خطة ترمب لإنهاء الحرب في غزة تتناقض مع مخرجات مؤتمر نيويورك ورؤية الدولتين.. المحامي علي أبو حبلة

أعلن الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترمب عن خطة سلام جديدة لإنهاء الحرب في غزة بالتعاون مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو وتتضمن الخطة عشرين بنداً أبرزها إلزام حركة حماس بتسليم أسلحتها الثقيلة وتفكيك بنيتها العسكرية وإقامة حكومة مؤقتة بقيادة لجنة فنية دولية يرأسها ترمب ويشارك فيها رئيس الوزراء البريطاني السابق توني بلير وإعادة إعمار غزة بإشراف دولي وتقديم مساعدات إنسانية وإطلاق سراح 1700 أسير فلسطيني مقابل 48 رهينة إسرائيلية وفرض هدنة دائمة مع ضمانات أمنية وتأتي هذه المبادرة في وقت حساس تجاوز عدد الضحايا الفلسطينيين فيه 66 ألف قتيل وفق وزارة الصحة الفلسطينية منذ بداية الحرب في أكتوبر 2023

في حين رحبت بعض الدول العربية والإسلامية مثل قطر ومصر وتركيا بخطة ترمب داعية حركة حماس إلى قبولها أعربت دول أخرى عن تحفظها على أن الخطة قد تؤدي إلى تعزيز الهيمنة الإسرائيلية على غزة دون تحقيق تقدم حقيقي نحو حل الدولتين وهذا يثير تساؤلات حول التزام هذه الدول بمخرجات مؤتمر نيويورك الذي عقد في يوليو 2025 وأكد على ضرورة تحقيق حل الدولتين وفق قرارات الأمم المتحدة

وعند مقارنة خطة ترمب بمخرجات مؤتمر نيويورك يظهر التناقض جلياً فخطة ترمب غابت فيها مسألة حل الدولتين بينما أكد مؤتمر نيويورك على قيام دولة فلسطينية مستقلة على حدود 1967 والقدس الشرقية عاصمة لها وغياب أي إشارة لوقف الاستيطان الإسرائيلي في خطة ترمب بينما دعا مؤتمر نيويورك إلى توقف الاستيطان فوراً وحق العودة للاجئين الفلسطينيين غير مذكور في خطة ترمب بينما أكد عليه مؤتمر نيويورك كما أن السيادة الفلسطينية محدودة تحت إشراف دولي في خطة ترمب بينما أكدت مخرجات المؤتمر على سيادة كاملة على الأراضي الفلسطينية

من الناحية القانونية تتعارض خطة ترمب مع قرارات الأمم المتحدة خاصة القرار 242 الذي يدعو إلى انسحاب إسرائيل من الأراضي المحتلة كما أن الخطة لا تضمن الحقوق الفلسطينية الأساسية مثل حق تقرير المصير والعودة واستراتيجيًا قد تؤدي إلى تعزيز الانقسام الفلسطيني حيث تهمش دور حركة حماس وتمنح السلطة الفلسطينية دورًا مركزيًا في إدارة غزة وهذا قد يفاقم التوترات الداخلية ويزيد من تعقيد جهود المصالحة الوطنية

بينما تسعى خطة ترمب إلى إنهاء الحرب في غزة فإنها تفتقر إلى الأسس القانونية والسياسية التي تضمن حقوق الفلسطينيين وتحقق السلام العادل ومن المهم أن تظل الدول العربية والإسلامية ملتزمة بمخرجات مؤتمر نيويورك التي تمثل إطارًا قانونيًا دوليًا لتحقيق حل الدولتين

الموقف العربي والإسلامي: هل هناك توافق حقيقي؟

ما يثير الاستغراب هو موافقة عدد من الدول العربية والإسلامية على مبادرة ترمب دون أي تحفظ، أو على الأقل دون إصدار بيانات واضحة توضح تحفظاتها على البنود الأساسية التي تتناقض مع مخرجات مؤتمر نيويورك. هذه الموافقات، سواء كانت سياسية أو دبلوماسية، تبدو متناقضة مع مواقفها السابقة التي أكدت الالتزام برؤية الدولتين ورفض أي تسوية أحادية الجانب تخالف القرارات الدولية.

مثل هذا التماهي يطرح علامات استفهام حول جدية بعض الدول العربية والإسلامية في الدفاع عن الحقوق الفلسطينية وارتباطها بالالتزامات الدولية. فالموافقة الصامتة أو المتسرعة على خطة ترمب قد تُفسر بأنها تجاوز للمبادئ الثابتة في مخرجات مؤتمر نيويورك، وإضعاف للموقف العربي الموحد تجاه القضية الفلسطينية، بما يهدد التوازن الاستراتيجي في المنطقة.

الاستنتاج

لا يمكن النظر إلى خطة ترمب على أنها حل شامل أو مستدام للحرب في غزة، فهي تعالج الأعراض ولا تمس الأسباب، وتتجاهل الحقوق الأساسية للفلسطينيين، بما في ذلك حقهم في دولة مستقلة. كما أن موقف بعض الدول العربية والإسلامية الذي يظهر وكأنه دعم للمبادرة الأمريكية، دون تحفظات واضحة، يضعف من مصداقية الالتزام الدولي تجاه مخرجات مؤتمر نيويورك ورؤية الدولتين.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
Social Media Auto Publish Powered By : XYZScripts.com