الحاكم، والجلاد.. أ.د/ جمال أبو نحل

بعد مضى عامان على العدوان الوحشي الهمجي الصهيوني على قطاع غزة، وما تعرض له الشعب الفلسطيني الصابر من إبادة جماعية تفوق كل الوصف؛ حيثُ تم تدمير غالبية قطاع غزة؛ وبِمجرد أن وضعت الحرب أوزارها بعد إبرام اتفاقية توقف الحرب من غير تحقيق السلام؛ وبعدما تم توقيع تلك الاتفاقية، وتم تسليم أسرى الاحتلال من قِبل حركة حماس للصليب الأحمر الدولي؛ وبعد أن وضعت الحرب أوزارها مؤقتًا، بدأت حماس في تصفية حساباتها بشكل فوري مع كل من كان ينتقدها، أو يعارضها؛ والحجة عندهم جاهزة وهي تلفيق تهمة العمالة؛ وهذا ليس أمر غريب على أصحاب الفكر التكفيري الذي لا يقبل النقد، ولا الاستماع للرأي الأخر !؛ عِلمًا أن حماس حكمت قطاع غزة بقوة الحديد، والنار، حوالى عقدين من الزمن؛ وكان ما كان خلال فترة حكمهم، وفي داخل محاكمهم كان قُضاة جهلة لا يفقهون في القضاء شيء!؛ وكان في غزة مجمع المحاكم المعروف باسم: “قصر العدل”، وكان أغلب الحكم فيه بغير العدل، بل الظلم، والفساد، والرشوة، والمحسوبية؛ وكأنهُ ينطبق على قضاتهم ومحاكمهم الحديث النبوي الشريف عن النبي صلى الله عليه وسلم: “إنما أهلك من كان قبلكم إذا سرق فيهم الغني تركوه وإذا سرق الفقير أقاموا عليه الحد”!؛ ومنذ انقلابهم الدموي على السلطة في غزة بتاريخ 16 من يونيو عام 2007م، والشعب في غزة يُعاني الأمرين مع العلم أن حماس رفعت شعارات رنانة في زمن الانتخابات للمجلس التشريعي، فكان شعار برنامجهم الانتخابي هو: “الإصلاح والتغير”؛ وكنا نأمل أن يكون إصلاح، وتغير للأفضل، ونحو البناء، والتعمير، ولكنه كان فعلاً إصلاح، وتغير لحزبهم، وجماعتهم؛ وتنظيمهم الإخواني؛ بحيث أصلحوا فقرهم إلى غنى، فصار الفقير منهم غنيًا، وتغير حالهم من لا شيء للسيطرة على كل شيء في غزة؛ وخاصة التجارة، وفرض الضرائب الباهظة على الناس؛ واعتلوا كل المناصب وحصدوا كل المكاسب؛ ولم يبقوا شيء من معالم السيادة في الوطن؛ حيث دمر الاحتلال مطار غزة، بسبب صواريخ حماس ،وتوقف بناء الميناء، واستمر الانقسام، وفرض حصار على الشعب في قطاع غزة، و فجأة أصبح عند حماس كل المسميات من سيادة الوزير، والوكيل، والمدير العام، ورئيس الجامعة ورئيس المستشفى، ورئيس الوزراء، وسيادة اللواء، والعميد، والعقيد؛ كل ذلك في فترة وجيزة جدًا، وخلال الواسطة علقوا على أكتافهم أعلى الرتب، والنياشين العسكرية؛ وبان الغني على أغلب قيادة، وعناصر حماس؛ وحكموا البلاد، والعباد في غزة بالقوة؛ أما حال الشعب فمن لم يكم في غزة حمساويًا لا يحصل على وظيفة حتى لو كان معدلة امتياز؛ إلا أن يأتي بموافقة من أمير المسجد أنه ابن حماس!؛ وتعرضت حياة الناس في غزة من الدجالين أدعياء الدين بدلاً من الاصلاح، والتغيير ؛ للخراب والتدمير، والفقر الكبير!؛ ووصل الحال بشباب غزة لوجود حالات انتحار يومية؛ وهجرة العقول، والأطباء، والشباب لأوروبا من خلال قوارب الموت غرقًا في البحر!؛ وكان أغلب من يتزوج هم أبناء حماس وباقي شباب الشعب في غزة صار كبير في العمر ، ولا يستطيع الزواج؛ ومن شدة الافتراء، والظلم الذي هم فيه وصل فيهم الحال بأن يفتحوا مكبرات الصوت في صالة الفرح، ويرقصون فرحين على واقع أغنية أو أنشودة معروفة لهم، وهي:” إحنا كبار البلد، العب يا ولد”؛ وتلك هي قمة الغرور، والكِّبرْ، والافتراء؛ والله عز وجل يقول: وقد خاب من افترى”؛ تلك هي جزء من أفعالهم بينما يعاني الشعب المكلوم، المظلوم، المنكوب، من ويلات خمسة حروب تعرضها لها خلال فترة حكم حماس لغزة. حتى جاءت نكبة: “طوفان الأقصى” في يوم السابع من أكتوبر عام 2023م، والذي تسبب في دمار أغلب غزة بالكامل واحتلال أكثر من نصف قطاع غزة!؛ وكنا نأمل بعد كل تلك الابادة أن تطيب حماس خاطر الشعب وتطبطب عليه وتداويهِ، وتُضمد جراحهُ، والعمل على إعادة بناء جسور الثقة من جديد مع الشعب، والسعي لتحقيق المصالحة الوطنية، ووقف نزيف حمام الدم الفلسطيني بعد الحرب، والتوجه نحو توحيد الصف الوطني الفلسطيني الداخلي وانتهاز فرصة التعاطف العالمي الشعبي، والرسمي الكبير مع فلسطين على نحوٍ إيجابي، وأن يصبح الكل الفلسطيني صفًا واحدًا موحدًا في وجه المحتلين المجرمين؛ ولكن ذلك هو أضغاث أحلام أن تَحِن قيادة حركة حماس، وتحنو على الشعب الفلسطيني المنكوب في غزة، وأن تتعامل معهُ بالمودة، والرحمة، والعطف، والإنسانية وأن يتم توحيد الجهود والتركيز إعلاميًا على إظهار حجم الدمار الذي خلفه العدو الصهيوني وتكثيف الجهود لإعادة الاعمار، وإخراج صور جلية، وواضحة، ومؤثرة من قلب الحدث عن حجم الدمار الكارثي أثر القصف الصهيوني الإجرامي الذي أصاب غزة والكشف عن واقع المعاناة المرير للشعب الفلسطيني، والحياة الصعبة العصيبة التي يعيشها السكان من أثار العدوان، ومكابدة الأهوال، والصعاب، وكان الأولى لحماس التركيز على بيان ما تعرضت له غزة من محرقةٍ صهيونيةٍ إجراميةٍ بشعة، وحرب إبادة وحشية إجرامية؛ وإذ بِشعبنا الفلسطيني، والمناصرين للقضية الفلسطينية عربيًا وعالميًا يُصدمون حينما يشاهدون فيديوهات لإعدامات بالجملة تخرج عليهم المشاهد من قطاع غزة المُدمر، وذلك على غير ما كانوا يتوقعون خاصة بعد وقف اطلاق النار ، وتم نشر تلك المقاطع البشعة عبر وسائل الإعلام، وبث مقاطع فيديو لإعدامات بصورة سيئة، ومسيئة لصورة تضحيات شعبنا!؛ تلك المشاهد المؤلمة كان يظهر فيها مُجموعة من المُسلحين من حركة حماس، وهم يقومون بعملية إعدام جماعية بشعة، ووحشية لعشرات الشباب الفلسطيني، وفيديوهات غيرها تخرج لنشاهد عمليات التنكيل، والضرب، والسحل، وتكسير الأطراف بالهراوات والقاء الحجارة الكبيرة على بعض الشباب الغزي، وتكسير أطرافهم، وضربهم بالقضبان الحديدية، من غير وجه حق؛ بالإضافة لمشاهد الاعدامات الجماعية البشعة، وتلك الفيديوهات، والصور أعادت للأذهان الإعدامات الوحشية الإجرامية التي كانت تنفذها عصابة داعش الإجرامية ضد من يخالف فكرهم التكفيري !!؛ وتلك المشاهد المؤلمة قلبت، وألبت، وأغضبت مشاهد القتل، والإعدامات والتعذيب الرأي العام المحلى، والعربي، والإسلامي، والعالمي؛ كما قوبلت عمليات الإعدام باستنكار واسع، ورفض شديد، وانتقاد لاذع، وحاد؛ لأن تلك الأفعال المشينة، والإعدام المُهين لبعض الشباب الفلسطيني، ووضع قدم ونعل القاتل فوق رأس الضحية قبل، وبعد قتلهم مشهد لا يمكن قبوله ولا يجوز شرعًا!. وهذا بُهتانٌ عظيم، وخطبٌ جلل، بل، ومخالف تمامًا للدين، ولمِا جاء به نبي الرحمة الذي لا ينطق عن الهوى الصادق المصدوق سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم؛ والذى أمرنا حتى إن أردنا ذبح حيوان، وليس قتل إنسان ظلمًا أن لا نعذب الحيوان قبل ذبحهِ، وأن لا نمثل فيه، فقد جاء في الحديث النبوي الصحيح عن أبي يعلى شداد بن أوس رضي الله عنه ، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنهُ قال : ( إن الله كتب الإحسان على كل شيء ، فإذا قتلتم فأحسنوا القتلة ، وإذا ذبحتم فأحسنوا الذبح ، وليحد أحدكم شفرته ، وليرح ذبيحته )؛ وقد أمر النبي سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم رجل يريد ذبح الشاة، وهو يحد سكينه أمامها: “أتريد أن تميتها موتتين؟”، الموتة الأولى هي الخوف الذي تراه عند رؤية السكين، والثانية هي موت الذبح نفسه؛ فالحديث النبوي يدعو إلى الإحسان والرفق حتى في ذبح الحيوان؛ ولذلك لا يعقل أن تفعل عكس الهدي النبوي، وهي تدعي تطبيق الدين!؛ بينما تستمر في غيها، وطغيانها من خلال إعدام من يعارضها والصاق تهمة العمالة فيه؛ وكل ذلك يعيدنا بالذاكرة للوراء في ثمانينات القرن الماضي للمجمع الإسلامي؛ حينما كان البعض من جماعتهم “الإخوان المسلمين من أدعياء الدين” ، كانوا يعتدون بالضرب بالجنازير على من يعارضهم، وكذلك تكفير بعض التنظيميات، والقيام بعملية رش المياه الحارقة على وجهه بعض المعارضين لهم، “ألا ساء ما كانوا يعملون” !؛ وكذلك لم، ولن ينسى شعبنا الفلسطيني أحداث الانقلاب الأسود حينما استباحت حركة حماس دماء المئات من خيرة أبناء الشباب الفلسطيني، وأعدمتهم؛ حتى بعدما أعطوهم الأمان غدروا بهم، وقتلوهم!!. وكذلك قاموا برمي شاب من الطابق الرابع عشر من فوق برج الغفري بغزة؛ ولم ينسى الشعب في غزة حينما قامت حماس بقصف بالقذائف الصاروخية على مسجد ابن تيمية في رفح، وقامت بإعدام الدكتور الشيخ عبد اللطيف موسى، ومن معهُ، ومن قبل ذلك قاموا بسحل، وإعدام الشهيد سميح المدهون، وإعدام ، وتكسير أطراف كل من يعارضهم، ولو كان منهم، وفيهم، وقد أعدمت حماس القائد القسامي في حي الزيتون/ محمد شتيوي، ولا تخفي عن سكان غزة قصته؛ وخير من تكلم عنهم والذي كان منهم القيادي القسامي المنشق عنهم والذي كشف الكثير من الأسرار، والاختراقات الأمنية القيادي القسامي المنشق عنه، والمعروف باسم: “الطيار” والذي تكلم عن اختراقات كبيرة أمنية في صفوف كتائب القسام في حماس الخ… ولكن من المعلوم عن حماس عدم تقبل كل من لا ينتمى لجماعتهم، أو يوجه النفذ لهم فيكون الرد بالسحل، وتكسير أطرافه، وضربه وصولاً لقتل كل من يخالفهم الرأي أو اتهامه بالعمالة كذبًا، وبهتانًا وزورًا!؛ وعمومًا لا يعقل، ولا يجوز أن تكون حركة حماس فوق القانون، وأن تكون هي نفسها الحاكم، والجلاد في نفس الوقت، وتنفذ إعدامات ميدانية وحشية داعشية دون أي وجه حق أو محاكمة عادلة، وما قصة قتل المناضل الوطني الشهيد/ هشام الصفطاوي قبل بضعة أيام عنكم ببعيد؛ حيث تم إعدامه بدم بارد دون مبرر في جريمة بشعة هزت أوساط المجتمع الفلسطيني؛ ولا يفعل ذلك إلا مجرم يحمل فكرًا تكفيريًا إجراميًا!. ونحن لا ندافع عن أي عميل خائن باع نفسه للعدو المجرم؛ ولكننا ندافع عن الحق، والحقيقة فلا يجوز لأحد قتل النفس التي حرم الله إلا بالحق، واتهام الناس بالعمالة كذبًا وزورًا دون وجه حق!؛ ولا يجوز أخذ القانون حسب مزاجكم؛ ومن حق أي متهم كائن من كان الدفاع عن نفسه، وأن يحاكم محاكمة عادلة؛ وليس القتل بتلك الصورة الهمجية الداعشية الوحشية!؛ ولذلك نقول لهم ليست روح الإنسان المسلم رخيصة لتلك الدرجة حتى يتم تصفيتها وإعدامها دون وجه حق؛ وبصورة تخالف أوامر الله عز وجل وسنة نبيه صلى الله عليه وسلم؛ وتخالف الشريعة الإسلامية السمحة إجمالاً ، وتفصيلاً وسوف نأتي هنا بالدليل الشرعي البين الواضح الذي لا لبس ولا غموض فيه حرمة ما قامت به حماس؛ وبيان حرمة قتل المسلم، وحرمة أراقة الدماء، وأن ما قامت به حماس من عملية إعدامات في غزة عمليات مُدانة، ومرفوضة، حسب ما توضحه لنا الشريعة الإسلامية السمحة؛ وإن كل من يتجرأ على القتل وسفك دم أخاه المسلم عمدًا دون حق؛ لا يختلف عن المجرم القاتل الكافر العدو الفاجر؛ حيث يقول الله عز وجل في محكم التنزيل:” مِنْ أَجْلِ ذَٰلِكَ كَتَبْنَا عَلَىٰ بَنِي إِسْرَائِيلَ أَنَّهُ مَن قَتَلَ نَفْسًا بِغَيْرِ نَفْسٍ أَوْ فَسَادٍ فِي الْأَرْضِ فَكَأَنَّمَا قَتَلَ النَّاسَ جَمِيعًا وَمَنْ أَحْيَاهَا فَكَأَنَّمَا أَحْيَا النَّاسَ جَمِيعًا “؛ ويقول النبي صلى الله عليه وسلم في الحديث الصحيح: ” عن أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (كل المسلم على المسلم حرام: دمه، وماله، وعِرْضه”؛ وفي حديث أخر:” لزوال الدُنيا أهون على الله من قتل رجُلٍ مًسلم”؛ وقائمة الآيات والأحاديث تطول، وتطول؛ والمؤسف أن يخرج علينا البعض من المأجورين الأفاكين السُفهاء ممن باعوا ضميرهم ، وبحسب من يدفع لهم المال، ولو كان الثمن بخس مُدعين أنفسهم مثقفين، ومتعلمين، وبعضًا ممن يدعون أنهم من الوجهاء، أو المخاتير ، وهم كذابين يميلون حيث الريح مالت، ولمن يدفع لهم من المال أكثر؛ أو مقابل المنصب، من المنتفخة كروشهم بأكل مال الحرام السحُت!. فيؤيدوا إراقة دماء الأبرياء، ويطالبوا بقتلهم، ولكن دون ضجة إعلامية، بل من خلف الكاميرات بصمت دون عرضها على وسائل الإعلام، حتى لا تفقد حماس الإخوانية صورتها الوردية عند بعض المؤيدين لها في الوطن العربي من المغُيبين فكريًا عن حقيقة الظلم الكبير الذي تمارسه بعض قيادة، وكوادر حركة حماس، وبعض عناصرها المضللين من عمليات قمع، وقتل المعارضين لهم في غزة، وتكميم الأفواه؛ وذلك كان قبل السابع من أكتوبر ، ومن بعدهِ، من خلال حكمهم الظلامي الظالم للشعب في قطاع غزة، والذي ذاق فيه الشعب الويلات، وتعرض للظُلم والقهر ، ونرجع إلى الأدلة الشرعية التي تؤكد حرمة قتل الإنسان المسلم دون وجه حق؛ وهذا الحق المسموح أن يطبقه فقط الحاكم والقضاء، والمفتي، وليس حزب، ولا تنظيم ولا حركة، ولا إخوان الشياطين؛ وإن كان عدونا الكافر المجرم حينما يقوم باعتقال مجاهدين، ممن قاموا بتنفيذ عمليات فدائية وقتلوا جنود محتلين صهاينة، وتم اعتقالهم فيقوم العدو المجرم بوضعهم في السجون، والمتعقلات الصهيونية؛ ثم يقوم بتقديمهم للمحاكمة غير العادلة طبعًا ويقدمون للمحاكم الصهيونية عدة مرات، بعد التحقيق معهم، ويسمح لهم بوضع محامي للدفاع عنهم، ولو شكليًا، ومن ثُم حكمهم بالسجن عدة مؤبدات مدى الحياة، ولا يقوم العدو بإعدامهم علنًا أو بتلك الطريقة البشعة الداعشية الوحشية التي تُسيء لتضحيات ونضالات شعبنا الفلسطيني البطل؛ كما أنها لا تمت للإنسانية، ولا إلى الإسلام بأي صلة!؛ وعودة للأدلة الشرعية على ما سبق؛ حيث يقول سيدنا الرسول صلى الله عليه وسلم : ( لا يَحلُّ دمُ أمرئٍ مسلم إلاّ بإحدى ثلاث : كَفَرَ بعدَ إسلامهِ ، أو زَنَى بعد إحصانهِ ، أو قَتَلَ نفساً بغير نفس “؛ وما عدا ذلك ، فحرمة المسلم أعظم عند الله من حرمة الكعبة ، بل من الدنيا أجمع، وفي ذلك يقول الرسول صلى الله عليه وسلم : ( والذي نفسي بيده لقتل مؤمن أعظم عند الله من زوال الدنيا ) وهذا الحديث وحده يكفي لبيان عظيم حرمة دم المسلم ، ثم تبصّر ماذا سيكون موقفك عند الله يوم القيامة إنْ أنت وقعت في دم حرام، أو من يؤيد القتلة المجرمين. ختامًا لا يحق لكائن من كان أخذ القانون بيده، وقتل النفس بتلك الطريقة البشعة، وحرمة دم المسلم تعني أن اعتداء المسلم على دم مسلم آخر محرم شرعاً، وأن حرمة دم المسلم عظيمة جداً عند الله تعالى، فهي أعظم من حرمة الكعبة ولذلك جعلت الشريعة الإسلامية القصاص عقوبة لمن يقتل مؤمناً متعمداً؛ والمفهوم الأشمل حرمة الدم لا تقتصر على المسلمين فقط، بل تشمل أيضاً غير المسلمين من المعاهدين، والذميين والمستأمنين؛ عن معاوية رضي الله عنه عن رسول الله صلى الله عليه وسلم – قال: سمعته يخطب يقول : (( كلُّ ذنبٍ عسى اللهُ أنْ يغفره إلاّ الرجلُ يقتلُ المؤمنَ متعمداً أو الرجل يموتُ كافراً )) فأيُّ خطر هذا ، وأي مهلكة يقدم عليها القاتل، ويجازف بها، لينال غَضَبٌ من الله وعذابٌ عظيم وخزي في الدنيا، والآخرة؛ ولن ينفع القاتل يوم القيامة حزبه، وجماعته، وتنظيمه، أو من أمره بالقتل!. وأول ما يحاسب عليه العباد يوم القيامة هو الصلاة، والدماء؛ حيث يقول الرسول صلى الله عليه وسلم : (أولُ ما يُحاسَبُ به العبدُ الصلاةُ ، وأولُ ما يُقضَى بينَ الناسِ الدماءُ )؛ ويقول الصحابي الجليل أبو موسى الأشعري رضي الله عنه : ( إنَّ بعدكم فتناً القاعد خير من الساعي؛ حتى ذكر الراكب ، فكونوا فيها أحلاس بيوتكم”؛ وعن أبي الدرداء رضي الله عنه أنَّ النَّبيَّ صلى الله عليه وسلم قال : ( لا يزال المؤمن مُعنقاً ( والمعنق هو طويل العنق الذي له سوابق بالخير ) ما لم يُصِبْ دماً حراماً..)، وجاء في الحديث عن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال : ” إنَّ من ورطات الأمور التي لا مخرج لمن أوقع نفسه فيها سفك الدم الحرام بغير حلة”؛ ولو كان عند أدعياء الدين ضمير حي؛ أو وازع ديني لاتبعوا هدي خير البرية صلى الله عليه وسلم؛ وكفوا أيديهم عن سفك دم بعض من أبناء شعبهم. وختامًا نقول لمن سكتوا دهرًا ونطقوا عهرًا، وأيدوا عمليات الإعدام والقتل؛ جاء عن الفاروق عمر بن الخطاب رضي الله عنه أنهُ قال: “إِنَّ لِلَّهِ عِبَادًا يُمِيتُونَ الْبَاطِلَ بِهَجْرِهِ، وَيُحْيُونَ الْحَقَّ بِذِكْرِهِ”؛ وإن كان من نصيحة نوجهها لهم ولأنفسنا حاسبوا أنفسكم قبل أن تحاسبوا؛ وارحموا الشعب وارفقوا به ونختم في حديث النبي صلى الله عليه وسلم القائل:” اللهُمَّ مَنْ ولِي من أمْرِ أُمَّتِي شيئًا فَشَقَّ عليهم فاشْقُقْ علَيهِ ، ومَنْ ولِيَ من أمرِ أُمَّتِي شيئًا فَرَفَقَ بِهمْ فارْفُقْ بِهِ”.
بقلم الباحث والكاتب الصحفي المفكر والمحلل السياسي
أ.د/ جمال عبد الناصر محمد أبو نحل
رئيس الهيئة الفلسطينية للاجئين سابقًا، رئيس المركز القومي للبحوث
والأمين العام لاتحاد الشباب العربي بفلسطين
الأستاذ الجامعي غير المتفرغ _ غزة- فلسطين
—
دكتور/ جمال عبد الناصر محمد عبد الله أبو نحل
0568919333-059771126-0598919333
————————————————————-
فيس بوك :https://www.facebook.com/jamal0017
فيس بوك احتياطي : https://www.facebook.com/jamal.nahel.3
مدونة فيس : https://www.facebook.com/DR.JAMA12345/
————————————————————
تويتر : @DrNahel سكاي بي : dr.jamalnahe



