نزع سلاح المقاومة.. نزع لكرامة الأمة العربية واستسلام للتوسع والصهيوني.. د/ كاظم ناصر

لا يتوقف قادة دولة الاحتلال عن إعلان إصرارهم على نزع السلاح العربي، خاصة سلاح المقاومة الفلسطينية واللبنانية، في الوقت الذي تحصل فيه دولتهم على أحدث أنواع الأسلحة وأكثرها فتكا ودمارا من الولايات المتحدة ودول الغرب، وتستحوذ وحيدة على السلاح النووي المحرم على الدول العربية والإسلامية.
محاولات إسرائيل المدعومة أمريكيا وعربيا بنزع الشرعية عن سلاح المقاومة مرتبطة بمنهجية سياسية تقوم على تعريف المقاومة كعبء لا إرادة تحرير للأراضي الفلسطينية والعربية من الاحتلال الصهيوني التوسعي كما هي في حقيقتها وأهدافها النبيلة وشرعيتها القانونية. ولهذا فإن هذه المحاولات لتجريد المقاومة من سلاحها وتفكيك بنيتها التحتية وحاضناتها الشعبية، وتجريد الشعب الفلسطيني والشعب اللبناني والأمة العربية عامة من أدوات دفاعها عن نفسها ووطنها العربي تحت مسميات ووعود وأوهام كاذبة كالاستقرار، والحلول السلمية، وحقن الدماء، والازدهار الاقتصادي، والانتقال الى الحياة المدنية ليست جديدة، بل تمتد جذورها إلى تجارب سابقة قاسية دفعت فيها حركات المقاومة ثمنا باهظا نتيجة التعويل عليها، وتسببت في إضاعة فرص تاريخية للتصدي لدولة الاحتلال بخروج المقاومة الفلسطينية من الأردن عام 1970 ومن لبنان عام 1982.
ولهذا فإن الهدف الأساسي لسحب سلاح المقاومة الذي تطالب به إسرائيل والولايات المتحدة وعملائهما العرب هو تجريد الفلسطينيين واللبنانيين واليمنيين والعراقيين والشعوب العربية عامة من أدوات دفاعها عن نفسها، ومنعها من الاستعداد لحماية أقطارها من التوسع الصهيوني تحت مسميات مضللة كاذبة كالادعاء بتحقيق سلام عادل واستقرار دائم ورفاه اقتصادي مزعوم! أي إن الأمر لم يعد يتعلق بنزع سلاح المقاومة هنا أو هناك بقدر ما يتعلق بنزع أوطان، وباقتلاع المواطنين الفلسطينيين والعرب من بلداهم وتشريدهم على أيدي مجموعات من القتلة والسفاحين المرتزقة الغرباء الذين تجمعوا من شتى أنحاء العالم لاحتلال وطننا العربي وإذلالنا.
الوطن العربي في حالة انهيار مرعبة، وخطط إسرائيل الرامية إلى احتلال كامل فلسطين لم تكن واضحة كما هي الآن، ولم تكن مخططاتها لاحتلال أجزاء من الأردن وسوريا ومصر ولبنان واضحة كما هي الأن؛ ورغم هذا الانهيار، وبدلا من الاعداد للمواجهة الحتمية مع دولة الاحتلال تتحدث الأنظمة العربية عن أوهام سلام لم ولن يتحقق، وعن نزع سلاح المقاومة الذي هو بمثابة رأس حربة للدفاع عن الوطن العربي بأسره، ولا تفعل شيئا لتدريب وتسليح شعوبها للدفاع عن نفسها وحماية أقطارها، وتتشاور حول إرضاء دولة الاحتلال والولايات المتحدة الأمريكية، وتقدم التنازل تلو الآخر لهما، وتقود الوطن العربي إلى كوارث لا نهاية لها!