نبض الحياة.. صفعة الجمعية لرجل الإبادة المنبوذ.. عمر حلمي الغول

يوم الجمعة الماضي 26 أيلول / سبتمبر الحالي، وقف بنيامين نتنياهو على منبر هيئة الأمم المتحدة ليلقي خطابه أمام الدورة ال80 للجمعية العامة في قاعة شبه فارغة من الوفود المشاركة في اعمال الدورة، الذين غادر معظمهم القاعة مع دخول الرجل المنبوذ، والمطلوب لمحكمة الجنائية الدولية، في رسالة شديدة الوضوح لرئيس وزراء إسرائيل شخصيا ومن خلاله لائتلافه الحاكم ولدولة الإبادة الإسرائيلية، أن العالم يرفضكم، وينبذكم، ويعزلكم. لأنكم مجرمي حرب، وصانعوا إبادة وحشية ضد الشعب العربي الفلسطيني في أرجاء حدود دولته المحتلة من قبلكم، وفي قطاع غزة خصوصا، وبصقوا في وجه نتنياهو ودولته اللقيطة، وهذا ما أكدته القناة ال13 الإسرائيلية ذات اليوم، عندما أعلنت تقول “عندما يغادر الدبلوماسيون الأجانب القاعة واحد تلو الاخر فور بدء خطاب نتنياهو، فإنهم لا يبصقون في وجهه لوحده، بل يبصقون في وجه إسرائيل.” وعقب يائير لبيد رئيس المعارضة الإسرائيلية بالقول، أن العالم شهد “اليوم رئيس وزراء إسرائيليا منهكا ومتذمرا في خطاب مثقل بالخدع المستخدمة.” ولم تكن ردود الفعل الإسرائيلية المختلفة أقل حدة مما ورد.
فضلا عن ان، رئيس وزراء إسرائيل دخل للقاعة الأممية مرورا بمظاهرة حاشدة مؤيدة للشعب الفلسطيني في ميدان تايمز سكويرالقريب من مقر الأمم المتحدة، بالتزامن مع مظاهرة حاشدة شارك فيها آلاف المحتجين من ولايات أميركية عدة، مرددين هتافات رافضة لاعتلاء نتنياهو منبر الأمم المتحد، ومتهمة إياه بارتكاب إبادة جماعية في قطاع غزة، ورفعوا الاعلام الفلسطينية، ونادوا بوقف الإبادة الجماعية فورا.
لو كان لديه ذرة من الاحترام لذاته ولمكانته الرسمية، لغادر قاعة الجمعية العامة دون أن يلتفت للخلف، لأنه كان يتحدث لوفده الإسرائيلي وحليفه الأميركي ومكرونيزيا وغيرها من الجزر وعدد من الوفود الهامشية المحدودة، ورغم ما تركه المشهد في القاعة الفارغة منبصمات قوية بدت واضحة على جسد ووجه رئيس وزراء إسرائيل القاتل ومجرم الحرب، الا انه واصل الوقوف والقى خطاب الأكاذيب والتلفيق.
ولا اريد ان اتوقف أمام تفاصيل خطاب الرجل المنبوذ، ولكن سأكشف عن حجم اكاذيبه في بعض المفاصل المتعلقة بما جاء على لسانه، أولا الصراع الإسرائيلي الصهيوني العربي الفلسطيني، لم يبدأ في 7 تشرين أول / أكتوبر 2023، بل يمتد لأكثر من قرن خلا من الزمن، وتعمق بعد قيام دولته اللقيطة في أيار / مايو 1948، التي شكلت بؤرة إرهاب وحروب متواصلة في الوطن العربي وإقليم الشرق الأوسط، كجزء من دورها الوظيفي في المنطقة، وبالتالي 7 أكتوبر ليس سوى محطة من محطات الصراع، الذي تم بالتكامل بين حكومتك ومن قام بها، الفريق الإنقلابي الذي قدمت له على مدار 17 عاما كل مقومات البقاء لتمزيق المشروع الوطني؛ ثانيا لم تكن يوما مع خيار حل الدولتين على حدود الرابع من حزيران 1967، بل انك أعلنت في حملتك الانتخابية لرئاسة اول حكومة عام 1996، بأنك قادم لدفن اتفاقيات أوسلو، وتصفية حل الدولتين، وإذا ذكرت ذلك في بعض اللحظات السياسية، انما ذكرته للمناورة والخداع والتضليل، وانت نتنياهو من أوقف مطلع عام 2014 المفاوضات الفلسطينية الإسرائيلية، ليس هذا فحسب، بل أنت ومريديك من انصار اليمين المتطرف من حرض على قتل اسحق رابين، رئيس الوزراء الأسبق الذي وقف خلف التوقيع على اتفاقيات أوسلو، وانت وفريقك من اعتقل ايهود أولمرت الذي ابدى الاستعداد لبلوغ تسوية سياسية استنادا لحل الدولتين، وانت من ارتكب ويرتكب جرائم الإبادة والحرب على مدار عامين من 7 أكتوبر حتى الان، وانت وأعضاء حزبك وائتلافك النازي من صوتم ضد إقامة ووجود دولة فلسطينية بين البحر والنهر، وهو ما تضمنه خطابك بذريعة مفضوحة انها “دولة إرهابية”، وتناسيت أن دولة إسرائيل دولة يهود الخزر الصهاينة، هي دولة أسست وقامت على الإرهاب والتخريب والتدمير والقتل وجرائم الحرب؛ ثالثا وقلبا للحقائق الدامغة، ادعى رئيس حكومة الإبادة زورا وبتانا، ان حكومته ” إذا كنا نريد ارتكاب إبادة جماعية في غزة لما طلبنا من المدنيين مغادرتها.” وتابع “إسرائيل القت ملايين المنشورات وملايين الرسائل النصية وأجرت عددا لا يحصى من المكالمات الهاتفية تحث المدنيين على مغادرة مدينة غزة.. هل يمكن لدولة ترتكب إبادة جماعية أن تتوسل الى السكان المدنيين الذين من المفترض انها تستهدفهم لكي يبتعدوا عن طريق الأذى.
غباء نتنياهو فاق كل وصف، بمحاولته ابراز نفسه وحكومته ب”الحمل الوديع”، وهم جميعا قتلة الاجنة والأطفال والنساء والمدنيين الأبرياء جميعا، الذين فاق عدد من قتلهم واصابهم بجروح وماتوا جوعا وبالأمراض فاق ال250 الف مواطن فلسطيني، أضف الى ذلك سعى لاستغباء الراي العام العالمي في محاولة تضليله له، متناسيا أن احد الأهداف التي مازال يرددها هو وزبانيته من مجرمي الحرب، تحقيق هدف التهجير القسري، وهو يعلم ان تدمير البيوت والابراج والاحياء في مختلف مدن ومحافظات القطاع من رفح جنوبا الى بيت حانون شمالا يهدف الى تهجير أبناء الشعب، وارتكاب ابشع عملية تطهير عرقي في تاريخ الصراع الفلسطيني الإسرائيلي، وطالما هم مدنيين، وانت وأركان جيش الإبادة الإسرائيلي تعلمون ذلك، لماذا تستهدفونهم وتستهدفون بيوتهم، وهم لم يفعلون شيئا؟ إذا كذبك لم ينطلي على أحد، ولن ينطلي حتى على مجتمعك العسكرتاري.، ولا على حلفائك الاميركيين المتواطئين معك وقادوا الإبادة الجماعية.
رابعا وبصدد رسالته للدول الغربية التي اعترفت بالدولة الفلسطينية مؤخرا، ادعى قائلا “قمتم بأمر خاطئ للغاية، قمتم باتخاذ قرار ضد الأبرياء واليهود في كل مكان، هذه وصمة عار.. الفلسطينيون لا يريدون دولة بالقرب من إسرائيل، ولا يؤمنون بهذا الحل.” وتجاهل ما يزيد على ألف قرار أممي منذ عام 1947 بدءً من قرار التقسيم 181 وحتى الان، التي اقرت وجود الدولة الفلسطينية التي اعترفت بها 160 دولة حتى الان، أكثر من الدول التي تعترف بإسرائيل نفسها. وهو يعلم ان الدول الغربية تأخرت 77 عاما قبل ان تعترف بالدولة الفلسطينية. كما ان القيادة الفلسطينية منذ عام 1974 وهي تقر بخيار حل الدولتين على حدود الرابع من حزيران / يونيو 1967، وليس على حدود قرار التقسيم الذي منح الدولة الفلسطينية 43% من مساحة فلسطين التاريخية، أرض الشعب العربي الفلسطيني، ووافقت على اتفاقيات أوسلو 1993 التي قمت بدفنها من خلال حكوماتك الست التي توليت رئاستها. كما ان رئيس وزراء إسرائيل تجاهل انه وفريقه الحاكم هم كانوا ومازالوا منتجون للإرهاب والحروب والتطهير العرقي، وقامت دولته خلال العامين الماضيين فقط بالاعتداء على الدول العربية والإسلامية في الإقليم: لبنان وسوريا واليمن والعراق وإيران وقطر، والحبل على الجرار.
خامسا أيضا كذب في ملف اصلاح السلطة الفلسطينية، حيث ادعى، انه لم يحدث اصلاح خلال العقود الماضية، ودول الغرب بما فيها الولايات المتحدة يعلمون ومطلون على الإصلاحات التي أجرتها السلطة الفلسطينية، ولكن من هو بحاجة الى اصلاح وتغيير كلي هو إسرائيل المارقة والخارجة على القانون، وأول ما يحتاج للتغيير هو النشيد الإسرائيلي المرتكز على قاعدة الإبادة والتطهير العرقي، ومناهج التعليم كلها والبرامج السياسية والنظريات الأمنية والعسكرية الإسرائيلية، وهناك الكثير مما حمله خطاب الرجل المنبوذ من الأكاذيب والافتراءات على الواقع والابادة الجماعية.
oalghoul@gmail.com
a.a.alrhman@gmail.com