نبض الحياة.. حماس وترمب واهداف الحوار.. عمر حلمي الغول

مازال الوضع الكارثي والابادة الجماعية على الشعب الفلسطيني في قطاع غزة يتفاقم ويزداد قتلا وتدميرا ووحشية إسرائيلية أميركية، ولعبة الموت والمفاوضات العبثية تعمق الفاجعة والمأساة، مع ان صاحب اليد العليا في وقف الحرب من عدمه يناور في عملية تسويف ومماطلة واضحة لإطالة أمد الحرب، مع أن لسان حاله يدعي انه يريد انهاء الإبادة وتبادل الرهائن جميعا، غير أن البارومتر الناظم لرؤيته ومواقفه من انهاء الحرب يقاس وفق مصالحه الاقتصادية المالية والتجارية في القطاع، بالتلازم مع موقف حكومة الائتلاف الحاكم في إسرائيل، التي لا ترغب ولا تريد وقف الإبادة، كما اعلن زعيمها بنيامين نتنياهو في تصريحاته المتوالية، التي تؤكد على استمرار الحرب حتى تحقيق “النصر الكامل”.
وكان أعلن صانع القرار الأميركي في مؤتمر صحفي في المكتب البيضاوي يوم الجمعة 5 أيلول / سبتمبر الحالي، عن وجود “مفاوضات معمقة” مع حركة حماس بشأن اتفاق غزة والرهائن، مؤكدا أن “بعض مطالب حماس جيدة”، وأضاف أن “الوضع سيكون صعبا وقاسيا إذا ظلت حماس تحتجز الرهائن الإسرائيليين”، وطالبها بإطلاق سراح جميع الرهائن المحتجزين في غزة، و”قلنا لهم اتركوهم جميعا.. وستحدث معكم أمور أفضل بكثير.” وخلص الى أن “هذه وجهة نظري والخيار يعود لإسرائيل”، وأرفقها بجملة لذر الرماد في العيون الإسرائيلية، بأن الاحتجاجات الكبيرة بشأن وضع الرهائن تضعها في وضع صعب، لتذكير القيادة الإسرائيلية عدم تجاهل ذلك. بتعبير آخر، شاء الرئيس الأميركي القول، انني لن أُوقف الحرب الا عندما توافق الحكومة الإسرائيلية، وكل هم دونالد ترمب وادارته السيطرة على قطاع غزة وبناء “ريفيرا الشرق” المشؤومة ونهب الغاز والنفط الفلسطيني، والافراج عن الرهائن الإسرائيليين، دون مبالاة بمئات الالاف من ضحايا الإبادة الجماعية الفلسطينيين وعمليات التدمير المنهجية لمدن وبلدات ومحافظات القطاع، ودون الالتفات لآلاف من أسرى الحرية الفلسطينيين القابعين من عشرات السنوات في السجون الاسرائيلية.
وفي إطار ما صرح به حاكم البيت الأبيض، نقلت الإدارة الأميركية الى حركة حماس عبر الوسيط غيرشون باسكين، مبادئ مقترح اتفاق شامل صباح أمس الاحد 7 سبتمبر الحالي، ووفق المصادر الناقلة للخبر، ان الصياغة ليست نهائية ولا رسمية، بل هي مبادئ من المفترض أن تتطلب استمرار المفاوضات العبثية، حسب موقع “كان” العبري. لكن هذه المبادئ التي نقلها ستيف ويتكوف المبعوث الأميركي الى باسكين لم يكشف عن تفاصيلها حتى الان. وتركت بنود المقترح ضبابيا لما بعد التنسيق والتكامل مع الحكومة الإسرائيلية وفريقها المختص. ولهذا من المتوقع ان يصل رئيس الوفد الإسرائيلي المفاوض الوزير رون ديرمر الى واشنطن هذا الأسبوع للاطلاع على رؤية كبار المسؤولين الاميركيين، ووضع اللمسات الأخيرة بين الحليفين الاستراتيجيين الأميركي الإسرائيلي للمقترح المراد اعتماده.
وكانت حركة حماس جددت التزامها وتمسكها بالموافقة، التي أعلنتها مع بعض القوى الفلسطينية على مقترح الوسطاء مصر وقطر لوقف إطلاق النار في 8 آب / أغسطس الماضي، وأكدت في بيان لها أول أمس السبت 6 سبتمبر الحالي، انفتاحها على أي أفكار أو مقترحات تحقق وقفا دائما لإطلاق النار، وانسحابا شاملا لقوات الاحتلال من القطاع، ودخولا غير مشروط للمساعدات الإنسانية، وتبادل أسرى حقيقيا من خلال مفاوضات جادة عبر الوسطاء. لكن باسم نعيم عضو مكتبها السياسي أصدر أمس الاحد موقفا شدد فيه على تمسك حركته ب “سلاحها”، وكأنها شاءت وضع العصي مجددا في الدواليب، ولإطالة امد الإبادة الجماعية دون الالتفات لمصالح الشعب العليا، ولتقديم المزيد من الذرائع للحكومة الإسرائيلية وتجاهلت حماس ان موافقتها المتاخرة على اتفاق أغسطس، تجاوزته تل ابيب ومن خلفها واشنطن.
وفي استشراف لموقف الرئيس ترمب وقيادة حماس من الإعلان عن دوامة المفاوضات الثنائية، التي أعلن عنها الرئيس ال 47، أولا العلاقات بين حماس والإدارة الأميركية لم تتوقف بشكل مباشر وغير مباشر من خلال الدوحة وغيرها من اتباع الإدارة الأميركية في الإقليم، وبالتالي الإعلان عن مفاوضات من خلال باسكين، جاء لإلباسها ثوبا تضليليا، وللتغطية على دور قطر أو تركيا أو غيرهم، وأيضا لوعد حماس ببقاء دور لها في المشهد السياسي في اليوم التالي، لأن دورهم مطلوب، وللاتفاق على دعمها، مقابل وضع العراقيل أمام تولي منظمة التحرير والدولة والحكومة أصحاب الولاية الأساسية على القطاع والضفة بما فيها القدس العاصمة. كما أن حركة حماس تعتبر الإعلان عن المفاوضات من قبل الإدارة مكسبا لها، وترسيما لدورها، وتعزيزا لمكانتها في اليوم التالي، دون حساب لمصالح وأهداف الشعب ولوحدة الموقف الفلسطيني تحت راية منظمة التحرير الفلسطينية الممثل الشرعي والوحيد. والأيام القادمة ستكشف عن مالات المفاوضات وابعادها وتداعياتها على الساحة الفلسطينية.
oalghoul@gmail.com
a.a.alrhman@gmail.com

نبض الحياة.. أسباب وتداعيات عملية القدس.. عمر حلمي الغول
نفذ شابان فلسطينيان صباح أمس الاثنين 8 أيلول / سبتمبر عملية فدائية في شمال غربي القدس العاصمة الفلسطينية، وتحديدا عند تقاطع حي راموت، نجم عنها سقوط 6 قتلى واصابة 15 إسرائيليا، من بينهم 6 جراحهم خطيرة، وقال جهازا الشاباك والشرطة في بيان مشترك ” المنفذان اللذان نفذا عملية إطلاق النار صباح الاثنين في القدس هما: مثنى عمرو 20 عاما، من سكان القبيبة، ولم يسبق اعتقاله، ومحمد طه، 21 عاما، من سكان قطنة، ولم يسبق اعتقاله.” وأشار البيان الى أنه “تم القضاء عليهما في موقع الهجوم. وقالت القناة 12 العبرية، وقع الهجوم حوالي الساعة 10,10 صباحا، وأطلق الشابان النار على حافلة ركاب إسرائيلية متوقفة بالقرب من محطة ركاب في المكان. وأشارت الى انهما غادرا قريتهما وهما يحملان السلاح (من نوع كارلو ستاف محلي الصنع)، وتسللا من (ثغرة في) الجدار الاسمنتي (جدار الفصل العنصري) الذي يعزل القدس الشرقية عن الضفة الغربية. وبحسب المعلومات فإن مثنى عمرو هو طالب هندسة كهربائية في جامعة بيرزيت في الضفة.
وللعلم فإن القرى الفلسطينية شمال غرب القدس مع انها تقع ضمن المنطقة المصنفة (B)، الا انها تخضع للسيطرة الأمنية الإسرائيلية، التي ازدادت شراسة وانتهاكا للقوانين وحقوق الانسان والاتفاقات المبرمة من قبل الجيش وأجهزة الامن الإسرائيلية في اعقاب 7 تشرين اول / أكتوبر 2023، وباتت تخضع كليا للسيطرة الإسرائيلية الكاملة.
وعلى إثر ذلك، وصل رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو لمكان العملية وتوعد باتخاذ إجراءات أكثر تشددا، واكد أن إسرائيل “في حالة حرب على الإرهاب في غزة والقدس وغيرها.” وتجاهل كليا أنه هو وحكومته من صنع وينتج الإرهاب والموت والابادة الجماعية. كما وصل إيتمار بن غفير وزير ما يسمى “الأمن القومي”، وهدد وتوعد الشعب الفلسطيني بإجراءات وعقوبات جماعية، وكذلك فعل بتسليئيل سموتريش وزير المالية، الذي دعا الى تدمير القريتين ورام الله اسوة بما جرى في رفح وبيت حانون، وطالب بتدمير السلطة الفلسطينية. ومن بين التداعيات المباشرة التي نفذتها أجهزة الامن والجيش الإسرائيلي مداهمة وتفتيش منازل منفذي العملية في قبيبة وقطنة، واعتقلت والديهما وشقيقيهما، ولاحقا لذلك سيتم هدم المنازل، ولم تعلن أي من الفصائل الفلسطينية المسؤولية عن الهجوم، وعلى الأرجح فإن الهجوم فردي، ولا يمت بصلة لأي قوة فلسطينية.
غير ان التداعيات الناجمة عن العملية ستكون أعمق وأوسع مما ورد أعلاه، فقد يطال اغلاق الطرق، وتدمير القريتين المذكورتين والقرى المجاورة في شمال غرب القدس، كما توعد زعيم الصهيونية الدينية، وإقامة بؤر استيطانية جديدة على أنقاضمها وزيادة الاستيطان الاستعماري، بالتلازم مع طرد وتهجير السكان الفلسطينيين من قراهم، وغيرها من الانتهاكات الخطيرة التي تمس بمصالح وممتلكات الفلسطينيين ومستقبل عملية السلام.
وإذا دققنا في أسباب وخلفيات العملية، فإنها بمثابة ردة فعل طبيعية لما تشهده العاصمة القدس وعموم محافظات الضفة الفلسطينية من جرائم حرب متواصلة على مدار السنوات الماضية ضد أبناء الشعب الفلسطيني في الوطن عموما، ورفضا للإبادة الجماعية الكارثية التي تجري في قطاع غزة على مدار العامين الماضيين في اعقاب 7 تشرين اول / أكتوبر 2023، التي أودت باستشهاد وجرح وفقد ما يزيد على ربع مليون فلسطيني، فضلا عن تدمير ما يتجاوز ال 90% من الوحدات السكنية بما فيها تدمير الأبراج والمؤسسات والجامعات والمدارس والمعابد الإسلامية والمسيحية وإخراج المستشفيات والمراكز الصحية بغالبيتها عن الخدمة، وتدمير هائل للبنى التحتية، بالإضافة لحرب التجويع والامراض والاوبئة.
وكانت الأجهزة الأمنية الإسرائيلية حذرت المستوى السياسي من هكذا عمليات نتيجة تفاقم وتواتر جرائم الحرب واستشراء الاستيطان الاستعماري وتقطيع المدن والقرى والمخيمات بما يزيد عن 900 بوابة وحاجز، والقرصنة على أموال المقاصة الفلسطينية، وتدمير المخيمات والتهجير القسري لعشرات الالاف من سكانها في محافظات شمال الضفة وفي محافظة الخليل، وتدمير 33 تجمعا بدويا في محيط القدي العاصمة … الخ
مع أن المنطق العلمي كان يحتم على القيادة الإسرائيلية المهووسة بالحروب والابادة والتطهير العرقي بمراجعة سياساتها الاجرامية، والكف عن جرائم حربها والدفع بانتهاج سياسات مغايرة تعزز خيار السلام، والقبول باستقلال وسيادة الدولة الفلسطينية القائمة على أراضيها، وبناء جسور التعايش مع أبناء الشعب الفلسطيني انسجاما مع قوانين وقرارات الشرعية الدولية والرأي الاستشاري لمحكمة العدل الدولية في تموز / يوليو 2024، الذي تبنته الجمعية العامة في أيلول / سبتمبر من ذات العام الماضي. لأن ذلك هو العامل الأهم في تجفيف أسباب العنف، ويفتح الأفق لسلام ممكن ومقبول، وهذا ما أكد عليه بيان الرئاسة الفلسطينية. غير انها ليست بوارد ذلك. لأنها مسكونة بالأساطير اللاهوتية التلمودية، وببناء دولة إسرائيل الكبرى من النيل الى الفرات التي أعلن عنها نتنياهو وأركان ائتلافه النازي الحاكم، وكونها مدعومة بشكل مطلق من الولايات المتحدة الأميركية، لذا فإنها ماضية في خيار الإبادة والتطهير العرقي الاوسع والأخطر في تاريخ الصراع الفلسطيني الإسرائيلي. الامر الذي يتطلب من الاشقاء العرب والاقطاب والدول والمنظمات الأممية والمحاكم الدولية اتخاذ ما يلزم لوقف جرائم النازية الإسرائيلية لحماية حقوق الانسان والامن والسلم العالميين، وإنقاذ الشعب الفلسطيني الأعزل من وحشية دولة إسرائيل اللقيطة والخارجة على القانون قبل فوات الأوان.
oalghoul@gmail.com
a.a.alrhman@gmail.com

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
Social Media Auto Publish Powered By : XYZScripts.com