المطران عطا الله حنا : لا نشمت بموت احد حتى وان كان عدوا لدودا لنا فهذه هي مبادئنا وقيمنا

اغتيل قبل ساعات في الولايات المتحدة الشاب شارلي كريك والمعروف عنه معاداته للعرب وللقضية الفلسطينية ودفاعه المستميت عن إسرائيل وسياساتها القمعية بحق الشعب الفلسطيني .
وقد زار القدس اكثر من مرة لكي يتضامن مع الاحتلال وكانت مواقفه استفزازية ومرفوضة جملة وتفصيلا ، ولكن وبالرغم من معارضتنا لطروحاته ومواقفه الاستفزازية الا اننا نرفض الاغتيالات السياسية وليسمح لي الشامتين باغتياله بأنني لا اوافقهم الرأي .
صحيح اننا نختلف مع هذا الشخص ولم نتفق معه في اي يوم من الأيام لا بل استفزنا كثيرا بتصريحاته وكلماته المعادية وكنا نتمنى ان يصحح اعوجاجاته واخطائه قبل ما حدث معه ، ولكن وانطلاقا من قيمنا الإنسانية والأخلاقية لا يمكننا ان نشمت بموت شخص حتى وان كان عدوا لدودا لنا ، فمسألة الاغتيالات السياسية وغيرها من الاغتيالات هي مرفوضة من قبلنا جملة وتفصيلا وبعد هذا الاغتيال قد تزداد وتيرة التحريض على العرب وعلى القضية الفلسطينية العادلة.
ان اغتيال هذا الشاب لا يجوز ان يؤدي الى الشماتة بل نحن نحزن على شاب مات وبقي في حالة الضلال والانحراف ولم يصوب بوصلته في الطريق الصحيح .
أنا على الصعيد الشخصي لا اشمت من موت احد حتى وان كان عدوا لدودا فهذا لا ينسجم مع قيمنا الإنسانية والأخلاقية ، وما كان ينادي به هذا الشخص تنادي به شريحة في الولايات المتحدة ونتمنى لهؤلاء الهداية وتصويب البوصلة لكي يكتشفوا انهم في المكان الخطأ ويدافعون عن الموقف الخطأ ومن يدافع عن المحتل والقاتل الذي يمتهن حرية وكرامة شعب هو شريك في الجرائم المرتكبة بحق هذا الشعب.
ان الكنائس في الولايات المتحدة وفي سائر ارجاء العالم يجب ان تكثف من حراكها ونشاطها لكي توضح المواقف المسيحية الحقيقية والسليمة ولكي لا يبقى الباب مفتوحا لهؤلاء الذين يشوهون قيم الايمان ويفسرون نصوص العهد القديم كما يحلو لهم تفسيرا سياسيا وليس تفسيرا ايمانيا روحيا .
نعيش في زمن نحتاج فيه الى البركة والنعمة الإلهية والى الانوار الاتية الينا من السماء لكي تبدد ظلمات هذا العالم وما اكثر أولئك الذين يعيشون في الظلمات والله نسأل بأن ينير عقولهم وضمائرهم لكي يعودوا الى انسانيتهم .
ان تكون عدوا لفلسطين ومؤيدا لحرب الإبادة ومدافعا عن سياسات الاحتلال القمعية هذا يعني انك لست مسيحيا على الاطلاق ولا تفقه شيئا عن المسيحية سوى ما يلقن لك من قبل العنصريين الذين يفسرون العهد القديم بتفسيرات مغلوطة تنسجم وسياسات وممارسات الاحتلال العنصرية .
وهنا استذكر قولا مأثورا لقداسة البابا شنودة في احدى زياراته لامريكا وعندما سأله احد الصحفيين عن ارض الميعاد فقد كان جواب قداسة البابا : ” يجب ان تميز ما بين وعد بلفور ووعد الله ” ، ففلسطين قد تم احتلالها واستعمارها بوعد من بلفور وليس بوعد من الله ، والله لا يحلل القتل وامتهان حرية وكرامة أي انسان.
الهنا هو اله محبة ورحمة ودعوة الى السلام والاخوة الإنسانية ، فأين انتم أيها العنصريون من هذه الرسائل ومن هذه المبادئ والروحية السامية.
فلسطين وقضيتها هي مفتاح السلام وبدون حل القضية الفلسطينية لن يكون هنالك سلام على الاطلاق ويبقى نداءنا في هذه الأوقات العصيبة المناداة بوقف حرب الإبادة.

رئيس أساقفة سبسطية للروم الأرثوذكس 

القدس 11/9/2025

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
Social Media Auto Publish Powered By : XYZScripts.com