استهداف الصحفيين في غزة.. جريمة حرب لكتم الحقيقة وإخفائها…!.. بقلم/ د. عبد الرحيم جاموس

منذ اندلاع العدوان الإسرائيلي الحالي على قطاع غزة، لم تقتصر الفظائع اليومية على القتل والتدمير، بل ترافقت مع حرب ممنهجة على الحقيقة ذاتها. المجزرة التي وقعت في مجمع ناصر الطبي بخان يونس صباح 25 أغسطس 2025، والتي أسفرت عن مقتل 5 صحفيين على الأقل خلال غارة مزدوجة، ليست حادثة عابرة، بل هي استمرار لسياسة مدروسة لإخفاء الحقيقة عبر استهداف من يحملون الكاميرا والقلم، وهم يفضحون جرائم الحرب للعالم (Reuters, The Guardian).
أرقام صادمة: الحقيقة في مرمى النيران …!
إحصاءات من منظمات دولية تكشف أن هذا الصراع هو الأشد فتكاً بالصحفيين في التاريخ المعاصر:
الأمم المتحدة: حتى 11 أغسطس 2025، بلغ عدد الصحفيين الفلسطينيين الذين استشهدوا 242 صحفياً.
Costs of War (جامعة براون): عدد الصحفيين الذين قتلوا في غزة يفوق مجموع ما قُتل في الحربين العالميتين الأولى والثانية، وفيتنام، ويوغسلافيا، وأفغانستان بعد 2001 مجتمعة.
الاتحاد الدولي للصحفيين (IFJ): على الأقل 165 صحفياً قُتلوا حتى مايو 2025.
لجنة حماية الصحفيين (CPJ): حتى أواخر يوليو 2025، قُتل 186 صحفياً مع نحو 130 حالة أخرى قيد التحقيق.
مراسلون بلا حدود (RSF): خلال 150 يوماً فقط، سقط 103 صحفيين، ما يجعل غزة “المجزرة الأكبر للصحافة في العصر الحديث”.
لماذا استهداف الصحافة….؟
سياسة الاحتلال في ملاحقة الصحفيين ليست اعتباطية، بل لها أهداف واضحة منها :
1. إخفاء الحقيقة: بمنع وصول صور المجازر إلى الرأي العام الدولي.
2. إرهاب الإعلاميين: خلق مناخ خوف لإجبار البقية على التوقف عن التغطية.
3. التغطية على حرب الإبادة: إذ يمثل الصحفيون “العين الشاهدة”، وغيابهم يتيح للاحتلال القتل دون توثيق.
4. إضعاف التضامن الدولي: فحرمان العالم من المعلومة الميدانية يضعف الحملات الحقوقية والسياسية.
رأي القانون الدولي: نص واضح وصمت دولي مطبق…!
تنص المادة 79 من البروتوكول الإضافي الأول لاتفاقيات جنيف (1977) على أن الصحفيين في مناطق النزاع يتمتعون بالحماية الكاملة، واستهدافهم يُعد جريمة حرب. ومع ذلك، تواصل إسرائيل ارتكاب هذه الجريمة أمام أنظار العالم، وسط عجز أو صمت دولي يرقى إلى مستوى التواطؤ.
صوت المؤسسات الإعلامية الدولية …
الأمم المتحدة دعت إلى تحقيقات عاجلة ونزيهة ومحاسبة الجناة.
وكالات الأنباء العالمية مثل Reuters وAP طالبت إسرائيل بتوضيحات عاجلة بعد مقتل صحفييها.
منظمات مثل CPJ وRSF وصفت ما يجري بأنه “أكبر مجزرة للصحفيين في التاريخ الحديث”.
إن دماء أكثر من 244 صحفياً قُتلوا في غزة، ليست مجرد أرقام، بل ذاكرة إنسانية حيّة، وشهادة دامغة على أن الاحتلال لا يخشى شيئاً أكثر من الكلمة والصورة.
فالعدوان ليس فقط على البشر، بل على الحقيقة ذاتها، في محاولة لإخفائها إلى الأبد، لكن الحقيقة قد تُحاصر، لكنها لا تُمحى، وستظل دماء الصحفيين جسراً يصل بين مأساة غزة وضمير العالم.
وبوصفي رئيس المجلس الإداري للاتحاد العام للحقوقيين الفلسطينيين، أوجّه نداءً عاجلاً إلى المجتمع الدولي، والأمم المتحدة، والاتحاد الدولي للصحفيين، والمنظمات الحقوقية كافة، بتحمّل مسؤولياتهم القانونية والأخلاقية في حماية الصحفيين ومحاسبة الاحتلال على جرائمه، لأن الصمت على إخفاء الحقيقة يعني المشاركة في الجريمة.
د. عبدالرحيم محمود جاموس
رئيس المجلس الإداري للإتحاد العام للحقوقيين الفلسطينيين .
الرياض /الثلاثاء
26/8/2025