متى ستتوقف حرب الإبادة ؟ .. المطران عطاالله حنا

ان حل القضية الفلسطينية لا يكمن من خلال تصفيتها وشطب وجود شعبنا بل من خلال حل هذه القضية بما يصون الثوابت الوطنية وحق شعبنا المشروع في ان يعيش بحرية وسلام

متى ستتوقف حرب الإبادة ؟  سؤال يطرحه الكثيرون من أبناء شعبنا ولكن أهلنا في غزة بشكل خاص ينتظرون هذه الساعة بفارغ الصبر وهم الذين عاشوا لمدة عامين في ظل محنة وكارثة غير مسبوقة في التاريخ البشري الحديث .
وبعيدا عن ترامب ومهاتراته ومبادراته الكاذبة فإن ما يهمنا في هذه الأوقات هو امر أساسي وهو ان تتوقف الحرب وان تنجح المساعي المبذولة من عدة اطراف من اجل ان يتوقف نزيف غزة الذي ادمى قلوبنا جميعا.
ان الزمن في غزة هو من دم وخراب ودمار ومع كل يوم إضافي للحرب تزداد الكارثة ويزداد عدد الشهداء والذين هم ليسوا أرقاما على الاطلاق بل دماءهم هي دماء زكية سفكت في القطاع لانهم بقيوا فيها وتمسكوا بانتماءهم اليها رغما عن كل السنوات العجاف التي مروا بها فغزة محاصرة منذ عشرين عاما وغزة كانت سجنا كبيرا لا يتمكن أبناء القطاع من مغادرته ومن سجن كبير تحولت الى مقبرة كبرى.
قبل عشرين عاما حُكم على أبناء القطاع بأن يكونوا مسجونين ومحاصرين داخل هذا السجن الكبير أما اليوم فقد حكم عليهم بالموت اما قتلا واما جوعا وتنكيلا وقهرا.
لم يعد من الممكن ان تستمر هذه الحرب التي دمرت كل شيء وهنالك بعضا من المسؤولين الإسرائيليين الذين يهددون ويتوعدون بأن الحرب سوف تستمر وسنحول  القطاع الى جحيم وكأن ما حدث حتى اليوم لم يكن جحيما بل كان نزهة.
غزة تعيش في جحيم وابناءها يعيش الألم والحزن والاذلال والمعاناة في كافة تفاصيل حياتهم .
ننادي ونطالب بأن تتوقف الحرب قريبا وسريعا.
لقد اعلنا رفضنا لما حدث يوم ال7 من أكتوبر لان الإنسانية بالنسبة الينا لا تتجزأ ولا يوجد هنالك انسان حلال قتله وانسان حرام قتله فكل البشر حرام قتلهم واستهدافهم والانسان لم يخلق لكي يقتل ولكي تمتهن حريته وكرامته بل خلق لكي يعيش بسلام ولكي ينعم بالامن والأمان.
كارثتنا الكبرى في هذه الديار هي انه هنالك من يحدثوننا عن سلام مزعوم ولا يعملون من اجل وقف حرب الإبادة ولا يلتفتون الى معاناة شعبنا ، فالسلام لا يبنى على حطام الشعب الفلسطيني وحقوقه وثوابته بل من خلال تحقيق العدالة وانهاء الاحتلال لكي ينعم الفلسطينيون بحرية طال انتظارها .
في مبادرة ترامب المزعومة تجاهل منظمة التحرير الفلسطينية وتجاهل السلطة الوطنية الفلسطينية ويبدو انه أيضا يتجاهل وجود الشعب الفلسطيني ولذلك من الأهمية بمكان ان يعرف القابع في البيت الأبيض بأن الشعب الفلسطيني موجود ومنظمة التحرير الفلسطينية موجودة والسلطة الوطنية الفلسطينية موجودة أيضا واذا ما كانت هنالك حاجة لاصلاحات في المنظمة وفي السلطة فهذا من مسؤولية الفلسطينيين دون اية املاءات خارجية لا من القابع في البيت الأبيض ولا غيره.
من يتجاهل وجود الشعب الفلسطيني هو كالنعامة التي تخفي رأسها في الرمال فتظن انها في مكان اخر .
الفلسطينيون موجودون سواء انكر البعض وجودهم او لم ينكر وقضيتهم العادلة موجودة وقد أضحت قضية الاحرار في هذا العالم وهم من كل الأديان والاعراق والجنسيات ولم تبقى قضية الفلسطينيين لوحدهم او قضية العرب لوحدهم .
لن تقوم لنا قائمة في هذه الديار الا من خلال حل عادل للقضية الفلسطينية وحل القضية الفلسطينية لا يكمن من خلال تصفيتها وشطب وجود شعبنا بل من خلال تحقيق امنيات وتطلعات هذا الشعب وهي تطلعات وطموحات عادلة فالفلسطينيون شعب يستحق الحرية والتي في سبيلها قدموا وما زالوا يقدمون التضحيات الجسام.
لا للحروب والتي لا نريدها ولا نتمناها لاي شعب في هذا العالم ولا لثقافة العنف والإرهاب والقتل ، نعم لثقافة السلام والمحبة والاخوة الإنسانية ، نعم لتحقيق أمنيات وتطلعات شعبنا.
كما اننا نوجه تحية الوفاء والتقدير لكل الاحرار في هذا العالم الذين ينادون بوقف الحرب وتحقيق العدالة المغيبة في فلسطين .

المطران عطا الله حنا
رئيس أساقفة سبسطية للروم الأرثوذكس

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
Social Media Auto Publish Powered By : XYZScripts.com