وقف إطلاق النار وتوحيد الموقف الفلسطيني.. د/ كاظم ناصر

عانى الفلسطينيون خلال العقود الماضية من الانقسامات والخلافات بين قادة الفصائل الفلسطينية التي نتجت عن عدم الثقة بينهم وتركيزهم على خدمة مصالح فصائلهم الضيقة، مما أدى إلى فشلهم في توحيد القرار السياسي الفلسطيني الجمعي وتشكيل جبهة وطنية تمثل الشعب الفلسطيني وتدعمه في التصدي لدولة الاحتلال، وإلى إخفاقهم في الاتفاق على استراتيجية واضحة للتعامل معها ومع دول العالم، وقادت تلك الخلافات أيضا إلى الانقسام البغيض وسيطرت حركة حماس على القطاع، وإلى استفراد دولة الاحتلال به وتدميره، وتغولها بنهب الأراضي والتوسع الاستيطاني في الضفة الغربية.
والآن وبعد مرور سنتين ونيّف على حرب الإبادة الجماعية التي شنتها دولة الاحتلال على غزة وأدت إلى استشهاد وجرح أعداد هائلة من فلسطينيي القطاع وتدميره، قبلت القيادات الفلسطينية خطة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب التي تحظى بدعم دولي واسع لوقف الحرب، والتي قد تقود لإيجاد حل للصراع العربي الإسرائيلي كما قال ترمب إن ” السلام لن يقتصر على غزة فقط، بل سيشمل منطقة الشرق الأوسط بأكملها” وإنه يخطط لعقد قمة لقادة العالم لدعم خطته حول غزة خلال زيارته لمصر لحضور توقيع الاتفاق.
حرب غزة أدت إلى تدويل الصراع الفلسطيني الإسرائيلي كما ينعكس ذلك في مضمون الاتفاق، وإلى انكشاف حقيقة إسرائيل كدولة احتلال وجرائم حرب كما أثبتت حركات شعوب العالم الداعمة للفلسطينيين وقضيتهم والمناهضة لجرائمها والمؤيدة لعزلتها ومقاطعتها؛ فهل حققت إسرائيل أهدافها من حرب الإبادة غير المسبوقة التي ارتكبتها ضد الفلسطينيين في غزة كما يزعم نتنياهو؟
إسرائيل حققت هدفا واحدا من عدد من أهدافها الرئيسية في هذه الحرب هو استعادة الأسرى؛ لكنها فشلت في تحقيق الأهداف الأخرى المتمثلة في تركيع واستسلام وتهجير فلسطينيي غزة، وتدمير حماس، ونزع سلاح غزة، وإقامة حكم فلسطيني عميل تابع لها في القطاع، وإعادة احتلاله وبسط سيطرتها الأمنية عليه.
فما الذي يجب على القيادات الفلسطينية عمله لاستغلال الدعم الدولي لقضيتهم ومنع إسرائيل من الهروب والتنصل من تطبيق الاتفاق كما فعلت سابقا، ولوصولهم لهدفهم المعلن بإقامة الدولة الفلسطينية المستقلة؟ لتحقيق ذلك لا بد من عقد اجتماع وطني عاجل وشامل من أجل إنهاء الانقسام وتوحيد الموقف الفلسطيني، ورفض أي وصاية أجنبية على القطاع، ومراجعة نقدية صادقة للمسيرة النضالية الفلسطينية، وصياغة استراتيجية فلسطينية موحدة شاملة، والاتفاق على إطلاق مسار سياسي وطني موحد يضم كل القوى السياسية والفصائل الفلسطينية لضمان وحدة القرار الفلسطيني وتعزيز الشراكة السياسية بما يعكس الإرادة الوطنية للشعب الفلسطيني، وتشكيل حكومة إنقاذ وطني تدعم المتضررين في غزة، وتبذل كل جهد ممكن لإعمار القطاع، وتعيد بناء المؤسسات الوطنية على أساس الشراكة والمصداقية والشفافية، وتحضر لإجراء انتخابات رئاسية وتشريعية في أقرب فرصة ممكنه، وتنتهج سياسة موحدة في التعامل مع الدول العربية ودول العالم.