ظواهر شاذة في أسواق غزة.. ناهض زقوت

ظواهر غريبة طارئة لم يعرفها المجتمع الغزي بتاتا في يوم من الأيام، بدأت تظهر بشكل استفزازي ومثيرة للغرابة والدهشة.
من هذه الظواهر أن أصبح الباعة في الاسواق أطباء أشعة.
في سوق النصيرات اينما تنظر بعينيك تجد أحد الباعة يمسك بالعشرين أو الخمسين شيكل ويفحصها تحت أشعة الشمس، كأنه طبيب يمسك صورة أشعة لمريض ليعرف علته.
ظاهرة تعبر عن نفوس مريضة، لم تكن يوما في اسواقنا، كأننا اصبحنا نتعامل مع كائنات جاءت من خارج الكوكب علينا.
وبعد الفحص والتحري يقول للزبون العشرين مخرومة ما باخذها، وهنا يقف الزبون حائرا ماذا يفعل، وقد لا يمتلك غيرها.
واذا أعطيته مثلا خمسين شيكل، يرجع لك أوراق نقدية من فئة العشرين مهترئة، ويقول لك بكل وقاحة، هذا الموجود. عندها إما تأخذها لانك مضطر لشراء السلعة، أو ترفض وتبحث عن بائع ٱخر، وكلهم يقرأون على شيخ واحد.
رغم أن البنوك مقفلة، والتجار الكبار يتعاملون بالتطبيق البنكي، لا ندري من صاحب فكرة عدم أخذ النقود القديمة، علما أنه منذ أكثر من سنة لم يدخل قطاع غزة أية أوراق نقدية جديدة، وما يتم تداوله هي الأوراق النقدية الموجودة وقد أصبحت قديمة بفعل كثرة تداولها بين أيدي الناس والباعة.
للعلم جميع الذين في السوق هم باعة بسطات، وليسوا تجارا، يشترون بضاعتهم من أحد التجار، أو تاجر كبير يعطيهم تجارته لبيعها مقابل نسبة معينة، لهذا تجد الأسعار لديهم موحدة ولا تنازل، حسب ما قال المعلم الكبير.
وثمة ظاهرة أخرى انتشرت في السوق وبين الباعة، يرفضون الاوراق النقدية، ويريدون فكة من العملات المعدنية من فئة الخمس شواكل، لأن هذه الفكة أصبحت تباع بالربا، كل 70 شيكل حديد مقابلها مائة شيكل، وبذلك يتم جمع الفكة من الاسواق، لصالح محتكر كبير يسعى لخلق أزمة في السوق مثل أزمة رفض الأوراق النقدية.
ثمة جهة ما تتحكم في حركة السوق، وما يحدث فيه من ظواهر غريبة وشاذة، تدفع لمزيد من خنق المجتمع والناس بتراكم الازمات، حتى أصبح المواطن يكره الذهاب إلى السوق، ولكنه مضطر.
ومن الظواهر المستحدثة، ظاهرة التطبيق البنكي، كل الباعة يضعون أمام بسطاتهم ورقة عليها اسم ورقم هاتف والبنك الذي يتعامل معه، وليس بالضرورة أن يكون هو صاحب الحساب، ولكنه حساب بنكي أو محفظة، ويقول لك أنه يبيع كاش وتطبيق، وبعضهم لا يبيع كاش بل على التطبيق، الذي يعني 35 بالمئة زيادة على ثمن السلعة، مثلا كيلو السكر كاش 10 شيكل، وعلى التطبيق 15 شيكل، وبعد رفض الأوراق النقدية وغياب العملات المعدنية، أنت كمواطن مضطر أن تشتري.
بهذه الطريقة استبدل التاجر الكبير بيع الأوراق النقدية بعمولة الربا، إلى بيع البضائع بعمولة، محافظا على نسبة الربا من 30 إلى 35 بالمئة في كل سلعة.
المواطن كان يعتقد أن فتح المولات الكبيرة في مخيم النصيرات وغيره، قد يوقف هؤلاء الباعة عند حدهم، ولكنهم حينما افتحوا دكاكينهم خيبوا ظن المواطن، السلعة عندهم لا يختلف ثمنها عن بائع البسطة، ويتعاملون بالتطبيق الذي يرفع ثمن السلعة إلى ما يفوق التوقع، السلعة التي ثمنها 50 كاش، بالتطبيق 70 شيكل. من الواضح أن التاجر الكبير هو نفسه الذي يعطي البضاعة لباعة البسطات، يعطيهم نفس البضاعة بشروط بيعها التي لا تختلف عن البسطة.
هذه الظواهر المستحدثة، والأسعار الخيالية التي تعد عبئا إضافيا على حياة المواطن، ولم يعد بمقدوره شراء كل ما تطلبه نفسه وأسرته، ومن هنا يبدأ الجوع.
تشكل الظواهر والأسعار حالة من القهر لدى المواطنين، أوصلتهم إلى كره البلد، والتمني الخروج منها لبلاد تحفظ كرامتهم وٱدميتهم وانسانيتهم، وأضعف الايمان من شدة القهر والعجز أن تجد مواطنا يصرخ ويسب ويشتم بصوت العاجز في وسط السوق على من أوصلهم إلى هذه الحال.
المواطن لا يطلب المستحيل، لكي تنتهي هذه الظواهر البشعة، يجب أن تنتهي الحرب، وتشكيل حكومة فلسطينية بشرطة قوية، وفتح البنوك، وتعود اسعار السلع لما قبل السابع من اكتوبر، ومحاسبة التجار الكبار ومن ناصرهم على ظلم المواطن.
غزة في اليوم ال703 للحرب 8/9/2025