يحق للفلسطينيين أن ينعموا بحرية طال انتظارها.. المطران عطا الله حنا

الى متى سوف تستمر حرب الإبادة التي تستهدف قطاع غزة برمته حيث هنالك اكثر من مليوني مواطن يعانون من الحصار ويعانون من سياسات القهر والتنكيل والتجويع وكأنه حكم عليهم بالموت إما قتلا واما جوعا وتنكيلا .
واليوم نحن انتقلنا الى مرحلة مروعة حيث يطلب من المواطنين النزوح من شمال القطاع الى جنوبه ولا يستثنى من ذلك المسيحيين الذين هم في كنائسهم وقد لجأوا اليها بسبب تدمير منازلهم ،فهم لاجئون نازحون في هذه الاديرة وفي هذه الأماكن المقدسة .
إن مسألة النزوح من الشمال الى الجنوب انما هي مسألة محفوفة بالمخاطر وما اكثر هؤلاء الذين تم قنصهم وقتلهم وهم في طريق الانتقال من مكان الى مكان فلا يوجد هنالك طريق آمن ولا توجد هنالك أماكن امنة فكل غزة مستهدفة ومستباحة وهذا يحدث على مرأى ومسمع العالم والذي يعرف جيدا ما يرتكب في غزة من جرائم مروعة بحق الإنسانية .
ان القساوة التي يعامل بها أهلنا في القطاع تجعلنا في حالة صدمة وألم وحزن دائم ومستمر فكيف يمكن ان يحدث هذا في هذا الزمن وفي هذا العصر الذي يتغنى فيه الكثيرون في عالمنا بما يسمى حقوق الانسان وحتى حقوق الحيوان ولكن يبدو ان حياة الانسان الفلسطيني لا تعني لهم شيئا على الاطلاق .
الاحرار في هذا العالم وكثير من الحكومات باتت تنادي بوقف هذه المأساة ولكن ولا حياة لمن تنادي وقادة إسرائيل يتباهون بقتلهم وتدميرهم لغزة ويعتبرون هذا إنجازا عظيما لدولتهم ولشعبهم .
صحيح اننا نرفض ما حدث يوم ال7 من أكتوبر ولا يمكن لاي انسان عنده قيم ان يقبل باستهداف المدنيين أيا كان دينهم وايا كان معتقدهم او لون بشرتهم فاستهداف المدنيين مرفوض من قبلنا جملة وتفصيلا ، ولكن من يقتلون أيضا في غزة هم أيضا مدنيون ومن يستهدفون ويجوعون هم مدنيون ايضا فلماذا ازدواجية المعايير لدى البعض في هذا العالم فهم يتحدثون عما حدث يوم ال7 من أكتوبر والذي كنا نتمنى الا يحدث ويتجاهلون ما يحدث مع أهلنا في غزة وكأنهم أناس لا يستحقون الحياة ولا يستحقون ان يعيشوا في وطنهم وفي ارضهم المقدسة .
لقد تغيرت الأحوال بعد ال7 من أكتوبر وقد كان ما حدث ذريعة لكي يمعن الاحتلال في قمعه واستهدافه لشعبنا (وان كان ليس بحاجة الى الذرائع) ، فغزة دمرت عن بكرة ابيها وأصبحت مكانا غير قابل للحياة والضفة الغربية مستهدفة ومستباحة ، أما في القدس فقد ازدادت الاقتحامات والسياسات التي تستهدف المقدسيين في مقدساتهم واوقافهم وكافة تفاصيل حياتهم .
تعرضت دول عربية عدة لاعتداءات غاشمة واخرها ما حدث في قطر وكأن إسرائيل ومن يدعمها يريدون احداث تغييرات دراماتيكية في منطقتنا فهم يريدون شرق أوسط جديد منسجم وسياساتهم واجنداتهم ويريدون اخضاع الدول العربية وكل هذا هدفه فلسطين وقضيتها وتصفية القضية الفلسطينية والتي لن تتمكن أي قوة غاشمة من تصفيتها .
انهم يقتلون ويدمرون ويستهدفون المدنيين دون أي وازع أخلاقي او انساني ولكنهم لن يجعلوا الفلسطيني يرفع راية الاستسلام فالفلسطينيون باقون وهم متمسكون بوطنهم وكلمة الاستسلام ليست واردة في قاموسهم .
نتمنى ان يتبدل وان يتحسن الحال العربي لان هذا فيه مصلحة كبيرة للفلسطينيين كما ونتمنى ان تتعزز وان تتوسع رقعة أصدقاء فلسطين في سائر ارجاء العالم لكي يكونوا قادرين على تغيير وجه هذا العالم نحو ما هو افضل .
ترامب وجماعته عندما كانوا يتناولون الطعام يوم امس في احدى المطاعم سمعوا كلاما من بعض الأشخاص الذين تواجدوا في هذا المكان وقد كانوا يتمنون الا يسمعوه وما حدث يدل على ان هنالك شيئا يتغير في أمريكا لصالح الفلسطينيين فهنالك ازدياد في رقعة الوعي والادراك لجسامة الجرائم والتجاوزات الخطيرة المرتكبة بحق الشعب الفلسطيني .
نتمنى ان يسمع القابع في البيت الأبيض صوت هؤلاء الاحرار المنادين بالحق والعدالة ونصرة المظلومين ونتمنى ان يفهم بأن تصريحاته وكلماته المليئة بالمغالطات وتشويه الحقائق وتصريحاته أيضا ليست مُنزلة فهذا الرجل هو شريك في الجرائم المرتكبة بحق شعبنا وكل من معه ويجب ان يصل اليهم صوت أولئك الذين يؤمنون بقيم العدالة والحرية والسلام ويرفضون ثقافة الحروب والانتقام ويرفعون راية ” فلتتوقف الحرب” ويحق للفلسطينيين ان ينعموا بحرية طال انتظارها.
رئيس أساقفة سبسطية للروم الأرثوذكس
القدس 11/9/2025