“غريتا تونبرغ” الفتاة التي هزت ضمائر الشعوب ..!.. د. هاني العقاد

غريتا تونبرغ ناشطة سويدية ما كادت تبلغ الثانية والعشرين من العمر تمتلك عقلية فريدة من نوعها بالرغم من انها مصابة بمتلازمة (اسبر جر) وهو نوع من أنواع التوحد على الأداء وهذا لم يشكل لها إعاقة ما بل العكس كان دافعا لان تتفوق على غيرها من اقرانها وتصبح شخصية مؤثرة في العالم, نشطت في محافل عدة في سن طفولتها وسن المراهقة التي تشغل بال الكثيرين في غير قضايا كونية , الا ان غريتا كانت من اول المهتمين بقضايا تمثل قضايا كونية زات اهتمام دولي كبير . دأبت خلال فترة اليفوع على المشاركة في وقفات لمنع الاحتباس الحراري وتغير المناخ وشاركت في إضرابات نظمها طلاب العديد من المدارس في السويد امام البرلمان السويدي ومن هناك انطلقت مسيرتها فقد شاركت في مؤتمر للأمم المتحدة المعني بالتغيرات المناخية وشاركت في العام 2019 في المنتدى الاقتصادي العالمي في دافوس وفي ذات العام اختارتها مجلة التايمز الامريكية كشخصية العام 2018 مما كان له الأثر الكبير في بداية تحول كبير في مجري حياة هذه الناشطة غير العادية وأصبحت نموذجا لملايين الأطفال حول العالم . تحدثت عن معاناة الشعب الفلسطيني خلال الحرب على غزة في أكثر من مناسبة وخاطبت الشعوب والأمم وحركت ضمائرهم ما دفع الملايين للخروج في مسيرات لمساندة الحقوق الفلسطينية مطالبين بصوت جماعي بوقف حرب الإبادة وحرب التطهير العرقي على الفلسطينيين في غزة وطالبت هي بشكل مباشر اكثر من مرة عبر قيادتها لهذه التظاهرات في العاصمة السويدية استكهولم الحكومات بقطع علاقات حكومة بلادها مع إسرائيل كما وطالبت بوقف تصدير السلاح لإسرائيل لكونها دولة لا تكترث لحياة البشر في غزة تقتل وتدمر وتجوع وتحرم الاف الأطفال من الحق في الحياة والعلاج بعدما دمرت العديد من المستشفيات في قطاع غزة بتخطيط ممنهج بالإضافة لاعتقال العديد من الأطباء والممرض متهمة إياهم بالتعاون مع الإرهابيين.
(غريتا تونبرغ ) اهتمت بقضايا عالمية منذ صغرها فقد كانت تعتبر ان زيادة انبعاث الكربون من المصانع والمواد المختلفة التي تستخدمها الدول يهدد حياة الإنسانية وطالما اكدت في رسالتها على أربعة مواضع هامة,وهي ان البشرية تواجه ازمة وجودية بسبب التغير المناخي، وان الجيل الحالي من اليافعين هو المسؤول عن التغير المناخي، وان التغير المناخي سيكون له إثر متباين على الشباب، وان الشباب لا يفعلوا سوي القليل للتعامل مع هذه المشاكل وأعلنت انه يتوجب على السياسيين وصانعي القرار ان يستمعوا الي العلماء. اهتمت (غريتا تونبرغ) بمواضع في الحقيقة أكبر من سنها وهذا يظهر ان عمرها العقلي أكبر من عمرها الزمني بكثير فقد نشرت رسالة لها منذ ان كانت في سن الثامنة عشرة متضمنة المبادئ الاربعة لاهتمامها واولها، ان التزام العالم ب 1.5 درجة مئوية كجزء من اتفاقية باريس ليس كافيا، وثانيها ان منحني انبعاثات الغازات الدفيئة لابد وان يبدأ في الانحدار بقوة بعد عام 2020 ,وطالبت الاتحاد الأوروبي ان يعمل على تنفيذ خطط مناخية ليقلل انبعاثات ثاني اكسيد الكربون بحلول العام 2030.
هذه الفتاة الغير عادية في شخصيتها وفكرها واهتماماتها جعلها شخصية لها فكرها الخاص واهتماماتها الكونية والإنسانية لم تتوقف عند هذا بل كانت صاحبة قريحة وابداع فقد اهتمت بالكتابة في الصحف حول قضايا المناخ وقد فازت في مسابقة صحيفة (سفينسكا داغبلادت ) بكتابة اشهر مقال لها حول المناخ لفئة الشباب وحازت على العديد من الجوائز بعد ذلك بالرغم من صغر سنها في مواضع التنمية المستدامة والقضايا المناخية ,في العام 2019 صنفت من قبل (مجلة تايمز الامريكية) بانها واحدة من أكثر 25 مراهقا ذوو نفوذ في العالم لعام 2018. الحقيقة انها حققت نفوذ كبير في العالم بالرغم من صغر سنها وأثارت العديدين منهم الرؤساء والمفكرين والمثقفين وتقدمت على السياسيين باهتماماتها السياسية واصبح لها مجتمع كبير ولها حضور في كافة القضايا الإنسانية بالعالم واهمها قضية حرب الإبادة في غزة ومعاناة الأطفال الفلسطينيين ,وكانت من اقوي كلماتها عندما عادت من الاعتقال بعد ان اعتقلها جيش الاحتلال في المياه الإقليمية قبالة بحر غزة ومنعها ومنع اسطول الصمود من إيصال المساعدات وكسر الحصار على غزة ” بان الناس في غزة يموتون ويعانون وان هناك إبادة واضحة تحصل امام اعيننا ,وهناك إبادة مباشرة نشاهدها في غزة ولا احد في المستقبل يمكنه القول انه لا يكن يعلم ما الذي يحصل وانه حسب القانون الدولي الدول فان الدول عليها واجبات قانونية تتوجب اتخاذ اجراءات لتفادي وإيقاف الإبادة هذا يعني انهاء التواطؤ وتطبيق الضغط الفعلي وانهاء ارسال الأسلحة لكننا لا نري أي من هذه الأمور ولا نري اقل ما هو مطلوب من حكوماتنا ,وأضافت ان النظام الدولي الان يخون الفلسطينيين ولا يمكن حتي تفادي اسوأ جرائم الحرب من ان تحصل .!! وقالت “انا لن افهم ابدا على الاطلاق كيف للمشهد ان يكون بهذا الشر عن قصد تجويع ملايين الأشخاص الذين يعيشون تحت حصار غير قانوني كاستمرار لعقود وعقود من المعاناة والقتل والقمع ونظام الفصل العنصري والاحتلال وما نهدف به للقيام به في اسطول الصمود هو لرفع الصوت عن حكوماتنا التي لا تقوم بواجباتها , الحكومة تتحدث عن ضمان حقوق الانسان وادخال المساعدات الي داخل غزة لكنها تفشل في القيام بواجباتها وعلى الأقل تفشل في ضمان امان هذه المهمة” ,ودافعت عن فكرة وهدف اسطول الصمود بانه كان المحاولة الأكبر لكسر الحصار غير القانوني وغير الانساني عبر البحر وأكدت “انه قصة تضامن دولي وهؤلاء الاشخاص اتخذوا قرار عندما فشلت الحكومات وان هؤلاء الاشخاص قالوا ان قادتنا الذين يمثلوننا يرفضون إيقاف هذه الإبادة , هم لا يمثلونني” وأكدت “ان هذا هو الملاذ الأخير لوجود مهمة اسطول الصمود بالتوجه الي غزة وأضافت ان هذا عار وأكدت انها ورفاقها كانوا لا يريدوا ارسال المساعدات الى غزة بل انهاء الحصار وانهاء الاحتلال والقمع” ,واعتبرت “ان هذا النشاط يمثل تحدي لروايتها ولا يمكن ان تغض النظر عما يحدث في غزة” وقالت “ان هناك معاناة في العديد من الأماكن في العالم بالكونغو والسودان وأفغانستان وفي غزة وفي دول اخري بالعالم وأكدت ان ما تفعله هو اقل اقل ما يمكن فعله, وقالت “ان مسؤوليتنا تكمن في انهاء هذا التواطؤ من حكوماتنا والعديد من الشركات ووسائل الاعلام” . عندما اعتقلتها البحرية الاسرائيلية من على متن أسطول الصمود المتجه الي غزة تعرضت (غريتا تونبرغ ) للتعذيب والمعاملة القاسية والمهينة وقد اجبرها الجنود على الزحف على الأرض وتقبيل علم إسرائيل اثناء احتجازها مع طاقم الصمود العالمي واتهمت بانها وصلت الى اسرائيل بشكل غير قانوني الا انها دافعت عن نفسها وقالت انها لم تأتي الي إسرائيل بل جاءت الى غزة لتصل المساعدات والحليب والغذاء والدواء لأطفال غزة.
كانت (غريتا ثونبرغ ) قد خططت للمشاركة في اسطول الحرية مايو الماضي لكن الخطط الغيت بسبب تعرض إحدى سفن الاسطول لهجوم بطائرة مسيرة في المياه الإقليمية قبالة سواحل مالطا لكنها شاركت في يونيو 2025 في مهمة إيصال مساعدات جديدة الى غزة على متن سفينة ” ماديلين” التي استولي عليها جيش الاحتلال وسحبها الى ميناء اسدود كالعادة واعتقل من عيلها وكانت غريتا من اخضعوا لتحقيق قاس وتم بعد ذلك ترحيلها وبقي رفاقها. في مقابلة قالت (غريتا تونبرج) إنه “لم يكن واضحًا بعض الشيء” لماذا تم إطلاق سراحها بينما ظل الآخرون محتجزين. وأوضحت أنها وبعض الآخرين وقعوا على وثيقة تفيد بأنهم يرغبون في مغادرة إسرائيل في أقرب وقت ممكن، مع التأكيد أيضًا على أنهم لم يدخلوا البلاد بشكل غير قانوني عبر محاولاتها بالوصول الي غزة وعبر قيادتها للعديد من التظاهرات بالعالم وعبر رسائلها الساخنة للشعوب والحكومات وعبر العديد من أنشطتها المستمرة للدفاع عن من يعانون في غزة من قتل وجوع وابادة هزت (غريتا تونبرغ) ضمائر العالم وامنت ان تحرك الشعوب اصبح واجبا لوقف هذه الحرب الهمجية وقد يكون لنشاط غريتا تأثير كبير بالإضافة للآلاف من النشطاء الذين شاركوا في رفع الموت عن رقاب الفلسطينيين وشكلوا حالة راي عام دولي رافض لهذه الحرب ما شكل حالة ضغط شعبي دولي غير مسبوقة على الحكومات كانت تزداد كل يوم وتطال قطاعات اخري من المجتمعات واعتقد ان لجوء حكومات العديد من الدول في العالم منها فرنسا واسبانيا والسويد والمانيا وبريطانيا والسنغال وكندا بالاعتراف بالدولة الفلسطينية هو من نتائج هذا التحرك الاممي الكبير واعتقد ان مسارعة الرئيس ترمب لاستغلال وجود الدول العربية والإسلامية في اجتماع الجمعية العامة للأمم المتحدة والالتقاء معهم لبحث خطة لأنهاء الحرب على غزة كان لإنقاذ سمعة أمريكا ولتفادي المزيد من الضغط الذي شكلة الراي العالم العالمي وكان لتحسين صورة أمريكا التي اهتزت بسبب الدعم المطلق لإسرائيل في حربها على الفلسطينيين في غزة . تبقي (غريتا تونبرغ) واحدة من اهم النشطاء في العالم التي اهمت بتشكيل راي عام دولي ضاغط جعل من قادة إسرائيل وإدارة ترمب يجنحوا لوقف هذه الحرب وانهائها تماما في غزة ويدعوا بان القادم هو صناعة سلام حقيقي في منطقة الشرق الأوسط.