فلسطين بلا سلام .ولا تحرير.. بقلم/ إحسان بدرة

رغم مرور 30 عاما على اتفاق أوسلو لا تزال فلسطين تعيش ما بين خيارين متوازين لا يلتقيان …
” تسوية بلا سلام” “مقاومة بلا تحرير”
ومنذ تلك الفترة الزمنية تتوالى الحروب وتتكرر الهدن والنتيجة واحدة ” شعب ينزف تحت الاحتلال الذي يستغل الصراع وتقوى تحت غطاء الصراع المستمر وللأسف بعضنا يقدم له الذرايع والأسباب معنا ليستمر هذا العدو في استثمار الصراع وتسويق رواية المضللة لصالحه عند العالم الغربي والانحياذ الأمريكي المطلق لدولة الاحتلال.
وهنا ومن هذا الواقع نتسأل ؟؟؟
هل تحرّرت الأرض أم تحررت إسرائيل من التزاماتها؟ وهل كانت المقاومة طريقاً للتحرير أم وسيلة لتكريس واقع الاحتلال؟
حيث أنه منذ اتفاق أوسلو عام 1993م وما جاء بعده من انقسام في المجتمع الفلسطيني بسبب انقلاب حركة حماس على الشرعية الفلسطينية وما نتج عن الانقسام في الوعي الوطني والجغرافيا وبين نهج التسوية ونهج المقاومة المسلحة وما تلاه ذلك من جولات من الاعتداءن والحروب بين آسرائيل وبين فصائل المقاومة ابتداء من انتفاضة الأقصى إلى “طوفان الأقصى” مل ذلك فلسطين لم تقترب لو خطوة واحدة من التحرير الكامل أو قيام دولة فلسطين واقعيا ….
وهنا يأتي السؤال والذي يفرض نفسه على الواقع .
هل كانت تلك الاعتداءات والحروب وسيلة تحرير فعلا أم أداة غير مباشرة خدمت إسرائيل في التهرب من استحقاقات السلام وإنهاء الاحتلال؟
فهذه الحرب وتلك الاعتداءات جاءت
تحت شعارات “الردع” و”الثأر للدم الفلسطيني”
والتي سرعان ما تنزلق. إلى مراحل وعمليات من العنف انهكت المجتمع الفلسطيني وكرست واقع الانقسام والحصار وما بينهما من تأثيرات وتأثرت على مجل القضية الفلسطينة والواقع الفلسطيني ..
وكل جولات الاعتداءات والعمليات العسكرية والحروب تنتهي بوقف لآطلاق النار وهدنة تبقي الاحتلال في مكانه وفي المقابل الشعب هو الذي يدفع فاتورة العروس وتدفن آمال ومستقبل الشعب الفلسطيني تحت الركام .
ونتيجة المعضلة تفتح أبواب التمويل والتدخل الإقليمي على حساب وحدة القرار الوطني واستقلاله.
وفي الزاوية الأخرى آسرائيل كانت ولا تزال المستفيد الأكبر من هذه المعادلة المأساوية وهذا الواقع المرير وتستغل وجود المقاومة في غزة لتبرير عدوانها المستمر على غزة ..ولتظهر أمام العالم كدولةٍ “تدافع عن نفسها” ضد “تهديداتٍ إرهابية”،
ومتخلصة من كافة التزامات العملية السياسية أو قرارات الشرعية الدولية
وإسرائيل على مدى سنين الصراع الطويلة استخدمت الحروب والاعتداءات المتكررة ذريعة للتهرب من التسوية السياسية واستغلت الوقت وانشغال العالم بالحروب وكيفية ايقافها بتوسيع الاستيطان و تهديد القدس وتدمير فكرة الدولة الفلسطينية من أساسها.
أما الفصائل الفلسطينية ورغم التضحيات والصمود فإنها وضعت بحكم الجغرافيا والسياسة والظروف الإقليمية في إطار ضيق والذي لا يسمح لهم بتحقيق التحرير وتبقى الفصائل جرء من معادلة “إدارةالصراع”
تلك المعادلة التي تتقنها إسرائيل جيدا وتعرف كيف تستغلها لصالحها .
حيث أن إسرائيل كل جولة قتال تنهيها بتفاهمات مؤقتة أو تسهيلات إنسانية محدودة لتحقيق المشهد كما هو وتعيد إنتاج الأزمات نفسها .. انقسام . حصار . دمار وثم إعادة أعمار .
لذلك فإسرائبل لم تتضرر استراتيجياو من بقاء المقاومة بل على العكس استفادت من استمرارها في هذا الشكل المجتزأ والمحدود، الذي يحصر الصراع داخل القطاع، ويمنع تشكّل جبهةٍ وطنيةٍ موحدة تفرض حلاً عادلاً وشاملاً.
ولقد أدركت إسرائيل أن استمرار المقاومة في ظل الانقسام الفلسطيني هو أفضل لها وضمان لبقاء الاحتلال واستدامت حالة “اللاحسم” التي تُريحها سياسياً وأمنياً في آنٍ واحد..
لأن والمشكلة الكبرى ليست في فشل الحروف وتحقيق التحرير فحسب بل في ضياع البوصلة الوطنية حيث يتحول النضال من مشروع وطني آلى مشاريع متنافسة كل واحد منها يدعى الشرعية والتمثيل وبين هذا وذاك ضاع الوطن وبقي الشعب الفلسطيني وحده يواجه الموت والدمار والنزوح والتهجير بيمنا نتائج الصراع تقطف من خارج الحدود .
واليوم وبعد حرب الابادة على غزة بات واضحا أن لا التحرير تحقق بالمقاومة ولا السلام تحقق بالمفاوضات .
ولذلك لم يعد للفلسطينيون الا صياغة مشروعهم الوطني من جديد وعلى قاعدة وحدة الهدف والحفاظ على القرار الفلسطيني لأن إسرائيل ستظل المستفيد الوحيد من الانقسام وتهرب من التسوية وتعمق الاحتلال تحت غطاء “مواجهة الإرهاب”.
الخلاصة
القضية الفلسطينية بحاجة إلى مقاومة من نوع جديد في مفهومها ووسائلها .. مقاومة تجمع بين الوعي والقدرة وبين الفعل السياسي والميداني مقاومة تعيد الاعتبار للوطن والمواطن وتسير نحو الهدف الذي لا بديل عنه التحرير الكامل وإقامة دولة فلسطين وعاصمتها القدس الشريف.
صحفي وناشط سياسي



