجأنا بفتح عملية عسكرية شرق خانيونس وهي المنطقة التي حشر اليها النازحين من مدينة غزة وشمالها ،لتستمر العملية عدة اشهر وساد الاعتقاد او ترسخ بأننا مقبلين على عملية تهجير واسعه بإتجاه سيناء واصبحت رفح قبلة النازحين الذين باتو يبحثون عن اي طريق للهروب من الجحيم الذي يعيشون فيه. ثم تفاجأ الجميع بأن اسرائيل تهدد رفح وتخليها من سكانها ومن النازحين فيها بعكس المتوقع وتحشر الغزين بإتجاه المنطقة الوسطى وتقتحم رفح وتسيطر على محور فلادلفيا ومازلت رفح منطقة لا يتمكن احد من الوصول اليها . من تحليل السلوك الاسرائيلي يتضح ان نتياهو كان يمضي قدما في مشروع تهجير قصري بإتجاه سيناء من خلال مهاجمة مناطق تكدس النازحين والكثافة السكانية فقد كانت مدينة غزة الاكثر تعداد للسكان قبل ان تصلح خانيونس الاعلى تعداد بفعل تكدس النازحين فيها بالاضافة الى كونها ثاني اكبر مدينة في قطاع غزة من حيث المساحة والتعداد السكاني ولكنه اصطدم بالموقف المصري الحاسم حين هددت بمراجعة وتعطيل اتفاقية السلام اذا ما استمر تكدس النازحين على حدودها ولأن نتياهو لا يرغب بإنهاء الحرب قرر ان يعيد توزيع النازحين على مناطق وسط القطاع وخانيونس مرة اخرى دون التخلي عن فكرة تهجير الغزين قصرا او طوعا ولضمان نجاح فكرة التهجير كان لابد من خلق بيئة طاردة للسكان فأمعن في تدمير المدن الفلسطينية وتسويتها بالتراب ففعل ذلك في جباليا وبيت حانون ورفح وامتد الامر ليطال المناطق الشرقية من مدينة غزة وها هو اليوم يهدد مدينة غزة ذاتها بشرقها وغربها ، فقد بات جلي ان مخطط القاء الفلسطينين في سيناء قد افشلته القيادة المصرية بتمسكها الصارم بعدم السماح للفلسطينين بتجاوز حدودها وهو امر قد راهنت عليه شخصيا فكنت على قناعه راسخه بأن سيناء للمصرين برغم كل ما اشيع عنها سواء قبل الحرب او اثنائها وكل ما عرض على مصر ترغيبا او ترهيبا من اجل اقناعها بإستقبال الفلسطينين من قطاع غزة . اليوم نتياهو يقف في منتصف الطريق بين حلم غزة خالية من الغزين وبين الواقع الذي تفرضه مصر بأن لا خروج للفلسطينين من غزة عبر اراضيها وان بقائهم في غزة مسألة غير خاضعة للتفاوض او المساومة مع الدولة المصرية . لذلك نرى ان القرارات السياسية الاسرائلية في حالة من التخبط والخطط العسكرية كذلك ، فالرجل لن يتخلى عن حلم انهاء الوجود الفلسطيني في بقعة تعتبر نواة الدولة الفلسطينية المستقبلية مهما اختلف شكل هذه الدولة فغزة بوحدتها الجغرافية وموقعها الاستراتيجي يجعلها عاصمة الدولة الفلسطينية وبالقضاء عليها يعني القضاء على الحلم الفلسطيني نهائيا . لذلك اقول ان نتياهو يعرف ما يريد لكنه لم يعد يعرف كيف يحققه .

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
Social Media Auto Publish Powered By : XYZScripts.com