نبض الحياة.. الانقلاب القضائي عاد للواجهة.. عمر حلمي الغول

عاد الانقلاب القضائي الى واجهة المشهد الإسرائيلي، الذي بدأ في اذار / امارس 2023، بعد طرح وزير العدل الإسرائيلي ياريف ليفين تغيير القوانين ذات الصلة بمكانة المستشار القضائي للحكومة، بهدف انقاذ بنيامين نتنياهو من الملاحقة القضائية على قضايا الفساد، وإساءة الأمانة في ملفات الفساد: 1000 و2000 و3000 و4000، مما أشعل الساحة الإسرائيلية ضد الانقلاب القضائي، وتوالت المظاهرات والاحتجاجات الإسرائيلية على مدار 40 أسبوعا، حتى تغير المشهد الداخلي بعد 7 تشرين اول / أكتوبر 2023، وأوقفت تماما مع شروع دولة إسرائيل مع سادتها من دول الغرب الاميريالي بقيادة الولايات المتحدة في الإبادة الجماعية على الشعب العربي الفلسطيني عموما وفي قطاع غزة خصوصا، ومع انطلاق نيران وقذائف وصواريخ المدافع والدبابات والطائرات الحربية والبوارج البحرية بالقاء حممها الوحشية على أبناء الشعب الأعزل في القطاع، واودت بحياة 300 الف فلسطيني بين شهيد وجريح ومفقود ومعتقل التي ترافقت مع عمليات التدمير الهائلة للوحدات السكنية والمستشفيات والمدارس والجامعات والكنائس والمساجد والبنى التحتية، وبلغت نسبة التدمير الى نحو 90%، الى أن طرح الرئيس دونالد ترمب خطته المكونة من 20 نقطة، وتم فرضها على جميع الأطراف في 9 أكتوبر الماضي، وترسمت بالتوقيع عليها من قبل الضامنين الأربعة: الولايات المتحدة ومصر وقطر وتركيا في شرم الشيخ المصرية في 13 أكتوبر الماضي.
وعود على بدء، وجهت المستشارة القضائية للحكومة الإسرائيلية، غالي بهاراف ميارا يوم الاحد 26 أكتوبر الفارط، انتقادات شديدة الى مشروع قانون يسمح بوقف محاكمة رئيس الحكومة نتنياهو، حيث ناقشت اللجنة الوزارية للتشريع، يوم الاحد مشروع قانون طرحته عضو الكنيست ليمور سون هار ميلخ، من حزب “عوتسما يهوديت”، ويقضي بأنه “في أي وقت بعد تقديم لائحة اتهام وقبل صدور قرار حكم، بإمكان لجنة الكنسيت تأجيل إجراءات قضائية ضد رئيس الحكومة أو أي وزير، وعلى المحكمة وقف إجراءات المحاكمة.”
وعقبت بهاراف ميارا إن “مشروع القانون يسمح بموطئ قدم لاعتبارات سياسية في إجراء جنائي، وهذا مشروع قانون هدفه تهريب رئيس الوزراء من حكم القانون، ويستهدف أسس النظام الديمقراطي، وليس دستوريا ولا ينبغي دفعه قدما.” وأكدت على أنه “من شأن التسوية المقترحة أن تستهدف بشكل عميق وجذري للغاية عدة مبادئ أساسية وحقوق أساسية في نظام ديمقراطي، وبضمنها المس بالفصل بين السلطات، واستقلالية جهاز إنفاذ القانون والجهاز القضائي، وبطهارة الإجراء الجنائي، وسلطة القانون والحق في المساواة أمام القانون.”
ولمواجهة إجراءات المستشارة القضائية، التي صوت جميع وزراء الحكومة على مقترح نائب رئيس الوزراء ووزير العدل ياريف ليفين، يوم الاثنين 4 آب / أغسطس الماضي، القاضي بإنهاء ولاية المحامية بهاراف ميارا كمستشارة قضائية للحكومة على الفور. كما صادقت الهيئة العامة للكنسيت بالقراءة التمهيدية الأربعاء 29 أكتوبر الماضي، على مشروع قانون يقضي بفصل منصب المستشار القضائي للحكومة الى منصبين، منصب المستشار القضائي ومنصب المدعي العام، بتأييد 61 عضوا، ومعارضة 46 عضوا. وكان قدم عدد من أعضاء الكنيست من أحزاب الائتلاف مشاريع قوانين مشابهة، يتوقع أن يتم دمجها لاحقا كلما تقدمت إجراءات تشريعية، وتهدف مشاريع القوانين الى إضعاف منصب المستشار القضائي والى تعيين مدعي عام قد يلغي اتهامات ضد رئيس الحكومة نتنياهو، أو يخففها وصولا الى الغاء محاكمته.
وهاجم وزير القضاء ليفين، خلال مناقشة مشروع القانون في الكنيست، المستشارة القضائية للحكومة بهاراف ميارا، واعتبر أن “المستشارة القضائية المقالة تعمل بشكل منهجي من أجل تمثيل مواقف ضد الحكومة. وحتى أن المحكمة العليا بموقفها أحادي الجانب اتخذت قرارات معتدلة أكثر من المستشارة القضائية، ولا يوجد للحكومة تمثيل قضائي في معظم الدعاوي.” وردا على ممثلي الائتلاف الحاكم، وصف عضو الكنيست غلعاد كاريف، من حزب الديمقراطيين، مشاريع القوانين بأنها “استئناف كامل للانقلاب على النظام القضائي، ومحاولة شفافة لإنقاذ المتهم رقم واحد (نتنياهو) من الإدانة”، وأضاف أن “مشروع القانون لا يسعى الى فصل منصب المستشارة القضائية للحكومة وانما الى القضاء عليه.”
وفي السياق، قالت عضو الكنيست كارين الهرار من حزب “يش عتيد”، إن “الهدف الأول لمشروع القانون هو اغلاق ملفات نتنياهو، ومشروع القانون يمنح الحكومة قوة غير ملجومة ستهتم بنزوات ومصالح الحكومة الحالية.” كما عارضت بهاراف ميارا مشروع القانون، وكتبت في تقرير ارسلته الى ليفين، أن مشروع القانون هو جزء من عملية إضعاف جهاز القضاء، وأن “هذه خطوة واسعة تهدف الى إضعاف الضمان بالحفاظ على مبادئ النظام الديمقراطي والحفاظ على حكم القانون وإزالة قيود قانونية مفروضة على السلطة”، وأنه يوجد تخوف كبير من أن الهدف هو دفع مصلحة شخصية لنتنياهو في الطريق الى الغاء محاكمته.
وبالنظر لما تشهده الساحة الإسرائيلية من صراع قانوني بين الموالاة والمعارضة، التي غذاها وأججها الرئيس ترمب في خطابه أمام الكنيست يوم الاثنين 13 أكتوبر الماضي، بتدخله المباشر في الشأن الداخلي الإسرائيلي، عندما دعا الرئيس الإسرائيلي لإيقاف محاكمة رئيس الوزراء، واستهان في قضايا الفساد التي يحاكم عليها نتنياهو، واستجابة من الرئيس الإسرائيلي يتسحاق هرتسوغ في لقاء مع عائلات الرهائن الإسرائيليين، قال أنه يفكر بالعفو عن رئيس الحكومة، مما يؤكد للجميع، أن معركة الانقلاب القضائي عادت بقوة الى مسرح المشهد، ويبدو أنها ستتصاعد في الأيام القادمة وصولا لعملية كسر عظم بين الطرفين، وقد تمتد لعناوين وملفات أخرى في دولة الإبادة الجماعية الإسرائيلية، وقادم الأيام كفيل بالكشف عما سيشهده المستقبل المنظور.
oalghoul@gmail.com
a.a.alrhman@gmail.com

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
Social Media Auto Publish Powered By : XYZScripts.com