ورقة تقدير موقف.. الرد على ادعاءات إسرائيل بشأن تقرير المجاعة في غزة (IPC)

ا.د سمير مصطفي ابومدلله
محاضر في جامعه الازهر- غزه
عضو الامانه العامه لاتحاد الاقتصاديين الفلسطينيين

أولًا: خلفية

في 27 أغسطس 2025، عقد المدير العام لوزارة الخارجية الإسرائيلية مؤتمرًا صحفيًا، اتهم فيه التصنيف المرحلي المتكامل للأمن الغذائي (IPC) بتزوير تقرير المجاعة في غزة، وهدد بوقف تمويل المنظمة عبر الضغط على الجهات المانحة. جاء ذلك بعد الإعلان الأممي الرسمي الذي صنّف الوضع في غزة بـ”المجاعة” وفقًا لأدق المعايير الدولية.

هذا الموقف الإسرائيلي يأتي في سياق سياسة إنكار مستمرة لجرائم الإبادة الجماعية التي تُرتكب بحق أكثر من 2.3 مليون فلسطيني محاصَر، حيث تُستخدم الدعاية السياسية للتشكيك في المؤسسات الدولية المستقلة.

ثانيًا: الرد على مزاعم “التزوير”
1. ادعاء اختلاق وفيات (303حاله وفاه منهم 117 طفل
حسب بيان وزاره الصحه 27-8-2025
• الوفيات نتيجة سوء التغذية في غزة موثّقة من قبل وزارة الصحة الفلسطينية، الهلال الأحمر، وتقارير ميدانية للأمم المتحدة.
• محاولة نزع الشرعية عن الأرقام تهدف إلى إسقاط “عتبة المجاعة” قانونيًا، وليس إنقاذ حياة الناس.
2. التشكيك في استخدام مؤشرات MUAC:
• قياسات محيط الذراع (MUAC) معيار دولي معتمد في حالات النزاعات والكوارث. استخدامه في غزة يتماشى مع بروتوكولات منظمة الصحة العالمية.
• منعت إسرائيل فرق الطوارئ الدولية من إدخال أجهزة وأدوات قياس حديثة، وبالتالي فإن انتقاد الأداة يُعتبر تضليلًا متعمدًا.
3. ادعاء التلاعب بالعينات (Cherrypicking):
• حجم العينة (7,519 طفلًا) يتجاوز الحد الأدنى المطلوب علميًا ويكفي لإثبات النتائج.
• استبعاد بعض البيانات تم لأسباب تتعلق بالنزاهة العلمية (نقص استمارات مكتملة، أو بيانات مكررة).
4. إخفاء مسح مضاد:
• الادعاء بوجود “مسح أُخفي” غير مثبت، ويهدف فقط إلى التشويش الإعلامي.
• جميع الملاحق والتقارير الفنية لـ IPC نُشرت علنًا، وتخضع للتدقيق الدولي.

ثالثًا: حقيقة الوضع الإنساني في غزة
• أكثر من 500,000 إنسان على حافة الموت جوعًا وفقًا لتقديرات الأمم المتحدة (يونيسف، برنامج الغذاء العالمي، FAO).
• 95% من السكان بلا مياه صالحة للشرب.
• انهيار القطاع الصحي بالكامل، مع نفاد الدواء والغذاء وحليب الأطفال.
• استخدام الاحتلال التجويع كسلاح حرب عبر منع دخول الغذاء والوقود، وتدمير المزارع والمخازن، واستهداف قوافل الإغاثة.

هذه المعطيات تثبت أن الحديث عن “تزوير” ليس سوى أداة للهروب من المسؤولية القانونية عن جريمة إبادة جماعية وفق اتفاقية جنيف (1949) ونظام روما (1998).

رابعًا: الأهداف الحقيقية لإسرائيل من الحملة
1. إسقاط صفة المجاعة قانونيًا حتى لا تُتهم بارتكاب جريمة إبادة جماعية.
2. الضغط على المانحين لوقف تمويل المؤسسات الدولية المستقلة.
3. توجيه الرأي العام العالمي عبر الدعاية المضللة بدلًا من مواجهة الأدلة الميدانييه.

خامسًا: التوصيات
1. رفض الضغوط الإسرائيلية: على IPC والأمم المتحدة عدم الرضوخ، والتأكيد على استقلالية آليات التصنيف.
2. تثبيت التقرير كوثيقة قانونية: تقديمه كأداة إثبات أمام محكمة العدل الدولية والمحكمة الجنائية الدولية.
3. دعوة لتحقيق دولي مستقل: عبر لجان تقصّي الحقائق التابعة للأمم المتحدة، مع ضمان وصول ميداني غير مقيّد إلى غزة.
4. تفعيل آليات العقوبات: مطالبة مجلس الأمن والجمعية العامة بفرض عقوبات على إسرائيل لارتكابها جريمة استخدام التجويع كسلاح حرب.
5. حماية المانحين والمؤسسات الدولية: من الابتزاز السياسي الإسرائيلي، وضمان استمرار التمويل للمنظمات الإنسانية.
6. ملاحقة المسؤولين الإسرائيليين قضائيًا: عبر المحاكم الوطنية والدولية، بتهمة ارتكاب جرائم حرب وإبادة جماعية

خلاصة

محاولة إسرائيل اتهام تقرير IPC بالتزوير ليست سوى إنكار مُمنهج للحقائق الميدانية، وتهرب من المسؤولية القانونية عن سياسة التجويع المتعمّد.
الحقيقة المؤكدة أن غزة تشهد مجاعة غير مسبوقة في المنطقة، والمسؤول المباشر عنها هو الاحتلال الإسرائيلي.
وعليه، فإن الرد الدولي يجب أن يتجاوز الدفاع عن التقرير إلى محاكمة إسرائيل على جرائم الإبادة الجماعية، ووقف سياسة الإفلات من العقاب

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
Social Media Auto Publish Powered By : XYZScripts.com